“إذا كانت النهر خمراً: قصص” هو مجموعة قصصية أبدعها الكاتب الأمريكي ت. كوراجيسان بويل ونشرتها دار بنغوين في مايو 1990. تتضمن هذه المجموعة ست عشرة قصة قصيرة، يقدم من خلالها بويل لمحات سريعة وعميقة عن طبيعة الحياة المعاصرة بكل ما تحمله من تناقضات وسخرية وحزن.
تُعدّ أعمال ت. كوراجيسان بويل من أبرز الأمثلة على الأدب المعاصر الذي يمزج بين الفكاهة والتراجيديا، ويستعرض قضايا إنسانية معقدة بشكل غير تقليدي. في “إذا كانت النهر خمراً”، يواصل بويل هذا التقليد الأدبي، حيث يقدم مجموعة متنوعة من الشخصيات والمواقف التي تعكس التحديات والغرائب التي يواجهها الأفراد في المجتمع المعاصر.
تدور قصص المجموعة حول موضوعات متعددة تشمل:
-
الحياة والموت:
يفتتح بويل مجموعته بقصة حول أحد هواة المخاطرة الذي يركب عبر البلاد مثبتًا على محور شاحنة بيتر بيلت، متمسكًا بحافة الحياة والموت. من خلال هذه القصة، يسبر بويل أغوار روح الإنسان ومفهومه للشجاعة والتهور. -
التكيف مع التغيير:
يروي بويل قصصاً عن شخصيات تتصارع مع انتقالاتها إلى “العالم المتحضر” بعد حياة مليئة بالتجارب غير المألوفة. من بين هذه الشخصيات، يوجد عالِم رئيسيات متقاعد يجد صعوبة في التكيف مع الحياة العصرية بعد أن اعتاد على عالم الحيوان البدائي. -
التحديات العاطفية والاجتماعية:
يتناول بويل أيضًا العلاقات الإنسانية، مثل العلاقة المؤثرة بين صبي صغير وأبيه المدمن على الكحول، والتي تصور بوضوح الصراع الداخلي والحب غير المشروط في ظل الظروف الصعبة. -
العصر الرقمي والأوبئة:
من القصص التي يتناولها بويل قصص عن الرومانسية في عصر يشهد القلق المستمر من الأمراض المعدية، مما يسلط الضوء على كيف يمكن للقلق الاجتماعي أن يؤثر على التفاعلات الشخصية.
تتميز قصص بويل بقدرتها على مزج الواقع بالخيال، وبتقديم رؤى نقدية للمجتمع الأمريكي المعاصر. تبرز مهارة بويل في استكشاف التوترات النفسية والوجودية التي يمر بها الأفراد في ظل التغيرات السريعة في العالم من حولهم. عبر أسلوبه الساخر والملون، يخلق بويل عالمًا أدبيًا غنيًا بالتفاصيل، حيث يصبح كل موقف وكل شخصية نافذة على الحقيقة الإنسانية المعقدة.
تستمر مجموعة “إذا كانت النهر خمراً” في إظهار براعة بويل كروائي يلتقط اللحظات الصغيرة التي تشكل حياة الناس، ويكشف عن الجوانب غير المتوقعة التي يمكن أن تعكس واقعهم. بفضل تنوع شخصياته وسردياته المبتكرة، يعتبر هذا العمل إضافة متميزة للأدب الأمريكي المعاصر، مما يعزز مكانة ت. كوراجيسان بويل كواحد من أهم الأدباء الذين يواصلون توسيع حدود السرد الأدبي.
باختصار، “إذا كانت النهر خمراً” ليست مجرد مجموعة من القصص، بل هي تأملات عميقة في التناقضات الإنسانية والحالة الراهنة للعالم، حيث يمزج بويل بين الفكاهة والتراجيديا في إطار سردي يعكس حيوية وتنوع التجربة البشرية.