فيروس الإيدز: الأعراض وطرق الوقاية

الإيدز (AIDS): الأعراض، الأسباب، العدوى وطرق الوقاية

يُعد الإيدز (AIDS)، أو متلازمة نقص المناعة المكتسب، من أخطر الأمراض المعدية التي عرفتها البشرية في القرن العشرين، ولا يزال إلى يومنا هذا يشكّل تهديداً صحياً عالمياً بالرغم من التقدم الملحوظ في العلاج والرعاية الصحية. يتمثل هذا المرض في تدهور تدريجي لجهاز المناعة بسبب الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، مما يجعل الجسم عاجزًا عن مقاومة العدوى والأورام. تطور المرض تدريجياً على مدى سنوات، ويؤدي في حال عدم علاجه إلى الوفاة نتيجة إصابات ثانوية لا يستطيع الجسم مقاومتها.

يشكّل فهم طبيعة هذا المرض من حيث الأعراض، الأسباب، طرق انتقال العدوى وسبل الوقاية، ركيزة أساسية في محاربة انتشاره وضمان السلامة المجتمعية، خاصة في المجتمعات ذات التوعية الصحية المحدودة.

أولاً: تعريف فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز

فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) هو فيروس يهاجم الجهاز المناعي للإنسان، وتحديدًا خلايا CD4 (الخلايا التائية المساعدة)، وهي خلايا بيضاء تلعب دورًا جوهريًا في مقاومة العدوى. إذا تُرك الفيروس من دون علاج، فإن عدد هذه الخلايا ينخفض تدريجيًا، مما يُضعف الجهاز المناعي ويجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى الانتهازية والسرطانات. عندما يصل الضرر إلى درجة معينة، يُقال إن الشخص مصاب بالإيدز (AIDS)، وهو المرحلة الأخيرة من العدوى بالفيروس.

ثانيًا: مراحل تطور المرض

1. المرحلة الحادة (العدوى الأولية)
   
   تحدث خلال 2 إلى 4 أسابيع بعد الإصابة. يظهر على بعض الأشخاص أعراض شبيهة بالإنفلونزا مثل الحمى والتعب وتورم الغدد اللمفاوية والطفح الجلدي. في هذه المرحلة، يكون الفيروس نشطًا جدًا ومعديًا.

2. المرحلة الكامنة السريرية
   
   تستمر هذه المرحلة لعدة سنوات (تتراوح من 2 إلى 10 سنوات أو أكثر)، ويظل فيها الفيروس نشطًا لكن بمستوى منخفض. قد لا تظهر أعراض ملحوظة على المصاب، لكن الفيروس يواصل إضعاف الجهاز المناعي.

3. مرحلة الإيدز (AIDS)
   
   وهي المرحلة النهائية، وتتميز بانخفاض كبير في خلايا CD4 (أقل من 200 خلية لكل ميكرولتر) أو ظهور أمراض انتهازية خطيرة مثل السل، الالتهاب الرئوي، أو أنواع نادرة من السرطان مثل ساركوما كابوزي.

ثالثًا: الأعراض الشائعة للعدوى بفيروس HIV

تتباين الأعراض باختلاف المرحلة التي يمر بها المريض. وتتمثل في:

رابعًا: طرق انتقال العدوى

ينتقل فيروس HIV من خلال سوائل الجسم التي تحتوي على تركيز عالٍ من الفيروس، مثل:

• الدم

• السائل المنوي

• إفرازات المهبل والمستقيم

• حليب الأم

ويمكن أن تحدث العدوى بالطرق التالية:

1. الاتصال الجنسي غير المحمي
   
   يعدّ أكثر طرق الانتقال شيوعًا، ويشمل العلاقات المهبلية أو الشرجية أو الفموية دون استخدام الواقي الذكري.

2. نقل الدم أو منتجاته الملوثة
   
   نادر الحدوث حاليًا بسبب تشديد الفحوصات المخبرية، لكنه لا يزال يشكل خطرًا في بعض الدول منخفضة الدخل.

3. مشاركة الإبر أو الأدوات الحادة الملوثة
   
   شائع بين متعاطي المخدرات بالحقن.

4. من الأم إلى الطفل
   
   يمكن أن تنتقل العدوى أثناء الحمل أو الولادة أو الرضاعة الطبيعية إذا لم تُتخذ التدابير الوقائية.

