الإظهار في القرآن الكريم: تعريفه وأمثلة تطبيقية مفصلة

الإظهار هو أحد أحكام التجويد الهامة التي تُطبق في قراءة القرآن الكريم، وهو من القواعد التي تساهم في ضبط التلاوة وتجميلها بما يوافق قواعد اللغة العربية ونطق الحروف بشكل صحيح وواضح. الإظهار لغةً يعني البيان والإعلان، وفي اصطلاح التجويد يشير إلى إظهار الحرف بوضوح دون إدغام أو إخفاء أو غنة، أي أن القارئ يُلفظ الحرف بشكل جلي ونقي، لا يختلط بحرف آخر.

تعريف الإظهار في التجويد

الإظهار هو إخراج الحرف من مخرجه وصفاته الصحيحة، بحيث لا يلتقي بالحرف الذي يليه فيظهر بوضوح. يُسمى هذا الحكم أيضًا بالإظهار الحلقي لأنه يحدث مع الحروف التي تُنطق من الحلق. يُطبق الإظهار عند وجود نون ساكنة (نْ) أو تنوين قبل أحد الحروف الحلقية الستة، وهي: (ء – ه – ع – ح – غ – خ). إذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين أي من هذه الحروف، يُطبق حكم الإظهار، بحيث تُلفظ النون أو التنوين بوضوح دون دمج أو غنة.

الحروف التي يكون معها الإظهار

الحروف التي ينطق معها الإظهار بوضوح هي الحروف الستة التي تُسمى بحروف الإظهار الحلقي، وهذه الحروف هي:

كل حرف من هذه الحروف يُخرج من منطقة الحلق بصفاته الخاصة، ويجب أن يُظهر نون الساكنة أو التنوين عند وجودها قبله بوضوح.

أهمية الإظهار في التلاوة

يُعتبر الإظهار من أهم الأحكام التي تساعد على وضوح القراءة وسلامة النطق، إذ يضمن عدم التداخل أو الاندغام بين الحروف مما قد يؤدي إلى تغير المعنى أو التشويش. كما يساهم في حفظ خصوصية كل حرف من الحروف، مما يزيد من جمال التلاوة ورونقها، ويلتزم القارئ بالضوابط القرآنية التي نزل بها القرآن.

حالات الإظهار في القرآن الكريم مع الأمثلة

يظهر الإظهار بوضوح في العديد من مواضع القرآن الكريم، وتنتشر الأمثلة على حكم الإظهار في سور القرآن وفي كلمات متعددة، خاصة عند الوقوف والابتداء، وعند الوقوف مع النون الساكنة أو التنوين. فيما يلي تفصيل لأبرز الأمثلة مع شرح مواضع الإظهار.

مثال 1: إظهار النون الساكنة مع حرف الهاء (هـ)

في قوله تعالى:

“مِنْ هُدًى” (سورة البقرة: الآية 2)

لاحظ أن النون الساكنة في كلمة “مِنْ” تسبق حرف الهاء في كلمة “هُدًى”، وحكم النون هنا إظهار لأن الحرف التالي هو من حروف الإظهار الحلقي (الهاء). لذلك تُلفظ النون بوضوح دون غنة أو إدغام.

مثال 2: إظهار التنوين مع حرف العين (ع)

في قوله تعالى:

“مِنْ عِلْمٍ” (سورة طه: الآية 114)

التنوين في كلمة “مِنْ” يسبق حرف العين، وهو من حروف الإظهار الحلقي، فتُظهر التنوين بوضوح، وينطق القارئ النون الساكنة بشكل واضح وصريح دون غنة.

مثال 3: إظهار النون الساكنة مع حرف الحاء (ح)

في قوله تعالى:

“مِنْ حَكِيمٍ” (سورة البقرة: الآية 129)

النون الساكنة قبل حرف الحاء، فتطبق قاعدة الإظهار بوضوح.

