أكثر 10 دول عربية استهلاكًا للنفط في العالم

يمثل النفط أحد أعمدة الاقتصاد العالمي، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تشكل الدول العربية كتلة حيوية في معادلة الإنتاج والاستهلاك. فرغم أن بعض الدول العربية تعد من بين أكبر المصدرين للنفط في العالم، إلا أن معدلات استهلاكها الداخلي للطاقة تشهد تزايدًا مطّردًا، ما يجعلها من بين أكبر المستهلكين لهذه المادة الحيوية أيضًا. يعزى ذلك إلى عوامل ديموغرافية، اقتصادية، صناعية، ومناخية متعددة تؤثر على مستوى الطلب المحلي على النفط ومشتقاته.

في هذا المقال الموسّع، سيتم عرض قائمة مفصّلة بأكثر 10 دول عربية استهلاكًا للنفط وفقًا للبيانات الصادرة عن وكالات الطاقة الدولية ومنظمات النفط العالمية، مع تحليل الأسباب التي تدفع بهذا الاستهلاك، وتقديم مقارنة بين الإنتاج والاستهلاك داخل كل دولة، وتأثير هذه الأرقام على سياسات الطاقة المستقبلية.

أولًا: المملكة العربية السعودية

تتصدر المملكة العربية السعودية قائمة الدول العربية الأكثر استهلاكًا للنفط، رغم كونها أيضًا أكبر مصدر للنفط عالميًا. يقدّر استهلاكها اليومي بأكثر من 3.2 مليون برميل يوميًا.

يرجع هذا الرقم الضخم إلى عدة أسباب:

• الاعتماد شبه الكامل على النفط لتوليد الكهرباء.

• الدعم الحكومي الكبير لأسعار الوقود.

• الطقس الصحراوي الذي يرفع استهلاك الطاقة في التكييف.

• ارتفاع عدد السكان إلى أكثر من 35 مليون نسمة.

• حجم الصناعات البتروكيماوية الضخم.

رغم برامج التحول الوطني ورؤية السعودية 2030 التي تستهدف تنويع مصادر الطاقة، فإن المملكة لا تزال من بين أكثر دول العالم استهلاكًا للنفط على المستوى المحلي.

ثانيًا: الإمارات العربية المتحدة

تحتل الإمارات المركز الثاني عربيًا باستهلاك يقدّر بحوالي 1.0 إلى 1.2 مليون برميل يوميًا. وتتركز النسبة الأكبر من هذا الاستهلاك في إماراتي أبوظبي ودبي بسبب:

• النمو الصناعي والاقتصادي الهائل.

• قطاع النقل والنقل الجوي، حيث تُعد دبي من أكبر مراكز الطيران في العالم.

• مشاريع البنية التحتية المتسارعة.

• الكثافة السكانية في المناطق الحضرية.

• درجات الحرارة العالية وطلب التبريد على مدار العام.

رغم الاستثمارات الضخمة في الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والنووية، لا تزال الإمارات تعتمد بشكل كبير على النفط لتلبية احتياجاتها الطاقوية.

ثالثًا: العراق

يُقدّر استهلاك العراق النفطي المحلي بنحو 0.9 إلى 1.1 مليون برميل يوميًا، وهو رقم متزايد بمرور السنوات بسبب:

• زيادة سكانية كبيرة تتجاوز 43 مليون نسمة.

• ضعف كفاءة شبكة الكهرباء، ما يدفع نحو الاعتماد على المولدات التي تعمل بالوقود.

• النمو في قطاعات النقل والصناعة بعد سنوات من الركود.

• الحاجة إلى الوقود المدعوم في مجالات الزراعة وتوليد الطاقة.

ورغم أن العراق ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة “أوبك”، فإن استهلاكه المحلي يشكّل تحديًا في ظل بنية تحتية متهالكة ونقص في المصافي الحديثة.

رابعًا: مصر

تُعد مصر من أكبر الدول العربية استهلاكًا للطاقة بشكل عام، والنفط بشكل خاص، حيث يتراوح استهلاكها اليومي من النفط ما بين 800 إلى 950 ألف برميل يوميًا. تتنوع دوافع هذا الاستهلاك بين:

• عدد السكان الكبير (يتجاوز 105 ملايين نسمة).

• شبكة نقل برية كثيفة تعتمد على الديزل والبنزين.

• الصناعات الثقيلة مثل الأسمنت والحديد.

• الاعتماد على محطات كهرباء تعمل بالوقود الأحفوري.

كما أنّ مصر تمر بمرحلة انتقالية في ملف الطاقة، حيث تحاول تنويع مصادر الطاقة من خلال الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية، لكن النفط لا يزال يحتل موقعًا محوريًا في منظومة الطاقة.

خامسًا: الجزائر

تستهلك الجزائر ما يقارب 450 إلى 600 ألف برميل يوميًا، وهو رقم يتزايد بانتظام. هذا الاستهلاك يرتبط بـ:

• الدعم السخي المقدم للمحروقات.

• توسّع شبكة الطرق والنقل.

• استهلاك الكهرباء عبر محطات توليد حرارية تعتمد على المشتقات النفطية.

