أنماط التواصل البشري للمستشارين

5 أنماط للتواصل البشري يحتاج المستشارون إلى معرفتها

يعد التواصل من العناصر الأساسية التي يعتمد عليها المستشارون في عملهم، حيث أن القدرة على فهم وتحليل أنماط التواصل البشري تساهم بشكل كبير في تحقيق نتائج فعالة. يشمل التواصل البشري مجموعة من الأنماط التي يمكن أن تساعد المستشارين في تقديم الدعم الصحيح للعميل، والتفاعل معه بشكل فعال. في هذا المقال، سنتناول خمسة أنماط رئيسية للتواصل البشري يجب على المستشارين أن يكونوا على دراية بها، وكيفية التعامل معها لتحسين عملية التوجيه والإرشاد.

1. التواصل اللفظي (Verbal Communication)

يعد التواصل اللفظي من أكثر أنواع التواصل شيوعًا في حياتنا اليومية، ويعتمد بشكل رئيسي على استخدام الكلمات والتعبيرات اللغوية لنقل الأفكار والمشاعر والمعلومات. في سياق العمل الاستشاري، يعد التواصل اللفظي أساسيًا لأنه يتيح للمستشار التواصل المباشر مع العميل، سواء كان ذلك في محادثات فردية أو جلسات جماعية.

أهمية التواصل اللفظي في الاستشارات:

• نقل الأفكار بوضوح: من خلال الكلمات، يمكن للمستشار توجيه العميل عبر المواضيع المختلفة بوضوح ودقة.

• تفسير المشاعر: استخدام الكلمات المناسبة يمكن أن يساعد في توضيح مشاعر العميل بشكل أكثر فعالية.

• إجراء التوجيهات: يتمكن المستشار من تقديم التوجيهات والنصائح بشكل واضح من خلال التواصل اللفظي.

كيفية تحسين التواصل اللفظي:

• الاستماع النشط: يجب على المستشار أن يكون مستمعًا جيدًا لا سيما في المراحل الأولى من الجلسة، حيث يمكن أن يكشف العميل عن الكثير من المشاعر والتوجهات غير المعلنة عبر كلماته.

• استخدام لغة واضحة ومباشرة: من الضروري أن يكون المستشار دقيقًا في اختيار الكلمات التي يوجهها للعميل، لضمان عدم حدوث لبس أو سوء فهم.

• التحكم في نغمة الصوت: يمكن أن تلعب نغمة الصوت دورًا هامًا في نقل الرسائل بشكل صحيح. فالتأكيد على أهمية نقطة معينة من خلال رفع الصوت أو تغيير نغمته يمكن أن يساعد في تعزيز المعنى المطلوب.

2. التواصل غير اللفظي (Non-verbal Communication)

التواصل غير اللفظي يشمل الإيماءات، تعبيرات الوجه، لغة الجسد، ونبرة الصوت. يشكل هذا النوع من التواصل جزءًا كبيرًا من الطريقة التي نرسل بها المعلومات، إذ تشير الدراسات إلى أن ما نقوله بالكلمات لا يمثل سوى 7% من الرسالة التي ننقلها، بينما تمثل الإشارات غير اللفظية حوالي 93%.

أهمية التواصل غير اللفظي في الاستشارات:

• التعبير عن المواقف والمشاعر: يمكن أن تظهر الكثير من المشاعر غير المعلنة من خلال تعبيرات الوجه أو لغة الجسد. على سبيل المثال، قد يعكس الشخص الذي يحاول تجنب التفاعل الجسدي أو الذي يتجنب النظر إلى المستشار مشاعر من القلق أو عدم الراحة.

• بناء الثقة: لغة الجسد الإيجابية مثل الابتسامة أو التواصل البصري المباشر يمكن أن تبني الثقة بين المستشار والعميل.

• قراءة المشاعر المخفية: من خلال مراقبة الإشارات غير اللفظية، يستطيع المستشار اكتشاف المشاعر التي قد لا يُعبّر عنها العميل بالكلمات، مما يساعده في تعديل استراتيجيته بناءً على ذلك.

كيفية تحسين التواصل غير اللفظي:

• ملاحظة تعبيرات الوجه وحركات الجسم: يجب أن يكون المستشار حريصًا على ملاحظة الإيماءات والعلامات الجسدية التي قد تُشير إلى مشاعر العميل، مثل تحريك اليدين بشكل غير منظم أو ارتجاف في الصوت.

• التفاعل بإيجابية: الحفاظ على تواصل بصري ملائم واستخدام إشارات يد ودية يمكن أن يساعد في كسر الحواجز وبناء علاقة مفتوحة.

• الموافقة بين اللفظي وغير اللفظي: يجب على المستشار التأكد من أن رسائله اللفظية تتماشى مع إشاراته غير اللفظية، حيث يمكن أن يؤدي أي تناقض بين الاثنين إلى لبس أو شك لدى العميل.

3. التواصل العاطفي (Emotional Communication)

التواصل العاطفي يتعامل مع مشاعر الإنسان وعواطفه التي تكون في بعض الأحيان أكثر تعبيرًا من الكلمات نفسها. في بيئة استشارية، يتعين على المستشار أن يكون على دراية بكيفية التعامل مع هذه العواطف، إذ أن العميل قد لا يعبر عن نفسه بالكلمات بقدر ما يظهر ذلك من خلال مشاعره وعواطفه.

