أكبر القطاعات الاقتصادية في الصومال

أكبر القطاعات الاقتصادية في الصومال

تُعد جمهورية الصومال الفيدرالية واحدة من أكثر الدول الإفريقية التي مرّت بتقلبات سياسية وأمنية أثّرت بعمق على بنيتها الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن الصومال تملك مقومات طبيعية وبشرية ضخمة جعلتها تتسم بخصائص اقتصادية فريدة، رغم التحديات الهيكلية والمؤسساتية. يعتمد الاقتصاد الصومالي بدرجة كبيرة على بعض القطاعات الحيوية التي تُعد عماد الاقتصاد الوطني، وتوفر فرص العمل والغذاء والدخل للغالبية العظمى من السكان. فيما يلي تحليل تفصيلي وشامل لأكبر وأهم القطاعات الاقتصادية في الصومال، مع إبراز مكوناتها، مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وعوائقها التنموية.

أولًا: قطاع الرعي والثروة الحيوانية

يُعد قطاع الثروة الحيوانية العمود الفقري للاقتصاد الصومالي، إذ يشكل نحو 60-65% من إجمالي الناتج المحلي ويُساهم بنحو 80% من إجمالي الصادرات الوطنية. يعتمد جزء كبير من سكان الصومال على تربية الماشية مثل الإبل، والأبقار، والضأن، والماعز كمصدر رئيسي للدخل والغذاء، وكذلك كمظهر للثروة الاجتماعية.

مميزات القطاع:

• وفرة المراعي الطبيعية في السهول والوديان الممتدة.

• التكيف مع البيئة الجافة وشبه الجافة، حيث تُعتبر الإبل من أكثر الأنواع القادرة على التكيّف.

• الطلب المرتفع على اللحوم الحلال الصومالية في الأسواق الخليجية (السعودية، الإمارات، عمان)، خاصة خلال مواسم الحج.

التحديات:

• ندرة المياه والجفاف المتكرر بسبب تغير المناخ.

• ضعف البنية التحتية البيطرية، مما يزيد من انتشار الأمراض الحيوانية.

• تذبذب السوق العالمي والأسعار العالمية.

• تدني الإنتاجية بسبب غياب التقنيات الحديثة والرعاية الصحية البيطرية.

ثانيًا: قطاع الزراعة

يأتي القطاع الزراعي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد قطاع الثروة الحيوانية، ويشكل نحو 15-20% من الناتج المحلي الإجمالي. ويُعتبر أحد مصادر العيش الأساسية خاصة في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية، مثل ولايتي شبيلي السفلى وجوبا الوسطى، حيث توجد الأراضي الخصبة وأنهار جوبا وشبيلي.

أبرز المحاصيل:

• الذرة البيضاء والذرة الصفراء

• السمسم

• البقوليات

• المانجو والموز

• الخضروات الموسمية

مميزات القطاع:

• خصوبة بعض الأودية الزراعية جنوب البلاد.

• إمكانات هائلة للتوسع في الزراعة المطرية والريّ الحديث.

التحديات:

• ضعف شبكات الريّ وغياب السدود المنظمة.

• تكرار النزاعات والنزوح في المناطق الزراعية الخصبة.

• قلة الدعم الفني واللوجستي للمزارعين.

• محدودية التوسع في الزراعة التجارية والصناعية.

ثالثًا: قطاع التجارة والخدمات

رغم هشاشة المؤسسات الحكومية والبيئة الاستثمارية، يُعد قطاع التجارة والخدمات أحد المحركات الحيوية في الاقتصاد الصومالي، حيث يشكل نحو 25-30% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعتمد بدرجة كبيرة على الاستيراد وإعادة التصدير، إلى جانب التحويلات المالية من الجالية الصومالية في الخارج.

مكونات القطاع:

• تجارة الجملة والتجزئة

• أسواق الماشية والمحاصيل

• الخدمات المصرفية غير الرسمية (الحوالات والتحويلات)

• الأنشطة البحرية والنقل

العوامل الداعمة:

• مرونة الأسواق الصومالية وعدم خضوعها للبيروقراطية الحكومية الثقيلة.

