أماكن تواجد البراكين على الأرض

أين توجد البراكين: دراسة شاملة عن مواقع البراكين على سطح الأرض

تُعد البراكين من أبرز الظواهر الطبيعية التي تُعبّر عن ديناميكية الكوكب الأرضي الداخلية. تتواجد البراكين في مناطق محددة من سطح الأرض تعكس حركة الصفائح التكتونية ونشاطها تحت القشرة الأرضية. في هذا المقال، سيتم تناول مواقع وجود البراكين عبر الكرة الأرضية، مع شرح تفصيلي للعوامل الجيولوجية التي تحدد مكانها، وأنواع البراكين المختلفة حسب المواقع الجغرافية، وتأثيرات تواجدها على البيئة والمجتمعات المحيطة.

طبيعة البراكين وأسباب وجودها في مواقع معينة

البراكين هي فتحات في سطح الأرض تخرج منها الصهارة المنصهرة والغازات والرماد البركاني إلى السطح. هذه الفتحات غالبًا ما تتكون في مناطق معينة بسبب طبيعة حركة الصفائح التكتونية، وهي قطع ضخمة من القشرة الأرضية تتحرك باستمرار فوق طبقة الوشاح الساخنة.

يتمركز معظم النشاط البركاني في حدود هذه الصفائح، حيث تتقارب أو تتباعد أو تتحرك بشكل جانبي، فتولد ظروفًا مناسبة لظهور البراكين. لذلك، تعتبر حركة الصفائح التكتونية العامل الأساسي والمباشر الذي يحدد مواقع البراكين على سطح الأرض.

مواقع البراكين حسب نوع حدود الصفائح التكتونية

1. حدود الصفائح المتقاربة (الاندساس Subduction Zones):
   
   تحدث هذه الظاهرة عندما تنزلق صفيحة محيطية تحت صفيحة أخرى، وعادة ما تكون القارية، فتذوب الصفيحة المنزاحة في الوشاح، مما يؤدي إلى تكوين صهارة ترتفع إلى السطح وتشكل البراكين.

   • مثال: الحزام البركاني المحيط بالمحيط الهادئ، المعروف بحلقة النار “Ring of Fire”، والذي يحتوي على أكثر من 75% من البراكين النشطة في العالم.

   • الدول: اليابان، إندونيسيا، الفلبين، الولايات المتحدة الأمريكية (كاليفورنيا وألاسكا)، تشيلي، المكسيك.

2. حدود الصفائح المتباعدة (Mid-Ocean Ridges and Rift Valleys):
   
   تنشأ عند تباعد صفائح تكتونية، حيث يصعد الصهارة من الوشاح لتملأ الفراغ بين الصفائح، مما يؤدي إلى تكون براكين.

   • مثال: الحزام البركاني وسط المحيط الأطلسي، المعروف باسم منتصف حافة المحيط الأطلسي (Mid-Atlantic Ridge).

   • مواقع: يمتد هذا الحزام من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، ويمر بين قارتي أمريكا وأوروبا وأفريقيا.

3. البراكين فوق النقاط الساخنة (Hotspots):
   
   هي مناطق في الوشاح توجد فيها حرارة مرتفعة تسمح للصهارة بالارتفاع بغض النظر عن حدود الصفائح.

   • مثال: براكين جزر هاواي في وسط صفيحة المحيط الهادئ.

   • مواقع أخرى: جزيرة إيسلندا، جزر غالاباغوس، يلوستون في الولايات المتحدة.

توزيع البراكين في القارات والمحيطات

• آسيا:
  
  آسيا هي موطن للعديد من البراكين النشطة، خصوصًا في منطقة حلقة النار المحيطة بالمحيط الهادئ، مثل بركان فوجي في اليابان وبركان ميرابي في إندونيسيا. منطقة القوقاز في روسيا وجورجيا تضم براكين أقل نشاطًا لكنها ذات أهمية جيولوجية.

• أمريكا الشمالية والجنوبية:
  
  يمتد الحزام البركاني في أمريكا الشمالية من ألاسكا عبر غرب الولايات المتحدة (مثل بركان سانت هيلينز) وصولًا إلى المكسيك. أما في أمريكا الجنوبية، فإن جبال الأنديز تحتوي على العديد من البراكين النشطة مثل بركان مايا في تشيلي وبركان مكونغوا في الإكوادور.

