أهداف دراسة الجدوى الاقتصادية

تُعد دراسة الجدوى الاقتصادية من أهم الأدوات التي تعتمد عليها المؤسسات والشركات قبل الشروع في تنفيذ أي مشروع أو استثمار جديد، فهي تمثل المرحلة التحليلية الأولى التي تحدد مدى إمكانية نجاح المشروع من عدمه. تُركز هذه الدراسة على تقييم الجوانب المالية والاقتصادية والفنية والتشغيلية للمشروع، ما يجعلها ضرورة حتمية لضمان استثمار الموارد بشكل أمثل وتحقيق أفضل عائد ممكن. يتناول هذا المقال شرحًا مفصلاً لأهداف دراسة الجدوى الاقتصادية، مستعرضًا أهميتها ودورها الحيوي في دعم اتخاذ القرار الاستثماري وتجنب المخاطر المحتملة.

تعريف دراسة الجدوى الاقتصادية

دراسة الجدوى الاقتصادية هي عملية تحليلية منهجية تهدف إلى تقدير وتحليل الإمكانيات الاقتصادية للمشروع المقترح، والتأكد من مدى تحقيقه للعائد المطلوب مع تقليل المخاطر. تعتمد هذه الدراسة على جمع البيانات الدقيقة حول تكاليف المشروع، والعوائد المتوقعة، ومتطلبات التشغيل، بالإضافة إلى دراسة السوق والظروف الاقتصادية المحيطة.

تأتي دراسة الجدوى الاقتصادية في إطار تحليل شامل يضم دراسات فنية، تسويقية، مالية، إدارية، وقانونية، وتعتبر حجر الأساس الذي يُبنى عليه قرار الاستثمار سواء بالمضي قدماً في المشروع أو رفضه أو إعادة هيكلته.

أهمية دراسة الجدوى الاقتصادية

إن دراسة الجدوى الاقتصادية ليست مجرد تحليل للأرقام فقط، بل هي أداة استراتيجية ضرورية تضمن تحقيق التوازن بين الموارد والإمكانات والاحتياجات الفعلية، وتساعد في تحقيق الأهداف المرجوة من المشروع. فمن دون هذه الدراسة، قد يتعرض المشروع لفشل اقتصادي، أو خسائر مالية فادحة، أو استنزاف غير مبرر للموارد.

تكمن أهمية دراسة الجدوى الاقتصادية في توفير المعلومات الدقيقة التي تساعد المستثمرين وأصحاب القرار على:

• فهم جدوى المشروع من الناحية المالية والاقتصادية.

• تقييم المخاطر المرتبطة بالمشروع وكيفية إدارتها.

• تحديد الموارد المطلوبة والميزانية المناسبة.

• التعرف على فرص السوق والتحديات المستقبلية.

• اتخاذ قرار مستنير بشأن بدء المشروع أو تعديل خططه.

الأهداف الأساسية لدراسة الجدوى الاقتصادية

تتعدد أهداف دراسة الجدوى الاقتصادية وتتداخل، لكن يمكن حصرها في عدة نقاط رئيسية تركز على التأكد من إمكانية نجاح المشروع من مختلف الجوانب. فيما يلي توضيح مفصل لكل هدف:

1. تحديد جدوى المشروع من الناحية المالية

يُعتبر الهدف المالي من أهم أهداف دراسة الجدوى الاقتصادية، حيث تركز الدراسة على تحليل تكاليف المشروع الإجمالية مقابل الإيرادات المتوقعة. يشمل ذلك تقييم رأس المال اللازم، تكاليف التشغيل، مصاريف الصيانة، وكذلك العائد المتوقع خلال فترة زمنية محددة.

يتم حساب مؤشرات مالية مثل صافي القيمة الحالية (NPV)، معدل العائد الداخلي (IRR)، فترة الاسترداد (Payback Period)، ونقطة التعادل (Break-even Point) لتحديد ما إذا كان المشروع مجديًا اقتصادياً وقادرًا على تحقيق أرباح مستدامة.

2. تحليل السوق وتقدير الطلب

تتمثل إحدى الأهداف المهمة لدراسة الجدوى الاقتصادية في تقييم السوق المستهدف، من خلال تحليل حجم الطلب المتوقع على المنتج أو الخدمة، وفهم سلوك المستهلكين، وتحديد المنافسين الرئيسيين، والأسعار السائدة في السوق.

يساعد هذا التحليل على توقع حجم المبيعات، واختيار استراتيجيات التسويق المناسبة، وتقليل المخاطر المرتبطة بتغيرات السوق والمنافسة.

