تعتبر إدارة جيل “إكس” (Generation X) من المواضيع الحيوية التي بدأت تثير اهتمام العديد من الباحثين وقادة الأعمال في العقود الأخيرة. كتاب “Managing Generation X: How to Bring Out the Best in Young Talent” للمؤلف بروس تولغان (Bruce Tulgan)، الذي نُشر في نوفمبر 1997، يتناول بشكل خاص هذا الجيل الذي ولد بين منتصف الستينيات وأواخر السبعينيات. يعتبر هذا الكتاب دليلاً عملياً لمتخصصي الموارد البشرية ومديري الشركات الذين يطمحون إلى تحقيق أقصى استفادة من المهارات والمواهب التي يمتلكها جيل “إكس”.
ملامح جيل “إكس”
في هذا الكتاب، يوضح تولغان السمات الأساسية التي تميز جيل “إكس”، وهو الجيل الذي نشأ في فترة مليئة بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. من السمات البارزة لهذا الجيل الاعتماد على الذات، الرغبة في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، والاستقلالية في اتخاذ القرارات المهنية. كما يتمتع أفراد جيل “إكس” بقدرة كبيرة على التكيف مع التكنولوجيا الحديثة التي بدأت في الانتشار خلال فترات شبابهم، ما يجعلهم قادرين على التعامل مع التغيرات التقنية والتطورات السريعة في بيئات العمل الحديثة.
التحديات التي يواجهها المدراء في إدارة جيل “إكس”
يركز الكتاب على التحديات التي يمكن أن تواجه المدراء في التعامل مع جيل “إكس”. فمن أبرز هذه التحديات هو ميل هذا الجيل إلى التشكيك في السلطة التقليدية والرغبة في الحصول على بيئة عمل مرنة وتشاركية. يعاني بعض المدراء من صعوبة في التفاعل مع موظفي جيل “إكس” بسبب اختلاف أساليب القيادة التقليدية التي تعتمد على الهيكلية الصارمة والتسلسل الهرمي، مع التوجهات الحديثة التي يتبناها هذا الجيل والتي تتطلب قدرًا أكبر من الحرية والمبادرة الشخصية.
استراتيجيات إدارة جيل “إكس”
في محاولة لتقديم حلول عملية، يقترح تولغان عددًا من الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد المدراء في استخراج أفضل ما لدى موظفي جيل “إكس”.
أولاً، يوصي المؤلف بإعطاء الموظفين استقلالية أكبر في العمل. جيل “إكس” يفضل العمل بشكل مستقل دون الحاجة إلى إشراف مستمر، ما يجعل المدراء بحاجة إلى تعديل أساليبهم التقليدية نحو نهج يعتمد على النتائج أكثر من الاعتماد على الرقابة المباشرة.
ثانياً، يشدد تولغان على أهمية التوازن بين الحياة المهنية والشخصية. يرى جيل “إكس” أن النجاح لا يتعلق فقط بالتقدم المهني وإنما يشمل أيضاً جودة الحياة الشخصية. لذلك، يشجع الكتاب المدراء على تبني سياسات عمل مرنة، مثل العمل عن بعد أو تقديم جداول عمل مرنة، لزيادة الرضا الوظيفي لهذا الجيل.
ثالثاً، يتناول الكتاب أهمية توفير بيئة عمل تعاونية ومتعددة الأدوار، حيث يمكن لأفراد جيل “إكس” المساهمة في اتخاذ القرارات وأن يكونوا جزءًا من عملية الابتكار. هذه النقطة تعكس احتياج الجيل إلى شعورهم بالقيمة والمشاركة في النجاح الجماعي للمؤسسة.
التدريب والتطوير المهني
يركز تولغان أيضًا على دور التدريب المستمر والتطوير المهني كأداة أساسية لتحفيز موظفي جيل “إكس”. يرى أن هذا الجيل يتطلع دائمًا إلى تحسين مهاراته وتطوير قدراته من خلال التعلم المستمر، ولذلك ينبغي على الشركات أن تستثمر في برامج تدريبية وتطويرية تتيح للموظفين فرصة النمو الوظيفي. هذه البرامج لا تقتصر على تدريب تقني أو مهني فحسب، بل تشمل أيضاً جوانب تتعلق بالقيادة والإدارة الذاتية والقدرة على التكيف مع متطلبات السوق المتغيرة.
أهمية التواصل الفعّال
من بين النصائح المهمة التي يقدمها الكتاب هي ضرورة تحسين قنوات التواصل بين المدراء وموظفي جيل “إكس”. هذا الجيل يفضل التواصل المفتوح والصريح مع القادة، ويسعى دائماً إلى معرفة تقييم أدائهم بشكل واضح. لذا، يجب على المدراء أن يكونوا واضحين في توقعاتهم وأن يقدموا تغذية راجعة بنّاءة بشكل منتظم، مما يساعد على تعزيز الأداء الوظيفي وبناء علاقة ثقة متبادلة بين الطرفين.
التقنية والابتكار
نظرًا لأن جيل “إكس” عاش في فترة تطور تقني كبير، فإن التقنية تلعب دورًا جوهريًا في بيئة العمل المثالية لهذا الجيل. يشجع الكتاب المدراء على الاستفادة من إلمام هذا الجيل بالتكنولوجيا من خلال إتاحة فرص الابتكار والبحث عن حلول تقنية جديدة لتحسين كفاءة العمل. يفضل موظفو جيل “إكس” العمل في بيئة حديثة تعتمد على الأدوات التكنولوجية التي تسهل عمليات الإنتاج والتواصل الداخلي.
ختاماً
يقدم كتاب “Managing Generation X” للمؤلف بروس تولغان نظرة شاملة وعملية حول كيفية إدارة هذا الجيل بفعالية. من خلال فهم السمات الفريدة لجيل “إكس” وتبني أساليب قيادة تتماشى مع قيمهم وتطلعاتهم، يمكن للمدراء تحقيق أقصى استفادة من مواهب هذا الجيل. تولغان يؤكد على أن إدارة جيل “إكس” تتطلب تغييرًا جذريًا في نماذج القيادة التقليدية، مما يفتح المجال أمام ثقافة عمل جديدة تركز على الابتكار، الاستقلالية، والتوازن بين العمل والحياة.