أكبر 10 دول منتجة للشمندر السكري في العالم
يُعد الشمندر السكري (Beta vulgaris subsp. vulgaris) من المحاصيل الاستراتيجية الأساسية لإنتاج السكر في العالم، إلى جانب قصب السكر. ورغم أن قصب السكر يهيمن على السوق العالمية من حيث حجم الإنتاج، إلا أن الشمندر السكري يشكل مصدرًا رئيسيًا لإنتاج السكر، خاصة في المناطق ذات المناخ المعتدل مثل أوروبا وشمال آسيا وأمريكا الشمالية. يتطلب الشمندر السكري ظروفًا مناخية معينة لينمو بشكل جيد، مثل التربة الخصبة والجو المعتدل والرطوبة المناسبة، وهو ما يفسر تركز إنتاجه في دول معينة حول العالم.
يمتلك الشمندر السكري قيمة اقتصادية وزراعية عالية، حيث يُستخدم بشكل أساسي في صناعة السكر، لكنه يدخل أيضًا في الصناعات الغذائية الأخرى، ويمكن استخدام بقاياه في تغذية الحيوانات وإنتاج الوقود الحيوي. ويوفر هذا المقال تحليلًا شاملاً لأكبر عشر دول منتجة للشمندر السكري في العالم، استنادًا إلى أحدث بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) والتقارير الإحصائية الخاصة بالزراعة العالمية.
جدول أكبر 10 دول منتجة للشمندر السكري عالميًا (حسب متوسط إنتاج آخر السنوات)
| الترتيب | الدولة | متوسط الإنتاج السنوي (مليون طن) | نسبة الإنتاج العالمي التقريبية (%) |
|---|---|---|---|
| 1 | روسيا | 40.0 | 14% |
| 2 | فرنسا | 33.5 | 11.8% |
| 3 | الولايات المتحدة | 30.0 | 10.5% |
| 4 | ألمانيا | 28.0 | 10% |
| 5 | تركيا | 19.5 | 6.8% |
| 6 | بولندا | 16.0 | 5.5% |
| 7 | أوكرانيا | 15.0 | 5.2% |
| 8 | الصين | 12.5 | 4.4% |
| 9 | المملكة المتحدة | 8.5 | 3% |
| 10 | إيران | 6.2 | 2.2% |
روسيا: العملاق الأول في إنتاج الشمندر السكري
تتصدر روسيا العالم في إنتاج الشمندر السكري بفضل مساحتها الزراعية الشاسعة وظروفها المناخية الملائمة، لا سيما في المناطق الوسطى والغربية من البلاد. تُعد مناطق مثل منطقة “بيلغورود” و”كراسنودار” من أهم مراكز الزراعة لهذا المحصول. وقد استفادت روسيا في العقود الأخيرة من تقنيات الزراعة الحديثة والتوسع في استخدام الأسمدة والري بالتنقيط لتحسين المحاصيل، ما أدى إلى زيادة الغلة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج السكر من الشمندر.
فرنسا: الريادة الأوروبية في الجودة والإنتاجية
فرنسا من الدول الرائدة في الزراعة بشكل عام، وهي تتبوأ مركزًا متقدمًا عالميًا في إنتاج الشمندر السكري، حيث يمثل هذا المحصول جزءًا أساسياً من البنية الزراعية في الشمال الفرنسي، لا سيما في منطقة “نورماندي” و”بيكاردي”. تُعرف فرنسا بجودة الشمندر الذي تنتجه بفضل التربة الغنية والتقنيات المتطورة التي تطبقها، بما في ذلك الاعتماد على الزراعة الدقيقة والتصوير الجوي لتقدير الإنتاج والتدخل السريع في حالات الأمراض أو الآفات.
الولايات المتحدة الأمريكية: الإنتاج الموجه للاستهلاك المحلي والصناعي
تمتلك الولايات المتحدة قدرات زراعية ضخمة وموزعة على نطاق واسع، ويُزرع الشمندر السكري بشكل أساسي في الولايات الشمالية مثل مينيسوتا ونورث داكوتا ومونتانا. يُستخدم الشمندر في الولايات المتحدة لإنتاج السكر للاستهلاك المحلي، كما يدخل في الصناعات الغذائية والمشروبات. ويمثل المحصول مكونًا مهمًا في سلسلة الصناعات الزراعية الأمريكية، ويدعمه نظام دعم زراعي قوي يضمن استمرارية الإنتاج وتطوير البحوث الزراعية.
ألمانيا: تاريخ عريق في إنتاج السكر من الشمندر
ألمانيا تمتلك تاريخًا طويلاً في إنتاج السكر من الشمندر، حيث بدأت هذه الصناعة في بدايات القرن التاسع عشر. واليوم، ما زالت ألمانيا من بين الدول الأولى من حيث الإنتاجية والكفاءة الزراعية. ويُزرع الشمندر السكري في مناطق مثل ساكسونيا السفلى وبافاريا وساكسونيا، ويُعتمد في زراعته على أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الزراعية من آلات وأساليب استصلاح الأراضي ومكافحة الحشائش والأمراض.
تركيا: توسع مستمر في الزراعة الاستراتيجية
تأتي تركيا ضمن أكبر منتجي الشمندر السكري، ويُعد هذا المحصول من الأعمدة الأساسية للزراعة التركية، حيث يشغل مساحة كبيرة من الأراضي في منطقة الأناضول الوسطى، خاصة في مدن مثل قونية وإسكي شهير. وقد توسعت تركيا في السنوات الأخيرة في زراعة الشمندر بفضل دعم الدولة للمزارعين وتطوير شبكات الري الحديثة، كما أنها تستثمر بشكل مستمر في المصانع المحلية لإنتاج السكر.