خامسًا: من هم الأكثر عرضة للإصابة؟

• متعاطو المخدرات بالحقن

• العاملون في مجال الجنس التجاري

• الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال

• الأشخاص الذين لديهم شركاء جنسيين متعددين

• السجناء، بسبب احتمالية مشاركة أدوات الحقن أو العلاقات الجنسية غير المحمية

• الأطفال المولودون لأمهات مصابات لم يتلقين علاجًا فعالًا

سادسًا: التشخيص والكشف المبكر

الكشف المبكر عن فيروس HIV يعدّ حجر الزاوية في العلاج والوقاية. وتشمل الفحوصات:

1. فحص الأجسام المضادة (ELISA)
   
   يتحقق من وجود أجسام مضادة لفيروس HIV في الدم. قد يتطلب الأمر من 3 إلى 12 أسبوعاً بعد الإصابة لتكون الأجسام المضادة قابلة للكشف.

2. الفحص التأكيدي (Western blot)
   
   يستخدم لتأكيد نتيجة إيجابية للفحص الأولي.

3. اختبارات الحمض النووي (PCR)
   
   تكشف مباشرة عن المادة الوراثية للفيروس، وتستخدم لتشخيص حديثي الولادة أو الحالات المبكرة جداً.

4. فحوصات الحمل الفيروسي وعدد خلايا CD4
   
   تُستخدم لمتابعة تطور المرض وتحديد خطة العلاج المناسبة.

سابعًا: العلاج والسيطرة

لا يوجد حتى الآن علاج نهائي لفيروس HIV، لكن العلاجات الحديثة قللت من عدد الوفيات بشكل كبير. يعتمد العلاج على:

العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية (ART)

يعمل على:

• تثبيط تكاثر الفيروس

• رفع عدد خلايا CD4

• تقليل الحمل الفيروسي إلى مستويات غير قابلة للكشف

• الوقاية من انتقال الفيروس إلى الشركاء الجنسيين

تُؤخذ هذه الأدوية مدى الحياة، والالتزام بها ضروري لتحقيق الفعالية القصوى. تشمل الأدوية الشائعة:

• Tenofovir

• Lamivudine

• Dolutegravir

• Efavirenz

• Zidovudine

ثامنًا: المضاعفات المحتملة لمرض الإيدز

تُعد المضاعفات إحدى أكبر التحديات أمام المصابين بالإيدز، وهي تشمل:

• العدوى الانتهازية مثل:

  • داء المُقوّسات (Toxoplasmosis)

  • السل

  • التهاب السحايا الفطري

  • داء المبيضات (Candida)

• الأورام مثل:

  • ساركوما كابوزي

  • سرطان الغدد اللمفاوية

• الاعتلال العصبي الطرفي

• اضطرابات الجهاز الهضمي

• فقدان الوزن الشديد أو ما يُعرف بـ “متلازمة الهزال”

تاسعًا: طرق الوقاية

الوقاية الجنسية

• استخدام الواقي الذكري بشكل صحيح في جميع العلاقات الجنسية

• تجنب العلاقات الجنسية المتعددة

• إجراء الفحوصات الدورية للشريكين

الوقاية من انتقال الدم

• استخدام إبر معقمة وعدم مشاركتها

• التبرع بالدم في مراكز مرخّصة فقط

• فحص وحدات الدم في البنوك الطبية

الوقاية من انتقال الأم للطفل

• علاج الأم المصابة أثناء الحمل

• الولادة القيصرية إذا لزم الأمر

• منع الرضاعة الطبيعية في حال عدم توفر العلاج

الوقاية للأشخاص الأكثر عرضة

• العلاج الوقائي قبل التعرض (PrEP)

• العلاج الوقائي بعد التعرض (PEP) خلال 72 ساعة من التعرض المحتمل

• التوعية الصحية والمجتمعية

عاشرًا: التحديات الاجتماعية والنفسية

الإصابة بفيروس HIV والإيدز لا تقتصر على الجانب الجسدي، بل تمتد لتشمل أبعادًا اجتماعية ونفسية. يعاني العديد من المصابين من:

• الوصمة الاجتماعية: والتي قد تؤدي إلى العزلة أو الطرد من العمل أو التمييز.

• الاكتئاب والقلق: نتيجة الشعور بالذنب أو الخوف من المستقبل.

• صعوبة الوصول للعلاج: خاصة في المجتمعات النامية.

• الخوف من الإفصاح: بسبب المخاوف القانونية أو العائلية أو المجتمعية.

معالجة هذه الجوانب تتطلب برامج دعم نفسي واجتماعي، وسياسات تُعزز من حقوق المرضى وتحميهم من التمييز.

المراجع

• World Health Organization. HIV/AIDS. https://www.who.int

• Centers for Disease Control and Prevention (CDC). HIV Basics. https://www.cdc.gov/hiv