أنواع العود وأفضل استخداماته

أنواع العود: كنوز العطر الشرقي عبر العصور

يُعد العود من أثمن وأندر المواد العطرية في العالم، ويحتل مكانة خاصة في ثقافة وعادات الشعوب العربية والآسيوية منذ قرون. لا يُستخدم العود فقط كعنصر عطري فاخر، بل يحمل قيمة روحانية وتراثية راسخة تتجاوز الاستخدامات اليومية إلى المناسبات الدينية والاجتماعية الكبرى. ويتم الحصول على العود من أشجار “الآغار” أو “العود”، وهي أشجار تنمو في مناطق معينة من جنوب شرق آسيا، وتفرز هذه المادة الراتنجية الفاخرة عندما تُصاب هذه الأشجار بعدوى فطرية معينة تؤدي إلى تشكل العود ببطء على مدى عقود داخل لب الخشب.

تتعدد أنواع العود تبعًا لمنشئه، وجودته، وطريقة استخلاصه، وعمره، والبيئة التي نمى فيها، مما يؤدي إلى اختلاف كبير في الرائحة والسعر. يتناول هذا المقال أهم أنواع العود من حيث المصدر، والتكوين، والاستخدامات، مع تحليل دقيق لكل صنف وفقًا للخصائص التي يتم تمييزه بها في عالم العطور الشرقية.

أولًا: العود الهندي

يُعد العود الهندي من أقدم وأشهر أنواع العود استخدامًا في العالم العربي، ويُستخرج من غابات شمال شرق الهند، خاصة ولايات آسام ومانيبور. يتميز العود الهندي برائحته الثقيلة والعميقة والدخانية، ما يجعله مفضلًا لدى كثير من عشاق العود التقليدي.

خصائص العود الهندي:

• الرائحة: دافئة، خشبية، عميقة.

• اللون: يميل إلى البني الغامق أو الأسود.

• الاستخدام: مثالي للاستخدام في المناسبات الرسمية والطقوس الدينية.

• الجودة: يعتبر من أغلى الأنواع نظرًا لنُدرته.

ثانيًا: العود الكمبودي

العود الكمبودي يُستخرج من غابات كمبوديا الكثيفة، ويُعد من أكثر الأنواع طلبًا في دول الخليج العربي. يمتاز هذا العود بكونه ذو رائحة ناعمة ومتوسطة الكثافة، وهو المفضل لدى المبتدئين في استخدام العود.

خصائص العود الكمبودي:

• الرائحة: ناعمة، سكرية، مع لمسات عنبرية.

• اللون: بني مائل للذهبي.

• الاستعمال: يُستخدم في الحياة اليومية وأوقات الراحة.

• الندرة: إنتاجه انخفض بشدة بسبب قطع الأشجار المفرط.

ثالثًا: العود الماليزي

ينتمي العود الماليزي إلى فئة الأعواد ذات الجودة العالية، ويُنتج في المناطق الاستوائية من ماليزيا، وتحديدًا في ولايتي صباح وساراواك. يتميز برائحته الفاخرة التي تجمع بين الحلاوة والدخان.

خصائص العود الماليزي:

• الرائحة: خفيفة نسبيًا ولكنها تدوم طويلًا.

• القوام: ليفي وكثيف.

• الاستخدام: يُستخدم في صناعة دهن العود والعطور المركزة.

• التكلفة: أرخص نسبيًا من العود الهندي والكمبودي، ما يجعله خيارًا تجاريًا ممتازًا.

رابعًا: العود السيلاني

يُستخرج من جزيرة سريلانكا (سيلان سابقًا)، ويُعتبر من الأنواع النادرة التي يفضلها أهل الذوق الرفيع. يُعرف العود السيلاني بأنه من الأعواد الثقيلة في رائحتها والتي تبقى في الملابس لفترة طويلة.

خصائص العود السيلاني:

• الرائحة: قوية، عنبرية، تشبه المسك.

• التركيب: يحتوي على نسبة عالية من الزيوت.

• الاستعمال: يدخل غالبًا في تركيبات العطور الشرقية الفاخرة.

• الانتشار: محدود جدًا نظرًا لصعوبة الحصول عليه.

خامسًا: العود الفيتنامي

العود الفيتنامي يُستخرج من غابات فيتنام، خاصة في المناطق الجبلية الشمالية، ويُعد من أفضل أنواع العود جودة ونقاء. يُستخدم غالبًا في صناعة البخور الياباني والكوري، ويُفضل لرائحته الدقيقة والمعقدة.