• نمو قطاع الصناعة والبتروكيماويات.

ورغم أن الجزائر تعتبر من كبار منتجي النفط في إفريقيا، فإن التنامي السريع في الطلب الداخلي قد يؤثر على الصادرات مستقبلاً إذا لم يتم الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة.

سادسًا: الكويت

يبلغ متوسط استهلاك النفط في الكويت حوالي 400 إلى 500 ألف برميل يوميًا. ويتم توجيه هذا الاستهلاك أساسًا إلى:

• قطاع الكهرباء والتكييف.

• النقل الخاص والعام في ظل انخفاض أسعار الوقود.

• الصناعات النفطية المحلية.

• ازدياد معدل التملك الفردي للمركبات.

ورغم صغر عدد سكان الكويت (أقل من 5 ملايين)، فإن مستوى الاستهلاك الفردي للطاقة من بين الأعلى عالميًا، وهو ما ينعكس في المؤشرات البيئية والانبعاثات الكربونية.

سابعًا: قطر

تستهلك قطر نحو 250 إلى 300 ألف برميل يوميًا، ويُعزى هذا الرقم إلى:

• الاستهلاك المرتفع للكهرباء في ظل الطقس الصحراوي.

• الصناعات البتروكيماوية.

• كثافة الحركة الجوية كونها مركزًا عالميًا للطيران.

• مشاريع البنية التحتية الكبرى، خصوصًا في السنوات التي سبقت كأس العالم 2022.

ورغم هذا الاستهلاك، فإن قطر من الدول التي قطعت شوطًا معتبرًا في إنتاج الطاقة النظيفة وخفض البصمة الكربونية.

ثامنًا: سلطنة عمان

يتراوح الاستهلاك المحلي للنفط في سلطنة عمان ما بين 200 إلى 250 ألف برميل يوميًا، ويغذي هذا الاستهلاك:

• محطات توليد الكهرباء التقليدية.

• قطاع النقل البري في ظل المسافات الطويلة بين المدن.

• المصافي المحلية والصناعات الثقيلة.

• النمو السكاني والعمراني التدريجي.

وتسعى سلطنة عمان إلى تطبيق سياسات طاقوية متزنة تقوم على التوسع في الطاقة المتجددة وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري.

تاسعًا: المغرب

رغم أن المغرب لا يُعد من منتجي النفط، إلا أن استهلاكه يتراوح بين 200 إلى 220 ألف برميل يوميًا، وهي كمية تُستورد بالكامل تقريبًا. ويرجع هذا الاستهلاك إلى:

• كثافة شبكات النقل والسير.

• الاعتماد على النفط في إنتاج الطاقة إلى جانب الغاز المستورد.

• قطاع صناعي مزدهر، لا سيما في مجالات مثل صناعة السيارات والملابس.

• التوسع العمراني وتحسين مستوى المعيشة.

وقد أطلقت الحكومة المغربية خطة “التحول الطاقوي” لزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح، بهدف تقليل فاتورة الاستيراد وخفض الانبعاثات.

عاشرًا: ليبيا

رغم الظروف السياسية غير المستقرة، يُقدّر استهلاك ليبيا النفطي ما بين 150 إلى 200 ألف برميل يوميًا، وتذهب النسبة الأكبر منه إلى:

• محطات الكهرباء التقليدية.

• وسائل النقل.

• الصناعات المحلية المحدودة.

• تشغيل المنشآت الحيوية والبنى التحتية.

ورغم أن ليبيا تملك احتياطات نفطية ضخمة، فإن التحديات الأمنية والبنية التحتية المتضررة تعيق الاستفادة الكاملة من مواردها الطاقوية.

جدول: مقارنة بين استهلاك النفط في أبرز الدول العربية

تأثيرات الاستهلاك العالي للنفط على الاقتصاد والبيئة

إن الارتفاع المتسارع في استهلاك النفط بالدول العربية لا يرتبط فقط بالنمو السكاني أو الصناعي، بل له أيضًا انعكاسات مباشرة على الاقتصاد الوطني والبيئة. إذ تؤدي مستويات الدعم المرتفعة للمشتقات النفطية إلى استنزاف الميزانيات العامة، كما تزيد من معدلات التلوث والانبعاثات الحرارية في المدن العربية.

وتبرز تحديات أخرى منها:

• تآكل الفائض من الصادرات النفطية بسبب زيادة الاستهلاك المحلي.

• تزايد اعتماد بعض الدول على الاستيراد مما يثقل الميزان التجاري.

• ضعف كفاءة الطاقة بسبب غياب معايير ترشيد الاستهلاك.

ولمواجهة هذا الواقع، تسعى عدة دول عربية إلى اتباع استراتيجيات مستدامة تعتمد على الطاقة المتجددة (الشمسية، الريحية)، وتحسين كفاءة البنية التحتية الطاقوية، مع إدخال تقنيات النقل الكهربائي، وتحقيق التوازن بين الاستهلاك المحلي والصادرات النفطية لضمان استدامة الموارد للأجيال القادمة.

المصادر:

1. BP Statistical Review of World Energy, 2024

2. International Energy Agency (IEA), 2024