أنواع طيور الحمام

يُعد الحمام من أقدم الطيور التي عرفها الإنسان واستأنسها، وقد لعب دوراً محورياً في حياة البشر منذ آلاف السنين، سواء لأغراض الزينة أو التربية أو نقل الرسائل أو حتى كمصدر للغذاء. ينتمي الحمام إلى عائلة Columbidae التي تضم أكثر من 300 نوع منتشر حول العالم، وتتميز طيور الحمام بقدرتها العالية على التكيف مع البيئات المختلفة، بدءاً من الغابات الكثيفة والجبال إلى المدن المزدحمة والريف الهادئ.

في هذا المقال سيتم تناول الأنواع الرئيسية لطيور الحمام مع التركيز على الخصائص الشكلية، السلوكيات، البيئة المناسبة لكل نوع، وأهم الاستخدامات التي ارتبطت بكل فصيلة.

الحمام البري (Columba livia)

التعريف والموطن

الحمام البري هو الأصل الذي انحدرت منه معظم سلالات الحمام المستأنس، وينتشر هذا النوع في جميع أنحاء العالم، خاصة في المناطق الحضرية حيث يجد البيئة المناسبة للتكاثر والتغذية. يتصف الحمام البري بلونه الرمادي الداكن مع خطين أسودين واضحين على جناحيه وعينين برتقاليتين.

السلوك والتكاثر

يتميز الحمام البري بسرعة تكاثره وقدرته على بناء الأعشاش في الأماكن المرتفعة كالمباني والجسور. كما يتغذى على الحبوب والفتات التي يجدها في محيط الإنسان. يتسم هذا النوع بالذكاء الاجتماعي ويعيش في أسراب.

حمام الزينة

أشهر الأنواع

يعد حمام الزينة من أكثر الأنواع التي يحرص المربون على اقتنائها لما تتميز به من جمال الشكل وتنوع الألوان. ومن أبرز أنواعه:

• الحمام النفاخ (Pouter Pigeons): يمتاز بحجم الحوصلة الكبير التي ينفخها أثناء الاستعراض لجذب الإناث، وله عنق طويل وريش كثيف حول الأرجل.

• الحمام الهزاز (Fantail Pigeons): يشتهر بذيله المستدير الذي يشبه مروحة الطاووس، وحركاته المتمايلة أثناء المشي.

• الحمام Jacobin: يتصف بريش كثيف حول الرقبة يشبه القلنسوة مما يمنحه مظهراً فريداً.

• الحمام البخاري (Bokhara Trumpeter): يتميز بالريش الطويل على القدمين وريش كثيف يغطي الرأس.

الاستخدامات

يربى حمام الزينة لأغراض جمالية وللمشاركة في المسابقات والمعارض العالمية التي يتم فيها تقييم الطيور بناءً على معايير محددة مثل تناسق الريش، الألوان، الحركات، وحجم الجسم.

الحمام الزاجل (Homing Pigeons)

الخصائص

الحمام الزاجل يعتبر من أذكى أنواع الحمام، ويشتهر بقدرته الفريدة على العودة إلى موطنه الأصلي من مسافات تصل إلى مئات الكيلومترات. يتمتع بجسم قوي وأجنحة طويلة وعضلات صدرية متطورة تمنحه القدرة على الطيران لمسافات بعيدة بسرعة كبيرة.

الاستخدامات التاريخية

استُخدم الحمام الزاجل في العصور القديمة والوسطى كوسيلة لنقل الرسائل الحربية والتجارية لما له من دقة في الوصول. وقد لعب دوراً حيوياً في الحروب العالمية حيث استخدمته الجيوش لنقل الأخبار والبيانات.

التدريب

يتطلب تدريب الحمام الزاجل برامج خاصة تعتمد على التدرج في زيادة المسافة بين مكان الإطلاق والعودة، إضافة إلى التغذية الجيدة وتقوية العضلات لزيادة قدرة الطيران والتحمل.

الحمام البخاري

المظهر العام

الحمام البخاري يعد من أجمل الأنواع بفضل ريشه الكثيف والريش الطويل الذي يغطي الأرجل. يلفت النظر بريشه الناعم وألوانه المتعددة كالأسود والأبيض والأزرق.

الخصائص السلوكية

يتميز هذا النوع بالهدوء لكنه يحتاج إلى رعاية خاصة لأن حجمه الكبير وأرجله المغطاة بالريش قد تسبب له صعوبة في الحركة على الأرض.

استخدامه

يتم تربية الحمام البخاري في الغالب لأغراض الزينة والعروض الدولية، ويعتبر من الأنواع النادرة ذات القيمة العالية في الأسواق.

الحمام الشيرازي (Persian Pigeons)

الشكل والتكوين

الحمام الشيرازي يُعرف بجماله الراقي وريشه الكثيف خاصة حول العنق والأرجل. ألوانه متنوعة بين الأبيض والأحمر والأصفر مع اختلاف في توزيع الألوان على الجسم.

البيئة المثالية

يتطلب تربية الحمام الشيرازي أماكن نظيفة واسعة نظراً لحساسيته الشديدة تجاه الأمراض، كما يحتاج إلى عناية مكثفة بالريش للحفاظ على مظهره الجمالي.

الحمام الزينة الهندي

الوصف

الحمام الهندي يتميز بحجمه المتوسط وألوانه الزاهية التي تشمل الأبيض، الأحمر، والأسود، وغالباً ما يُربى للمشاركة في المسابقات الجمالية.

