أكثر 10 دول إنتاجاً لزيت الزيتون في العالم

يُعد زيت الزيتون من أقدم المنتجات الزراعية التي عرفها الإنسان، وقد ارتبط منذ آلاف السنين بحضارات البحر الأبيض المتوسط، حيث لم يكن مجرد منتج غذائي، بل مكوناً أساسياً في الطب، والتجميل، والدين، والاقتصاد. وتُعتبر زراعة الزيتون من الركائز الحيوية للعديد من الدول، خاصة تلك التي تمتاز بمناخ متوسطي ملائم لنمو شجرة الزيتون. في هذا المقال، سيتم استعراض أكثر عشر دول إنتاجاً لزيت الزيتون في العالم، استناداً إلى بيانات دقيقة من منظمات الزراعة العالمية مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) ومراكز الإحصاء الزراعي في الاتحاد الأوروبي.

إسبانيا: العملاق العالمي الأول

إسبانيا تتصدر قائمة الدول المنتجة لزيت الزيتون بفارق شاسع عن باقي الدول، إذ تساهم وحدها بأكثر من 40% من الإنتاج العالمي. تقع غالبية مزارع الزيتون في منطقة الأندلس، وخاصة في مقاطعة خايين (Jaén)، التي تُعرف بأنها “عاصمة زيت الزيتون في العالم”. وتتمتع إسبانيا بأراضي شاسعة ملائمة لزراعة الزيتون، بالإضافة إلى بنية تحتية صناعية متقدمة تسمح بإنتاج كميات ضخمة وجودة عالية من الزيت.

يُصدّر الزيت الإسباني إلى أكثر من 150 دولة، ويُستخدم محلياً في المطبخ الإسباني الغني، مما يدل على عمق اندماج هذا المنتج في الحياة اليومية والثقافية للبلاد.

إيطاليا: الجودة والسمعة التاريخية

تأتي إيطاليا في المرتبة الثانية، وتنتج حوالي 12-15% من زيت الزيتون العالمي، وهي مشهورة بجودة زيوتها العالية وتنوع نكهاتها، بفضل التوزيع الجغرافي المتنوع لأشجار الزيتون من الجنوب إلى الشمال. تشتهر مناطق مثل توسكانا، بوليا، وصقلية بإنتاج أنواع متميزة من الزيت، غالباً ما تُعبأ بعلامات تجارية ذات مؤشرات جغرافية محمية (PDO).

يُعتبر زيت الزيتون الإيطالي من الأغلى ثمناً في الأسواق العالمية، ويُستخدم بكثافة في صناعة الأطعمة الفاخرة والمطابخ العالمية. ومع ذلك، تواجه الصناعة الإيطالية تحديات عدة، مثل انخفاض الإنتاج بسبب التغير المناخي وانتشار بكتيريا “Xylella fastidiosa” التي تهدد أشجار الزيتون في الجنوب.

اليونان: أعلى معدل استهلاك للفرد

تحتل اليونان المرتبة الثالثة عالمياً، وتُنتج سنوياً نحو 300-350 ألف طن من زيت الزيتون، وغالباً ما يكون من النوع البكر الممتاز (Extra Virgin)، وهو الأعلى جودة. تمتاز اليونان بأعلى معدل استهلاك لزيت الزيتون للفرد في العالم، إذ يستهلك الفرد اليوناني في المتوسط أكثر من 20 كغم سنوياً.

تعتمد اليونان على الزراعة الصغيرة والعائلية في إنتاج زيت الزيتون، مما يعزز من جودة الإنتاج ويمنح المنتجات طابعاً تقليدياً. تُعتبر جزيرة كريت ومنطقة البيلوبونيز من أبرز المناطق المنتجة للزيت في البلاد.

تركيا: التنوع الجغرافي والانتشار الكبير

تركيا تعد من أكبر المنتجين أيضاً، وتأتي في المرتبة الرابعة. وتُنتج ما يقارب 250 إلى 300 ألف طن سنوياً، وتتم زراعة الزيتون في كل من سواحل بحر إيجة وسواحل البحر الأبيض المتوسط. من أشهر المناطق التركية بإنتاج الزيتون هي باليكسير، وأيدين، وإزمير.

تمتلك تركيا تنوعاً في الأصناف المنتجة من الزيت، ويُستخدم بشكل واسع في الطهي، كما يدخل في صناعة الصابون التقليدي التركي. ورغم الإنتاج الكبير، لا تزال الصادرات أقل مقارنة بالدول الأوروبية، بسبب زيادة الاستهلاك المحلي.

تونس: الرائد الإفريقي

تُعتبر تونس أكبر منتج لزيت الزيتون في إفريقيا، وتحتل المرتبة الخامسة عالمياً، حيث يتراوح إنتاجها السنوي بين 200 إلى 250 ألف طن، وقد يصل إلى أكثر من 300 ألف طن في السنوات المطرية الجيدة. أكثر من 30% من الأراضي الزراعية التونسية مخصصة لأشجار الزيتون.

