أنواع الضرائب في الجزائر
تُعد الضرائب أحد الأعمدة الأساسية التي ترتكز عليها السياسة المالية في أي دولة، إذ تُمثّل المورد الرئيسي الذي تعتمد عليه الحكومات في تمويل الإنفاق العام وتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي الجزائر، تشكل الضرائب جزءًا حيويًا من النظام المالي، وتسهم بشكل كبير في تمويل الميزانية العامة، ودعم برامج البنية التحتية والخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم، بالإضافة إلى ضمان استقرار الاقتصاد الوطني. يتم تنظيم النظام الضريبي الجزائري من خلال جملة من النصوص القانونية والتنظيمية التي تسعى إلى توفير العدالة الضريبية وضمان الشفافية في تحصيل الإيرادات العامة.
يتنوع النظام الضريبي في الجزائر بين ضرائب مباشرة وغير مباشرة، ويغطي معظم النشاطات الاقتصادية والمداخيل، سواء تعلق الأمر بالأفراد أو الشركات، مما يجعله أحد أكثر الأنظمة الضريبية شمولًا في المنطقة المغاربية. وفي هذا المقال سيتم استعراض مختلف أنواع الضرائب المعمول بها في الجزائر، مع توضيح خصائص كل نوع، وأهميته في الإطار المالي والاقتصادي الوطني.
أولًا: الضرائب المباشرة
تشمل الضرائب المباشرة تلك المفروضة مباشرة على الدخل أو الثروة، وتُدفع من قبل المكلف نفسه إلى مصالح الضرائب دون وسيط. وهي ضرائب تُحسب استنادًا إلى الوضع المالي للمكلف، وتتميز بالعدالة النسبية لأنها تأخذ في الاعتبار قدرته على الدفع. ومن أهم أنواعها:
1. الضريبة على الدخل الإجمالي (IRG – Impôt sur le Revenu Global)
تُعد من أبرز الضرائب المباشرة في الجزائر، وتُفرض على المداخيل التي يتحصل عليها الأشخاص الطبيعيون من مصادر متعددة، مثل الأجور، الأرباح التجارية، المداخيل العقارية، والمداخيل المهنية.
الفئات الخاضعة لها تشمل:
-
الأجراء (الموظفين والعمال).
-
التجار والحرفيين.
-
أصحاب المهن الحرة (مثل الأطباء، المحامين…).
-
المؤجّرين العقاريين.
معدلات الضريبة على الدخل الإجمالي تصاعدية، حيث تختلف حسب شريحة الدخل، وتُعد أداة فعالة لإعادة توزيع الثروة داخل المجتمع.
2. الضريبة على أرباح الشركات (IBS – Impôt sur les Bénéfices des Sociétés)
هي ضريبة مفروضة على الأرباح الصافية التي تحققها الشركات والمؤسسات التجارية والصناعية. تطبق على كل الكيانات القانونية الخاضعة للقانون التجاري.
نسبة الضريبة تختلف حسب طبيعة النشاط:
-
19% على الأنشطة الإنتاجية.
-
23% على الأنشطة الخدمية.
-
26% على الأنشطة الاستيرادية أو غير المنتجة.
تخضع الشركات لإجراءات محاسبية صارمة لتحديد الأرباح القابلة للضريبة.
3. الضريبة على الأملاك (Impôt sur la Fortune)
هي ضريبة تُفرض على الأفراد الذين يمتلكون ثروات عقارية أو منقولة تفوق حدًا معينًا. تهدف هذه الضريبة إلى تعزيز العدالة الاجتماعية، لكنها لا تزال محدودة التطبيق في الجزائر مقارنة ببعض الدول الأوروبية.
ثانيًا: الضرائب غير المباشرة
الضرائب غير المباشرة تُفرض على الإنفاق أو الاستهلاك بدلاً من الدخل أو الثروة. يتحملها المستهلك النهائي ضمنيًا عند شراء السلع والخدمات. وتمتاز بسهولة تحصيلها وفاعليتها في توفير مداخيل منتظمة للدولة.
1. الضريبة على القيمة المضافة (TVA – Taxe sur la Valeur Ajoutée)
من أهم الضرائب غير المباشرة وأكثرها تحصيلًا في الجزائر. تُفرض على جميع مراحل الإنتاج والتوزيع، ويُحاسب عليها البائع أو المورد ثم يُحملها للمستهلك النهائي ضمن سعر السلعة أو الخدمة.
النسب المعتمدة:
-
19%: النسبة العادية.
-
9%: النسبة المخفضة لبعض المنتجات الأساسية أو الخدمات العامة.
تشمل الضريبة على القيمة المضافة معظم القطاعات الاقتصادية، من التجارة والخدمات إلى الصناعة والزراعة.
2. الرسوم الجمركية
تُفرض على السلع المستوردة من الخارج، وتُعد أداة لتنظيم التجارة الخارجية، كما تساعد على حماية المنتجات الوطنية من المنافسة الأجنبية. تختلف هذه الرسوم حسب نوع المنتج والاتفاقيات الدولية التي ترتبط بها الجزائر (مثل اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي).
