عدد سكان السعودية 2024

عدد سكان السعودية

تُعد المملكة العربية السعودية من أكبر الدول العربية والإسلامية من حيث المساحة والتأثير السياسي والديني والاقتصادي، كما تشكل مركزاً روحياً مهماً لاحتضانها الحرمين الشريفين. وبالنظر إلى موقعها الجغرافي وتطورها الاقتصادي السريع على مدار العقود الأخيرة، شهدت المملكة تغيرات كبيرة في البنية السكانية، سواء من حيث النمو الطبيعي للسكان أو من حيث تدفق العمالة الوافدة. وفي هذا المقال، سيتم استعراض التحولات الديموغرافية التي شهدتها المملكة، مع تقديم بيانات مفصلة حول عدد السكان، ونسبة التوزيع بين المواطنين والمقيمين، والفئات العمرية، والاختلافات الجغرافية، والآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذا النمو السكاني.

التعداد السكاني في السعودية: بيانات رسمية محدثة

بحسب الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية، بلغ عدد سكان المملكة نحو 36.3 مليون نسمة حتى منتصف عام 2024. يتوزع هذا الرقم بين المواطنين السعوديين الذين يمثلون حوالي 63% من إجمالي السكان، والمقيمين الأجانب الذين يشكلون نحو 37%.

وتُظهر هذه الأرقام ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بالعقود الماضية، إذ لم يتجاوز عدد سكان المملكة 7 ملايين نسمة في عام 1970. هذا النمو يعود إلى عدة عوامل، من أبرزها:

• التحسن في مستوى الرعاية الصحية

• زيادة معدلات الخصوبة في المجتمعات السعودية

• الاعتماد المتزايد على العمالة الوافدة خاصة في القطاعات الخدمية والصناعية

التوزيع الجغرافي للسكان

لا ينتشر السكان في المملكة بشكل متساوٍ بسبب الطبيعة الجغرافية والمناخية الصحراوية التي تميز معظم مناطق البلاد. ومن ثم، فإن معظم السكان يتركزون في المناطق الحضرية الكبرى، التي تمثل مراكز جذب اقتصادي وخدمي. وفيما يلي توزيع تقريبي للسكان حسب أبرز المناطق والمدن:

التركيبة السكانية: المواطنون والمقيمون

من بين أكثر من 36 مليون نسمة، يُقدّر عدد المواطنين السعوديين بحوالي 22.9 مليون نسمة، فيما يبلغ عدد المقيمين غير السعوديين قرابة 13.4 مليون نسمة. يشكل الوافدون جزءاً مهماً من القوى العاملة، خصوصاً في مجالات البناء، والخدمات، والصحة، والنقل، والصناعة.

وتختلف جنسيات المقيمين الوافدين، إلا أن أغلبهم يأتون من دول جنوب آسيا مثل الهند وبنغلادش وباكستان، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من مصر، اليمن، السودان، والفلبين.

الفئات العمرية: مجتمع شاب في مرحلة التحول

السعودية تُعد من الدول ذات الهرم السكاني الفتي، حيث يُظهر التوزيع العمري أن غالبية السكان تقل أعمارهم عن 35 عاماً. ووفقاً للإحصاءات:

• فئة الأطفال والشباب (0-19 سنة): تشكل حوالي 35% من السكان

• فئة الشباب والبالغين (20-39 سنة): تشكل حوالي 40% من السكان

• الفئة المتوسطة (40-59 سنة): تمثل نحو 18%

• كبار السن (60 سنة فأكثر): حوالي 7%

هذا التوزيع يعكس تحديات تنموية كبيرة، لعل من أبرزها توفير فرص التعليم، والتوظيف، والخدمات الصحية، والسكن، خاصة في ظل معدلات نمو سكاني مرتفعة.

معدل النمو السكاني والخصوبة

رغم تراجع معدل الخصوبة الكلي في السنوات الأخيرة نتيجة التغيرات الاجتماعية والتحول الحضري، فإن معدل النمو السكاني في السعودية لا يزال من بين الأعلى في منطقة الخليج. ويبلغ معدل الخصوبة الكلي حالياً حوالي 2.2 مولود لكل امرأة، وهو أعلى من المعدل المطلوب لتحقيق الاستدامة الديموغرافية (2.1 مولود).

