تتناثر في أبعد أطراف الفضاء، على بُعد يتخطى العقل البشري، كواكب تعزف سيمفونياتها الكونية، ومن بين هذه الكواكب تبرز “إبسيلون إريداني ب”. إنها عملاقة غازية تعزف بألوان اللامتناهية في فضاء لا يعرف حدوداً. تمتلك هذه الكوكبة الساحرة جاذبية لا تقاوم، تجمع بين الغموض والجمال، وتمنحنا نافذة نحو أسرار الكون.
تبدو “إبسيلون إريداني ب” كجوهرة لامعة في سماء الليل، ورغم بعدها البعيد الذي يبلغ عشرة وحدات فلكية، يمكن رؤية إشعاعها النابض بالحياة. تعتبر هذه الكوكبة جزءاً من ملحمة الكواكب التي تدور حول نجم “إبسيلون إريداني”، الذي يبرز بسطوع يبلغ 3.71548 درجات، مضيء كفتاة الصباح التي ترقب شروقها.
وقد تم اكتشاف “إبسيلون إريداني ب” في سنة 2000، حيث كانت هذه الفترة من العصور الوسطى لاكتشاف الكواكب خارج نظامنا الشمسي. كانت وسيلة الاكتشاف هي “طريقة السرعة الشعاعية”، حيث يتم قياس الحركة الدورية للنجم الأم، ومن خلالها يتسنى للعلماء استنتاج وجود كوكب يؤثر في تلك الحركة بسبب جاذبيته.
تأتي “إبسيلون إريداني ب” في صورة عملاق غازي، حيث تتميز بكتلة تقارب 0.66 من كتلة المشتري، العملاق الغازي في نظامنا الشمسي. أما بالنسبة للشكل، فتتمتع بشعاع يبلغ 1.25 مرة من شعاع المشتري، مما يمنحها طابعًا فريدًا في عالم الكواكب العملاقة.
تحكم “إبسيلون إريداني ب” في فلكها بأناقة، حيث تتحرك في مدار يبلغ نصف قطره 3.53 وحدة فلكية، مكملة دورتها حول نجمها الأم في زمن يقدر بحوالي 7.3 ساعة. تتميز مدارها ببعض الاختلافات، حيث تظهر تكهنات بوجود تحولات طفيفة في مسارها، ما يضيف لغزًا آخر في ملحمة هذا الجمال الفضائي.
لطالما كانت الغموض والفضول هما رفيقا الإنسان في رحلته إلى أبعد نقاط الكون. يبقى “إبسيلون إريداني ب” نموذجًا حيًا عن هذا الاستكشاف المستمر والرغبة الأبدية في فهم أسرار السماء. إنها قصة عاطفية لا تنتهي، حيث يتواصل الإنسان مع تلك الكواكب البعيدة بلغة لا تعرف حدودًا، مبعثرة في ذهنه ألوان اللامتناهية وألحان الفضاء الخلابة.