10 دول مع أكبر احتياطيات من الفضة

تُعد الفضة من أقدم المعادن الثمينة التي عرفتها البشرية، وتلعب دوراً محورياً في الاقتصاد العالمي منذ آلاف السنين. استخدمت الفضة عبر العصور في صناعة العملات والمجوهرات، وفي الآونة الأخيرة ازدادت أهميتها نظراً لاستخدامها المتنامي في الصناعات الحديثة مثل الإلكترونيات والطاقة الشمسية والطب، ما جعل الطلب عليها يستمر في الارتفاع بشكل ملحوظ. من هذا المنطلق، فإن الدول التي تمتلك احتياطيات كبيرة من الفضة تتمتع بموقع استراتيجي في السوق العالمي للمعادن. ويستند تحديد احتياطيات الفضة إلى كميات المعدن الموجودة في باطن الأرض، والتي يمكن استخراجها بطريقة مجدية اقتصادياً بالتقنيات الحالية. فيما يلي دراسة موسعة لأكبر عشر دول من حيث احتياطي الفضة في العالم، مع تحليل لأهمية هذا المورد لكل دولة والتأثير الجيوسياسي والاقتصادي لذلك.

1. بيرو: زعيمة احتياطي الفضة في العالم

تتصدر بيرو قائمة الدول التي تمتلك أكبر احتياطي من الفضة في العالم، حيث تُقدّر احتياطياتها بأكثر من 120,000 طن متري من المعدن الثمين. تقع معظم هذه الاحتياطيات في جبال الأنديز، حيث تتميز المنطقة ببنية جيولوجية غنية بالمعادن، خاصة في مناطق مثل أريكويبا وباسكو وكاخاماركا. وتُعد شركة Buenaventura وشركات أجنبية مثل Glencore من أبرز المستثمرين في قطاع التعدين البيروفي.

يمثل قطاع التعدين عصب الاقتصاد في بيرو، وتُعد الفضة جزءاً حيوياً من صادراتها، حيث تُستخدم العائدات الناتجة عنها في تمويل مشاريع تنموية وموازنة الميزانية العامة. كما تؤدي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع إلى دعم البنية التحتية وتوفير فرص عمل واسعة النطاق.

2. الصين: تنوع في المصادر وطلب داخلي ضخم

رغم شهرة الصين كأكبر منتج للفضة في العالم، فإنها تحتل المرتبة الثانية من حيث الاحتياطي بإجمالي يقارب 70,000 طن متري. وتنتشر رواسب الفضة في مقاطعات مثل يوننان وخنان وسيتشوان، حيث يتم استخراج الفضة غالباً كمنتج جانبي من مناجم الرصاص والزنك والنحاس.

تتميز الصين باستهلاك داخلي مرتفع للفضة نظراً لاعتماد صناعاتها التكنولوجية والكهربائية المتطورة عليها، بالإضافة إلى استخدامها في تصنيع الألواح الشمسية، في ظل دفع الحكومة الصينية نحو الطاقة النظيفة. ولأن الصين تجمع بين الإنتاج والاستهلاك، فإنها تتحكم بجزء كبير من سوق الفضة العالمي.

3. بوليفيا: كنوز الأنديز المدفونة

تمتلك بوليفيا ثالث أكبر احتياطي من الفضة في العالم، حيث تُقدّر احتياطياتها بنحو 65,000 طن متري. وتشتهر البلاد بتاريخها الطويل مع الفضة، خاصة في مدينة بوتوسي، التي كانت في القرن السادس عشر مركزاً ضخماً لتعدين الفضة تحت الحكم الإسباني.

ما تزال مناجم سان كريستوبال وبوليفار من أكبر مواقع الإنتاج، وتُعد بوليفيا من الدول التي تركز على استخراج الفضة كمعدن رئيسي وليس كمنتج جانبي، ما يمنحها قيمة استراتيجية عالية في السوق العالمي. وتلعب الشركات متعددة الجنسيات دوراً مهماً في تطوير هذا القطاع.

4. روسيا: احتياطي هائل غير مستغل بالكامل

تأتي روسيا في المرتبة الرابعة بإجمالي احتياطي يُقدر بنحو 45,000 طن متري، وتنتشر رواسب الفضة في سيبيريا وجبال الأورال، حيث يتم استخراج الفضة غالباً من مناجم متعددة المعادن تشمل الذهب والنحاس.

تُعتبر شركة Polymetal International من أبرز الجهات الفاعلة في استخراج الفضة الروسية، وتستفيد موسكو من هذه الموارد لدعم صناعاتها الدفاعية والتكنولوجية، فضلاً عن تعزيز ميزانها التجاري. وعلى الرغم من القدرات الكبيرة، فإن تحديات البنية التحتية في المناطق النائية تُبطئ من وتيرة الاستغلال الكامل للموارد.

5. أستراليا: بنية تحتية متطورة وقطاع تعدين تنافسي

تُعد أستراليا من الدول الرائدة في قطاع التعدين بشكل عام، وتحتل المرتبة الخامسة في احتياطيات الفضة بحوالي 40,000 طن متري. وتُوجد هذه الاحتياطيات في ولايات مثل نيو ساوث ويلز وكوينزلاند وويسترن أستراليا.

