عنوان المقال: أقوال ملهمة عن القراءة
مقدمة
القراءة هي أحد أعظم الاكتشافات التي عرفها الإنسان في مسيرة تطوره الحضاري، فهي الجسر الذي يربط العقول بالأزمنة، والثقافات بالمجتمعات، والأفكار بالأفعال. لم تكن القراءة يومًا وسيلة ترفيه فحسب، بل هي أداة لبناء الفكر، وتشكيل الوعي، وصياغة المستقبل. ومن هنا، كثرت الأقوال والحكم التي امتدحت القراءة ودورها الجوهري في حياة الإنسان، وتناقلها الأدباء والفلاسفة والعلماء لما لها من أثر لا يُضاهى في بناء الشخصية وتنمية المجتمعات.
أهمية الأقوال في تمجيد القراءة
الأقوال التي وردت عن القراءة ليست مجرد عبارات بلاغية، بل هي شهادات صادقة من شخصيات عاشت التجربة، وتلمّست أثر الكتب في تشكيل رؤيتها. هذه الأقوال تتفاوت بين الإشادة بقوة المعرفة، والتحذير من الجهل، والدعوة إلى جعل الكتاب رفيقًا دائمًا في دروب الحياة.
أقوال الفلاسفة والعلماء عن القراءة
أرسطو:
“القراءة هي غذاء الروح كما أن الطعام هو غذاء الجسد.”
الفيلسوف اليوناني العظيم أرسطو، الذي أسس كثيرًا من المبادئ المنطقية والفلسفية، رأى في القراءة مدخلًا لتنمية الروح والعقل، ووضعها في مرتبة لا تقل أهمية عن الحاجة المادية الأساسية للغذاء.
فرانسيس بيكون:
“القراءة تصنع الإنسان الكامل، والمحادثة تصنعه مستعدًا، والكتابة تصنعه دقيقًا.”
هذا القول يبين التكامل بين مهارات الإنسان الفكرية والعملية، ويضع القراءة على رأس الأدوات التي تخلق كائنًا واعيًا ومؤثرًا.
فولتير:
“من يقرأ كثيرًا يتحدث قليلاً، ولكن حين يتكلم، فإن كلماته تكون ثمينة.”
يُبرز فولتير القيمة العميقة للقراءة في تنقية الفكر وتوجيه الكلام، فالقراءة لا تملأ العقل فحسب، بل تهذّب أسلوب التعبير وتجعل الكلام ثريًا وموزونًا.
نيتشه:
“القراءة تعني أن تترك نفسك لغيرك ليفكر عنك.”
رغم التفسير النقدي لهذا القول، فإنه يُبرز وجهًا فلسفيًا معقدًا، حيث يدعو نيتشه إلى التأمل في طبيعة القراءة كعملية تلقي للفكر، مما يجعل القارئ مسؤولًا عن اختيار مصادره بعناية.
أقوال الأدباء والمفكرين العرب عن القراءة
الجاحظ:
“أنا من كتبي، فإن غابت عني ساء حالي.”
الجاحظ، أحد أعلام النثر العربي في العصر العباسي، عبّر عن عمق ارتباطه بالكتب والقراءة، حيث كانت هي مصدر سعادته ومعرفته، بل وركيزة هويته الفكرية.
أحمد شوقي:
“أنا من بدل بالكتب الصحابا… لم أجد لي وافياً إلا الكتابا.”
بيت من الشعر يلخص مكانة الكتاب في حياة شوقي، وكيف كان الكتاب رفيقًا لا يُضاهى حتى بأعزّ الأصدقاء.
نجيب محفوظ:
“العقل الواعي هو الذي يقرأ الكتب، أما العقل غير الواعي فهو الذي تسيطر عليه.”
محفوظ، الحائز على نوبل، كان يرى في القراءة وسيلة للتحرر من الجهل والجمود، حيث تفتح الكتاب عيون العقل ليرى العالم بوضوح.
أقوال عالمية حديثة عن القراءة
كارل ساجان:
“الكتب هي مفاتيح إلى الحضارات، وكل صفحة تقرؤها هي سفر إلى عقول الآخرين.”
كارل ساجان، عالم الفلك والكاتب الأمريكي، أشار إلى الكتب كوسيلة لعبور الزمن، حيث يستوعب القارئ عصارة خبرات العصور الغابرة.
ستيفن كينغ:
“من لا يقرأ ليس له أي امتياز على من لا يستطيع القراءة أصلًا.”
هذا القول يفضح الواقع المؤلم للذين يهملون القراءة رغم قدرتهم عليها، ويجعلهم في مستوى واحد مع الأميين، ما لم يستفيدوا من هذه النعمة.
أقوال عن القراءة في الإسلام والتراث الديني
النبي محمد ﷺ:
“اقرأ باسم ربك الذي خلق.”
