ديموغرافيا الدول

أكبر دول تحتضن الأمازيغ

أكبر 10 دول في العالم من حيث عدد الأمازيغ: انتشار واسع وهوية راسخة

يُعتبر الأمازيغ أحد أقدم الشعوب الأصلية في شمال إفريقيا، وهم يُشكّلون عنصراً رئيسياً من الهوية الثقافية والحضارية لمنطقة المغرب الكبير. تمتد جذور الأمازيغ في التاريخ آلاف السنين، وقد لعبوا دوراً حيوياً في تشكيل معالم الحضارة المتوسطية والأفريقية، كما ساهموا في مجالات متعددة كالتجارة والعلوم والسياسة والدين. يتوزع الأمازيغ اليوم على رقعة جغرافية واسعة تشمل شمال إفريقيا وجزر الكناري وأجزاء من منطقة الساحل، إضافة إلى وجودهم في المهجر الأوروبي والأمريكي. ومع تعدد الأصول العرقية واللغوية لشعوب العالم، يتميّز الأمازيغ بخصوصية لغوية وهُوِّيَّة ثقافية فريدة لازالت صامدة رغم قرون من التحديات والتهميش في بعض الفترات.

يُعرف الأمازيغ كذلك بعدة تسميات بحسب المنطقة واللسان، منهم من يفضل “إمازيغن” وهي الكلمة الأمازيغية الأصلية، وتُعني “الرجال الأحرار”. أما لغتهم، فهي الأمازيغية أو “تامازيغت”، التي تكتب بأبجدية “تيفيناغ”، وهي من أقدم الأبجديات في العالم. ورغم محاولات الطمس التي تعرضت لها الثقافة الأمازيغية في فترات تاريخية عديدة، إلا أن الأمازيغية ما تزال حية في المجتمعات، وتعرف حراكاً نشطاً على الصعيد الثقافي والسياسي في الكثير من البلدان.

في هذا المقال، سيتم استعراض أكبر عشر دول في العالم من حيث عدد السكان الأمازيغ، مع تحليل سوسيولوجي وثقافي لوجودهم في كل دولة، وإبراز خصائصهم الديموغرافية، اللغوية والثقافية، وكذلك تطور أوضاعهم التاريخية والاجتماعية.


1. المغرب

يُعد المغرب البلد الأول في العالم من حيث عدد السكان الأمازيغ، إذ تُقدَّر نسبة الأمازيغ فيه بما يتراوح بين 40% إلى 60% من مجموع السكان، أي ما يقارب 14 إلى 20 مليون أمازيغي من أصل حوالي 37 مليون نسمة.

تنتشر الأمازيغية في المغرب بعدة لهجات رئيسية: “تاريفيت” في الشمال، “تمازيغت” في الوسط، و”تاشلحيت” في الجنوب. وقد اعترف الدستور المغربي في عام 2011 بالأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية، وهو تطور هام في الاعتراف بالهوية الأمازيغية. وتُدرَّس الأمازيغية اليوم في المدارس، كما يتم اعتماد حروف تيفيناغ في اللوحات الرسمية وأسماء المؤسسات.

رغم هذا التقدم، لا تزال المطالب مستمرة لتوسيع حضور الأمازيغية في الإعلام والإدارة والقانون، وتحقيق مساواة فعلية في الحقوق الثقافية واللغوية.


2. الجزائر

تأتي الجزائر في المرتبة الثانية، حيث يُشكِّل الأمازيغ فيها نسبة تتراوح بين 25% إلى 35% من السكان، أي ما يُعادل حوالي 10 إلى 15 مليون نسمة من أصل حوالي 45 مليون جزائري.

اللهجات الأمازيغية في الجزائر تتنوع بين القبائلية (القبائل الكبرى في منطقة تيزي وزو وبجاية)، الشاوية (في الأوراس)، المزابية (في غرداية)، التارقية (الطوارق في الجنوب)، وغيرها. وقد شهدت الجزائر تقدماً تشريعياً مهماً بإدراج اللغة الأمازيغية كلغة رسمية ثانية في الدستور منذ عام 2016.

تلعب الحركات الأمازيغية، خاصة في منطقة القبائل، دوراً محورياً في الدفع نحو الاعتراف بالهوية الأمازيغية، كما أن هناك حضوراً قوياً للثقافة الأمازيغية في المسرح، الموسيقى، والسينما الجزائرية.


3. ليبيا

رغم أن نسبة الأمازيغ في ليبيا أقل عدداً مقارنة بجيرانها المغاربيين، إلا أن وجودهم مهم من حيث التأثير الثقافي والسياسي. يُقدَّر عدد الأمازيغ في ليبيا بما يتراوح بين 600 ألف إلى مليون نسمة، أي حوالي 10% من مجموع السكان.

أهم المناطق الأمازيغية في ليبيا تشمل: جبل نفوسة، زوارة، غدامس، وأيضاً بعض المجموعات من الطوارق في الجنوب الليبي. بعد سقوط النظام الليبي في 2011، ظهر الأمازيغ بشكل أقوى على الساحة السياسية والثقافية، وطالبوا بحقوقهم اللغوية والدستورية، حيث قاموا بإحياء اللغة الأمازيغية ونشر التعليم بها، بالإضافة إلى إنشاء وسائل إعلام ناطقة بها.


4. مالي

في مالي، يتركز الأمازيغ ضمن مكوّن الطوارق، وهم سكان الصحراء الكبرى الناطقين بالأمازيغية من لهجة “تماشق”. يبلغ عدد الطوارق في مالي نحو 1.5 إلى 2 مليون نسمة.

