التنكس البقعي: الأسباب والعلاج

التنكس البقعي: أنواعه، وأسبابه، وأعراضه، وطرق علاجه

التنكس البقعي هو حالة مرضية تصيب العين، وتؤثر بشكل خاص على البقعة الصفراء (المعروفة باسم “الماكولا”) في شبكية العين. هذه المنطقة المسؤولة عن الرؤية المركزية، أي القدرة على الرؤية بوضوح والتفاصيل الدقيقة. يُعتبر التنكس البقعي من الأسباب الرئيسية لفقدان الرؤية لدى كبار السن، وهو مرض مزمن يتطور بشكل تدريجي، مما يؤدي إلى تدهور القدرة على الرؤية المركزية.

1. أنواع التنكس البقعي

يُقسم التنكس البقعي إلى نوعين رئيسيين، هما التنكس البقعي الجاف (Dry AMD) والتينكس البقعي الرطب (Wet AMD). كل نوع له خصائصه الخاصة، وله تأثيرات مختلفة على العين.

أ. التنكس البقعي الجاف (Dry AMD)

يُعتبر التنكس البقعي الجاف أكثر الأنواع شيوعاً، حيث يُمثل حوالي 80-90% من حالات التنكس البقعي. يحدث هذا النوع عندما تبدأ الخلايا المسؤولة عن الرؤية في الماكوما بالتلف التدريجي، وهو ما يؤدي إلى انخفاض تدريجي في القدرة على الرؤية المركزية. يتطور هذا النوع بشكل بطيء، وقد لا يشعر المرضى في البداية بأي أعراض واضحة.

ب. التنكس البقعي الرطب (Wet AMD)

يُعتبر التنكس البقعي الرطب أقل شيوعاً، ولكنه أكثر خطورة. يحدث عندما تتسرب الأوعية الدموية غير الطبيعية في الجزء الخلفي للعين تحت الشبكية، مما يؤدي إلى تسرب السوائل والدم. هذا التسريب يتسبب في تلف الأنسجة المجاورة ويؤدي إلى فقدان سريع للرؤية المركزية. عادةً ما يتطور هذا النوع بشكل مفاجئ، مما يسبب فقداناً كبيراً في الرؤية.

2. أسباب التنكس البقعي

على الرغم من أن أسباب التنكس البقعي لا تزال غير مفهومة بشكل كامل، إلا أن هناك عوامل عدة قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بهذه الحالة:

أ. العمر

يُعتبر التقدم في العمر أحد أهم العوامل المسببة للتنكس البقعي. تزداد احتمالية الإصابة بالتنكس البقعي مع التقدم في العمر، خصوصاً بعد سن الـ 60.

ب. العوامل الوراثية

العوامل الوراثية تلعب دوراً مهماً في خطر الإصابة بالتنكس البقعي. إذا كان أحد أفراد الأسرة قد تعرض للتنكس البقعي، فإن فرص الإصابة بهذه الحالة تكون أعلى.

ج. التدخين

يعتبر التدخين أحد أهم العوامل المؤثرة في تطور التنكس البقعي. الدراسات أثبتت أن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة مقارنة بغير المدخنين.

د. العوامل البيئية والنمط الحياتي

التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية والبيئة السامة قد يزيدان من خطر الإصابة بالتنكس البقعي. كما أن نمط الحياة غير الصحي، مثل اتباع نظام غذائي فقير بالفيتامينات والعناصر الغذائية المهمة، قد يكون له دور في زيادة الإصابة بهذه الحالة.

هـ. الأمراض المصاحبة

أشخاص مصابون ببعض الأمراض المزمنة مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم يكونون أكثر عرضة للإصابة بالتنكس البقعي. وقد يكون هذا بسبب تأثير هذه الأمراض على الأوعية الدموية في العين.

3. أعراض التنكس البقعي

تعتمد أعراض التنكس البقعي على نوع المرض ومرحلة تطوره. قد تختلف الأعراض من شخص لآخر، لكن هناك بعض الأعراض العامة التي تظهر في أغلب الحالات:

أ. الرؤية المشوشة

من أبرز أعراض التنكس البقعي هو ظهور رؤية مشوشة أو ضبابية في المركز، حيث يشعر المريض بأن الصورة تكون غير واضحة أو بها بقع مظلمة في المنتصف.

ب. صعوبة في رؤية التفاصيل الدقيقة

من الصعب على مرضى التنكس البقعي رؤية التفاصيل الصغيرة، مثل قراءة النصوص أو التعرف على الوجوه. هذا يكون أكثر وضوحاً في الإضاءة الضعيفة أو عند الحاجة إلى تركيز عالٍ.

