أمراض الرحم وأعراضها

يُعتبر الرحم من الأعضاء الحيوية في الجهاز التناسلي الأنثوي، ويلعب دوراً أساسياً في الحمل والإنجاب، إضافة إلى وظائف أخرى متعلقة بالصحة العامة للمرأة. لكن هذا العضو، مثله مثل أي عضو آخر في الجسم، قد يتعرض لمجموعة متنوعة من الأمراض التي تؤثر على وظيفته وصحة المرأة بشكل عام. فهم أمراض الرحم وأعراضها هو أمر ضروري للوقاية المبكرة والعلاج الفعال، مما يساهم في تحسين جودة الحياة والحفاظ على الخصوبة.

تعريف الرحم وتركيبه ووظيفته

الرحم هو عضو عضلي مجوف يقع في الحوض بين المثانة والمستقيم، ويتكون من عدة أجزاء رئيسية: القاع، الجسم، وعنق الرحم. يتألف جدار الرحم من ثلاث طبقات: الطبقة الداخلية (بطانة الرحم) التي تتغير خلال الدورة الشهرية، الطبقة الوسطى (عضلات الرحم)، والطبقة الخارجية (الغشاء البريتوني).

وظيفة الرحم الأساسية هي استقبال البويضة المخصبة وزرعها، ودعم نمو الجنين حتى الولادة. كما يلعب دوراً في تنظيم الدورة الشهرية من خلال تغييرات بطانة الرحم المتكررة.

أنواع أمراض الرحم

تتنوع أمراض الرحم بين التهابات، أورام حميدة، أورام خبيثة، تشوهات خلقية، واضطرابات وظيفية. لكل نوع أعراضه ومضاعفاته التي تختلف من حالة لأخرى. فيما يلي أبرز أمراض الرحم الشائعة:

1. التهاب الرحم (Endometritis)

هو التهاب يصيب بطانة الرحم عادة نتيجة عدوى بكتيرية أو فيروسية، وغالباً ما يحدث بعد الولادة أو عمليات جراحية في الرحم مثل الكحت أو الإجهاض. يمكن أن يسبب التهاب الرحم أعراضاً مزعجة منها:

• ألم في أسفل البطن.

• حمى وارتفاع درجة الحرارة.

• إفرازات مهبلية غير طبيعية ذات رائحة كريهة.

• نزيف مهبلي غير منتظم.

• شعور عام بالتعب والإرهاق.

2. تليف الرحم (Fibroids)

التليفات الرحمية هي أورام حميدة تنمو من العضلات الملساء في جدار الرحم. تعد من أكثر الأمراض شيوعاً لدى النساء في سن الإنجاب. قد تكون التليفات صغيرة لا تظهر أعراضاً، أو كبيرة تسبب مشاكل صحية، مثل:

• نزيف مهبلي غزير ومستمر.

• ألم أسفل البطن أو الحوض.

• ضغط على المثانة أو المستقيم مما يسبب الحاجة المتكررة للتبول أو الإمساك.

• مشاكل في الحمل مثل الإجهاض أو الولادة المبكرة.

3. بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis)

حالة مرضية تتميز بنمو نسيج يشبه بطانة الرحم خارج الرحم، على المبيضين، الأمعاء، أو أجزاء أخرى من الحوض. هذا النسيج يتفاعل مع الدورة الشهرية وينزف بشكل دوري، مما يسبب:

• ألم حاد أثناء الدورة الشهرية.

• ألم مزمن في الحوض.

• نزيف مهبلي غير طبيعي.

• ألم أثناء الجماع.

• مشاكل في الخصوبة.

4. تضخم بطانة الرحم (Endometrial Hyperplasia)

يحدث هذا المرض نتيجة زيادة سماكة بطانة الرحم بشكل غير طبيعي، غالباً بسبب اضطراب في توازن الهرمونات. قد يؤدي إلى نزيف مهبلي غير منتظم، ويعتبر من عوامل الخطورة التي قد تؤدي إلى سرطان بطانة الرحم.

5. سرطان الرحم (Endometrial Cancer)

هو ورم خبيث ينشأ من خلايا بطانة الرحم. أكثر أنواع سرطان الرحم شيوعاً هو سرطان بطانة الرحم. غالباً ما يظهر سرطان الرحم بأعراض تشمل:

• نزيف مهبلي غير طبيعي، خاصة بعد انقطاع الطمث.

• إفرازات مهبلية مدممة.

• ألم في الحوض.

• فقدان الوزن غير المبرر.

يعتبر التشخيص المبكر من أهم عوامل نجاح العلاج.

6. تشوهات الرحم الخلقية

تنتج عن اضطرابات في تطور الرحم خلال فترة الحمل، وقد تشمل:

• رحم مقسم (رحم ذو قرنين).

• رحم صغير أو غير مكتمل النمو.

• رحم ذو شكل غير طبيعي يؤثر على الحمل.

هذه التشوهات قد تؤدي إلى مشاكل في الحمل أو العقم.