تتميز أستراليا ببنية تحتية قوية وتقنيات متقدمة في التعدين، ما يجعل استخراج الفضة يتم بكفاءة عالية. وتُعد شركة South32 وشركات أخرى متعددة الجنسيات من أبرز اللاعبين في السوق الأسترالي. كما أن الاستقرار السياسي والإطار القانوني المتقدم يشجعان على المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع.

6. بولندا: مركز التعدين الأوروبي

رغم صغر مساحتها نسبياً مقارنة بالدول الأخرى في القائمة، فإن بولندا تمتلك احتياطياً ضخماً يُقدّر بنحو 25,000 طن متري. ويُتركز أغلب الإنتاج في منطقة لجينيسكا، وتحديداً من خلال مناجم شركة KGHM Polska Miedź، التي تُعد من أكبر شركات التعدين في أوروبا.

تُستخرج الفضة في بولندا كمنتج جانبي من تعدين النحاس، لكن جودتها العالية والإنتاج المستمر يجعل من بولندا أحد أهم مزودي الفضة للسوق الأوروبي، كما يساهم هذا المورد في تنويع الاقتصاد البولندي وتقليل اعتماده على الوقود الأحفوري.

7. تشيلي: عملاق النحاس وموطن للفضة أيضاً

تمتلك تشيلي احتياطات تُقدّر بنحو 22,000 طن متري من الفضة، ومع أن البلاد تشتهر بإنتاج النحاس، فإن كميات الفضة المستخرجة كبيرة نسبياً وتُعد ذات قيمة اقتصادية عالية، حيث تُستخرج من مناجم مثل إسكنديدا ولوس بيلامبريس.

تتمتع تشيلي ببنية تحتية متقدمة وخبرات تقنية راسخة في مجال التعدين، ما يسمح لها بتحقيق أقصى استفادة من مواردها المعدنية، وتلعب السياسات الحكومية المستقرة دوراً في جذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق عوائد كبيرة من تصدير الفضة.

8. الولايات المتحدة الأمريكية: قوة تكنولوجية وموارد معدنية

تحتل الولايات المتحدة المرتبة الثامنة من حيث احتياطي الفضة بحوالي 20,000 طن متري، مع تركز الإنتاج في ولايات مثل نيفادا وألاسكا وأيداهو. وتستخرج الفضة في أمريكا بشكل أساسي من مناجم الرصاص والزنك والذهب.

تستفيد الولايات المتحدة من الفضة بشكل كبير في الصناعات التكنولوجية والعسكرية والطبية، وتُعد شركات مثل Hecla Mining وCoeur Mining من أبرز الفاعلين في هذا المجال. كما أن سياسات الابتكار والتطوير تجعل أمريكا قوة مؤثرة في السوق العالمي للفضة.

9. المكسيك: الرائدة في الإنتاج رغم المرتبة التاسعة في الاحتياطي

رغم أن المكسيك تُعد أكبر منتج للفضة سنوياً في العالم، إلا أن احتياطياتها تأتي في المرتبة التاسعة بنحو 18,000 طن متري. وتُعرف البلاد بتاريخها العريق في تعدين الفضة، وتوجد المناجم الأساسية في ولايات زاكاتيكاس وسونسولا ودورانغو.

تُعد شركات مثل Fresnillo PLC وGrupo México من المحركات الرئيسة لقطاع الفضة في المكسيك، وتساهم الصادرات من هذا المعدن في دعم الميزان التجاري المكسيكي وتعزيز قدراته الصناعية.

10. كندا: تنوع جغرافي وموارد معدنية وفيرة

تُقدّر احتياطيات كندا من الفضة بحوالي 17,000 طن متري، وتنتشر في مقاطعات مثل أونتاريو وكولومبيا البريطانية وكيبيك. وتُستخرج الفضة غالباً كمعدن مرافق للذهب والنحاس والزنك.

تستفيد كندا من مواردها في دعم الصناعات الثقيلة والتكنولوجية، بالإضافة إلى تصدير الفضة إلى الأسواق العالمية، وتلعب شركات مثل Pan American Silver دوراً مهماً في هذا القطاع. كما أن بيئة الأعمال في كندا تُعد من الأفضل عالمياً لاستثمارات التعدين.

جدول مقارنة لأكبر 10 دول من حيث احتياطي الفضة

أهمية الفضة في الاقتصاد العالمي

تُعد الفضة مورداً استراتيجياً لا غنى عنه في الاقتصاد الحديث، حيث تدخل في تصنيع الإلكترونيات الدقيقة، الخلايا الشمسية، معدات التصوير، المرايا، العملات، والمجوهرات. ومع التوسع في مشاريع الطاقة النظيفة والتقنيات الخضراء، يزداد الطلب العالمي على الفضة، ما يجعل احتياطي هذا المعدن عاملاً مؤثراً في تحديد القوة الاقتصادية للدول.

المصادر:

• United States Geological Survey (USGS) 2024

• World Silver Survey (The Silver Institute), 2024