يُعتبر الطوارق أحد المكونات التاريخية للصحراء الكبرى، ولهم تقاليد مميزة، منها اللباس الأزرق والتجوال في الصحراء، ويتميّزون بثقافة شفوية غنية. عانى الطوارق في مالي من التهميش والصراعات، خصوصاً في شمال البلاد، حيث شهدت مناطق ككيدال وتمبكتو تمردات متكررة تطالب بالحكم الذاتي أو الاعتراف بالهوية الثقافية للطوارق.


5. النيجر

كما هو الحال في مالي، يُعتبر الطوارق مكوّناً أساسياً في النسيج الاجتماعي النيجري، ويُقدّر عددهم بحوالي 1.2 إلى 1.5 مليون نسمة. يعيشون في المناطق الصحراوية شمال النيجر، وتربطهم صلات قوية بأمازيغ الجزائر وليبيا.

يواجه الطوارق في النيجر تحديات كبيرة تتعلق بالفقر، نقص الخدمات، والمطالبة بالمساواة. ورغم توقيع اتفاقيات سلام مع الحكومة، لا تزال العديد من المناطق تشكو من ضعف البنية التحتية وتراجع التنمية.


6. تونس

يتواجد الأمازيغ في تونس بنسبة أقل من المغرب والجزائر، وتقدّر نسبتهم بحوالي 1% إلى 5% من السكان، أي نحو 500 ألف إلى 1 مليون نسمة.

أشهر المناطق الأمازيغية في تونس هي: مطماطة، تطاوين، جنّة، شنني، الدويرات، وتمزرط. وتُعرف هذه المناطق بعمارتها الصخرية الفريدة، واحتفاظها ببعض العادات الأمازيغية في اللباس والطبخ والاحتفالات. ورغم أن الدولة التونسية لم تُقر رسمياً باللغة الأمازيغية، إلا أن المجتمع المدني الأمازيغي ينشط بشكل متزايد في الحفاظ على اللغة والثقافة.


7. بوركينا فاسو

يعيش عدد مهم من الطوارق في شمال بوركينا فاسو، خاصة في المناطق المتاخمة للنيجر ومالي. ويُقدَّر عدد الأمازيغ الطوارق في هذا البلد بما بين 200 إلى 300 ألف نسمة.

رغم ضعف الحضور السياسي للأمازيغ في بوركينا فاسو، فإن لهم تأثيراً ثقافياً في بعض المناطق الحدودية، ويشاركون في التجارة العابرة للصحراء. ويعاني الأمازيغ في هذا البلد، كما في غيره من بلدان الساحل، من آثار الاضطرابات الأمنية وتدهور الوضع المعيشي.


8. موريتانيا

يوجد في موريتانيا عدد من الطوارق، خصوصاً في الشمال الشرقي من البلاد، ويُقدَّر عددهم بحوالي 100 إلى 200 ألف نسمة.

ويشكّل الأمازيغ الطوارق جزءاً من المجتمعات الرحّل التي تميز منطقة الساحل الصحراوي، إلا أن الاعتراف الثقافي بهم محدود، ويتحدث بعضهم بلهجات قريبة من التماشق. ويواجهون صعوبات في التعبير عن هويتهم الثقافية ضمن واقع اجتماعي معقّد يغلب عليه الطابع العربي والإفريقي الأسود.


9. فرنسا

تُعد فرنسا أكبر دولة غير أفريقية تضم جالية أمازيغية كبيرة، وتُقدَّر الأعداد بما يفوق 2 مليون أمازيغي من أصول مغربية، جزائرية وتونسية.

يتمتع الأمازيغ في فرنسا بحرية نسبية في التعبير عن هويتهم، حيث توجد العديد من الجمعيات الثقافية والمدارس غير الرسمية التي تُدرّس الأمازيغية، إضافة إلى مهرجانات ثقافية تنظم سنوياً في باريس ومدن كمارسيليا وليون. كما تُبث برامج ناطقة بالأمازيغية على بعض القنوات الفرنسية.


10. كندا

يوجد في كندا جالية أمازيغية نشطة، يُقدّر عددها بنحو 100 إلى 200 ألف نسمة، أغلبهم من المهاجرين الجدد أو من الجيل الثاني والثالث من الأمازيغ القادمين من المغرب والجزائر.

تتمركز هذه الجالية في مقاطعات مثل كيبيك وأونتاريو، حيث أنشأوا جمعيات ثقافية ومدارس لتعليم اللغة الأمازيغية، ويشاركون في أنشطة الجاليات متعددة الثقافات، مما يسمح لهم بالحفاظ على الهوية الأمازيغية في بيئة متعددة الأعراق واللغات.


جدول: أكبر الدول من حيث عدد الأمازيغ

الترتيب الدولة التقدير التقريبي لعدد الأمازيغ النسبة من عدد السكان أبرز اللهجات الأمازيغية
1 المغرب 14–20 مليون 40–60% تاشلحيت، تامازيغت، تاريفيت
2 الجزائر 10–15 مليون 25–35% القبائلية، الشاوية، المزابية
3 ليبيا 0.6–1 مليون 10% نفوسي، الزواري، التارقية
4 مالي 1.5–2 مليون 7–10% تماشق (الطوارق)
5 النيجر 1.2–1.5 مليون 5–7% تماشق (الطوارق)
6 تونس 0.5–1 مليون 1–5% التمزرطية، الدويراتية
7 بوركينا فاسو 0.2–0.3 مليون 1–2% تماشق
8 موريتانيا 0.1–0.2 مليون أقل من 1% تماشق
9 فرنسا 2 مليون أقل من 3% متعددة حسب الأصل (مغربية، جزائرية)
10 كندا 0.1–0.2 مليون أقل من 1% متنوعة

المراجع

  1. Centre National de la Recherche Scientifique (CNRS) – Langues et civilisations berbères

  2. Ethnologue: Languages of the World – Berber Languages Overview