3. الضريبة على الاستهلاك الداخلي (TIC – Taxe Intérieure de Consommation)
هي ضريبة تفرض على بعض المنتجات الاستهلاكية التي تعتبر كمالية أو مضرة بالصحة، مثل:
-
التبغ ومشتقاته.
-
المشروبات الكحولية.
-
السيارات الفاخرة.
تهدف هذه الضريبة إلى تقليص استهلاك هذه السلع، وفي الوقت ذاته توفر موارد مالية مهمة لخزينة الدولة.
4. رسوم التسجيل والطوابع (Droits d’enregistrement et de timbre)
تُفرض على مختلف العقود والوثائق الرسمية، كعقود البيع والشراء، والتأمينات، والإيجارات. تعتبر من الضرائب غير المباشرة المهمة، وتُحصّل مرة واحدة عند إبرام العقد.
ثالثًا: الضرائب المحلية
تُحصّل هذه الضرائب لصالح الجماعات المحلية (البلديات والولايات)، وتُستخدم في تمويل المشاريع المحلية والخدمات العامة على المستوى المحلي.
1. الرسم العقاري (Taxe Foncière)
يُفرض على الأملاك العقارية المبنية وغير المبنية، ويُحسب بناءً على قيمة العقار وموقعه. يُستخدم لتمويل المشاريع البلدية كالصيانة الحضرية والإنارة العامة.
2. الرسم على النشاط المهني (TAP – Taxe sur l’Activité Professionnelle)
يُفرض على المؤسسات الاقتصادية العاملة داخل البلديات، وتُحسب قيمته بنسبة 2% من رقم الأعمال (Chiffre d’affaires). يُوجَّه هذا الرسم إلى البلديات للمساهمة في تنمية بنيتها التحتية.
3. الرسم على السكن (Taxe d’habitation)
يُفرض على المساكن المحتلة أو المملوكة، وتُحدد قيمته حسب مساحة السكن وموقعه ونوعه. يُستخدم لتمويل خدمات البلديات كجمع النفايات وصيانة الطرق.
جدول يوضح أهم أنواع الضرائب في الجزائر
| نوع الضريبة | فئة المستفيد | النسبة أو طريقة التقدير | الفئة الخاضعة لها |
|---|---|---|---|
| الضريبة على الدخل الإجمالي (IRG) | الدولة | تصاعدية حسب شريحة الدخل | الأفراد (الأجراء، التجار، المهنيون، ملاك العقارات) |
| الضريبة على أرباح الشركات (IBS) | الدولة | 19% – 26% حسب النشاط | الشركات والمؤسسات التجارية والصناعية |
| الضريبة على القيمة المضافة (TVA) | الدولة | 9% أو 19% | المستهلكون عبر الموردين |
| الرسوم الجمركية | الدولة | تختلف حسب نوع المنتج | المستوردون |
| الضريبة على الاستهلاك الداخلي | الدولة | حسب نوع المنتج | الشركات المنتجة أو المستوردة |
| الرسم العقاري | الجماعات المحلية | حسب مساحة وقيمة العقار | ملاك العقارات |
| الرسم على النشاط المهني (TAP) | البلديات | 2% من رقم الأعمال | الشركات العاملة داخل البلدية |
| رسوم التسجيل والطوابع | الدولة | حسب نوع العقد وقيمته | الأفراد والمؤسسات |
التحديات المرتبطة بالنظام الضريبي في الجزائر
رغم تنوع وتعدد الضرائب في الجزائر، إلا أن النظام الضريبي يعاني من عدة صعوبات وتحديات، من أبرزها:
-
ضعف الامتثال الضريبي: يعاني النظام من ظاهرة التهرب الضريبي الواسعة، خاصة في القطاع غير الرسمي الذي لا يخضع للرقابة الكافية.
-
البيروقراطية وتعقيد الإجراءات: لا تزال بعض الإجراءات الإدارية المرتبطة بتصريح ودفع الضرائب تتسم بالتعقيد، مما يؤدي إلى تأخر في التحصيل وتضخم في العبء الإداري.
-
اعتماد مفرط على الضرائب غير المباشرة: يُلاحظ أن جزءًا كبيرًا من إيرادات الدولة يأتي من الضرائب غير المباشرة، مما يزيد من الضغط على المستهلك النهائي، وقد يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
-
عدم المساواة في التحصيل: بعض الفئات أو القطاعات تستفيد من إعفاءات ضريبية مفرطة، مما يخل بمبدأ العدالة الضريبية ويؤدي إلى تفاوت في العبء الضريبي.
جهود الإصلاح الضريبي
تبذل الحكومة الجزائرية جهودًا لتحديث النظام الضريبي وتحسين فعاليته من خلال:
-
رقمنة الإدارة الضريبية: عبر إطلاق بوابات إلكترونية لتسهيل التصريح والدفع.
-
توسيع القاعدة الضريبية: بضم القطاع غير الرسمي تدريجيًا إلى النظام الضريبي.
-
تبسيط التشريعات الضريبية: من خلال مراجعة القوانين لتكون أكثر وضوحًا وسهولة في التطبيق.
-
تحسين التحصيل الجبائي المحلي: من خلال إعطاء المزيد من الصلاحيات للبلديات في تسيير ضرائبها.
المصادر:
-
المديرية العامة للضرائب في الجزائر: www.mfdgi.gov.dz
-
الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

