الماء للرضع: أهمية الماء، الكمية المناسبة، وأنسب الطرق للتقديم
يُعتبر الماء من أساسيات الحياة، ويمثل عنصراً حيوياً للحفاظ على صحة الإنسان بكافة مراحله العمرية، وخاصة لدى الرضع الذين يشكلون شريحة حساسة ومهمة تتطلب عناية خاصة في النظام الغذائي والتغذية. فهم أهمية الماء للرضع، الكميات الملائمة لهم، والطرق السليمة لتقديم الماء تشكل جزءاً أساسياً من رعاية الطفل وصحته.
طبيعة الرضيع وحاجته إلى الماء
الرضع يعتمدون بشكل رئيسي على الرضاعة سواء الطبيعية أو الصناعية لتلبية احتياجاتهم الغذائية والمائية، ويتميز جسم الطفل الرضيع بنسبة عالية من الماء مقارنة بالبالغين، إذ يشكل الماء حوالي 70-75% من وزن جسم الرضيع عند الولادة، مقابل حوالي 60% للبالغين. هذا يشير إلى أن الماء يلعب دوراً مهماً في دعم الوظائف الحيوية والنمو السليم.
لكن، وفي الوقت نفسه، فإن أجهزة الجسم عند الرضيع مثل الكلى لم تكتمل بعد، مما يجعلها أقل قدرة على معالجة كميات كبيرة من الماء. لذا يجب توخي الحذر عند تقديم الماء مباشرة للرضع، خصوصاً في الأشهر الأولى.
الماء في الأشهر الأولى من حياة الرضيع
في الشهور الستة الأولى من عمر الرضيع، توصي منظمة الصحة العالمية والعديد من الجمعيات الطبية بالاعتماد الكلي على الرضاعة الطبيعية أو الصناعية دون تقديم ماء خارجي. فاللبن وحده يحتوي على الماء بكميات كافية تلبي حاجات الرضيع، كما يحتوي على كافة العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن التي يحتاجها.
تقديم الماء في هذه المرحلة يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية مثل:
-
تخفيف تركيز اللبن: إعطاء الماء قد يجعل الرضيع أقل شهية للرضاعة وبالتالي يقلل من تناول العناصر الغذائية اللازمة لنموه.
-
اختلال توازن الكهارل: الماء الزائد قد يؤدي إلى انخفاض تركيز الأملاح في الدم (ما يعرف بالتسمم المائي)، وهو خطر صحي خطير على الرضيع.
-
زيادة مخاطر العدوى: استعمال ماء غير معقم قد يعرض الرضيع لخطر التلوث والعدوى.
متى يبدأ إعطاء الماء للرضع؟
يبدأ الرضع عادةً بتناول الماء بكميات صغيرة بعد إتمام ستة أشهر من العمر، مع بدء إدخال الأطعمة الصلبة إلى النظام الغذائي. في هذه المرحلة، يصبح الماء ضرورياً ليس فقط للترطيب، بل أيضاً لمساعدة الجهاز الهضمي في التعامل مع الأطعمة الجديدة.
الكميات المناسبة من الماء بعد ستة أشهر
تعتمد الكميات المناسبة على عمر الرضيع ودرجة نشاطه ودرجة الحرارة المحيطة، لكن بشكل عام:
-
من 6 إلى 12 شهراً: حوالي 60 إلى 120 مل من الماء يومياً.
-
بعد عمر السنة: يمكن زيادة الكمية تدريجياً لتصل إلى 500-700 مل يومياً بحسب حاجة الطفل.
هذه الكميات تساعد على ترطيب الجسم، تحسين عملية الهضم، ومنع الإمساك الذي قد يحدث أحياناً مع إدخال الأطعمة الصلبة.
أنواع الماء المناسبة للرضع
اختيار نوع الماء المناسب للرضيع أمر بالغ الأهمية لضمان سلامته وصحته:
-
الماء المغلي: هو الخيار الأمثل خاصة للرضع الأقل من سنة، حيث يتم غلي الماء ثم تركه ليبرد قبل إعطائه للطفل. هذه الطريقة تقتل الجراثيم والميكروبات التي قد تكون ضارة.
-
الماء المعبأ (المياه المعدنية): يجب التأكد من أن المياه المعبأة خالية من الملوثات والمواد الكيميائية، وتكون ملائمة للاستهلاك الآمن للأطفال.
-
الماء المفلتر: يمكن استخدام أجهزة فلترة معتمدة لتنقية المياه المنزلية، بشرط أن يكون نظام الفلترة معتمداً ومناسباً.
طريقة تقديم الماء للرضع
تقديم الماء للرضع يجب أن يكون بطريقة مناسبة تراعي قدرتهم على الشرب وسلامتهم:
-
يفضل استخدام ملعقة صغيرة أو كوب مخصص للرضع بدلاً من زجاجات الحليب، خاصة بعد ستة أشهر.