ويبلغ معدل النمو السكاني السنوي نحو 1.5%، ما يُظهر تراجعاً عن العقود الماضية التي تجاوز فيها النمو السنوي نسبة 3%، لكنه لا يزال يُعتبر مرتفعاً في السياق الإقليمي والعالمي.

الهجرة الداخلية والتحضر

يشهد المجتمع السعودي نمواً متسارعاً في نسب التحضر، حيث يعيش نحو 84% من السكان في المناطق الحضرية، خاصة في مدن مثل الرياض وجدة والدمام. وتُعزى هذه الظاهرة إلى:

• الهجرة الداخلية من القرى والمناطق الريفية إلى المدن

• التنمية العمرانية المتسارعة

• نمو فرص العمل في القطاعات الصناعية والخدمية

هذا التوسع الحضري رافقه ضغط على البنية التحتية للمدن الكبرى، مما دفع الحكومة السعودية إلى إطلاق برامج إصلاح عمراني مثل “رؤية المملكة 2030” التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتوزيع التنمية بشكل أكثر توازناً.

التركيبة النوعية (الذكور مقابل الإناث)

تُظهر الإحصائيات أن هناك تفاوتاً في التوزيع بين الذكور والإناث في المملكة، وذلك نتيجة تركز أعداد كبيرة من العمالة الوافدة من الذكور في قطاعات مختلفة. وتشير التقديرات إلى أن نسبة الذكور تبلغ حوالي 57% من إجمالي السكان، مقابل 43% من الإناث. ومع ذلك، فإن الفجوة تتقلص تدريجياً بين السعوديين أنفسهم، إذ يقترب التوازن بين الجنسين من التساوي ضمن المواطنين.

التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للنمو السكاني

يترافق النمو السكاني المتسارع مع مجموعة من التحديات والفرص على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي. من أهم هذه التأثيرات:

• زيادة الطلب على الإسكان: خصوصاً في المدن الكبرى، ما يدفع الحكومة إلى إطلاق مشاريع إسكان ضخمة مثل “سكني” و”روشن”.

• توسع نظام التعليم: لتلبية حاجات الجيل الشاب المتزايد، مع تركيز على الابتكار والتحول الرقمي.

• ضغط على الخدمات الصحية: من حيث التوزيع الجغرافي وجودة الرعاية، خاصة مع تزايد كبار السن.

• الطلب المتزايد على الوظائف: إذ يبرز التحدي الأكبر في توفير فرص عمل مستدامة لجيل الشباب.

التحولات المستقبلية المتوقعة في التعداد السكاني

ضمن إطار رؤية المملكة 2030، تخطط الحكومة السعودية لإحداث تحول شامل في بنية المجتمع والاقتصاد، الأمر الذي سينعكس بالضرورة على التعداد السكاني من نواحٍ عدة:

• تحسين جودة الحياة: من خلال استثمارات في الصحة والتعليم والترفيه

• تمكين المرأة: ودخولها بشكل أوسع في سوق العمل، ما يغير من طبيعة التوازن الديموغرافي

• تنويع الاقتصاد: وتقليل الاعتماد على النفط، مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل سوق العمل وتقليص العمالة الوافدة تدريجياً

• زيادة مشاركة المواطنين في التنمية: خصوصاً في القطاع الخاص، الذي يُعد محركاً أساسياً لخلق الوظائف

الخاتمة: الأبعاد الاستراتيجية لفهم التعداد السكاني في السعودية

فهم التعداد السكاني في المملكة العربية السعودية لا يقتصر على مجرد معرفة عدد السكان، بل يتطلب فهماً معمقاً لبنية المجتمع، والتحديات التنموية، والتحولات الاجتماعية التي تمر بها البلاد. فالنمو السكاني، رغم كونه مؤشراً على الحيوية والديناميكية، إلا أنه يمثل أيضاً مسؤولية كبيرة على صناع القرار لتوفير مقومات الاستدامة، وتحقيق التوازن بين التطور السكاني والاقتصادي والاجتماعي.

وفي هذا الإطار، تظل المملكة نموذجاً فريداً لدولة تشهد تحولات ديموغرافية واجتماعية سريعة، وتسعى لمواكبة ذلك من خلال خطط استراتيجية شاملة تستند إلى بيانات دقيقة وتطلعات تنموية واعدة.

المراجع:

1. الهيئة العامة للإحصاء – المملكة العربية السعودية.

2. البنك الدولي – بيانات السكان والتنمية، قاعدة بيانات 2024.