5 علامات تشير إلى أن الموظف الجديد لن يحقق النجاح في الشركة

في بيئات العمل الحديثة، تشكّل عملية التوظيف تحدياً حقيقياً أمام المؤسسات التي تسعى إلى استقطاب الكفاءات المناسبة والمحافظة على الإنتاجية والتماسك التنظيمي. ورغم الجهود الكبيرة التي تُبذل لاختيار المرشحين الأنسب للوظائف، إلا أن بعض الموظفين الجدد لا يحققون النجاح المتوقع بعد انضمامهم إلى الشركة. هذا الفشل قد يكون مكلفًا من حيث الوقت، والموارد، وحتى المعنويات داخل الفريق.

تشير الدراسات إلى أن 46% من الموظفين الجدد يفشلون في تحقيق التوقعات خلال أول 18 شهرًا من العمل، وغالبًا ما تكون أسباب الفشل غير مرتبطة بالكفاءة الفنية بقدر ما تتعلق بالمهارات السلوكية أو التوافق الثقافي. في هذا السياق، من الضروري أن تنتبه المؤسسات إلى بعض المؤشرات المبكرة التي تنذر بإمكانية فشل الموظف الجديد، لتتمكن من التدخل في الوقت المناسب أو اتخاذ قرارات تصحيحية تضمن استمرارية الأداء.

1. عدم القدرة على التكيف مع ثقافة الشركة

تُعد الثقافة التنظيمية بمثابة الإطار المرجعي الذي يُحدد كيفية تفكير الموظفين، تفاعلهم، واتخاذهم للقرارات داخل الشركة. إذا أبدى الموظف الجديد مقاومة لفهم أو تبني هذه الثقافة، سواء كانت في أسلوب التواصل، أو قواعد اللباس، أو نظام العمل، فإن ذلك يُعد مؤشراً واضحاً على خلل في التوافق الثقافي.

غالباً ما ينعكس هذا الرفض في تصرفات مثل الانتقاد العلني لأساليب العمل، عدم الانخراط في الفعاليات الجماعية، أو الميل إلى العزلة. هذه السلوكيات تعيق الاندماج وتُقلل من فرص التعاون مع الزملاء، ما يؤدي إلى صعوبة تحقيق النجاح في بيئة تعتمد على العمل الجماعي والتعاون المؤسسي.

2. ضعف المبادرة وعدم إظهار الحماس

من أبرز مؤشرات الأداء الناجح في المراحل الأولى من التوظيف، هو إظهار الحماس تجاه العمل والمبادرة إلى أداء المهام وتعلّم الجديد. الموظف الجديد الذي يظهر لا مبالاة، ينتظر التعليمات باستمرار، أو لا يبادر بطرح الأسئلة والاستفسارات، قد يعاني من نقص في الحافز الداخلي أو الشغف بالمجال.

غياب هذا الدافع الذاتي يعكس غالبًا ضعفًا في الالتزام المهني، ويحد من القدرة على التطور السريع في الدور الوظيفي. وعادة ما يكون هذا السلوك سببًا في تأخر الموظف عن تحقيق الأهداف، وتدني مستوى الأداء بشكل عام، ما يؤدي في النهاية إلى فشله في إثبات نفسه كعضو فاعل في الفريق.

3. صعوبات في التواصل وبناء العلاقات

من المهارات الأساسية التي يُتوقع من أي موظف جديد امتلاكها هي القدرة على التواصل بفعالية. سواء كان ذلك من خلال البريد الإلكتروني، الاجتماعات، أو النقاشات غير الرسمية، فإن التواصل الجيد يُعد أساساً لفهم المهام، طلب المساعدة، وتقديم التغذية الراجعة.

الموظف الذي يُظهر صعوبة في التعبير عن أفكاره، أو يتجنب التواصل مع الزملاء، أو يسيء تفسير الرسائل الموجهة إليه، يُشكل تحديًا للفريق بأكمله. هذه الصعوبات قد تنتج عن ضعف المهارات الاجتماعية أو عن غياب الثقة بالنفس، وفي الحالتين، تؤدي إلى خلق حواجز تحول دون بناء علاقات عمل صحية، وتُضعف من احتمالية تحقيق النجاح الوظيفي.

4. الفشل في تلقي الملاحظات والتعلم منها

القدرة على تقبّل النقد البنّاء والتعلم منه هي من أبرز السمات التي تميز الموظفين ذوي الإمكانيات العالية. الموظف الجديد الذي يرفض الملاحظات، أو يبرر أخطاءه بشكل دفاعي، أو يُظهر استياءً عند تقييم أدائه، يُعاني من نقص في المرونة الذهنية والنضج المهني.

