إدمان الـ “فيسبوك” وعلاقته بالتحصيل الدراسي
مقدمة
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، أصبح استخدام الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياة الأفراد، خاصةً بين الشباب والمراهقين. من بين هذه الوسائل، يعد موقع “فيسبوك” واحدًا من الأكثر استخدامًا على مستوى العالم. يوفر هذا الموقع فرصًا متعددة للتواصل الاجتماعي، الترفيه، ومشاركة الأخبار، مما جعله شائعًا في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، مثلما يتيح “فيسبوك” مزايا كبيرة في حياتنا اليومية، فإنه في الوقت نفسه يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية، خاصة عندما يتم استخدامه بشكل مفرط. يعتبر إدمان “فيسبوك” أحد القضايا التي أثارت العديد من الدراسات والبحوث العلمية التي تبحث في تأثيره على مختلف جوانب الحياة، وفي مقدمتها التحصيل الدراسي.
في هذا المقال، سيتم تناول مفهوم إدمان “فيسبوك”، وكيفية تأثيره على التحصيل الدراسي للطلاب، مع تسليط الضوء على الآثار السلبية التي قد تنجم عن الاستخدام المفرط لهذه الشبكة الاجتماعية.
مفهوم إدمان “فيسبوك”
إدمان “فيسبوك” يشير إلى الاستخدام المفرط أو القهري لهذه الشبكة الاجتماعية، بحيث يصبح الفرد غير قادر على التحكم في الوقت الذي يقضيه على الموقع. يمكن أن يشمل هذا الإدمان قضاء ساعات طويلة في تصفح المنشورات، الرد على التعليقات، المشاركة في المحادثات، أو حتى التفاعل مع الألعاب والأنشطة الترفيهية التي يوفرها “فيسبوك”. ويعني الإدمان هنا أن الشخص قد يتجاهل مسؤولياته اليومية الأخرى، مثل العمل أو الدراسة، لصالح التفاعل المستمر مع الموقع.
وقد لاحظ العديد من الباحثين أن إدمان “فيسبوك” يمكن أن يؤدي إلى تراجع في قدرة الفرد على التركيز، وقد يتسبب في زيادة مستويات التوتر والقلق، بسبب الانشغال المستمر بتفاصيل الحياة الشخصية والاحتياجات الاجتماعية التي يطرحها الموقع.
تأثير إدمان “فيسبوك” على التحصيل الدراسي
التحصيل الدراسي هو مقياس لنجاح الطالب في المجال الأكاديمي، ويتعلق بالقدرة على إتمام المهام الدراسية بنجاح، فهم المواد الدراسية، والحصول على درجات جيدة في الاختبارات. يمكن أن يكون إدمان “فيسبوك” عائقًا كبيرًا أمام تحقيق هذا التحصيل إذا تم استخدامه بشكل مفرط. ويظهر تأثيره السلبي في العديد من الجوانب التي تؤثر على الأداء الدراسي للطلاب.
1. انخفاض التركيز والاهتمام بالدروس
من أبرز التأثيرات السلبية لإدمان “فيسبوك” هو انخفاض قدرة الطلاب على التركيز في الدراسة. عند التفاعل مع “فيسبوك”، ينشغل الطلاب في تصفح الأخبار والمنشورات، مما يقلل من انتباههم في الفصول الدراسية أو أثناء أداء الواجبات المنزلية. وقد أظهرت الدراسات أن الطلاب الذين يستخدمون “فيسبوك” بشكل مفرط يعانون من تشتيت أكبر لانتباههم، مما يؤدي إلى ضعف استيعاب المواد الدراسية.
2. تأجيل أداء الواجبات والمهام الدراسية
يميل العديد من الطلاب الذين يعانون من إدمان “فيسبوك” إلى تأجيل أداء واجباتهم المدرسية أو تأخير التحضير للاختبارات بسبب الانشغال المستمر بالموقع. قد يتسبب هذا التأجيل في تراكم المهام الدراسية، مما يزيد من مستوى الضغط النفسي ويؤثر على جودة الأداء الأكاديمي. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي التأجيل إلى قلة المراجعة والمذاكرة الفعالة، مما يساهم في انخفاض درجات الطلاب في الامتحانات.
3. قلة النوم والتأثير على الصحة العقلية
يُعد النوم عنصرًا أساسيًا للحفاظ على الأداء العقلي الجيد. ومع زيادة الاستخدام المفرط لـ “فيسبوك”، غالبًا ما يقوم الطلاب بتصفح الموقع لفترات طويلة في ساعات الليل المتأخرة، مما يؤدي إلى قلة النوم. وقد أظهرت الدراسات أن نقص النوم يسبب ضعف الذاكرة والتركيز، ويؤثر بشكل مباشر على قدرة الطلاب على أداء مهامهم الدراسية. بالإضافة إلى ذلك، قد يساهم إدمان “فيسبوك” في زيادة مستويات التوتر والقلق، مما ينعكس سلبًا على الصحة العقلية للطلاب ويؤثر على قدرتهم على التحصيل الأكاديمي.
