أكثر دول عربية ديمقراطية 2023

أكثر 10 دول عربية ديمقراطية في العالم (تحديث 2023)

شهد العالم العربي منذ نهاية القرن العشرين تحولات سياسية متباينة، راوحت بين محاولات إصلاح ديمقراطي جاد في بعض الدول، وانكفاء أو انتكاسات حادة في دول أخرى. تختلف مظاهر الديمقراطية من بلد لآخر بحسب المعايير والمؤشرات التي تعتمدها منظمات التصنيف العالمية، مثل مؤشر الديمقراطية الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) التابعة لمجلة “ذا إيكونوميست”، أو تصنيفات “فريدم هاوس” الأمريكية التي تقيّم الحريات المدنية والحقوق السياسية. ويظهر من هذه المؤشرات أن هناك بعض الدول العربية التي سجلت تقدماً نسبياً على طريق الديمقراطية، فيما ظلت أخرى في ذيل القائمة لأسباب متعددة تشمل غياب تداول السلطة، قمع الحريات، وانعدام الشفافية.

في هذا المقال، يتم استعراض أكثر 10 دول عربية ديمقراطية وفقًا لأحدث بيانات متاحة في سنة 2023، مستندين إلى مزيج من مؤشرات الحكم الديمقراطي، احترام الحقوق السياسية، الحريات العامة، حرية الصحافة، ونزاهة الانتخابات.

1. تونس

تُعد تونس، رغم التحديات السياسية التي واجهتها بعد 2019، من الدول العربية التي تمتعت بقدر كبير من الديمقراطية بعد الثورة التونسية سنة 2011. شكّل الدستور التونسي لعام 2014 أحد أبرز إنجازات المرحلة الانتقالية، حيث أرسى مبدأ الفصل بين السلطات وضمان الحريات العامة.

في السنوات التالية، جرت عدة انتخابات تشريعية ورئاسية نزيهة تحت إشراف هيئة مستقلة للانتخابات. لكن مع بداية عام 2021، دخلت البلاد في أزمة سياسية حادة إثر قرارات استثنائية اتخذها الرئيس قيس سعيد، أبرزها تجميد البرلمان وحلّه لاحقاً، ثم تعديل الدستور في استفتاء سنة 2022، مما أثار قلقاً دولياً بشأن مستقبل الديمقراطية في البلاد.

ورغم التراجع في مؤشر الديمقراطية، فإن تونس تظل متقدمة عربياً من حيث البنية المؤسسية، ووجود قوى سياسية ومدنية نشطة، وصحافة حرة نسبياً، مقارنة ببقية الدول.

2. لبنان

يتمتع لبنان بنظام سياسي فريد يعتمد على التوازن الطائفي في تقاسم السلطات، مما يمنح البلاد طابعًا خاصًا بين الدول العربية. على الرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية الخانقة، يستمر اللبنانيون في ممارسة بعض مظاهر الديمقراطية من خلال انتخابات دورية، وحرية إعلامية واسعة، ووجود مجتمع مدني نشط.

أجريت آخر انتخابات نيابية في مايو 2022، رغم التحديات اللوجستية والمالية. كما يتيح النظام السياسي إمكانية تغيير التمثيل البرلماني رغم هيمنة القوى التقليدية. إلا أن الطائفية السياسية وغياب المحاسبة يشكلان عائقًا كبيرًا أمام تطوير ديمقراطية حقيقية فاعلة.

3. الكويت

الكويت من أبرز دول الخليج التي تتمتع بنظام برلماني نسبي منذ استقلالها سنة 1961. يملك مجلس الأمة الكويتي صلاحيات تشريعية ورقابية مؤثرة، بما في ذلك استجواب الوزراء والتصويت على حجب الثقة، وهو أمر نادر في منطقة الخليج.

تجري الانتخابات في الكويت بانتظام، وتشارك فيها شريحة واسعة من المواطنين. ورغم عدم وجود أحزاب سياسية رسمية، توجد كتل سياسية وتيارات فكرية تمارس نشاطًا فاعلًا داخل البرلمان.

لكن تظل الديمقراطية الكويتية محدودة ببعض القيود مثل حل البرلمان المتكرر، وتأثير الأسرة الحاكمة على تعيين الحكومة، ووجود قوانين تقيد حرية التعبير.

4. المغرب

أحرز المغرب تقدماً نسبياً في مسار الإصلاح الديمقراطي خاصة بعد حراك 2011، الذي أفضى إلى تعديل الدستور، وتعزيز صلاحيات البرلمان والحكومة، وتقوية دور القضاء.

تمكنت عدة أحزاب من تداول رئاسة الحكومة عبر صناديق الاقتراع، مثل حزب العدالة والتنمية الذي فاز في انتخابات 2011 و2016، ثم حزب التجمع الوطني للأحرار في 2021. رغم ذلك، فإن السلطة التنفيذية تظل تحت إشراف الملك، الذي يملك صلاحيات واسعة خاصة في الملفات السيادية.

يحظى المغرب بمشهد سياسي تعددي، وصحافة تتمتع بهامش من الحرية، لكن تبقى هناك انتقادات بشأن حرية التعبير وملاحقة بعض الصحفيين والنشطاء.

