أمراض الكبد الإنتانية: الأسباب والتشخيص

أمراض الكبد الإنتانية: أسبابها، أعراضها السريرية، وتشخيصها

تعد أمراض الكبد الإنتانية من بين المشكلات الصحية التي تؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم. تعتبر الكبد من أهم الأعضاء الحيوية في الجسم البشري؛ فهي تقوم بوظائف حيوية كتنقية السموم من الدم، وتخزين الطاقة، والمساعدة في الهضم من خلال إفراز العصارة الصفراوية. إلا أن الكبد قد يتعرض للإصابة بعدد من الأمراض، ومن بينها الأمراض الإنتانية، التي تحدث نتيجة عدوى بكتيرية، فيروسية أو فطرية. هذه الأمراض قد تؤدي إلى التهابات مزمنة، تليف الكبد، وفي بعض الحالات قد تتسبب في فشل الكبد الحاد.

1. أنواع الأمراض الإنتانية للكبد:

تختلف الأمراض الإنتانية للكبد في نوع المسبب الذي يؤدي إليها، وهذه بعض الأنواع الرئيسية:

أ. التهاب الكبد الفيروسي:

أحد أشهر الأسباب المؤدية إلى التهاب الكبد الإنتاني هو العدوى الفيروسية. من بين الفيروسات الشائعة التي تؤدي إلى التهاب الكبد:

1. فيروس التهاب الكبد A (HAV):
   هذا الفيروس ينتمي إلى مجموعة الفيروسات الكبدية وينتقل عن طريق الماء أو الطعام الملوث. في معظم الحالات، يسبب التهاب الكبد A إصابة حادة لكنها قابلة للعلاج في أغلب الأحيان، ولا تترك أي آثار طويلة الأمد.

2. فيروس التهاب الكبد B (HBV):
   يعتبر من أخطر الفيروسات التي تصيب الكبد. ينتقل عن طريق الدم أو السوائل الجسدية، وهو يتسبب في التهاب مزمن قد يؤدي إلى تليف الكبد أو سرطان الكبد.

3. فيروس التهاب الكبد C (HCV):
   ينتقل عن طريق الدم ويُعتبر من أخطر الفيروسات التي تصيب الكبد، حيث يمكن أن يسبب التهابا مزمنا يؤدي إلى تليف الكبد وفشل الكبد الحاد.

4. فيروس التهاب الكبد D (HDV):
   هو فيروس يحتاج إلى فيروس التهاب الكبد B ليتمكن من التكاثر، ويعتبر هذا النوع من الفيروسات نادرًا، لكنه شديد الخطورة لأنه يسبب التهابات شديدة قد تؤدي إلى تليف الكبد.

5. فيروس التهاب الكبد E (HEV):
   يعتبر فيروس التهاب الكبد E مشابهًا إلى حد كبير لفيروس التهاب الكبد A، حيث ينتقل عبر الماء الملوث ويؤدي إلى التهاب حاد للكبد، وهو أكثر شيوعًا في الدول النامية.

ب. العدوى البكتيرية:

بعض أنواع البكتيريا يمكن أن تصيب الكبد وتسبب التهابات إنتانية. أحد أشهر الأمثلة على ذلك هو العدوى بالكولاي (Escherichia coli) أو العدوى بالسالمونيلا، والتي يمكن أن تصل إلى الكبد بعد انتقال العدوى من الأمعاء.

ج. العدوى الفطرية:

العدوى الفطرية مثل داء الكانديدا (Candida) أو داء الأمعاء الفطرية يمكن أن تؤدي إلى التهاب الكبد، خاصة في الحالات التي تكون فيها وظائف الجهاز المناعي ضعيفة.

2. أسباب الإصابة بالأمراض الإنتانية للكبد:

تختلف أسباب الإصابة بأمراض الكبد الإنتانية باختلاف نوع العدوى، ولكن يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية كالتالي:

أ. التعرض للفيروسات:

تعد الفيروسات المسبب الأول للأمراض الإنتانية للكبد، حيث يتعرض الأشخاص للفيروسات عن طريق:

• التعرض لسوائل الجسم الملوثة مثل الدم أو السائل المنوي أو سوائل المهبل.

• ممارسة الجنس غير المحمي مع شخص مصاب بالفيروسات.

• استخدام معدات طبية ملوثة مثل الحقن أو الأدوات الجراحية.

• تناول طعام أو ماء ملوث.

ب. العدوى البكتيرية:

تنتقل العدوى البكتيرية عبر الطعام الملوث أو عن طريق التلامس المباشر مع الجروح أو المواد الملوثة. قد تنتقل البكتيريا إلى الكبد عبر مجرى الدم أو عبر الجهاز الهضمي.

ج. العدوى الفطرية:

تعد العدوى الفطرية أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، مثل مرضى الإيدز أو المرضى الذين يتلقون أدوية مثبطة للمناعة بعد عمليات زراعة الأعضاء.