هذه الآية الكريمة كانت أول ما نزل من الوحي، مما يُعلي من قيمة القراءة في العقيدة الإسلامية، ويضعها في مقدمة وسائل الهداية والتنوير.
الإمام علي بن أبي طالب:
“العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال.”
بين العلم والمال، اختار الإمام علي العلم والقراءة كوسيلة لحماية الإنسان والارتقاء به، في دلالة واضحة على أهمية الفكر والمعرفة.
القراءة في أدب الأطفال والتنشئة
التنشئة على حب القراءة تبدأ منذ الصغر، حيث تغرس في الطفل ملكة الفضول العقلي والخيال الخصب، وتنشئه على حب الاطلاع والتحليل. قال الروائي الدكتور سيف الإسلام بن سعود:
“أعطني طفلًا يقرأ، أعطك مستقبلًا مثقفًا.”
كما أن الباحثة البريطانية إليانور هاريسون ذكرت أن الأطفال الذين يقرأون من سن مبكرة يمتلكون قدرة أعلى على التركيز، والتحليل، والربط المنطقي بين المفاهيم في مراحل لاحقة من تعليمهم.
جدول يوضح أنواع القراءة وأثر كل نوع منها
| نوع القراءة | الوصف | الأثر المتوقع على الفرد |
|---|---|---|
| القراءة الترفيهية | قراءة القصص، الروايات، والمقالات المسلية | تنمية الخيال، تخفيف التوتر، تحسين اللغة والتعبير |
| القراءة الدراسية | قراءة المناهج والمراجع الأكاديمية | اكتساب المعرفة التخصصية، التفوق العلمي |
| القراءة التأملية | قراءة النصوص الفلسفية أو الدينية بتمعن | تعميق الوعي الذاتي، بناء القيم والأفكار |
| القراءة السريعة | تصفح المعلومات أو قراءة المقالات السريعة عبر الإنترنت | زيادة حجم المعرفة العامة، لكنها غالبًا سطحية |
| القراءة النقدية | قراءة النصوص مع تحليلها وتفسيرها وربطها بالسياقات الفكرية | تطوير التفكير النقدي، تعزيز مهارات الاستدلال والاستنتاج |
العلاقة بين القراءة وبناء الحضارة
لا توجد حضارة ازدهرت إلا وكانت القراءة في صلبها. من النهضة الأوروبية التي ارتبطت باختراع المطبعة وتوسع الثقافة المكتوبة، إلى الحضارة الإسلامية التي كانت المكتبات في قلب مدنها الكبرى، من بيت الحكمة في بغداد إلى دار العلم في القاهرة، كانت القراءة دائمًا هي الوقود الذي يحرك عجلة التقدم العلمي والثقافي.
القراءة والذكاء العاطفي والاجتماعي
تشير الدراسات النفسية الحديثة إلى أن القراءة، خاصة في مجال الرواية والأدب، تساهم في رفع مستويات “الذكاء العاطفي” لدى الأفراد، حيث يتقمص القارئ شخصيات مختلفة، ويشعر بمشاعرها، ويفهم دوافعها. هذه العملية تنمّي قدرته على التعاطف مع الآخرين، وتحسّن مهارات التواصل والقيادة.
أقوال ميدانية من تجارب القرّاء
“القراءة هي الملجأ في كل الأوقات، في لحظات الحزن أو الفرح أو الضياع.” – قارئ شاب من لبنان.
“حين فقدت وظيفتي، قرأت أكثر، وتعلمت مهارات جديدة من الكتب. اليوم أنا أعمل في مجال مختلف وأحب ما أقوم به.” – سيدة من المغرب.
القراءة كوسيلة لمكافحة الجهل
الجهل ليس فقط عدم معرفة، بل قد يكون غياب القدرة على التفكير الحر والواعي. والقراءة هي السلاح الأول لمحاربة هذا النوع من الجهل، لأنها تمنح الإنسان أدوات السؤال، والشك، والتحليل، وتفتح أمامه أبوابًا كان يظنها مغلقة.
الخاتمة
القراءة لم تكن يومًا وسيلة جانبية للتسلية، بل هي العمود الفقري للتنوير، والمرآة الصافية التي يرى الإنسان من خلالها العالم على حقيقته. الأقوال التي تناولت القراءة عبر العصور، كانت صوتًا صادقًا يعبّر عن التجربة الإنسانية في سعيها إلى النور عبر صفحات الكتب. وبين سطور تلك الأقوال، نجد دروسًا لا تُقدّر بثمن، وتوصيات خالدة تحثنا على أن نكون قرّاءً دائمين، في زمن يتسارع فيه الإيقاع وتضيع فيه البوصلة الفكرية بدون معرفة عميقة.
المراجع:
-
الجاحظ، “البيان والتبيين”، دار الكتب العربية.
-
Carl Sagan, Cosmos, Ballantine Books, 1980.