5. العراق

بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003، دخل العراق في تجربة ديمقراطية جديدة مع إقرار دستور عام 2005 الذي أقر نظامًا برلمانيًا فيدراليًا. رغم العنف الطائفي، والفساد، وتدخلات خارجية، فإن البلاد شهدت دورات انتخابية متعددة.

يتوفر العراق على تعددية حزبية، ومجتمع مدني متفاعل، وصحافة حرة نسبيًا. الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في أكتوبر 2021 أفرزت خارطة سياسية جديدة. كما شهد العراق احتجاجات جماهيرية كبيرة في السنوات الأخيرة، تطالب بإصلاح النظام السياسي وتحقيق العدالة الاجتماعية.

التحديات الأمنية والطائفية لا تزال تعيق تطور النظام الديمقراطي، لكن العراق يظل من الدول التي تتمتع بمؤسسات ديمقراطية على الورق، وإن كان التنفيذ يشوبه الكثير من العوائق.

6. موريتانيا

موريتانيا من الدول التي شهدت انتقالًا سلميًا للسلطة في انتخابات رئاسية سنة 2019، وهو ما اعتبر خطوة مهمة في تاريخ البلاد السياسي، خاصة في منطقة الساحل التي تعاني من الانقلابات.

رغم الانتقادات المتعلقة بغياب الحريات في بعض الفترات، فإن النظام السياسي في موريتانيا يسجل تقدمًا تدريجيًا في مجال احترام الحريات العامة وتنظيم الانتخابات. في العام 2023، واصلت البلاد تطوير بنيتها التشريعية والمؤسسية بما يعزز مناخ الديمقراطية.

7. الأردن

نظام الحكم في الأردن ملكي دستوري، ويشهد انتخابات نيابية دورية منذ بداية التسعينيات. يملك البرلمان سلطة تشريعية، لكن السلطات الأوسع تظل في يد الملك، بما في ذلك تعيين رئيس الوزراء.

شهد الأردن تطورات تشريعية مهمة مثل قانون الانتخاب، وتعزيز دور الأحزاب، وإنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات. كما أن حرية الإعلام تعتبر مقبولة نسبيًا، وإن كانت هناك قيود على حرية التعبير في بعض الحالات.

8. الجزائر

شهدت الجزائر حراكًا شعبيًا ضخمًا عام 2019 أطاح بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأفضى إلى انتخابات رئاسية جديدة ودستور معدل سنة 2020.

ورغم الأمل الذي حمله الحراك، فإن الانتقال الديمقراطي لا يزال محدودًا، خاصة في ظل القيود المفروضة على التظاهر والإعلام المستقل. ومع ذلك، يتم إجراء انتخابات دورية، ويشهد البرلمان تعددية حزبية نسبية، ويُلاحظ انفتاح نسبي في بعض جوانب الحياة السياسية.

9. فلسطين

رغم تعقيدات الاحتلال الإسرائيلي والانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن فلسطين تتمتع ببنية سياسية فيها تعددية حزبية، ونظام انتخابي يحظى باحترام دولي.

آخر انتخابات رئاسية جرت في عام 2005، والتشريعية في 2006، ثم توقفت العملية الانتخابية بسبب الانقسام السياسي. ومع ذلك، فإن وجود أحزاب سياسية فاعلة، ومجتمع مدني نشط، وصحافة حرة نسبيًا، يجعل من فلسطين بيئة تمتلك مقومات ديمقراطية على مستوى البنية لا التطبيق.

10. جيبوتي

جيبوتي من الدول العربية الصغيرة التي شهدت تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية منذ تسعينيات القرن الماضي. إلا أن سيطرة الحزب الحاكم على المؤسسات، وتكرار فوز الرئيس نفسه، تطرح تساؤلات حول مدى التنافسية الفعلية في العملية السياسية.

لكن مقارنة ببعض الدول المجاورة في القرن الإفريقي، فإن جيبوتي تتمتع بهامش من الاستقرار السياسي، وتنظيم انتخابات دورية، مع إشراك بعض الأحزاب في العملية السياسية.

جدول مقارنة بين الدول العشر (وفقًا لمؤشر الديمقراطية لعام 2023)

الخلاصة التحليلية

رغم أن معظم الدول العربية تصنف ضمن الأنظمة السلطوية أو الديمقراطيات الهجينة، إلا أن بعضها يحرز تقدماً تدريجياً نحو تعزيز الممارسات الديمقراطية. تظهر تونس، لبنان، والكويت كمثال بارز على وجود هامش واسع نسبياً من الحريات السياسية والتعددية الحزبية، في حين أن بقية الدول إما في طور التحول أو محكومة بأنظمة أكثر انغلاقًا.

التحديات الرئيسية التي تعرقل التطور الديمقراطي في العالم العربي تتنوع بين:

• غياب التداول السلمي للسلطة.

• هيمنة السلطة التنفيذية على المؤسسات.

• ضعف استقلالية القضاء.

• التضييق على الإعلام والمجتمع المدني.

• التأثيرات الخارجية والنزاعات الإقليمية.

وفي ظل هذه البيئة، تظل فرص التقدم الديمقراطي مرتبطة بإرادة سياسية حقيقية لإصلاح المؤسسات، وتوسيع هامش الحريات، وتعزيز مشاركة المواطنين في صناعة القرار.

المصادر:

• The Economist Intelligence Unit – Democracy Index 2023

• Reporters Without Borders – World Press Freedom Index 2023