بولندا: إنتاج مستقر وموجه للصناعات التحويلية
يُزرع الشمندر السكري في بولندا بكثافة في الأقاليم الوسطى والغربية، ويُعد من المحاصيل الرئيسية في البلاد. ويُستخدم إنتاج بولندا بشكل رئيسي لتلبية احتياجات مصانع السكر المحلية، إلى جانب تصديره لدول الاتحاد الأوروبي. وقد حافظت بولندا على مكانتها بين أكبر المنتجين بفضل الاستقرار السياسي والاستثمار في البحوث الزراعية.
أوكرانيا: الإمكانيات الزراعية الضخمة رغم التحديات
رغم الصعوبات الجيوسياسية التي تمر بها أوكرانيا، إلا أن البلاد تحتفظ بمكانة مهمة في إنتاج الشمندر السكري، حيث تُعد الأراضي الأوكرانية من بين الأغنى زراعيًا في أوروبا. يتركز الإنتاج في مناطق مثل فينيتسا وكييف وتشرنيغوف، وتُستخدم تقنيات ميكانيكية متقدمة لتسهيل الحصاد والنقل، رغم تأثر البنية التحتية الزراعية بالأزمات الأخيرة.
الصين: إنتاج متنوع من شمال البلاد
الصين، رغم تركيزها الأكبر على إنتاج قصب السكر، إلا أنها تُنتج كميات كبيرة من الشمندر السكري في المناطق الشمالية والشمالية الغربية مثل شينجيانغ ومنغوليا الداخلية. ويُعتمد على هذا الإنتاج في تغذية المصانع المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد، كما أن الحكومة الصينية تدعم توسيع زراعة المحصول ضمن خطة الأمن الغذائي الوطني.
المملكة المتحدة: إنتاج مركز في إنجلترا الشرقية
تُنتج المملكة المتحدة الشمندر السكري بكميات مهمة رغم صغر المساحة المزروعة مقارنة بدول أخرى، ويتركز الإنتاج في إنجلترا الشرقية، لا سيما في مقاطعات لينكولنشاير ونورفولك. يتم استخدام الإنتاج بالكامل لتصنيع السكر محليًا، وتلعب شركة “British Sugar” دورًا مركزيًا في تنظيم السوق وضمان الجودة.
إيران: تنوع زراعي يعزز إنتاج السكر المحلي
إيران من الدول التي تنوعت في زراعتها لتشمل الشمندر السكري كأحد محاصيلها الاستراتيجية. يتم زراعته في محافظات مثل خراسان، أذربيجان، وفارس، ويستخدم بشكل رئيسي لإنتاج السكر وتغطية احتياجات السوق المحلية. ورغم التحديات البيئية مثل الجفاف، إلا أن الدولة تستثمر في تطوير طرق الري الحديث وتقديم الدعم الفني للمزارعين.
العوامل المؤثرة في إنتاج الشمندر السكري عالميًا
تعتمد إنتاجية الشمندر السكري على مجموعة من العوامل التي تشمل المناخ، التربة، نوعية البذور، أساليب الزراعة، الدعم الحكومي، وتوافر البنية التحتية الصناعية مثل مصانع التكرير. كما أن تغير المناخ بات يمثل تحديًا متزايدًا أمام بعض المنتجين، مما يدفع إلى البحث عن أصناف مقاومة للجفاف والحرارة.
وتلعب التكنولوجيا الزراعية الحديثة دورًا محوريًا في تحسين الإنتاجية وجودة المحصول، عبر استخدام أنظمة الري الذكية، والطائرات بدون طيار لمراقبة الزرع، وبرامج الحوسبة لتحليل البيانات الزراعية واتخاذ قرارات دقيقة في الوقت المناسب.
أهمية الشمندر السكري في الاقتصاد والصناعة
يتعدى دور الشمندر السكري كونه مجرد محصول زراعي، إذ يُشكل ركيزة في الأمن الغذائي للعديد من الدول. فهو يُستخدم لإنتاج السكر، ويُستفاد من مخلفاته في إنتاج الأعلاف والوقود الحيوي. كما يشكل قطاع الشمندر السكري مصدرًا هامًا لتشغيل آلاف العمال في مراحل الزراعة، النقل، التكرير والتوزيع، بالإضافة إلى دخوله في سلاسل الإنتاج الصناعي في قطاع الأغذية والمشروبات.
آفاق مستقبلية لإنتاج الشمندر السكري
مع تزايد التوجه العالمي نحو تنويع مصادر إنتاج السكر لتقليل الاعتماد على قصب السكر الذي يحتاج إلى ظروف مناخية خاصة، يُتوقع أن يزداد الاعتماد على الشمندر السكري خلال العقود القادمة. كما أن البحث العلمي يتجه لتطوير أنواع جديدة أكثر إنتاجية ومقاومة للآفات، إلى جانب زيادة الكفاءة الصناعية في استخراج السكر وتحويل المخلفات إلى مصادر طاقة نظيفة.
المراجع:
-
FAO – Food and Agriculture Organization. (2023). Crops Statistics Database.
-
International Sugar Organization (ISO). (2022). World Sugar Production Reports.