مثال 4: إظهار النون الساكنة مع حرف الغين (غ)

في قوله تعالى:

“مِنْ غَفُورٍ” (سورة الأنعام: الآية 54)

تُلفظ النون بوضوح قبل الغين، دون غنة أو إدغام.

مثال 5: إظهار النون الساكنة مع حرف الخاء (خ)

في قوله تعالى:

“مِنْ خَلْفِهِمْ” (سورة المائدة: الآية 106)

النون الساكنة تُلفظ بوضوح مع حرف الخاء.

مثال 6: إظهار التنوين مع حرف الهمزة (ء)

في قوله تعالى:

“عَلَىٰ مَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ” (سورة محمد: الآية 2)

التنوين في كلمة “مَا” يسبق الهمزة في كلمة “أَيْدِيهِمْ”، هنا يتم الإظهار بوضوح.

الجدول التالي يوضح أمثلة الإظهار في القرآن الكريم

الفرق بين الإظهار والإدغام والإخفاء

لفهم الإظهار بشكل دقيق، لا بد من مقارنة هذا الحكم بأحكام النون الأخرى مثل الإدغام والإخفاء.

• الإدغام: هو إدخال حرف النون الساكنة أو التنوين في الحرف التالي بحيث يُدمجان معًا، وينطق الحرف الثاني بغنة أو بدونها، بحسب نوع الإدغام.

• الإخفاء: هو إظهار النون أو التنوين بصوت بين الإظهار والإدغام، مع وجود غنة خفيفة، ويحدث قبل حروف الإخفاء العشرين.

• الإظهار: هو نطق الحرف بوضوح تام دون غنة أو دمج، ويحدث فقط مع حروف الإظهار الستة.

هذه الفروق تجعل من الإظهار حكمًا مميزًا له طابع واضح في القراءة.

تطبيقات عملية على الإظهار

يجب على قارئ القرآن أن ينتبه جيدًا إلى أحكام النون الساكنة والتنوين، خاصة في مواضع الإظهار، لكي يقرأ بشكل صحيح وفق القواعد المتبعة. هذا يتطلب التدريب على التمييز بين الحروف وحفظ حروف الإظهار.

من المهم الإشارة إلى أن الإظهار لا يقتصر فقط على الوقف والوصل، بل يُطبق في جميع الحالات التي تتطلبها القاعدة، سواء كانت القراءة متصلة أو متقطعة.

الإظهار في القرآن وتأثيره في تحسين التلاوة

تطبيق الإظهار يرفع من جودة التلاوة، ويجعلها أكثر وضوحًا، ويعكس دقة القراءة وأمانة في نقل النص القرآني كما نزل. من الناحية الصوتية، الإظهار يمنح الحروف الصفاء والنقاء، مما يسهل الاستماع ويجذب السامع.

بالإضافة إلى ذلك، الإظهار هو تعبير عن احترام النص المقدس، لأنه يحفظ المعنى ويمنع التباس الكلمات التي قد تتغير إذا لم يُطبق الحكم بشكل صحيح.

الختام

الإظهار في القرآن هو أحد أصول علم التجويد الذي لا غنى عنه لكل من يرغب في قراءة القرآن بإتقان. مع الأخذ في الاعتبار الحروف الستة التي يطبق معها الإظهار، يمكن للقارئ أن يميز بسهولة متى يطبق هذا الحكم ويقرأ بوضوح ونقاء.

أمثلة الإظهار كثيرة في آيات القرآن الكريم وتكرارها يجعل القارئ أكثر قدرة على التمييز بينها وبين الأحكام الأخرى مثل الإدغام والإخفاء، مما يعزز من جودة تلاوته ويمثل حماية للنص القرآني من الخطأ في النطق.

المراجع

1. ابن الجزري، “الشفا بتعريف حقوق المصطفى”، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني.

2. مطراني، عبد الله، “التجويد والقراءات”، دار الفكر العربي، 2010.