أكثر الدول العربية إنتاجًا لزيت الزيتون في العالم

زيت الزيتون يعد من أهم المنتجات الزراعية في العالم العربي، نظرًا لأهميته الغذائية والصحية والاقتصادية. يمثل الزيتون وزيته جزءًا متجذرًا من التراث الزراعي والثقافي للمنطقة، وتحتل الدول العربية مراتب متقدمة عالميًا في إنتاج زيت الزيتون. وتعود هذه المكانة إلى العوامل الطبيعية المثالية لزراعة الزيتون مثل المناخ المتوسطي، والتربة الخصبة، والخبرة المتراكمة عبر القرون. هذا المقال يستعرض بالتفصيل واقع إنتاج زيت الزيتون في الدول العربية، مع التركيز على أكثر الدول إنتاجًا، والعوامل التي ساعدتها في احتلال هذه المكانة، إضافة إلى أهم الإحصائيات المتعلقة بالإنتاج العالمي والإقليمي.

أهمية زيت الزيتون في العالم العربي

زيت الزيتون يُستخدم على نطاق واسع في الطبخ، والطب الشعبي، ومستحضرات التجميل، ويُعتبر مكونًا أساسيًا في المائدة العربية، لا سيما في دول المغرب العربي وبلاد الشام. كما أن له دورًا في التنمية الريفية، حيث تعتمد عليه آلاف الأسر كمصدر دخل رئيسي. ويتم تصديره إلى مختلف دول العالم، مما يعزز من ميزان التبادل التجاري لعدد من الدول المنتجة.

نظرة عامة على إنتاج زيت الزيتون عالميًا

يُنتج العالم سنويًا ما بين 3 إلى 3.5 ملايين طن من زيت الزيتون، وتحتل منطقة البحر الأبيض المتوسط المركز الرئيسي في هذه الصناعة، حيث تنتج أكثر من 95% من الإنتاج العالمي. من بين هذه الدول، تبرز الدول العربية كفاعلين رئيسيين، خاصة تونس، المغرب، سوريا، الجزائر، ولبنان.

أكثر الدول العربية إنتاجًا لزيت الزيتون

تونس

تونس تُعتبر الدولة العربية الأولى من حيث إنتاج زيت الزيتون، وغالبًا ما تحتل مراكز متقدمة عالميًا، تصل في بعض السنوات إلى المرتبة الثانية بعد إسبانيا. يتميز زيت الزيتون التونسي بجودته العالية ونكهته القوية، ويتم تصديره إلى أكثر من 60 دولة.

وفقًا للبيانات الصادرة عن المجلس الدولي للزيتون، تنتج تونس ما يزيد عن 250 ألف طن من زيت الزيتون في السنوات الجيدة، وقد وصلت في موسم 2019-2020 إلى نحو 400 ألف طن، مما جعلها أكبر مصدر عالمي في ذلك العام.

العوامل المساعدة في هذا الإنجاز:

• مساحة واسعة مزروعة بأشجار الزيتون تقدر بأكثر من 1.8 مليون هكتار.

• اعتماد تونس على طرق تقليدية وحديثة في الجني والعصر.

• دعم حكومي لترويج الصادرات وتحسين الجودة.

المغرب

المغرب يحتل المرتبة الثانية عربيًا، ومن بين العشرة الأوائل عالميًا. وتُنتج المملكة ما بين 160 إلى 200 ألف طن من زيت الزيتون سنويًا، ويتنوع الإنتاج بين الزيتون المخصص لاستهلاك المائدة والزيتون المنتج للزيت.

الزيتون يُزرع في مختلف المناطق، خاصة فاس، مكناس، تاونات، وزاكورة، وتغطي أشجار الزيتون أكثر من 1.2 مليون هكتار، ما يجعل الزيتون يحتل موقعًا مركزيًا ضمن السياسة الزراعية المغربية.

من العوامل الداعمة للإنتاج المغربي:

• برنامج “مخطط المغرب الأخضر” الذي دعم زراعة الزيتون والتصدير.

• البنية التحتية الجيدة لمعامل العصر.

• تنوع الأصناف المزروعة مثل “بيشولين المكي” و”الزيتون البلدي”.

سوريا

رغم ما شهدته من أزمات في العقد الأخير، إلا أن سوريا تظل من بين الدول العربية الرائدة في إنتاج زيت الزيتون. وتنتج سوريا ما بين 80 إلى 150 ألف طن سنويًا، وتحتل المرتبة الثالثة عربيًا.

الزيتون السوري يتميز بغناه بالمركبات المفيدة مثل البوليفينولات، ويُستخدم في الطهي والمجالات الطبية.

من أبرز مناطق إنتاج الزيتون في سوريا:

• محافظة إدلب.

• ريف حلب.

• حمص وطرطوس.