غالبًا ما يُفسد هذا السلوك العلاقة مع المديرين والزملاء، ويمنع تحقيق التحسين المستمر في الأداء. على المدى البعيد، يصبح الموظف غير قادر على النمو في وظيفته، ما يؤدي إلى تراجع فعاليته، وانخفاض مساهمته في تحقيق أهداف الفريق والمؤسسة.

5. ضعف في إدارة الوقت وعدم الالتزام بالمواعيد النهائية

إدارة الوقت تعتبر من المهارات الحيوية في بيئات العمل الديناميكية. عندما يُظهر الموظف الجديد تأخراً في تسليم المهام، أو عدم التزام بالمواعيد، أو صعوبة في تنظيم أولوياته، فإن ذلك ينعكس سلباً على كفاءة الفريق وجودة العمل.

هذا الخلل لا يشير فقط إلى نقص في المهارات التنظيمية، بل قد يدل أيضًا على غياب المسؤولية المهنية. الشركات التي تعتمد على التسليم في الوقت المحدد، أو على التعاون بين عدة فرق متداخلة، لا يمكنها تحمل نتائج هذا النوع من السلوك. إذ يُربك المشروع بأكمله ويؤثر على مصداقية المؤسسة أمام عملائها أو شركائها.

جدول يوضح مقارنة بين سمات الموظف الناجح والموظف غير المتوافق:

النتائج المترتبة على الاحتفاظ بموظف غير مناسب

الاحتفاظ بموظف جديد يُظهر منذ البداية علامات فشل واضحة له آثار سلبية قد تتجاوز الفرد نفسه، لتؤثر في ديناميكية الفريق وأداء المؤسسة ككل. ومن بين أبرز هذه النتائج:

• انخفاض المعنويات الجماعية: الزملاء قد يشعرون بالإحباط عند العمل مع شخص غير ملتزم أو غير كفء، مما يؤدي إلى تراجع الحماس العام.

• تكلفة الفرصة الضائعة: توظيف شخص غير مناسب يعني تضييع فرصة استقطاب موظف آخر يمكنه أن يضيف قيمة حقيقية.

• هدر الموارد: من تدريب، وتأهيل، ومتابعة، وهي موارد كان من الممكن توجيهها نحو تعزيز أداء الفريق أو تحسين بيئة العمل.

• تشويه ثقافة الأداء العالي: استمرار وجود موظفين دون المستوى المطلوب يُعزز مناخ التساهل في الإنجاز ويُضعف من معايير الجودة.

• الإضرار بسمعة المؤسسة: إذا كان الموظف في موقع مواجهة العملاء، فإن ضعفه في الأداء سينعكس مباشرة على صورة الشركة.

أهمية التدخل المبكر والتقييم المستمر

لكي تتجنب المؤسسات الآثار السلبية الناتجة عن توظيف غير موفق، من الضروري أن تتبنى آليات للتقييم المبكر والمستمر لأداء الموظف الجديد، لا سيما خلال الأشهر الأولى. تشمل هذه الآليات:

• إجراء مراجعات دورية خلال فترة التجربة مع توثيق الإنجازات والقصور.

• وضع أهداف قصيرة المدى واضحة تُستخدم كمؤشرات لتقييم التقدم.

• التواصل الصريح مع الموظف حول التوقعات، وإشراكه في خطط التطوير.

• إشراك المديرين والزملاء في تقديم تغذية راجعة متعددة الأبعاد.

من خلال هذه الخطوات، يمكن تقليل فرص الفشل، أو على الأقل تحديد حالات عدم التوافق في مرحلة مبكرة مما يسهل اتخاذ القرار المناسب سواء بتطوير الموظف أو إنهاء العلاقة الوظيفية بشكل مهني.

خلاصة تنفيذية

نجاح الموظف الجديد لا يُقاس فقط بالمؤهلات أو الخبرات السابقة، بل بقدرته على التكيف والتفاعل والتعلم ضمن بيئة العمل الحالية. إنّ تجاهل العلامات المبكرة التي تُنذر بعدم نجاحه يؤدي إلى خسائر مؤسسية متعددة الأوجه. أما التدخل المبكر والمبني على معايير واضحة وملاحظة دقيقة، فهو ما يُميز المؤسسات القادرة على بناء فرق عمل متماسكة ومنتجة.

المراجع:

1. Harvard Business Review: “Why New Hires Fail”

2. Forbes: “5 Signs Your New Hire Won’t Work Out”