طب وصحة

أمراض الشبكية وعلاجها

أمراض الشبكية: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

مقدمة

الشبكية هي طبقة رقيقة من الأنسجة التي تبطن الجزء الخلفي من العين، وهي مسؤولة عن تحويل الضوء إلى إشارات كهربائية تُرسل إلى الدماغ عبر العصب البصري. تلعب الشبكية دوراً حيوياً في عملية الرؤية، حيث إنها تلتقط الصور التي نراها وتحولها إلى إشارات يفهمها الدماغ. لكن هذه الأنسجة يمكن أن تتعرض لعدد من الأمراض التي قد تؤثر على القدرة البصرية، وقد تصل إلى العمى إذا لم يتم علاجها بشكل صحيح.

تعد أمراض الشبكية من الأسباب الرئيسية لفقدان البصر في العالم، وتشمل هذه الأمراض مجموعة متنوعة من الحالات التي يمكن أن تصيب الشبكية وتؤدي إلى تدهور حاد في الرؤية. من بين هذه الأمراض، تبرز حالات مثل التنكس البقعي، مرض السكري الشبكي، انفصال الشبكية، والتهاب الشبكية. في هذا المقال، سنتناول أبرز أمراض الشبكية، أسبابها، أعراضها، طرق التشخيص والعلاج المتاحة.

1. التنكس البقعي المرتبط بالعمر (AMD)

يعد التنكس البقعي أحد أكثر أمراض الشبكية شيوعاً في الأشخاص فوق سن الخمسين. يحدث هذا المرض عندما تتلف الخلايا في المنطقة المسؤولة عن الرؤية المركزية في الشبكية، والمعروفة بالبقعة المركزية أو “الفوفيا”. يُسبب التنكس البقعي فقدان القدرة على رؤية التفاصيل الدقيقة مثل القراءة أو التعرف على الوجوه، بينما تبقى الرؤية الجانبية سليمة.

الأسباب:

  • التقدم في العمر: يُعتبر من أكبر عوامل الخطر للإصابة بالتنكس البقعي.

  • العوامل الوراثية: إذا كان أحد أفراد العائلة مصابًا بهذا المرض، فإن فرصة الإصابة تزداد.

  • التدخين: يُعد التدخين عاملاً مهماً في زيادة خطر الإصابة.

  • السمنة: قد تساهم السمنة في زيادة فرص الإصابة بمرض التنكس البقعي.

الأعراض:

  • رؤية ضبابية أو مشوشة في منتصف المجال البصري.

  • ظهور نقاط مظلمة أو فراغات في الرؤية المركزية.

  • صعوبة في قراءة النصوص أو التعرف على التفاصيل الدقيقة.

التشخيص:

يتم التشخيص من خلال فحص الشبكية بواسطة طبيب العيون، حيث يستخدم تقنية التصوير مثل الفحص بالضوء البصري أو تصوير الأوعية الدموية لتحديد التغيرات في البقعة المركزية.

العلاج:

لا يوجد علاج شافٍ تمامًا للتنكس البقعي، لكن يمكن تقليل تدهور الحالة باستخدام الأدوية التي تُحقن في العين أو العلاج بالليزر في الحالات المتقدمة.

2. مرض السكري الشبكي

يعد مرض السكري أحد الأسباب الرئيسية لفقدان البصر في الفئات العمرية المتقدمة، حيث يؤثر على الأوعية الدموية في الشبكية. يحدث عندما يرتفع مستوى السكر في الدم لفترة طويلة، مما يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية في العين. هذا التدهور في الأوعية الدموية قد يسبب نزيفًا في الشبكية، مما يؤدي إلى تشويش الرؤية أو فقدانها بشكل كامل.

الأسباب:

  • ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل مزمن.

  • عدم التحكم الجيد في مرض السكري.

  • العوامل الوراثية.

الأعراض:

  • ضبابية في الرؤية.

  • رؤية الأجسام العائمة.

  • صعوبة في رؤية التفاصيل الدقيقة.

  • في الحالات المتقدمة، يمكن أن يؤدي إلى العمى.

التشخيص:

يتم التشخيص من خلال فحص العين واستخدام تقنيات التصوير المتقدمة مثل فحص الشبكية أو تصوير الأوعية الدموية لتحديد مدى تضرر الأوعية الدموية.

العلاج:

يشمل العلاج التحكم في مستويات السكر في الدم لتقليل تلف الأوعية الدموية. يمكن أن يتطلب العلاج حقن الأدوية داخل العين أو العلاج بالليزر لإغلاق الأوعية الدموية التالفة.

