أورام الغدد اللعابية: الأسباب والعلاج

أورام الغدد اللعابية: الأنواع، الأعراض، التشخيص والعلاج

تعتبر الغدد اللعابية جزءًا أساسيًا من جهاز الفم، حيث تقوم بإفراز اللعاب الذي يساهم في عملية الهضم، وترطيب الفم، وحماية الأسنان من التآكل. لكن في بعض الأحيان، قد تتعرض هذه الغدد لبعض المشاكل الصحية التي قد تؤدي إلى تكوّن الأورام. أورام الغدد اللعابية هي عبارة عن تكتلات غير طبيعية تنشأ في الغدد المسؤولة عن إفراز اللعاب. على الرغم من أن هذه الأورام نادرة نسبياً، إلا أن فهمها ومعرفة أنواعها وأسبابها وأعراضها يمكن أن يسهم في تشخيصها وعلاجها بشكل فعال.

الأنواع المختلفة لأورام الغدد اللعابية

تقسم أورام الغدد اللعابية إلى عدة أنواع بحسب المكان الذي تنشأ فيه، والنسيج الذي تتألف منه. كما يمكن تصنيف الأورام بناءً على طبيعتها إلى أورام حميدة وأخرى خبيثة. تعد الغدد اللعابية الكبيرة مثل الغدة النكفية هي الأكثر عرضة للإصابة بالأورام، في حين أن الغدد الصغيرة قد تكون مصدرًا لأورام أقل شيوعًا.

1. الأورام الحميدة

الأورام الحميدة هي التي لا تنتشر إلى الأنسجة الأخرى ولا تسبب تهديدًا للحياة عادة. ومع ذلك، قد تكون هذه الأورام مزعجة أو تؤدي إلى مضاعفات إذا لم يتم علاجها. تشمل أنواع الأورام الحميدة في الغدد اللعابية:

• ورم الأدينومين الخلوي: هذا النوع من الأورام يعد الأكثر شيوعًا في الغدد اللعابية. يتكون هذا الورم من نوعين من الخلايا: خلايا ظهارية وأخرى غضروفية. يشكل هذا الورم عادة كتلة غير مؤلمة تحت الجلد، ويمكن أن يكون له تأثير على العصب الوجهي.

• ورم غدي أملس: يعتبر هذا النوع من الأورام الحميدة الذي يظهر في الغدة النكفية بشكل خاص. يتميز هذا الورم بوجود كتل غير مؤلمة ولكنها قابلة للنمو بمرور الوقت.

2. الأورام الخبيثة

الأورام الخبيثة هي تلك التي تحتوي على خلايا سرطانية يمكن أن تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، مما يؤدي إلى زيادة تعقيد العلاج. تشمل الأنواع الأكثر شيوعًا للأورام الخبيثة في الغدد اللعابية:

• سرطان الغدة النكفية: هو أحد أكثر أنواع السرطان شيوعًا في الغدد اللعابية الكبيرة. قد يظهر سرطان الغدة النكفية على شكل تورم مؤلم في الخد أو الفك، وقد يترافق مع أعراض أخرى مثل صعوبة في البلع أو التهاب متكرر.

• السرطان الغدي: يعد هذا النوع من السرطان أكثر شيوعًا في الغدد اللعابية الصغيرة. يظهر غالبًا في الفك السفلي أو تحت اللسان، ويمكن أن يؤدي إلى فقدان الإحساس في المنطقة المصابة.

• سرطان الغدة تحت الفك: يتسبب هذا النوع من السرطان في ألم وتورم في الفك السفلي، ويتميز بتأثيره على العقد اللمفاوية المحيطة.

أسباب أورام الغدد اللعابية

لا يزال سبب تطور أورام الغدد اللعابية غير معروف بشكل كامل، ولكن هناك بعض العوامل التي يُعتقد أنها تساهم في حدوث هذه الأورام:

1. العوامل الوراثية

الأورام الحميدة والخبيثة على حد سواء يمكن أن يكون لها عوامل وراثية. في بعض الحالات، يمكن أن تكون بعض الطفرات الجينية وراثية، مما يزيد من خطر تطور الأورام في الغدد اللعابية.

2. التعرض للإشعاع

التعرض للإشعاع هو أحد الأسباب المعروفة التي قد تؤدي إلى الإصابة بسرطان الغدد اللعابية. الأشخاص الذين تلقوا علاجًا إشعاعيًا في منطقة الرأس أو الرقبة قد يكونون أكثر عرضة لتطوير الأورام في هذه الغدد.

3. التدخين والكحول

قد يؤدي التدخين واستهلاك الكحول إلى زيادة خطر الإصابة بأورام الغدد اللعابية، خاصة الأورام الخبيثة. فهذه المواد قد تساهم في تحفيز نمو الخلايا غير الطبيعية في الغدد.

4. الالتهابات المتكررة

بعض الدراسات تشير إلى أن الالتهابات المتكررة في الغدد اللعابية قد تزيد من احتمالية الإصابة بالأورام. على سبيل المثال، التهابات الغدد اللعابية مثل التهاب الغدة النكفية يمكن أن تسهم في تشكيل الأورام.