خصائص العود الفيتنامي:

• الرائحة: ناعمة، ترابية، زهرية خفيفة.

• المظهر: يتميز بلونه الذهبي المائل إلى الأخضر.

• الاستخدام: مثالي للاسترخاء، وجلسات التأمل.

• الندرة: نادر جدًا ويُصنّف بين الأعواد النخبوية.

سادسًا: العود اللاوسي

ينتج هذا العود من غابات لاوس، ويشبه إلى حد كبير العود الكمبودي، لكن له طابع فريد من نوعه. يستخدم بكثرة في الأسواق الخليجية ويُعتبر من الأعواد ذات الأسعار المتوسطة.

خصائص العود اللاوسي:

• الرائحة: متوسطة الكثافة، حلوة قليلاً.

• اللون: بني غامق.

• الاستعمال: جيد للاستخدام اليومي والمناسبات الصغيرة.

• الشهرة: يلقى رواجًا واسعًا في السعودية والإمارات.

سابعًا: العود البورمي

يُعد من الأنواع الأقل شهرة مقارنة بالعود الهندي أو الكمبودي، لكن له حضور قوي في الأسواق المتخصصة. يُستخرج من غابات ميانمار (بورما) ويتميز بجودة مقبولة وسعر أقل نسبيًا.

خصائص العود البورمي:

• الرائحة: خشبية معتدلة.

• الملمس: صلب نسبيًا.

• الاستخدام: جيد للتبخير المنزلي.

• الانتشار: محدود، ويُستخدم بشكل خاص في الخلطات.

ثامنًا: العود التايلندي

ينتشر في الغابات الشمالية من تايلاند ويشترك في صفاته مع العود الماليزي، لكنه يميل إلى أن يكون أكثر نعومة من حيث الرائحة. يُستخدم بكثرة في العطور الفاخرة.

خصائص العود التايلندي:

• الرائحة: ناعمة، عشبية، خفيفة.

• الاستخدام: مثالي لصناعة دهن العود والعطور الممزوجة.

• التركيب: يحتوي على نسبة زيتية معتدلة.

• السعر: متوسط السعر.

مقارنة تفصيلية لأنواع العود

عوامل تؤثر في جودة العود

تتأثر جودة العود بعدة عوامل منها:

1. عمر الشجرة: كلما كانت الشجرة أكبر عمرًا، زادت كمية الراتنج ونقاوته.

2. نوع الفطر: الفطر المسؤول عن تكوين الراتنج يؤثر في طبيعة العود وجودته.

3. مكان النمو: التربة والمناخ المحيط لهما دور رئيسي في تحديد خصائص العود.

4. طريقة الاستخراج: تقنيات القطع والحفظ والتجفيف لها تأثير مباشر على جودة العود النهائي.

5. مدة التخزين: بعض الأعواد تزداد فخامتها مع الزمن، كما هو الحال مع العود الفيتنامي.

استخدامات العود في الحضارات المختلفة

• في الثقافة العربية: يُستخدم في التبخير خلال المناسبات الدينية، والأفراح، وفي المساجد والبيوت.

• في الثقافة الآسيوية: يُستخدم في الطقوس البوذية والهندوسية، ويُعد عنصرًا روحانيًا في التأمل.

• في صناعة العطور: يدخل العود في تركيبات العطور العالمية، خاصة تلك التي تستهدف الأسواق الراقية.

دهن العود ومستخلصاته

دهن العود هو الزيت العطري المستخرج من خشب العود بطريقة التقطير البخاري، ويُعد من أفخر الزيوت العطرية في العالم. يتم استخدامه في صناعة العطور النخبوية، ويُباع بأسعار خيالية بسبب ندرة المادة الخام وصعوبة استخلاصه.

الخلاصة العلمية

العود ليس مجرد مادة عطرية، بل هو مزيج من علم النبات والكيمياء والبيئة والزمن. كل قطعة من العود تحمل في طياتها تاريخًا بيئيًا طويلًا، يبدأ من إصابة الشجرة إلى مراحل الاستخلاص والتخزين. تنوع أنواعه يعكس تنوع النطاقات الجغرافية والبيئات المناخية التي نشأ فيها، ما يفسر اختلاف الروائح ودرجات الجودة.

المصادر:

1. Barden, Angela, et al. “Heart of the Matter: Agarwood Use and Trade and CITES Implementation for Aquilaria Malaccensis.” TRAFFIC International, 2000.

2. Groom, Nigel. The New Perfume Handbook, Springer Science & Business Media, 1997.