3. انفصال الشبكية

انفصال الشبكية هو حالة طبية طارئة تحدث عندما تنفصل الشبكية عن جدار العين الداخلي. إذا لم يتم علاجها بسرعة، فقد تؤدي إلى فقدان دائم للبصر. يحدث الانفصال عادة بسبب تمزق في الشبكية، مما يسمح للسائل بالتجمع تحت الشبكية ويسبب انفصالها.

الأسباب:

  • الإصابات المباشرة للعين.

  • الحركات المفاجئة للعين التي تؤدي إلى تمزق الشبكية.

  • وجود قصر نظر شديد.

  • التدخلات الجراحية السابقة في العين.

الأعراض:

  • رؤية ومضات ضوء مفاجئة.

  • ظهور أجسام عائمة أو خيوط سوداء.

  • فقدان مفاجئ للرؤية في جزء من العين أو العين كاملة.

التشخيص:

يتم التشخيص من خلال فحص العين باستخدام جهاز متخصص للبحث عن تمزقات أو انفصال في الشبكية. في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر استخدام التصوير بالأمواج فوق الصوتية لتحديد مدى تأثير الانفصال.

العلاج:

يعتمد العلاج على شدة الانفصال، وقد يشمل الإجراءات الجراحية مثل تثبيت الشبكية أو علاجها بالليزر لإصلاح التمزقات. في بعض الحالات، قد يتطلب العلاج حقن غاز أو سوائل داخل العين.

4. التهاب الشبكية

التهاب الشبكية هو حالة يحدث فيها التهاب في الأنسجة المسؤولة عن الرؤية داخل العين. قد يحدث هذا الالتهاب نتيجة عدوى فيروسية، بكتيرية، أو حتى بسبب أمراض مناعية ذاتية مثل الذئبة الحمراء.

الأسباب:

  • العدوى الفيروسية مثل فيروس الهربس أو فيروس نقص المناعة البشرية (HIV).

  • التهابات بكتيرية.

  • أمراض مناعية ذاتية مثل التهاب الأوعية الدموية أو الذئبة الحمراء.

الأعراض:

  • رؤية ضبابية أو مشوشة.

  • حساسية للضوء.

  • ألم في العين.

  • الشعور بوجود أجسام عائمة.

التشخيص:

يتم التشخيص من خلال فحص العين الشامل واستخدام تقنيات التصوير المتقدم مثل فحص الشبكية. قد يتطلب الأمر اختبارات دم لتحديد السبب الأساسي.

العلاج:

يشمل العلاج الأدوية المضادة للفيروسات أو البكتيريا في حالة العدوى، بالإضافة إلى الأدوية المضادة للالتهاب. في الحالات المناعية، قد يتطلب الأمر استخدام أدوية مثبطة للمناعة.

5. التمزقات الشبكية

التمزق الشبكي هو حالة تحدث عندما تتعرض الشبكية للتمزق بسبب ضغط غير طبيعي داخل العين، مثل الضغط الناجم عن السكري أو قصر النظر. قد يؤدي هذا التمزق إلى حدوث نزيف في العين أو حتى انفصال الشبكية إذا لم يتم علاجها بسرعة.

الأسباب:

  • السكري.

  • قصر النظر الشديد.

  • الإصابة بأضرار في العين.

الأعراض:

  • رؤية ومضات ضوء.

  • وجود أجسام عائمة.

  • فقدان الرؤية بشكل مفاجئ.

التشخيص:

يتم التشخيص من خلال فحص الشبكية باستخدام معدات متخصصة، بالإضافة إلى التصوير بالليزر لتحديد وجود التمزقات.

العلاج:

قد يتطلب علاج التمزق الشبكي جراحة لزرع الشبكية أو علاجها باستخدام الليزر.

الخاتمة

تعد أمراض الشبكية من بين المشكلات البصرية الأكثر تأثيرًا على حياة الأفراد. من الضروري الكشف المبكر عن هذه الأمراض من أجل الحصول على العلاج المناسب والحد من تدهور الرؤية. تقدم التطورات الطبية الحديثة خيارات علاجية متعددة يمكن أن تحسن من جودة الحياة للأشخاص المصابين بأمراض الشبكية. إلا أن الوقاية والتشخيص المبكر يبقيان أهم الوسائل في مواجهة هذه الأمراض والحفاظ على صحة العين.