أنيميا نقص الحديد: الأسباب والعلاج

أنيميا نقص الحديد: فقر الدم الناجم عن عوز الحديد

تعد أنيميا نقص الحديد من أكثر أنواع فقر الدم شيوعًا في العالم، إذ تقدر التقديرات أن ما يقارب 30% من سكان العالم يعانون من هذه الحالة الصحية التي قد تؤثر على الأشخاص من مختلف الأعمار والجنسيات. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل هذه الحالة من حيث أسبابها وأعراضها وتشخيصها وعلاجها، بالإضافة إلى تقديم نصائح للوقاية منها.

1. ما هي أنيميا نقص الحديد؟

أنيميا نقص الحديد هي حالة صحية تحدث عندما لا يكون لدى الجسم كمية كافية من الحديد لإنتاج ما يكفي من الهيموغلوبين، وهو البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء المسؤول عن نقل الأوكسجين إلى أجزاء مختلفة من الجسم. نظراً لأن الحديد يعد مكونًا أساسيًا في تصنيع الهيموغلوبين، فإن نقصه يؤدي إلى انخفاض قدرة الدم على نقل الأوكسجين، مما يسبب مجموعة من الأعراض التي تؤثر على صحة الشخص بشكل عام.

2. أسباب أنيميا نقص الحديد

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى نقص الحديد في الجسم، ويمكن تصنيفها إلى أسباب متعلقة بالامتصاص وأسباب تتعلق بفقدان الحديد وأخرى تتعلق بزيادة احتياجات الجسم. إليك أبرز الأسباب:

أ. نقص الحديد نتيجة نقص المدخول الغذائي:

يعتبر نقص الحديد في النظام الغذائي أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد. الأطعمة مثل اللحوم الحمراء، الكبد، البيض، والخضراوات الورقية مثل السبانخ، والفاصوليا، والمكسرات تعد مصادر غنية بالحديد. لذلك، فإن نقص تناول هذه الأطعمة قد يؤدي إلى نقص في مستويات الحديد.

ب. فقدان الدم:

يعد فقدان الدم المزمن أو المتكرر سببًا رئيسيًا لنقص الحديد في الجسم. يمكن أن يحدث فقدان الدم بسبب عدة عوامل مثل:

• الدورة الشهرية الثقيلة: خاصة في النساء اللاتي يعانين من دورة شهرية طويلة أو غزيرة.

• التعرض لإصابات أو جراحات: التي تؤدي إلى نزيف مستمر أو إصابات في الأوعية الدموية.

• الأمراض المعوية: مثل القرحة الهضمية أو التهاب القولون التقرحي الذي قد يتسبب في فقدان الدم من الجهاز الهضمي.

ج. نقص امتصاص الحديد:

يحدث أحيانًا أن يتعرض الجسم لنقص الحديد بسبب انخفاض قدرة الأمعاء على امتصاصه، حتى لو كان موجودًا بكميات كافية في الطعام. وهذا يمكن أن يحدث بسبب عدة حالات صحية مثل:

• الأمراض المعوية: مثل مرض السيلياك أو التهاب الأمعاء، التي تؤثر على قدرة الأمعاء على امتصاص العناصر الغذائية.

• جراحة الجهاز الهضمي: مثل استئصال جزء من المعدة أو الأمعاء الدقيقة التي تؤثر على امتصاص الحديد.

د. زيادة احتياجات الجسم من الحديد:

في بعض الحالات، قد يكون لدى الجسم احتياج أكبر للحديد، وهو ما قد يتجاوز قدرة الجسم على توفيره، مما يؤدي إلى نقصه. من الحالات التي تتطلب زيادة الحديد:

• الحمل: تحتاج النساء الحوامل إلى كميات أكبر من الحديد لدعم نمو الجنين.

• النمو السريع: خاصة في الأطفال والمراهقين الذين ينمون بسرعة.

• التبرع بالدم: حيث يؤدي التبرع المتكرر بالدم إلى فقدان الحديد.

3. أعراض أنيميا نقص الحديد

تختلف أعراض نقص الحديد من شخص لآخر وتعتمد على شدة نقص الحديد ومدى سرعة تطور الحالة. من الأعراض الشائعة لأنيميا نقص الحديد:

• التعب والإرهاق: الشعور بالتعب الشديد أو الإرهاق حتى بعد الراحة هو العرض الأكثر شيوعًا لأنيميا نقص الحديد. يعود هذا إلى انخفاض قدرة الدم على نقل الأوكسجين إلى الأنسجة.

• شحوب الجلد: يصبح لون الجلد شاحبًا بشكل ملحوظ، وذلك نتيجة لانخفاض عدد خلايا الدم الحمراء.

• صعوبة التنفس: قد يشعر المصاب بضيق في التنفس أو صعوبة في التنفس بعد بذل جهد بسيط.

• الدوخة أو الدوار: الدوخة المتكررة أو الشعور بالإغماء قد يكون بسبب نقص الأوكسجين في الدم.

