“أمريكا المقدسة: الروح الناشئة للشعب”، كتاب يقع في خانة الأعمال التي تستحق التأمل والاهتمام، إذ يقدم نظرة عميقة وشاملة عن الحياة الروحية والديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية. يتبنى الكاتب روجر هاوسدن في كتابه هذا أسلوباً لغوياً شاعرياً يأسر القلوب، يسرد فيه قصة الناس العاديين الذين جرأوا على اتباع والاستماع إلى أصوات أرواحهم في وسط الحياة اليومية في الولايات المتحدة.
تتناول الرواية الحياة الروحية في أمريكا بطريقة جديدة، تظهر جانباً آخر من البلاد لم يردده النشطاء السياسيون ولا وسائل الإعلام اليومية. فما يجده هاوسدن في رحلته عبر البلاد يشير إلى أن الولايات المتحدة، على عكس ما يعتقده الكثيرون، تعتبر من أكثر الثقافات إبداعاً وروحانية على وجه الأرض. ويقدم الكتاب الدليل على هذا الاعتقاد من خلال رؤى هاوسدن وتجاربه خلال رحلته في البلاد، مما يوحي بأن روح الشعب الأمريكي متجددة ومزدهرة بشكل لا يصدق.
في هذا السياق، يستعرض الكاتب الازدهار الروحي في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بدءًا من الأعمال الخيرية في ولاية كاليفورنيا وحتى الحياة البسيطة في ولاية وايومنغ، ليبرز بأن الروحانية ليست مقتصرة فقط على الأماكن الدينية التقليدية، بل تتجلى في الحياة اليومية للفرد الأمريكي في كل مكان.
ومن الملاحظ أن هاوسدن يرى أن هذا الظهور للروحانية لا يخضع لقيادة معينة أو جهد متنظم، بل هو ناتج عن توجيهات القلب الداخلية والذكاء الجماعي. وهذا يعكس تغييراً في تصوّر الأمريكيين لأنفسهم، ويستعيد لهم الشعور بالمعنى والسلطة الأخلاقية لضمير الفرد.
باختصار، “أمريكا المقدسة” لا تقتصر على أن تكون كتاباً، بل هي سرد ملهم يدفع القارئ للتأمل في طبيعة الإيمان والروحانية في العصر الحديث، وتجسد له الوجه الآخر لأمريكا، الذي قد لا يراه الكثيرون على الشاشات التلفزيونية أو في صفحات الجرائد اليومية.