• دور المغتربين في تحويل الأموال والاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

• انتعاش القطاع المصرفي غير الرسمي عبر شركات تحويل الأموال (مثل دحابل وصهاف).

التحديات:

• غياب نظام مصرفي رسمي متطور.

• الاعتماد الكبير على الواردات مما يسبب اختلال في الميزان التجاري.

• عدم استقرار العملة المحلية وغياب سياسات نقدية فاعلة.

رابعًا: قطاع الصيد البحري

يُعد الصيد البحري من أكثر القطاعات الواعدة في الصومال، نظرًا لأن البلاد تمتلك واحدًا من أطول السواحل في إفريقيا (أكثر من 3,300 كيلومترًا) على البحر الأحمر والمحيط الهندي، وتزخر مياهها بالثروة السمكية المتنوعة.

أنواع الأسماك الشائعة:

• التونة

• السردين

• الروبيان

• سمك القرش

• الكركند

الإمكانيات التنموية:

• تطوير صناعة الأسماك المجمدة والمعلبة للتصدير.

• استقطاب الاستثمار الأجنبي في موانئ الصيد والبنية التحتية.

• تعزيز الأمن البحري لمحاربة الصيد غير المشروع.

التحديات:

• القرصنة والصيد الجائر من قبل شركات أجنبية.

• غياب موانئ متخصصة بصيد الأسماك.

• ضعف الاستثمارات الحكومية في القطاع.

• نقص التدريب والتجهيزات الحديثة للصيادين المحليين.

خامسًا: قطاع التحويلات المالية

التحويلات المالية من المغتربين تُشكّل مصدرًا أساسيًا للدخل القومي الصومالي، حيث تُقدّر قيمتها السنوية بما يزيد عن 1.6 مليار دولار أمريكي، وتُعادل تقريبًا نصف الناتج المحلي الإجمالي.

دور التحويلات:

• تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

• تغطية الإنفاق الأسري على التعليم والصحة.

• تحفيز الطلب المحلي وتنشيط الأسواق.

أبرز شركات التحويل:

• دحابل

• صهاف

• امال اكسبريس

• كعاو

التحديات:

• غياب إشراف مالي مركزي من البنك المركزي الصومالي.

• ارتفاع تكاليف التحويل نتيجة غياب المنافسة المنظمة.

• تعرض هذه الشركات أحيانًا لضغوط مالية من الجهات الدولية بسبب قوانين مكافحة الإرهاب.

سادسًا: قطاع التعدين والموارد الطبيعية

يمتلك الصومال ثروات معدنية كبيرة غير مستغلة، بسبب غياب الأمن والبنية التحتية وضعف الاستثمارات في هذا القطاع. وتشير الدراسات الجيولوجية إلى وجود موارد مهمة مثل:

أهم الموارد المعدنية:

• النفط والغاز الطبيعي (خاصة في مناطق بونتلاند وجنوب البلاد)

• اليورانيوم

• الجبس

• الملح

• الذهب

• الفحم الحجري

الإمكانيات:

• فرص للاستثمار الأجنبي في التنقيب والاستخراج.

• إمكانات هائلة لتصدير المعادن الخام.

التحديات:

• انعدام الاستقرار السياسي والأمني.

• النزاعات المحلية حول ملكية الأراضي الغنية بالموارد.

• عدم وجود إطار قانوني منظم لصناعة التعدين.

جدول يوضح مساهمة أبرز القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي للصومال

الخلاصة التحليلية

يعتمد الاقتصاد الصومالي بشكل أساسي على القطاعات التقليدية مثل الرعي والزراعة، إلا أن هناك إمكانيات واعدة في مجالات الصيد البحري والتعدين والخدمات التجارية، لم تُستغل بعد بشكل منهجي. ويُعد الأمن، والاستقرار المؤسسي، وتفعيل البنية التحتية الاقتصادية، وتحسين بيئة الأعمال من العوامل الجوهرية للنهوض بهذه القطاعات وجعلها قادرة على خلق تنمية اقتصادية مستدامة وشاملة في الصومال.

المراجع:

• World Bank Somalia Economic Update 2023

• FAO Somalia Country Report on Livestock and Agriculture