4. التأثير على العلاقات الاجتماعية والدراسة الجماعية
يمكن أن يؤثر إدمان “فيسبوك” أيضًا على العلاقة الاجتماعية بين الطلاب، إذ يصبح التواصل عبر الإنترنت بديلاً للتفاعل الواقعي. هذا قد يؤدي إلى تراجع في قدرات الطلاب على العمل الجماعي والتعاون في المشاريع الدراسية. في بعض الأحيان، قد يفضل الطلاب قضاء وقتهم في التفاعل مع أصدقائهم على “فيسبوك” بدلاً من الانخراط في أنشطة تعليمية هادفة مثل الدراسة الجماعية أو حضور الأنشطة الدراسية.
5. التأثير على جودة الإنتاجية التعليمية
عندما يصبح إدمان “فيسبوك” جزءًا من حياة الطالب اليومية، يمكن أن يؤثر على جودة إنتاجه الأكاديمي. فبدلاً من استثمار الوقت في تطوير المهارات الأكاديمية أو البحث عن معلومات مفيدة لدعمه في دراسته، ينشغل الطالب بالمحتوى الترفيهي أو الاجتماعي الذي يقدمه “فيسبوك”. قد يتسبب هذا في نقص في المهارات المعرفية، مما ينعكس سلبًا على الأداء الأكاديمي والنتائج النهائية.
أسباب إدمان “فيسبوك” لدى الطلاب
هناك عدة عوامل قد تسهم في إدمان الطلاب لموقع “فيسبوك”، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
-
الاحتياجات الاجتماعية: يجد الطلاب في “فيسبوك” وسيلة للتواصل الاجتماعي والتفاعل مع أقرانهم. قد يشعرون بالحاجة المستمرة للبقاء على اتصال مع أصدقائهم أو لمتابعة ما يحدث في حياة الآخرين.
-
الحاجة إلى التسلية والترفيه: يُعد “فيسبوك” مصدرًا رئيسيًا للتسلية والترفيه، حيث يمكن للطلاب متابعة الأخبار، الفيديوهات، الألعاب، أو التفاعل مع المحتوى المثير للاهتمام.
-
التعرض للمحتوى المثير: يتمتع “فيسبوك” بآلية تساعد على جذب انتباه المستخدمين من خلال الخوارزميات التي تعرض لهم المحتوى الذي قد يكون أكثر جذبًا لهم. هذا يمكن أن يؤدي إلى قضاء وقت أطول من المتوقع على الموقع.
-
العزلة والشعور بالملل: بعض الطلاب قد يعانون من العزلة أو الشعور بالملل، مما يجعلهم يلجؤون إلى “فيسبوك” كوسيلة للهروب من واقعهم أو لإيجاد رفقة افتراضية.
حلول للحد من تأثير إدمان “فيسبوك” على التحصيل الدراسي
من أجل التخفيف من تأثير إدمان “فيسبوك” على التحصيل الدراسي، هناك بعض الحلول التي يمكن أن تساعد الطلاب في إدارة وقتهم بشكل أكثر فعالية، والتي تتضمن:
-
وضع أوقات محددة للاستخدام: يمكن للطلاب تحديد وقت معين يوميًا لاستخدام “فيسبوك”، وذلك للتأكد من أنهم لا ينشغلون به طوال اليوم.
-
الاستفادة من تطبيقات إدارة الوقت: هناك العديد من التطبيقات التي تساعد في تتبع الوقت الذي يقضيه الشخص على الإنترنت، كما أنها تتيح له وضع حدود للاستخدام.
-
تخصيص وقت للدراسة والمراجعة: يجب على الطلاب تخصيص وقت كافٍ للدراسة والمراجعة بعيدًا عن أي ملهيات، بما في ذلك “فيسبوك”. يمكن أن يساعد تخصيص فترات زمنية مركزة للدراسة على زيادة الإنتاجية.
-
تنمية الأنشطة الاجتماعية الواقعية: من خلال الانخراط في الأنشطة الاجتماعية غير الرقمية، يمكن للطلاب تقليل الوقت الذي يقضونه على “فيسبوك” والمساهمة في تحسين علاقاتهم الاجتماعية بشكل أكبر.
الخاتمة
يعد إدمان “فيسبوك” من الظواهر التي تؤثر بشكل مباشر على التحصيل الدراسي للطلاب. فبينما يوفر الموقع وسائل ترفيهية واجتماعية، إلا أن استخدامه بشكل مفرط يمكن أن يؤدي إلى تشتيت الانتباه، انخفاض التركيز، وزيادة مستويات التوتر. يتطلب الأمر تبني استراتيجيات فعّالة لإدارة الوقت واستخدام التكنولوجيا بشكل معتدل للحفاظ على التوازن بين الحياة الدراسية والأنشطة الرقمية.