ج. تشوه الأجسام المستقيمة

قد يرى المرضى الأجسام المستقيمة، مثل خطوط الجدران أو الحواف، بشكل متموج أو ملتوي، وهي علامة على تأثير التنكس البقعي على الشبكية.

د. ضعف الرؤية في الإضاءة المنخفضة

عادة ما يواجه مرضى التنكس البقعي صعوبة في الرؤية في الأماكن المظلمة أو ذات الإضاءة الخافتة.

هـ. فقدان مفاجئ للرؤية

في حالة التنكس البقعي الرطب، يمكن أن يحدث فقدان مفاجئ للرؤية في عين واحدة، مما يتطلب تدخلاً سريعاً.

4. طرق تشخيص التنكس البقعي

يُعد التشخيص المبكر للتنكس البقعي أمرًا بالغ الأهمية، حيث يساعد في تحديد العلاج المناسب والحفاظ على الرؤية لأطول فترة ممكنة. يتم تشخيص التنكس البقعي عادةً من خلال الفحوصات التالية:

أ. الفحص السريري

أول خطوة في التشخيص هي الفحص السريري من قبل طبيب العيون، حيث يتم فحص صحة العين باستخدام جهاز الفحص المجهري.

ب. اختبار الشبكية

يستخدم الأطباء اختبارات معينة للكشف عن أي تغييرات في الشبكية، مثل اختبار الموجات فوق الصوتية أو الفحص بالليزر.

ج. تصوير الأوعية الدموية بالفلوروسين

في حالة الاشتباه في التنكس البقعي الرطب، قد يُطلب من المريض إجراء تصوير الأوعية الدموية بالفلوروسين، وهو اختبار يُستخدم لتحديد ما إذا كانت الأوعية الدموية تحت الشبكية تتسرب السوائل.

5. طرق علاج التنكس البقعي

على الرغم من عدم وجود علاج شافٍ تمامًا للتنكس البقعي، إلا أن هناك عدة خيارات علاجية تساعد في تحسين الحالة أو تقليل تطور المرض. تختلف العلاجات حسب نوع التنكس البقعي:

أ. علاج التنكس البقعي الجاف

• مكملات الفيتامينات: يمكن أن تساعد مكملات الفيتامينات، مثل فيتامين C، E، والزنك، في تأخير تطور التنكس البقعي الجاف. وقد أظهرت الدراسات أن هذه المكملات قد تساهم في الحفاظ على صحة الشبكية.

• النظام الغذائي الصحي: تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة مثل الخضراوات الورقية والفاكهة يمكن أن يساعد في الحفاظ على صحة العين.

ب. علاج التنكس البقعي الرطب

• العلاج بالليزر: في بعض الحالات، يمكن استخدام العلاج بالليزر لتدمير الأوعية الدموية غير الطبيعية في العين.

• الأدوية المضادة للنمو الوعائي: يمكن استخدام الأدوية التي تمنع نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية في الشبكية، مثل الأدوية المضادة لعامل نمو الأوعية الدموية (VEGF).

• العلاج بالحقن داخل العين: يتم حقن الأدوية التي تمنع التسرب الدموي أو نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية في العين.

ج. الجراحة

في الحالات المتقدمة، قد يوصي الطبيب بإجراء جراحة لإزالة الأنسجة المتضررة أو استبدالها.

6. الوقاية والتقليل من المخاطر

على الرغم من أن التنكس البقعي لا يمكن الوقاية منه تمامًا، إلا أن هناك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها للحد من خطر الإصابة بالمرض:

• الإقلاع عن التدخين: يعد التدخين من أبرز عوامل خطر الإصابة بالتنكس البقعي، لذا فإن الإقلاع عن التدخين يعد خطوة مهمة.

• الاهتمام بالنظام الغذائي: تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن مثل الفاكهة والخضراوات، والتقليل من تناول الأطعمة الدهنية والمصنعة.

• الحماية من الأشعة فوق البنفسجية: ارتداء النظارات الشمسية للحماية من الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن يساعد في الحفاظ على صحة العين.

• الفحص المنتظم للعيون: من المهم إجراء فحوصات منتظمة للعين، خاصة في حال وجود تاريخ عائلي للتنكس البقعي.

7. الخاتمة

يُعد التنكس البقعي من الأمراض التي تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة، خاصة في فئة كبار السن. وعلى الرغم من عدم وجود علاج شافٍ، فإن التشخيص المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يساعد في تقليل تأثير المرض والحفاظ على الرؤية لأطول فترة ممكنة. من خلال اتخاذ خطوات وقائية مثل تغيير نمط الحياة، وتناول المكملات الغذائية، والفحص المنتظم للعيون، يمكن تقليل خطر الإصابة بالتنكس البقعي وتخفيف آثاره.