د. السلوكيات غير الصحية:

• تعاطي المخدرات عن طريق الحقن: يتسبب في زيادة خطر التعرض للعدوى الفيروسية مثل التهاب الكبد C.

• التسمم الكحولي المزمن: قد يؤدي إلى تلف في خلايا الكبد ويسهم في زيادة قابلية الكبد للإصابة بالعدوى الفيروسية أو البكتيرية.

3. الأعراض السريرية لأمراض الكبد الإنتانية:

تختلف الأعراض التي تظهر على المريض تبعًا لنوع العدوى وشدتها. بشكل عام، قد يعاني المرضى من مجموعة من الأعراض التي تشمل:

أ. أعراض عامة:

• الحمى: وهي عرض شائع يظهر نتيجة للإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية.

• الشعور بالإرهاق: قد يعاني المريض من تعب عام وضعف مستمر.

• فقدان الشهية: يعاني المرضى المصابون بأمراض الكبد الإنتانية من قلة الرغبة في تناول الطعام.

ب. أعراض متعلقة بالكبد:

• اصفرار الجلد والعينين (اليرقان): يحدث نتيجة لارتفاع مستويات البيليروبين في الدم، وهو من الأعراض الشائعة في التهاب الكبد الفيروسي.

• ألم في الجزء العلوي من البطن: قد يشعر المريض بألم أو انزعاج في الجهة اليمنى العليا من البطن بسبب التهاب الكبد.

• تورم البطن: بسبب تراكم السوائل في تجويف البطن (الاستسقاء).

ج. أعراض أخرى:

• الغثيان والقيء: قد يرافقان المرض بسبب التسمم الناتج عن العدوى.

• تغيرات في لون البول: قد يصبح البول داكنًا بسبب تراكم البيليروبين في الدم.

• البراز الشاحب: نتيجة لانخفاض إنتاج العصارة الصفراوية.

4. تشخيص أمراض الكبد الإنتانية:

يعتمد تشخيص أمراض الكبد الإنتانية على مزيج من الأعراض السريرية والفحوصات المخبرية والتصويرية. من الطرق المستخدمة في التشخيص:

أ. الفحوصات المخبرية:

• اختبارات الدم: لقياس مستويات إنزيمات الكبد مثل ALT وAST، التي ترتفع عند التهاب الكبد.

• فحص فيروس التهاب الكبد: يتضمن اختبار الدم لاكتشاف الأجسام المضادة أو المستضدات الخاصة بكل فيروس من فيروسات التهاب الكبد.

• اختبار تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR): للكشف عن الفيروسات والتمييز بينها، خاصة في حالة التهاب الكبد C.

ب. التصوير الطبي:

• التصوير بالموجات فوق الصوتية (الألتراساوند): يمكن أن يظهر التغيرات التي تطرأ على الكبد نتيجة العدوى.

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يمكن أن يساعد في الحصول على صور تفصيلية للكبد والأعضاء المحيطة.

ج. خزعة الكبد:

في حالات معينة، قد يُطلب من المريض إجراء خزعة للكبد للحصول على عينة من الأنسجة لتحليلها تحت المجهر. هذه الخزعة تساعد في تحديد مدى التهاب الكبد أو تليفها.

5. علاج أمراض الكبد الإنتانية:

يتوقف العلاج على نوع المرض الإنتاني المسبب، ولكن عمومًا يتضمن:

أ. علاج التهاب الكبد الفيروسي:

• الأدوية المضادة للفيروسات: تستخدم في علاج التهاب الكبد B وC للحد من انتشار الفيروس داخل الجسم.

• اللقاحات: توفر الحماية من بعض أنواع التهاب الكبد مثل HAV وHBV.

ب. المضادات الحيوية:

تستخدم لعلاج العدوى البكتيرية التي تؤثر على الكبد، مثل التسمم الدموي أو التهاب الكبد بسبب البكتيريا.

ج. الرعاية الداعمة:

قد يشمل العلاج الراحة التامة، التخفيف من الأعراض مثل الغثيان، والتحكم في الحمى، بالإضافة إلى تناول أدوية لتقليل الألم.

6. الوقاية من أمراض الكبد الإنتانية:

تعد الوقاية من هذه الأمراض أمرًا بالغ الأهمية، وتشمل الإجراءات الوقائية:

• التطعيم ضد الفيروسات المسببة لالتهاب الكبد مثل فيروس A وB.

• تجنب مشاركة الأدوات الشخصية مثل شفرات الحلاقة أو الحقن.

• الحفاظ على النظافة الشخصية مثل غسل اليدين بشكل منتظم.

• التقليل من تناول الكحول لتقليل الضغط على الكبد وزيادة مقاومته.

الخاتمة:

أمراض الكبد الإنتانية