تشكل صادرات زيت الزيتون أكثر من 40% من إجمالي الصادرات الزراعية في تونس، ويُصدر بكثافة إلى أوروبا والولايات المتحدة، حيث يُعتبر الزيت التونسي خياراً منافساً في الأسواق العالمية من حيث الجودة والسعر. ومن الملاحظ أن أغلب الإنتاج يتم تحت مظلة الزراعة البعلية، مما يجعل الإنتاج يتأثر بشكل كبير بالتغيرات المناخية.

سوريا: رغم الأزمات إنتاج قوي

رغم الصراعات والحروب التي عصفت بسوريا، إلا أنها لا تزال تحتفظ بمكانة متقدمة في إنتاج زيت الزيتون، وتحتل المرتبة السادسة عالمياً. تُنتج سوريا ما يقارب 100 إلى 150 ألف طن سنوياً، وتُعد مناطق إدلب، حلب، طرطوس، وحماة من أهم مناطق زراعة الزيتون.

يُستخدم زيت الزيتون السوري بكثرة في المطبخ المحلي التقليدي، وله دور اقتصادي مهم، حيث تعتمد آلاف العائلات على زراعة الزيتون كمصدر رزق. إلا أن العقوبات وتراجع البنية التحتية تؤثر على تصدير الزيت إلى الخارج.

المغرب: توسع سريع في الإنتاج

يأتي المغرب في المرتبة السابعة، ويبلغ إنتاجه السنوي نحو 120 إلى 160 ألف طن من زيت الزيتون، ويُعد من الدول التي تشهد نمواً سريعاً في هذا القطاع. تستفيد المغرب من دعم حكومي قوي لزراعة الزيتون من خلال خطة “المغرب الأخضر”، التي تهدف إلى زيادة المساحات المزروعة وتعزيز الإنتاجية.

تشمل المناطق الرئيسية المنتجة للزيتون في المغرب كل من فاس، مكناس، مراكش، وتازة. ويُستخدم الزيت المغربي محلياً بشكل واسع، ويُصدّر إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، خاصة عبر اتفاقيات تجارة حرة.

البرتغال: الجودة قبل الكمية

تحتل البرتغال المرتبة الثامنة، وتنتج ما يقارب 100 إلى 120 ألف طن سنوياً. وتُعرف زيوت الزيتون البرتغالية بجودتها العالية، خاصة في منطقة الألينتيخو (Alentejo)، التي أصبحت محوراً رئيسياً لصناعة زيت الزيتون في البلاد.

تركز البرتغال على الإنتاج المستدام، وتشجع استخدام التكنولوجيا الحديثة في الحصاد والعصر، مما يحسن من جودة الزيت ويقلل من التكاليف. كما تعتمد على مؤشرات الجودة الأوروبية لحماية منتجاتها في السوق الدولية.

الأرجنتين: المنافس الأمريكي الجنوبي

من خارج نطاق البحر الأبيض المتوسط، تُعد الأرجنتين الدولة الرائدة في أمريكا الجنوبية بإنتاج زيت الزيتون، وتحتل المرتبة التاسعة عالمياً. يقدر إنتاجها بحوالي 30 إلى 40 ألف طن سنوياً، وتتركز زراعة الزيتون في مقاطعات ميندوزا، سان خوان، ولا ريوخا.

تتميز الأرجنتين بمناخ مشابه للمتوسطي في بعض مناطقها، مما يسمح بإنتاج زيت عالي الجودة. ومع تطور القطاع الزراعي وتحسين عمليات التصنيع، بدأت الأرجنتين تنافس بجدية في السوق الدولية.

الجزائر: احتياطي هائل وإمكانيات غير مستغلة

تحتل الجزائر المرتبة العاشرة عالمياً، ويُقدر إنتاجها السنوي بنحو 60 إلى 90 ألف طن. وتُعد منطقة القبائل الكبرى من أبرز مناطق زراعة الزيتون في الجزائر، إضافة إلى ولاية بجاية وتيزي وزو.

رغم الإمكانيات الهائلة من حيث المساحة والمناخ، لا يزال قطاع زيت الزيتون في الجزائر يواجه تحديات على مستوى البنية التحتية، والتسويق الخارجي، وتقنيات العصر. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت انتعاشاً نسبياً بفضل مبادرات دعم الفلاحين وتوسيع المساحات المزروعة.

جدول: أكثر 10 دول إنتاجاً لزيت الزيتون سنوياً (بآلاف الأطنان)

مراجع

• Food and Agriculture Organization of the United Nations (FAO).

• International Olive Council (IOC).