في كتاب “أمير حرب العصابات: القصة غير المعلنة لفيديل كاسترو”، يقدم المؤلف ج. آن جيير للقارئ رحلة ملحمية في عالم السياسة والثورة، مشدوهًا بالشخصية الغامضة والمثيرة للجدل لفيديل كاسترو. تجسد هذه الرواية السيرة الذاتية الأسطورية لزعيم كوبا في تفاصيلها القصصية الرائعة، حيث يُفكك الكتاب الألغاز والتناقضات التي لفتت شخصية كاسترو على مدى السنوات الثلاثين الماضية، ممزوجة بالتحليلات العميقة والتقييمات الشاملة.
يتساءل القارئ في بحر الكلمات والصور الساحرة التي ترسمها أقلام الكاتب، عن كيفية تمكن كاسترو، الزعيم الكاريزمي الذي أبهر العالم بروحه الثورية وقيادته المتميزة في جزيرة كوبا الصغيرة، من بناء إمبراطوريته السياسية والثقافية والثورية، رغم كل التحديات والمعارضة التي واجهها، سواء داخل كوبا أو على الساحة الدولية.
ومع كل صفحة يقترب القارئ أكثر من فهم أسرار هذه الشخصية المعقدة، ويتبادل الكاتب الجوانب المتناقضة في تقديم كاسترو؛ فهل هو ديكتاتور مستبد أم ديمقراطي فتح أبواب الأمل لشعب بائس؟ هل هو مسيح جديد أم إرهابي لا يقر إلا بالعنف والدم؟ وهل هو نموذج فريد لقيادات العالم الثالث أم نسخة مكررة للزعماء الذين استولوا على السلطة بالقوة والخداع؟
تتجلى مهارة المؤلف في توثيق وتحليل سيرة كاسترو بدقة وشمولية، متناولًا تفاصيل حياته الشخصية والسياسية بأسلوب روائي يشعل الفضول ويثير التساؤلات، حيث يتبين للقارئ كيف تمكن كاسترو ورفاقه، بقيادتهم الشجاعة والحكمة، من تحقيق الثورة وتغيير مسار التاريخ في كوبا وخارجها.
وعندما يختم القارئ آخر صفحة من هذا الكتاب الشيق، يبقى في ذهنه سؤالٌ يطرحه التاريخ بكل تعقيداته وألغازه: ما هو مصير كاسترو، وما هي الدروس التي يمكن استخلاصها من تجربته الفريدة والمثيرة؟ هل سيظل ذلك الزعيم الثوري الأسطوري الذي أشعل نيران الثورة في قلوب الملايين، أم سيكون له مصيرٌ مختلفٌ على يد الزمن والتاريخ؟
إنه كتاب يستحق أن يقرأه كل من يهتم بالتاريخ السياسي والثورات والشخصيات الأسطورية التي غيرت وجه العالم، فهو ليس مجرد سيرة ذاتية، بل هو رحلة فكرية وتأملية في أسرار السلطة وألغاز الثورة ومصائر الزعماء.