أهمية التواصل العاطفي في الاستشارات:

• تحديد المشاعر الحقيقية: يمكن أن تكشف العواطف عن القضايا العميقة التي لا يتحدث العميل عنها بصراحة. على سبيل المثال، الغضب أو الحزن قد يكونان علامة على مشكلات لم يتم التعامل معها بشكل مناسب.

• تحقيق الترابط العاطفي: من خلال التعبير عن التعاطف وفهم مشاعر العميل، يمكن للمستشار خلق علاقة أكثر عمقًا وسلامة، مما يعزز فرص نجاح الاستشارة.

• التوجيه نحو الحلول: عندما يفهم المستشار مشاعر العميل بشكل صحيح، يستطيع توجيه الحديث نحو حلول عملية ومفيدة تؤثر إيجابًا في تحسن الحالة العاطفية للعميل.

كيفية تحسين التواصل العاطفي:

• التعاطف والمواساة: يظهر المستشار تعاطفه مع مشاعر العميل من خلال كلمات تشجيعية أو إشارات تبين فهمه لموقف العميل.

• الاستماع العاطفي: ليس فقط سماع الكلمات التي يقولها العميل، بل أيضًا فهم المشاعر التي قد تكون وراء هذه الكلمات.

• الابتعاد عن الحكم: من المهم أن يتجنب المستشار إصدار الأحكام أثناء الاستماع لمشاعر العميل، بل أن يظهر تفهمًا ومرونة.

4. التواصل الثقافي (Cultural Communication)

التواصل الثقافي يشير إلى كيفية تأثير الثقافة على أسلوب التواصل بين الأفراد. تختلف الثقافات في طريقة التعبير عن المشاعر، اختيار الكلمات، وتفسير الإشارات غير اللفظية. في عالم الاستشارات، يجب أن يكون المستشار مدركًا لهذه الفروق الثقافية لضمان التواصل الفعّال مع عملاء من خلفيات متنوعة.

أهمية التواصل الثقافي في الاستشارات:

• تجنب سوء الفهم الثقافي: يساعد فهم الفروق الثقافية على تجنب المواقف التي قد تخلق ارتباكًا أو إساءة فهم.

• الاحترام والتقدير: عندما يظهر المستشار اهتمامًا واحترامًا للثقافة التي ينتمي إليها العميل، فإنه يعزز العلاقة ويساعد على خلق بيئة آمنة.

كيفية تحسين التواصل الثقافي:

• التعليم والتدريب: ينبغي على المستشارين التثقيف بأنفسهم حول ثقافات عملائهم المختلفة، واتباع نهج حساس ثقافيًا في جميع الأوقات.

• التفاعل بمرونة: يجب أن يكون المستشار مرنًا في التعامل مع اختلافات اللغة والعادات، مع التأكد من أن التواصل يتم بطريقة لا تسبب إحراجًا أو سوء فهم.

• التعرف على معايير التواصل المقبولة: من المهم أن يعرف المستشار ما هو مقبول ثقافيًا من العميل الذي يتعامل معه، مثل كيفية التعامل مع الأشخاص في مواقع السلطة أو الطريقة التي يعبر بها الأشخاص عن المشاعر.

5. التواصل غير المباشر (Indirect Communication)

أحيانًا يفضل الأفراد تجنب التعبير المباشر عن أفكارهم ومشاعرهم، ويعبرون عنها بطريقة غير مباشرة. قد يكون ذلك بسبب الحذر أو القلق من مواجهة الصراع أو القلق من ردود الفعل. التواصل غير المباشر قد يكون تحديًا للمستشارين لأنهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على اكتشاف الرسائل المخفية وراء الكلمات.

أهمية التواصل غير المباشر في الاستشارات:

• إدارة الحساسية: قد يشعر العملاء بعدم الراحة عند التعبير عن أفكارهم مباشرة، لذا يساعد المستشارون في معالجة هذه المخاوف وتحقيق التواصل الفعّال.

• كشف الأفكار العميقة: من خلال الاستماع بعناية للتلميحات والإشارات التي قد تكون غير مباشرة، يستطيع المستشار الكشف عن القضايا العميقة التي قد يكون العميل مترددًا في مناقشتها.

كيفية تحسين التواصل غير المباشر:

• الاستماع إلى ما لم يُقل: من خلال التركيز على الرسائل غير المعلنة والتلميحات، يمكن للمستشار فهم السياق الكامل لما يحاول العميل نقله.

• طرح أسئلة تفاعلية: توجيه الأسئلة المفتوحة وغير المباشرة يمكن أن يساعد في تحفيز العميل على كشف أفكاره ومشاعره بشكل غير مباشر.

• التحقق من الفهم: في بعض الحالات، من المفيد أن يعكس المستشار ما تم قوله للعميل بأسلوب غير مباشر للتحقق من المعنى المقصود.

الخاتمة

فهم أنماط التواصل البشري المتنوعة يعد أداة قوية لأي مستشار يسعى لتحقيق النجاح في عمله. فالتواصل اللفظي وغير اللفظي، بالإضافة إلى العاطفي والثقافي وغير المباشر، يمثل أنماطًا أساسية لا بد من أخذها في الاعتبار أثناء