العوامل المؤثرة:

• زراعة أصناف تقليدية مثل “الصوراني” و”القيسي”.

• استخدام المعاصر التقليدية والحديثة.

• الظروف المناخية الملائمة.

الجزائر

تأتي الجزائر في المرتبة الرابعة عربيًا، بإنتاج يتراوح بين 70 إلى 100 ألف طن سنويًا. وتُزرع أشجار الزيتون في مختلف المناطق الجزائرية، خاصة منطقة القبائل، بجاية، تيزي وزو، وسطيف.

الجزائر بدأت في السنوات الأخيرة بتكثيف الجهود لزيادة الإنتاج وتطوير قطاع الزيوت، من خلال إنشاء تعاونيات فلاحية ومراكز بحث علمي زراعي.

مميزات زيت الزيتون الجزائري:

• النكهة القوية.

• ارتفاع نسبة الأحماض الدهنية المفيدة.

• الطلب المحلي الكبير.

فلسطين

رغم المساحة الجغرافية المحدودة، إلا أن فلسطين تُعد من أبرز الدول العربية في إنتاج زيت الزيتون، بإنتاج سنوي يتراوح بين 18 إلى 22 ألف طن. وتحتل أشجار الزيتون حوالي 50% من المساحة الزراعية الكلية في الأراضي الفلسطينية.

العوامل التي ساعدت فلسطين على المحافظة على موقعها:

• تراث عريق في زراعة الزيتون والعصر.

• التنوع البيئي ووجود أصناف محلية مثل “النبالي”.

• الدعم من مؤسسات أهلية لتعزيز الجودة والتسويق.

لبنان

لبنان كذلك يُسهم في إنتاج زيت الزيتون في المنطقة، بكمية سنوية تقارب 15 إلى 20 ألف طن. وتُزرع الأشجار على المرتفعات وفي المناطق الساحلية مثل الكورة، الشوف، عكار، والجنوب.

الزيت اللبناني معروف بجودته العالية، وتُقام مهرجانات سنوية للترويج له. ويُستخدم في الأسواق المحلية ويُصدَّر إلى الأسواق الأوروبية والخليجية.

جدول مقارنة إنتاج زيت الزيتون في الدول العربية الرئيسية (المتوسط السنوي)

التحديات التي تواجه إنتاج زيت الزيتون في الدول العربية

رغم التقدم الملحوظ في كمية وجودة إنتاج زيت الزيتون، إلا أن هناك عددًا من التحديات التي لا تزال تواجه هذا القطاع الحيوي:

• التغيرات المناخية: التي تؤثر على الإزهار والإنتاج السنوي للأشجار.

• شح الموارد المائية: لا سيما في الدول التي تعتمد على الأمطار.

• مشاكل التسويق: وغياب آليات فعالة للولوج إلى الأسواق العالمية ببعض الدول.

• ضعف التحديث الصناعي: لا تزال بعض الدول تعتمد على أساليب تقليدية غير فعالة في العصر والتخزين.

• الآفات الزراعية: مثل ذبابة الزيتون، التي تؤثر على نوعية الثمار وجودة الزيت.

دور زيت الزيتون في الاقتصاد والتنمية المستدامة

يمثل زيت الزيتون مكونًا أساسيًا في الاقتصاد الزراعي للعديد من الدول العربية، ويُسهم في:

• توفير فرص عمل لآلاف الفلاحين والعمال.

• تعزيز الصادرات وتحقيق مداخيل بالعملة الصعبة.

• تحقيق الأمن الغذائي بفضل فوائده الصحية وغناه بالدهون الأحادية غير المشبعة.

• دعم السياحة الزراعية من خلال مهرجانات الحصاد، ومسارات السياحة البيئية.

مبادرات لتحسين جودة زيت الزيتون العربي

عدة دول عربية اتجهت إلى تطوير هذا القطاع الاستراتيجي من خلال:

• إطلاق علامات جودة محمية دوليًا مثل “PDO” (Protected Designation of Origin).

• تحسين أساليب الجني والعصر والتخزين للرفع من جودة الزيت.

• الدخول في الأسواق العضوية من خلال إنتاج زيت عضوي معتمد.

• تشجيع البحث العلمي عبر مراكز البحوث الزراعية وجامعات مختصة.

مصادر ومراجع

1. المجلس الدولي للزيتون – International Olive Council
   
   https://www.internationaloliveoil.org

2. وزارة الفلاحة التونسية – نشرات رسمية وتقارير إنتاج زراعي
   
   http://www.agriculture.tn

هذا العرض التفصيلي يُبرز أهمية زيت الزيتون كعنصر استراتيجي في المنظومة الزراعية والغذائية والاقتصادية في الدول العربية، ويؤكد المكانة التي تحتلها هذه الدول على خريطة الإنتاج العالمي.