• برودة الأطراف: قد يشعر البعض ببرودة في اليدين والقدمين بسبب انخفاض تدفق الدم.

• الصداع: قد يصاحب نقص الحديد الصداع المستمر نتيجة انخفاض مستويات الأوكسجين في الدماغ.

• تساقط الشعر: يمكن أن يؤدي نقص الحديد إلى ضعف بصيلات الشعر، مما يؤدي إلى تساقط الشعر.

• الضعف العام: يشعر المصاب بقلة القوة البدنية وصعوبة في أداء الأنشطة اليومية المعتادة.

4. تشخيص أنيميا نقص الحديد

لتشخيص أنيميا نقص الحديد، يحتاج الطبيب إلى إجراء بعض الفحوصات المخبرية التي تشمل:

• فحص تعداد الدم الكامل (CBC): يساعد هذا الفحص في قياس مستويات خلايا الدم الحمراء والهيموغلوبين، وهو مفيد في الكشف عن فقر الدم.

• فحص الحديد في الدم: يقيس هذا الفحص مستوى الحديد في الدم. عادةً ما يظهر نقص الحديد انخفاضًا في مستوى الحديد.

• فحص الفيريتين: يقيس هذا الفحص كمية الحديد المخزن في الجسم. إذا كان مستوى الفيريتين منخفضًا، فهذا يشير إلى نقص الحديد.

• فحص الهيموغلوبين والهماتوكريت: قياس الهيموغلوبين يساعد في تحديد مدى قدرة الدم على نقل الأوكسجين. انخفاض مستوى الهيموغلوبين يشير إلى فقر الدم.

5. علاج أنيميا نقص الحديد

يهدف علاج أنيميا نقص الحديد إلى زيادة مستويات الحديد في الجسم، ويتضمن عادةً عدة خيارات:

أ. المكملات الغذائية:

تعتبر مكملات الحديد من العلاجات الشائعة لنقص الحديد. يتوفر الحديد على شكل أقراص أو شراب يتم تناوله عن طريق الفم. عادةً ما يوصي الأطباء بجرعات معينة من المكملات بناءً على مستوى نقص الحديد لدى المريض.

ب. تغيير النظام الغذائي:

يمكن أن يساعد تناول أطعمة غنية بالحديد في رفع مستويات الحديد في الدم. من بين الأطعمة الغنية بالحديد: اللحوم الحمراء، الدواجن، الأسماك، الكبد، الفاصوليا، العدس، والسبانخ. كما يجب تضمين مصادر فيتامين C في النظام الغذائي لأنه يساعد على تحسين امتصاص الحديد.

ج. العلاج الوريدي:

في الحالات الشديدة من أنيميا نقص الحديد، قد يوصي الطبيب بالعلاج الوريدي باستخدام الحديد. يتم حقن الحديد مباشرة في مجرى الدم، مما يساعد على رفع مستويات الحديد بسرعة.

د. معالجة الأسباب المسببة:

إذا كان السبب الأساسي لفقر الدم هو فقدان الدم المزمن أو سوء الامتصاص بسبب مرض معوي، فإن علاج السبب الرئيسي سيكون ضروريًا. قد يتطلب ذلك جراحة أو علاج طبي للحالات التي تؤدي إلى فقدان الدم.

6. الوقاية من أنيميا نقص الحديد

الوقاية من أنيميا نقص الحديد تتطلب الحفاظ على مستوى غذائي صحي ومتوازن، مع الحرص على تناول كميات كافية من الأطعمة الغنية بالحديد. يمكن اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية مثل:

• تناول الأطعمة الغنية بالحديد: مثل اللحوم الحمراء، الدواجن، الأسماك، الفاصوليا، العدس، والسبانخ.

• زيادة امتصاص الحديد: يمكن تحسين امتصاص الحديد من خلال تناول الأطعمة الغنية بفيتامين C مثل الفواكه الحمضية أو الطماطم.

• تجنب الإفراط في تناول الأطعمة التي تعيق امتصاص الحديد: مثل الشاي والقهوة التي تحتوي على مركبات قد تقلل من امتصاص الحديد.

7. الخلاصة

أنيميا نقص الحديد هي حالة صحية شائعة تؤثر على الكثير من الأشخاص حول العالم. هذه الحالة ناتجة عن انخفاض مستوى الحديد في الجسم، مما يؤدي إلى نقص في إنتاج خلايا الدم الحمراء وصعوبة في نقل الأوكسجين إلى الأنسجة. يعاني المصابون بأنيميا نقص الحديد من أعراض مثل التعب، الدوار، الشحوب، وصعوبة التنفس. ومع ذلك، يمكن علاج هذه الحالة من خلال مكملات الحديد، تحسين النظام الغذائي، وفي بعض الحالات العلاج الوريدي. الوقاية تتطلب الحفاظ على نمط غذائي صحي يحتوي على الحديد وفيتامين C مع تجنب العوامل التي قد تساهم في نقص الحديد.