أعراض أورام الغدد اللعابية

تختلف الأعراض حسب نوع الورم، ولكن هناك بعض الأعراض المشتركة التي قد تظهر لدى المريض:

• تورم في الفم أو الفك: تعد الكتل أو التورمات في منطقة الفم أو الفك هي من أبرز أعراض أورام الغدد اللعابية. قد تكون هذه الأورام مؤلمة في بعض الأحيان، أو قد تكون غير مؤلمة ولكنها تزداد حجمًا مع مرور الوقت.

• جفاف الفم: يعاني بعض المرضى من جفاف شديد في الفم بسبب تأثير الورم على وظيفة الغدد اللعابية. هذا الجفاف قد يؤدي إلى صعوبة في البلع والتحدث.

• صعوبة في البلع أو الكلام: يمكن أن يتسبب الورم في ضغط على الأعصاب المحيطة أو أنسجة الفم مما يؤدي إلى صعوبة في البلع أو التحدث.

• ألم أو انزعاج: في بعض الحالات، قد يشعر المريض بألم خفيف أو متوسط في المنطقة المصابة، خاصة إذا كان الورم يحتوي على خلايا خبيثة.

• تشوهات الوجه: في بعض الأحيان، قد يتسبب الورم في تشوه بسيط أو غير طبيعي في شكل الوجه، مما يجعل المنطقة المصابة أكثر وضوحًا.

تشخيص أورام الغدد اللعابية

تشخيص أورام الغدد اللعابية يتطلب مجموعة من الفحوصات الطبية لتحديد نوع الورم ومدى تأثيره على الجسم. تشمل طرق التشخيص ما يلي:

1. الفحص السريري

يبدأ الطبيب بالفحص البدني للمريض، حيث يقوم بتقييم الأعراض الظاهرة مثل التورم أو الكتل في الفم أو الوجه. كما يمكن أن يطلب الطبيب فحصًا للعقد اللمفاوية في الرقبة للتحقق من وجود أي تغييرات غير طبيعية.

2. الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)

يمكن للأشعة السينية أن تكشف عن الأورام في الغدد اللعابية وتساعد في تحديد موقعها وحجمها. كما يوفر التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) صورة أوضح للأورام ويعطي فكرة أفضل عن مدى تأثير الورم على الأنسجة المحيطة.

3. التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan)

يعد التصوير المقطعي أداة حاسمة في تقييم الأورام، حيث يساعد في الكشف عن الأورام الخبيثة والمساعدة في تحديد كيفية انتشار الورم إلى الأنسجة الأخرى.

4. خزعة الأنسجة

إذا كان هناك اشتباه في أن الورم قد يكون خبيثًا، فقد يطلب الطبيب إجراء خزعة لاستخراج عينات من الورم لتحليلها في المختبر. تساعد هذه الطريقة في تحديد نوع الورم، مما يساعد على تحديد العلاج الأنسب.

علاج أورام الغدد اللعابية

تعتمد خطة العلاج على نوع الورم ومدى انتشاره، بالإضافة إلى صحة المريض العامة. تشمل خيارات العلاج الرئيسية:

1. الجراحة

تعد الجراحة الخيار الأساسي لعلاج أورام الغدد اللعابية. يتم إزالة الورم تمامًا إذا كان الورم حميدًا، وفي بعض الحالات قد يتطلب الأمر إزالة الغدة اللعابية بالكامل. في حال كانت الأورام خبيثة، قد يتطلب الأمر إزالة الغدد المتأثرة والعقد اللمفاوية المحيطة.

2. العلاج الإشعاعي

في حالات الأورام الخبيثة، قد يتطلب العلاج الإشعاعي بعد الجراحة لمنع عودة الورم. العلاج الإشعاعي قد يُستخدم أيضًا في حالات الأورام التي يصعب إزالتها جراحيًا.

3. العلاج الكيميائي

يُستخدم العلاج الكيميائي في بعض الحالات التي تكون فيها الأورام خبيثة ومتقدمة. يهدف العلاج الكيميائي إلى قتل الخلايا السرطانية ومنعها من الانتشار.

4. العلاج الدوائي

في بعض الحالات، يمكن أن يُعطى المرضى أدوية مستهدفة أو مناعية للمساعدة في علاج الأورام الخبيثة.

التوقعات المستقبلية والعوامل المؤثرة

تتفاوت التوقعات المستقبلية للمريض حسب نوع الورم ومدى انتشاره. في حالات الأورام الحميدة، يكون التوقع العام جيدًا، حيث يتم العلاج بشكل فعال ويمكن للمرضى العودة إلى حياتهم الطبيعية بعد الجراحة. أما في حالات الأورام الخبيثة، فقد تكون التوقعات أقل إيجابية، خاصة إذا كانت الأورام قد انتشرت إلى أجزاء أخرى من الجسم.

الوقاية من أورام الغدد اللعابية تتضمن تجنب العوامل المسببة مثل التدخين والتعرض للإشعاع، والاهتمام بالصحة العامة للفم والوجه.