أول مخلوق خلقه الله

أول ما خلق الله

من المعروف أن الكون الذي نعيش فيه، بكل ما يحتويه من كواكب، نجوم، كائنات حية، وأشياء غير مرئية، هو خلق الله سبحانه وتعالى. وإذا ما نظرنا إلى أول ما خلقه الله عز وجل، نرى أنه بداية لسلسلة من الخلق التي امتدت عبر الزمان والمكان لتكوين هذا الكون الفسيح الذي يعجز العقل البشري عن استيعاب كامل تفاصيله. لقد تكفلت النصوص الدينية، سواء من القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف، بالإشارة إلى أول خلق الله في الكون، وبينت معاني عظيمة تدعو للتفكر والتدبر.

خلق الله قبل الإنسان والكون

بدأ الخلق في عالم الغيب قبل أن يظهر الإنسان أو حتى السماء والأرض. في الحديث الشريف الذي رواه الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة”. هذا الحديث يفتح لنا نافذة على فهم أول المخلوقات التي ابتدعها الله سبحانه وتعالى.

القلم أول ما خلق

من خلال الحديث الشريف، يتبين أن أول شيء خلقه الله كان القلم، الذي لا نعرف له كنهًا ماديًا في عالمنا المادي، ولكنه يمثل العنصر الذي بدأ به أول تدوين لأحداث الكون والحياة. إن القلم في هذا السياق يمثل القدرة الإلهية على الكتابة أو التقدير لما سيكون. وقد أُمر القلم بكتابة كل ما هو كائن من أحداث ووقائع في الزمان والمكان، وتدوين ذلك قبل أن يتحقق في الواقع المادي. القلم هنا يشير إلى قوة الله سبحانه وتعالى في تحديد مصير الخلق، من دون تدخل مباشر للإنسان أو غيره.

خلق العرش

بعد خلق القلم، يذكر في بعض الأحاديث أنه بعد ذلك خلق الله العرش. العرش هو أسمى وأعظم مخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى، وهو مكان عظمة الله وموضع تدبيره. على الرغم من أنه لم يرد في القرآن الكريم ذكر محدد لأول مخلوق بعد القلم، إلا أن علماء التفسير والحديث يعتبرون العرش هو المخلوق الذي يحيط بالكون بكامله، ويمثل عظمة الله وعلو شأنه. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في عدة آيات أن عرشه عظيم، فقد قال عز وجل: “وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء” (هود: 7)، مما يشير إلى أن العرش كان موجودًا قبل خلق الأرض والمخلوقات التي تعيش عليها.

خلق السماء والأرض

بعد خلق العرش، تأتي السماء والأرض. في القرآن الكريم، جاء ذكر خلق السماء والأرض في قول الله تعالى: “قُلْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ” (الزخرف: 84). لقد خلق الله السموات والأرض في ستة أيام، وكل يوم من هذه الأيام كان له خصائصه وأحداثه التي تم فيها التشكيل والتخطيط للكون بما فيه من مخلوقات وأجرام سماوية وأرضية. وقد ذكرت هذه العملية في العديد من الآيات في القرآن الكريم مثل قوله تعالى: “وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا” (نوح: 16)، مما يبرز تطور خلق الله للأجرام السماوية من خلال مراحل دقيقة ومدروسة.

خلق الماء

يعتبر الماء من أعظم مخلوقات الله تعالى التي لا يمكن الاستغناء عنها، فهو أصل الحياة كما جاء في القرآن الكريم: “وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ” (الأنبياء: 30). قد يبدو أن الماء جزءًا لا يتجزأ من هذا الكون، ولكن وفقًا للعديد من الآيات الكريمة، كان الماء هو الأصل الذي استخدمه الله سبحانه وتعالى في خلق الأرض والسموات، بل حتى في خلق الحياة النباتية والحيوانية.

خلق الإنسان

بعد تكوين الكون بكامل عناصره، كان الإنسان هو آخر مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى. وقد خلق الله الإنسان من طين، كما ذكر في قوله تعالى: “خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالفَخَّارِ” (الرحمن: 14). ثم نفخ فيه من روحه، وكرمه بأن جعله خليفة الله في الأرض. الإنسان كان آخر حلقة في سلسلة الخلق، حيث كان الله قد أعد الأرض والسماء وكل ما عليها من موارد وحياة لاستقبال الإنسان ليكون سيدًا لهذا الكوكب، وله دور عظيم في عمارة الأرض.

أول ما خلق الله من المخلوقات الحية

من بين المخلوقات التي خلقها الله قبل الإنسان، هناك العديد من الكائنات الحية التي برع الله سبحانه وتعالى في خلقها. فقد خلق الله الحيوانات، بدءًا من الكائنات الدقيقة في البحار والمحيطات، إلى الحيوانات البرية والطيور التي تملأ السماء. وقد خُلِقَت هذه الكائنات لتكون مكملاً لبقية خلق الله، وكل كائن كان له وظيفة محددة ضمن النظام البيئي الذي خلقه الله بعناية وحكمة.

أول ما خلق الله من الضوء

النور يعتبر من أقدم ما خلق الله سبحانه وتعالى في هذا الكون. فقد جاء في الحديث النبوي الشريف: “خلق الله النور من عظمته” (رواه مسلم). النور هو مصدر الحياة والنماء، وهو عنصر أساسي في دورة الحياة على الأرض. الضوء والظلام هما جزآن من النظام الكوني الذي خلقه الله، وهذا يظهر في العديد من آيات القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: “اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ” (النور: 35).

خلق المخلوقات السماوية

إلى جانب المخلوقات الأرضية، خلق الله سبحانه وتعالى المخلوقات السماوية من ملائكة وجن. الملائكة خلقهم الله من نور، وهم لا يعصون الله في أمره بل يسبحون له ويعملون ما يُؤمرون. أما الجن فقد خُلقوا من مارج من نار، ولهم خصائص تختلف عن البشر، فقد يكونون خيرين أو شريرين.

الحكمة من أول خلق الله

خلق الله سبحانه وتعالى الكون وأول ما خلق فيه مع وجود حكمة عظيمة لا يعلمها إلا الله. فهو الخالق العليم، الذي صنع الكون في أبهى صورة وأعظم تنسيق. فكل شيء في هذا الكون، من أوله إلى آخره، يتناغم مع مشيئة الله وقدرته وحكمته. إن خلق الله بداية القلم، ثم العرش، ثم السماء، والأرض، والمخلوقات الأخرى، يعكس حكمة الله في جعل الكون مكانًا دقيقًا حيث لا شيء يحدث بدون إرادته. إن تقديره سبحانه وتعالى يشمل كل مخلوق وكل جزء من هذا الكون اللامحدود.

خاتمة

إن أول ما خلقه الله سبحانه وتعالى هو بداية لرحلة طويلة من الإبداع والتقدير. ما زالت أسرار هذا الكون ومخلوقاته تحمل في طياتها الكثير من الحقائق التي لا يستطيع الإنسان أن يفهمها كلها. ومع ذلك، فإن هذا الخلق العظيم يشير إلى عظمة الله وقدرته على خلق كل شيء بقدر وحكمة.