أعراض أمراض الرحم العامة

رغم اختلاف طبيعة الأمراض، إلا أن هناك أعراضاً مشتركة تنبئ بوجود مشكلة في الرحم وتتطلب مراجعة طبية فورية، وتشمل:

• نزيف مهبلي غير طبيعي: سواء كان غزيراً أو بين الدورات الشهرية أو بعد انقطاع الطمث.

• آلام الحوض المزمنة أو الحادة.

• إفرازات مهبلية غير طبيعية ذات رائحة أو لون غير معتاد.

• صعوبة في الحمل أو تكرار الإجهاض.

• تغيرات في الدورة الشهرية من حيث الانتظام أو الكثافة.

• الشعور بالضغط أو الامتلاء في منطقة الحوض.

التشخيص الطبي لأمراض الرحم

يبدأ تشخيص أمراض الرحم من خلال الفحص الطبي الشامل والتاريخ المرضي، تليها عدة فحوصات مختبرية وتصويرية تساعد في تحديد نوع المرض ودرجة تطوره، ومن أهمها:

• الفحص بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound): يستخدم لتصوير الرحم والكشف عن الأورام أو التشوهات.

• الرنين المغناطيسي (MRI): يوفر صوراً أكثر دقة لتشخيص حالات معقدة.

• تنظير الرحم (Hysteroscopy): إدخال أداة رفيعة داخل الرحم لفحص بطانته وأخذ عينات.

• خزعة بطانة الرحم: لفحص خلايا بطانة الرحم في حالات النزيف غير الطبيعي أو الاشتباه بالسرطان.

• اختبارات الدم: لفحص علامات الالتهاب أو التغيرات الهرمونية.

علاج أمراض الرحم

تعتمد خيارات العلاج على نوع المرض وشدته، وكذلك على حالة المريضة وأهدافها مثل الحفاظ على الخصوبة. يمكن أن يشمل العلاج:

1. العلاج الدوائي

• المضادات الحيوية: لعلاج التهابات الرحم.

• الأدوية الهرمونية: تستخدم لتنظيم الدورة الشهرية، تقليل سماكة بطانة الرحم، أو علاج بطانة الرحم المهاجرة.

• الأدوية المسكنة: لتخفيف الألم المصاحب.

2. العلاج الجراحي

• إزالة التليفات (Myomectomy): إزالة الأورام الحميدة مع الحفاظ على الرحم.

• استئصال الرحم (Hysterectomy): إزالة الرحم في الحالات الشديدة أو السرطانية.

• إزالة بطانة الرحم (Endometrial ablation): لتقليل النزيف الحاد.

• الجراحة التنظيرية: لإزالة نسيج بطانة الرحم المهاجرة أو الأورام.

3. العلاج الإشعاعي والكيميائي

يستخدم في حالات سرطان الرحم، إما منفرداً أو بعد الجراحة، ويهدف إلى تدمير الخلايا السرطانية.

عوامل الخطر المؤدية لأمراض الرحم

تتعدد العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض الرحم، منها:

• التغيرات الهرمونية، خاصة ارتفاع هرمون الإستروجين دون توازن مع البروجيستيرون.

• السمنة المفرطة.

• العوامل الوراثية.

• التدخين.

• التقدم في العمر، خصوصاً بعد سن الأربعين.

• وجود أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.

• التاريخ الطبي السابق لالتهابات أو عمليات جراحية في الجهاز التناسلي.

أهمية الوقاية والكشف المبكر

الوقاية والكشف المبكر عن أمراض الرحم تساهمان بشكل كبير في تقليل المضاعفات والحفاظ على صحة المرأة. من أهم وسائل الوقاية:

• المتابعة الدورية مع الطبيب وإجراء الفحوصات اللازمة.

• الحفاظ على وزن صحي وممارسة الرياضة.

• التغذية المتوازنة التي تدعم صحة الجهاز التناسلي.

• تجنب التدخين والمخدرات.

• التوعية بأعراض أمراض الرحم وعدم تجاهل أي تغيرات غير طبيعية في الدورة الشهرية أو الألم.

جدول يوضح أهم أمراض الرحم وأعراضها والعلاج المناسب

خاتمة

تعتبر أمراض الرحم من القضايا الصحية المهمة التي تؤثر على صحة المرأة وجودتها الحياتية. تتنوع هذه الأمراض بين التهابات، أورام حميدة وخبيثة، اضطرابات هرمونية وتشوهات خلقية، وكل منها يحمل مجموعة من الأعراض التي يجب الانتباه إليها. التشخيص المبكر والعلاج المناسب يشكلان الأساس للوقاية من المضاعفات الخطيرة، وخاصة تلك التي قد تؤثر على الخصوبة أو تسبب مشكلات صحية طويلة الأمد. لذلك، تبني أسلوب حياة صحي والاهتمام بالفحوصات الدورية من أفضل الوسائل للحفاظ على صحة الرحم وضمان استقرار الصحة الإنجابية.

المراجع

1. American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG). Practice Bulletin: Endometrial Hyperplasia and Endometrial Cancer. Obstet Gynecol. 2015.

2. Mayo Clinic. Uterine Fibroids: Symptoms, Causes, and Treatment. [https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/uterine-fibroids/symptoms-causes/syc-20354288]