3. تقييم الجوانب الفنية والتشغيلية

تضمن دراسة الجدوى الاقتصادية دراسة تفصيلية للجوانب الفنية مثل تحديد الموقع الأنسب للمشروع، نوع التكنولوجيا المستخدمة، احتياجات المواد الخام، مصادر الطاقة، والكادر البشري اللازم.

تُعنى هذه المرحلة أيضًا بتحليل العمليات التشغيلية، وتحديد الجدول الزمني للتنفيذ، مما يضمن تحقيق الكفاءة الإنتاجية وتقليل الهدر والتكاليف غير الضرورية.

4. تحديد المخاطر وتقديرها

يهدف جزء من الدراسة إلى التعرف على المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على نجاح المشروع، مثل المخاطر الاقتصادية، السياسية، البيئية، والتشغيلية. يُجرى تحليل لهذه المخاطر وتطوير استراتيجيات لإدارتها والتخفيف من تأثيرها، مثل إعداد خطط بديلة أو التأمينات اللازمة.

5. دعم اتخاذ القرار الاستثماري

دراسة الجدوى الاقتصادية تزوّد صناع القرار بالمعلومات الدقيقة التي تمكنهم من اتخاذ قرارات مدروسة مبنية على بيانات وأرقام واقعية، بدلاً من الاعتماد على التخمين أو الافتراضات غير المدعومة.

يهدف ذلك إلى حماية رأس المال المستثمر، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة، وضمان استمرارية المشروع وتحقيق النمو المطلوب.

6. ضمان الاستخدام الأمثل للموارد

يساعد تحليل الجدوى على تحديد كمية الموارد المالية والبشرية والمادية المطلوبة للمشروع بدقة، مما يساهم في الاستخدام الأمثل لهذه الموارد، وتقليل الفاقد والهدر، وتحسين العائد على الاستثمار.

7. تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي

في بعض المشاريع، لا تقتصر دراسة الجدوى على الجوانب المالية فقط، بل تمتد لتشمل تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي للمشروع على المجتمع المحيط. يتضمن ذلك دراسة الفوائد المحتملة كخلق فرص عمل، تحسين البنية التحتية، وزيادة دخل المجتمع المحلي.

هذه الأهداف تدعم مسؤولية المشروع الاجتماعية والاقتصادية، مما يعزز القبول المجتمعي والاستدامة.

8. التنبؤ بالاحتياجات المستقبلية

تساعد دراسة الجدوى في استشراف الاحتياجات المستقبلية للمشروع، سواء من حيث التوسع أو التطوير، مما يتيح التخطيط المبكر وتخصيص الموارد بطريقة تساعد على النمو المستدام.

خطوات إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية

يتطلب إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية اتباع خطوات منظمة لضمان شمولية ودقة التحليل، وهي كالتالي:

• جمع البيانات والمعلومات: تتضمن دراسة السوق، تحليلات مالية، بيانات فنية، ومتطلبات تشغيل.

• تحليل السوق: تقييم حجم الطلب، المنافسة، الأسعار، وقنوات التوزيع.

• تحليل التكاليف والإيرادات: احتساب كافة تكاليف المشروع المتوقعة، وتقدير العوائد المحتملة.

• تحليل الجدوى المالية: حساب المؤشرات المالية مثل NPV، IRR، وفترة الاسترداد.

• تقييم المخاطر: التعرف على المخاطر المحتملة وتطوير استراتيجيات إدارتها.

• تقديم التوصيات: صياغة تقرير شامل يحتوي على نتائج الدراسة، توصيات تنفيذ المشروع أو رفضه، وتوجيهات لتعديل الخطط إذا لزم الأمر.

جدول يوضح مقارنة بين أهداف دراسة الجدوى الاقتصادية وأهميتها

الخلاصة

تمثل دراسة الجدوى الاقتصادية حجر الزاوية في أي مشروع استثماري ناجح، حيث توفر إطارًا متكاملاً لتحليل كافة الجوانب المالية والاقتصادية والفنية المتعلقة بالمشروع. الأهداف التي تسعى هذه الدراسة لتحقيقها تتجاوز مجرد تقييم الربحية لتشمل تحليل السوق، تقييم المخاطر، ضمان الاستخدام الأمثل للموارد، ودعم اتخاذ القرار السليم.

تُعزز دراسة الجدوى الاقتصادية فرص نجاح المشروع وتقلل من احتمالات الفشل، كما تضمن للمستثمرين وأصحاب القرار رؤية واضحة وشاملة تساعدهم على اتخاذ خطوات مدروسة تضمن استدامة المشروع وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المرجوة.

المراجع:

• رياض عبد العزيز، “الجدوى الاقتصادية وتحليل المشروعات”، دار النهضة العربية، 2018.

• محمد علي حسن، “أساسيات دراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع الاستثمارية”، مركز النشر العلمي، 2020.