السلوك

يتميز هذا النوع بالذكاء والهدوء وسهولة التأقلم مع الإنسان، إلا أنه يتطلب بيئة نظيفة للحفاظ على صحته.

الحمام البري الأزرق

السمات

الحمام البري الأزرق يتشابه إلى حد كبير مع الحمام الرمادي لكنه يميل إلى اللون الأزرق اللامع مع بقع خضراء وبنفسجية على الرقبة. ينتشر بكثافة في السهول والمناطق الزراعية.

الغذاء

يعتمد على الحبوب بشكل أساسي مع تناول بعض الحشرات الصغيرة في فترات معينة من السنة.

الحمام البخاري الإنجليزي

المظهر

يتميز هذا النوع بريش طويل جداً يغطي كامل أرجله حتى يبدو وكأنه يرتدي سراويل من الريش. له رأس صغير نسبياً وأجنحة متوسطة الطول.

التربية

يحتاج الحمام البخاري الإنجليزي إلى تربية دقيقة في بيئة خالية من الرطوبة لتجنب التصاق الأوساخ بريشه الغزير.

حمام الساتي (Satinette)

الخصائص

يعد من أجمل أنواع حمام الزينة بفضل ألوانه المتناسقة والزخارف الدقيقة على أجنحته. يتسم بصغر الحجم واستدارته الجذابة.

مميزاته

يربى هذا النوع خصيصاً للمشاركة في المعارض، ويفضل توفير مساحة كافية له ليتمكن من الحركة بحرية دون إتلاف ريشه.

الحمام الصنعاوي

التعريف

الحمام الصنعاوي يعتبر من الأنواع النادرة التي ترجع أصولها إلى اليمن، ويتميز بجمال ألوانه وتناسق حجمه.

الانتشار

يتم تربيته بكثرة في الدول الخليجية وله شعبية كبيرة بين هواة تربية الحمام بسبب تحمله لدرجات الحرارة العالية وسهولة تكاثره.

جدول يوضح مقارنة بين أبرز أنواع الحمام

الأمراض الشائعة في طيور الحمام

السالمونيلا

تعد من الأمراض البكتيرية الشائعة التي تصيب الحمام، وقد تؤدي إلى الإسهال وصعوبة الحركة وضعف الشهية.

الجدري

مرض فيروسي يظهر على شكل بثور حول العينين والمنقار، ويؤثر على قدرة الطائر على التغذية.

داء النيوكاسل

يصيب الجهاز العصبي للحمام ويؤدي إلى شلل الأطراف واضطراب التوازن، وهو من أخطر الأمراض التي تصيب الحمام ويحتاج إلى تطعيم دوري.

الطفيليات الداخلية والخارجية

مثل القمل والديدان المعوية، وهذه تتطلب عناية مستمرة ونظافة دورية لأماكن التربية.

طرق العناية بطيور الحمام

توفير بيئة نظيفة

يجب تنظيف الأقفاص بشكل يومي لتقليل مخاطر العدوى، مع تغيير مياه الشرب بانتظام.

التغذية السليمة

يتطلب الحمام نظاماً غذائياً متوازناً يتضمن الحبوب كالذرة والشعير والبازلاء مع مكملات الفيتامينات والمعادن خاصة أثناء فترات التزاوج وتربية الصغار.

التهوية الجيدة

يحتاج الحمام إلى أماكن جيدة التهوية لتجنب الرطوبة التي تعتبر بيئة مناسبة لنمو الفطريات والبكتيريا.

العزل عند الإصابة

عند ملاحظة أي علامات مرضية يجب عزل الطائر فوراً لتجنب انتقال العدوى لباقي الطيور.

أهمية طيور الحمام في الثقافة الإنسانية

لعب الحمام دوراً بارزاً في الثقافات والحضارات المختلفة، حيث اعتُبر رمزاً للسلام والحب والحرية. تظهر صور الحمام في العديد من اللوحات والقصص والأساطير القديمة. كما استخدم الحمام الزاجل في الحروب القديمة كأداة لنقل الرسائل الحربية التي أنقذت حياة آلاف الجنود، خاصة خلال الحرب العالمية الأولى والثانية.

في العديد من المجتمعات الشرقية والغربية، يتم تنظيم مسابقات سنوية لتقييم جمال طيور الحمام وسرعتها وقدرتها على العودة إلى موطنها الأصلي. وتعد هذه الرياضة من الهوايات الراسخة التي تجمع بين المهارة في التربية والقدرة على فهم سلوكيات هذه الطيور الفريدة.

الخلاصة

تشكل طيور الحمام مجموعة واسعة ومتنوعة من الأنواع التي تختلف في أحجامها وألوانها وسلوكياتها، مما يجعلها من الطيور المميزة التي حازت على اهتمام الإنسان عبر العصور. تتنوع أغراض تربية الحمام بين السباقات والزينة والاستفادة الغذائية، مما يتطلب فهماً عميقاً لكل نوع ومتطلباته البيئية والغذائية والصحية لتحقيق النجاح في تربيته.

المصادر

• Levi, Wendell. The Pigeon. Levi Publishing Co, 1977.

• Gibbs, David, et al. Pigeons and Doves: A Guide to the Pigeons and Doves of the World. Yale University Press, 2001.