تعتبر عبارة “بسم الله الرحمن الرحيم” من أبرز وأشهر العبارات التي استخدمها المسلمون على مر العصور، حيث يتم ترديدها في بداية كل سورة من سور القرآن الكريم باستثناء سورة التوبة. هذه العبارة لها مكانة كبيرة في نفوس المسلمين، فهي تدل على التوكل على الله وبدء الأعمال بأسمائه الحسنى. لكن، من هو أول من كتب هذه العبارة؟ وكيف كان استخدامها في العصور الإسلامية الأولى؟
مفهوم “بسم الله الرحمن الرحيم”
قبل الإجابة على من كتب أول مرة هذه العبارة، لا بد من فهم معناها وأبعادها. “بسم الله” تعني “باسم الله”، وهي تعبير عن الاستعانة بالله في كل شيء، بينما “الرحمن” و”الرحيم” هما من صفات الله الحسنى، ويدلان على سعة رحمة الله وكرمه. يردد المسلمون هذه العبارة في كل فعل يقومون به، من الأذكار اليومية إلى الأعمال المهمة، كدليل على السعي للحصول على بركة الله ورضاه.
بداية استخدام “بسم الله الرحمن الرحيم”
منذ فجر الإسلام، كان “بسم الله الرحمن الرحيم” جزءًا من حياة المسلمين اليومية. قد يعتقد البعض أن استخدامها يعود فقط إلى عصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن استخدام هذه العبارة كان شائعًا قبل ذلك في بعض النصوص الأدبية والدينية.
أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم
تعود أول كتابة مسجلة لعبارة “بسم الله الرحمن الرحيم” إلى بداية العهد الإسلامي، حيث كانت بداية الوحي القرآني الذي نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تذكر بعض الروايات أن أول من كتب هذه العبارة هو النبي محمد نفسه صلى الله عليه وسلم عندما بدأ في كتابة الرسائل إلى الملوك والقادة من غير المسلمين يدعوهم فيها إلى الإسلام. تلك الرسائل كانت تحتوي دائمًا على العبارة الشهيرة “بسم الله الرحمن الرحيم”، حيث كانت تعتبر تمهيدًا محترمًا لدعوة الله عز وجل.
أول استخدام مكتوب في القرآن الكريم
بينما يعتقد الكثيرون أن أول من كتب “بسم الله الرحمن الرحيم” هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم في رسائله، يجب أن نذكر أن القرآن الكريم نفسه قد بدأ بآية “بسم الله الرحمن الرحيم” في بداية كل سورة تقريبًا، مما يثبت أنها كانت جزءًا أساسيًا من الوحي الذي نزل على النبي.
تبدأ سورة الفاتحة التي هي أول سور القرآن الكريم، بهذه العبارة، مما يجعلها تشكل جزءًا جوهريًا في بداية كل سور أخرى باستثناء سورة التوبة، التي لا تحتوي على “بسم الله الرحمن الرحيم” وهي السورة الوحيدة التي تبدأ مباشرة بالآية “براءة من الله ورسوله”.
استخدام “بسم الله الرحمن الرحيم” في الكتابات الإسلامية
بعد بداية الوحي، أصبح استخدام عبارة “بسم الله الرحمن الرحيم” جزءًا من الكتابات الرسمية والدينية. نجد أن الخلفاء الراشدين، مثل الخليفة الأول أبو بكر الصديق، كانوا يحرصون على كتابة هذه العبارة في الرسائل التي كانوا يرسلونها إلى مختلف الأماكن. كما كان يُكتب على المسكوكات الرسمية في العصور الأموية والعباسية لتكون شاهدًا على حكم الإسلام وتوكيل الله في جميع الأعمال.
كانت أيضًا “بسم الله الرحمن الرحيم” تُستخدم في الكتب الإسلامية التي كانت تكتب يدويًا في تلك العصور. كان العلماء يحرصون على ترديد هذه العبارة في بداية مؤلفاتهم، كدليل على طلب البركة والتوفيق من الله. على سبيل المثال، نرى أن العديد من العلماء في العصر العباسي كانوا يبدؤون كتبهم العلمية والأدبية بهذه العبارة، مما يدل على احترامهم لها كأداة للتوجه إلى الله في عملهم الفكري.
تطور استخدام “بسم الله الرحمن الرحيم” في الفترات التاريخية المختلفة
عبر العصور، تطور استخدام “بسم الله الرحمن الرحيم” ليصبح رمزًا دينيًا وثقافيًا في العديد من الأماكن. خلال العهد الأموي والعباسي، كان يتم استخدامها بشكل واسع في الرسائل الدبلوماسية والعسكرية. على سبيل المثال، كانت تُكتب على اللافتات التي تُحمل في الحروب وفي الآلات الحربية.
في العصور اللاحقة، استمر استخدام العبارة في الكتابات اليومية والمراسلات الرسمية. وعلى الرغم من تطور وسائل الكتابة والاتصال، إلا أن “بسم الله الرحمن الرحيم” ظلت ثابتة في بداية العديد من الكتابات، إيمانًا من المسلمين بأن كل عمل يبدأ باسم الله سيكون مبركًا ويسير برعاية الله وحمايته.
خاتمة
“بسم الله الرحمن الرحيم” لم تكن مجرد عبارة تذكرها ألسنة المسلمين، بل هي جزء من ثقافة دينية عميقة تمتد من العهد النبوي وحتى يومنا هذا. أول من كتب هذه العبارة هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لكنه لم يكن الأول فقط من حيث الاستخدام، بل كان هذا التقليد قد استمر في جميع مراحل تاريخ الأمة الإسلامية.