-
يجب تقديم الماء بكميات صغيرة وببطء، لضمان أن الطفل يتقبلها دون صعوبة.
-
لا يُنصح بإعطاء الماء أثناء الرضاعة مباشرة لأن ذلك قد يقلل من كمية الحليب التي يتناولها الطفل.
فوائد الماء للرضع بعد ستة أشهر
تبدأ فوائد الماء بالظهور مع إدخال الأطعمة الصلبة، حيث يلعب دوراً رئيسياً في:
-
ترطيب الجسم: يساعد الماء على تعويض السوائل المفقودة من خلال التعرق والبول.
-
تحسين الهضم: يساهم في تسهيل حركة الأمعاء ومنع الإمساك.
-
دعم وظائف الكلى: يساعد في تخليص الجسم من السموم والفضلات.
-
منع الجفاف: خاصة في الحالات التي يصاب فيها الرضيع بالإسهال أو الحمى.
مخاطر نقص الماء أو الجفاف عند الرضع
الجفاف يشكل خطراً كبيراً على صحة الرضع، ويحدث عندما يفقد الجسم كمية ماء أكبر من تلك التي يحصل عليها. من أبرز أسباب الجفاف عند الرضع:
-
الإسهال أو القيء المستمر.
-
ارتفاع درجات الحرارة والحرارة الشديدة.
-
عدم تناول كميات كافية من الحليب أو الماء.
علامات الجفاف عند الرضع
-
جفاف الفم والشفاه.
-
قلة التبول أو لون البول الداكن.
-
النعاس الشديد أو الخمول.
-
العيون الغائرة.
-
جلد جاف وغير مرن.
الجفاف يتطلب التدخل الطبي السريع لمنع مضاعفات صحية خطيرة.
تأثيرات الماء المفرط على الرضع
الإفراط في إعطاء الماء للرضع، خصوصاً قبل إتمام ستة أشهر، قد يؤدي إلى مشكلات صحية، منها:
-
التسمم المائي: وهو حالة تحدث عندما يتم تخفيف نسبة الصوديوم في الدم إلى مستويات خطيرة بسبب شرب كميات كبيرة من الماء.
-
تغيرات في توازن الأملاح: تؤثر على وظائف القلب والدماغ.
-
مشاكل في الشهية: تقلل من رغبة الرضيع في تناول الحليب.
لذلك لا بد من الالتزام بتوصيات الأطباء والجهات الصحية بشأن كميات الماء.
الماء وعلاقته بالتغذية الصحية للرضع
إلى جانب الرضاعة الطبيعية أو الصناعية، يصبح الماء جزءاً مهماً من النظام الغذائي الصحي للرضع مع تقدمهم في العمر. عند إدخال الأطعمة الصلبة، يجب ضمان توفير كمية مناسبة من الماء للحفاظ على التوازن المائي وتعزيز صحة الجهاز الهضمي.
جدول يوضح الكميات المقترحة من الماء للرضع حسب العمر
| عمر الرضيع | كمية الماء الموصى بها يومياً (مل) | ملاحظات |
|---|---|---|
| من الولادة حتى 6 أشهر | 0 (اعتماد كامل على الحليب) | ماء إضافي غير مطلوب |
| من 6 إلى 12 شهر | 60-120 | تقديم الماء تدريجياً مع الأطعمة الصلبة |
| من 1 إلى 2 سنة | 500-700 | زيادة تدريجية حسب الحاجة والنشاط |
| من 2 إلى 5 سنوات | 800-1000 | تعتمد على النشاط والطقس |
نصائح عامة للحفاظ على ترطيب الرضع
-
دائمًا تأكد من نظافة وتعقيم الأواني التي تُستخدم لتقديم الماء.
-
لا تعطِ الماء المثلج أو البارد جداً للرضيع.
-
راقب أي علامات جفاف أو مرض عند الطفل خاصة في فترات الصيف أو المرض.
-
استشر طبيب الأطفال دائماً عند الشك في حاجة الرضيع لماء إضافي أو ظهور أعراض غير معتادة.
خلاصة
الماء للرضع هو عنصر حيوي لا غنى عنه للحفاظ على صحة الجسم، وترطيب الخلايا، وضمان النمو الطبيعي. في الستة أشهر الأولى، يكون الحليب وحده كافياً دون حاجة لإضافة ماء. بعد ذلك، ومع إدخال الأطعمة الصلبة، يجب تقديم الماء بكميات مدروسة ومناسبة بعناية، مع الانتباه لأنواع الماء وطريقة تقديمه. الالتزام بهذه المعايير يضمن للرضيع حماية من مخاطر الجفاف أو التسمم المائي، ويساهم في بناء أساس صحي قوي في مراحل حياته الأولى.
المصادر والمراجع
-
منظمة الصحة العالمية (WHO)، التغذية في الرضاعة الطبيعية، 2020.
-
الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP)، توصيات تقديم الماء للرضع، 2021.