• أفريقيا:
  
  تتمركز البراكين في شرق أفريقيا على طول صدع شرق أفريقيا (East African Rift Valley)، حيث تظهر براكين مثل بركان كليمنجارو وبركان نيروغونغو. توجد براكين أخرى أقل نشاطًا في مناطق أخرى بالقارة.

• أوروبا:
  
  من أشهر براكين أوروبا بركان إتنا في صقلية وبركان فيزوف في إيطاليا. كما أن إيسلندا، التي تقع على منتصف المحيط الأطلسي، تضم العديد من البراكين النشطة مثل بركان إيافجالايوكل.

• أوقيانوسيا:
  
  منطقة أوقيانوسيا، التي تشمل أستراليا وجزر المحيط الهادئ، تحتضن العديد من البراكين، وخصوصًا في جزر اندونيسيا، بابوا غينيا الجديدة وجزر فيجاي، التي تتوزع على الحزام الناري المحيط بالمحيط الهادئ.

• المحيطات:
  
  البراكين تحت المحيطات تتركز بشكل رئيسي على الحافات الوسطية للمحيطات مثل منتصف المحيط الأطلسي والهادئ. تتمثل هذه البراكين في سلاسل جبلية تحت الماء تخرج منها الصهارة لتكوين قشرة محيطية جديدة.

أنواع البراكين وتوزيعها الجغرافي

يمكن تصنيف البراكين حسب شكلها وطريقة ثورانها إلى عدة أنواع، وكل نوع يرتبط غالبًا بموقعه الجغرافي وطبيعة الصهارة فيه:

• البراكين الدرعية (Shield Volcanoes):
  
  تتميز ببطء ثوران الحمم وانسيابها بشكل واسع، مثل براكين هاواي.

• البراكين المركبة أو الطبقية (Stratovolcanoes):
  
  ذات ثورات عنيفة ومتعددة الطبقات، مثل فوجي في اليابان وفيزوف في إيطاليا.

• البراكين الفوهية (Cinder Cones):
  
  صغيرة الحجم نسبيًا، وتوجد غالبًا على جوانب البراكين الكبيرة.

• البراكين الطفحية (Fissure Volcanoes):
  
  تتشكل من خلال صدوع في الأرض تسمح للصهارة بالخروج على شكل شقوق، مثل تلك الموجودة في آيسلندا.

التأثير البيئي والاجتماعي لتوزيع البراكين

انتشار البراكين في مناطق معينة أثر بشكل كبير على البيئة والحياة البشرية، حيث تشكل هذه المناطق مهد خطر للثورات البركانية التي قد تدمر المدن والقرى، كما أنها تؤثر على المناخ والبيئة الطبيعية. في المقابل، تساهم البراكين في خلق تربة خصبة وغنية بالمعادن، مما يدعم النشاط الزراعي.

تُعد المناطق القريبة من البراكين مناطق جذب سياحي بسبب الطبيعة الخلابة والتشكيلات الجيولوجية الفريدة. لكن التواجد في هذه المناطق يتطلب أنظمة مراقبة دقيقة وتحذيرات مستمرة لتقليل المخاطر.

جدول يوضح أهم المناطق البركانية وأمثلة على البراكين النشطة فيها

خاتمة

توزع البراكين على سطح الأرض ليس عشوائيًا، بل هو نتيجة مباشرة للنشاط الداخلي للأرض، وحركة صفائحها التكتونية، والظروف الحرارية في الوشاح. أغلب البراكين النشطة تتواجد على حدود هذه الصفائح، وخاصة في مناطق الاندساس والتباعد، بينما تظهر بعض البراكين في نقاط ساخنة داخل الصفائح نفسها. هذا التوزع الجغرافي للبراكين يعكس طبيعة الأرض المتحركة ويؤثر على حياة الإنسان والطبيعة من حوله، ما يجعل دراسة البراكين وفهم أماكن تواجدها أمرًا ضروريًا للحفاظ على السلامة والتعايش مع هذه القوة الطبيعية العظيمة.

المصادر والمراجع

1. US Geological Survey (USGS) – Volcano Hazards Program: https://volcanoes.usgs.gov

2. Encyclopedia of Volcanoes, edited by Haraldur Sigurdsson, 2nd Edition, Academic Press, 2015.