أكثر 10 دول تلوثًا في العالم: تحليل شامل لانبعاثات الكربون عالميًا
تمثل انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن النشاط البشري أكبر تحدي بيئي في العصر الحديث. فمع تصاعد القلق من تغير المناخ، بات من الضروري تحليل الدول الأكثر إسهامًا في تلويث الغلاف الجوي، وقياس أثرها البيئي. يقاس هذا التلوث غالبًا عبر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO₂)، الذي ينتج بشكل رئيسي عن حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي، ويُعتبر المسؤول الأول عن ظاهرة الاحتباس الحراري.
يتناول هذا المقال تحليلاً دقيقًا لأكثر عشر دول في العالم من حيث حجم الانبعاثات، مع التركيز على أسباب ارتفاع هذه الانبعاثات، وتأثيرات ذلك على البيئة العالمية، والجهود المبذولة للحد منها. البيانات الواردة تستند إلى تقارير وكالة الطاقة الدولية (IEA) ومعهد الموارد العالمية (WRI).
أولاً: الصين – المصدر الأكبر للتلوث العالمي
تتربع الصين على قمة الدول الأكثر إصدارًا لغازات الاحتباس الحراري. ففي السنوات الأخيرة، تجاوزت انبعاثاتها السنوية من ثاني أكسيد الكربون حاجز 10 مليارات طن متري، أي ما يمثل أكثر من 30% من الانبعاثات العالمية.
الأسباب:
-
الاعتماد الكبير على الفحم لتوليد الكهرباء (أكثر من 60% من الكهرباء الصينية تولَّد من الفحم).
-
النشاط الصناعي الكثيف وخاصة في صناعات مثل الصلب والأسمنت.
-
التحضر السريع والزيادة الهائلة في عدد السكان والمركبات.
التأثير البيئي:
-
تلوث هواء شديد في المدن الكبرى مثل بكين وشانغهاي.
-
مساهمة مباشرة في تسارع ذوبان الجليد القطبي.
ثانيًا: الولايات المتحدة الأمريكية – ثاني أكبر مصدر للانبعاثات
رغم تفوق الصين من حيث الكمية المطلقة، لا تزال الولايات المتحدة تحتل مرتبة متقدمة، بانبعاثات تتجاوز 5.4 مليار طن متري سنويًا.
الأسباب:
-
الاستخدام المكثف للسيارات الخاصة.
-
الاعتماد على الوقود الأحفوري في قطاعات الطاقة والصناعة.
-
ثقافة استهلاكية عالية تؤدي إلى استهلاك ضخم للطاقة.
ملاحظات:
-
الولايات المتحدة هي الأعلى في العالم من حيث الانبعاثات الفردية، حيث يبلغ متوسط نصيب الفرد أكثر من 15 طن متري سنويًا.
ثالثًا: الهند – عملاق ناشئ بوجه بيئي معقد
بلغت انبعاثات الهند ما يقارب 2.7 مليار طن متري سنويًا، لتحتل المرتبة الثالثة عالميًا، وهو رقم في ازدياد مستمر.
العوامل المساهمة:
-
التوسع العمراني السريع.
-
الاعتماد المتزايد على الفحم لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.
-
ضعف البنية التحتية للطاقة المتجددة حتى وقت قريب.
التحدي:
-
رغم الزيادة في الانبعاثات، لا تزال انبعاثات الفرد في الهند منخفضة نسبيًا (أقل من 2 طن سنويًا)، ما يعكس التفاوت بين الدول من حيث التنمية والعبء البيئي.
رابعًا: روسيا – تلوث مرتبط بالطاقة والصناعة الثقيلة
تسجل روسيا أكثر من 1.5 مليار طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهي دولة تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري.
مصادر الانبعاثات:
-
إنتاج النفط والغاز وتصديره.
-
اعتماد الصناعة الروسية على مصادر طاقة تقليدية كثيفة الكربون.
-
ضعف الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة.
خامسًا: اليابان – الدولة الصناعية ذات البصمة الكربونية المرتفعة
رغم التطور التكنولوجي الكبير، لا تزال اليابان من بين الدول الكبرى في الانبعاثات، بحجم يقارب 1.1 مليار طن متري سنويًا.
الأسباب:
-
اعتماد كبير على محطات الفحم والغاز.
-
توقف معظم المفاعلات النووية بعد كارثة فوكوشيما.
-
كثافة استهلاك الطاقة في قطاع النقل والإلكترونيات.
سادسًا: ألمانيا – الدولة الأوروبية الأكثر إصدارًا للانبعاثات
تبلغ انبعاثات ألمانيا حوالي 750 مليون طن متري، ما يجعلها أكثر دول الاتحاد الأوروبي تلوثًا.
السمات المميزة:
-
رغم الاستثمارات الضخمة في الطاقة المتجددة، لا تزال ألمانيا تعتمد على الفحم البني (الليغنيت).
-
تركيز كبير للصناعة، خصوصًا في قطاعات السيارات والكيماويات.
سابعًا: إيران – التلوث المرتبط بغياب التقنيات النظيفة
تسجل إيران حوالي 720 مليون طن متري من الانبعاثات سنويًا، وهو رقم مرتفع بالنظر إلى حجم الاقتصاد وعدد السكان.
العوامل:
-
الدعم الحكومي لأسعار الوقود الأحفوري.
-
ضعف كفاءة الطاقة في الصناعات والبنية التحتية.
-
تركيبة كهربائية تعتمد بشكل كامل تقريبًا على الغاز الطبيعي والنفط.
ثامنًا: كوريا الجنوبية – البصمة المرتفعة لدولة صناعية متقدمة
تسجل كوريا الجنوبية أكثر من 650 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهو رقم مرتفع جدًا مقارنة بعدد السكان.
الملامح:
-
اعتماد كبير على الفحم في توليد الطاقة.
-
نشاط صناعي متطور يستهلك كميات هائلة من الطاقة.
-
محاولات للتحول إلى الهيدروجين والطاقة النووية كبدائل.
تاسعًا: إندونيسيا – التلوث الناتج عن إزالة الغابات
إلى جانب الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود، تعاني إندونيسيا من ظاهرة إزالة الغابات وحرق المستنقعات، مما يسهم في إصدار ما يفوق 620 مليون طن متري سنويًا من الكربون.
العوامل:
-
حرق الغابات لتوسيع زراعة زيت النخيل.
-
ضعف الرقابة البيئية.
-
استخدام الفحم بشكل واسع لتوليد الكهرباء.
عاشرًا: كندا – الانبعاثات العالية رغم قلة السكان
تنتج كندا أكثر من 600 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهي من الدول ذات أعلى انبعاثات للفرد الواحد عالميًا (أكثر من 16 طنًا للفرد سنويًا).
المصادر:
-
قطاع استخراج النفط من الرمال النفطية.
-
الاعتماد على السيارات والشتاء القاسي الذي يزيد من الطلب على الطاقة.
-
ضعف التحول نحو الطاقة المتجددة في بعض الأقاليم.
جدول: الدول الأكثر إصدارًا للانبعاثات الكربونية (2024)
| الترتيب | الدولة | انبعاثات CO₂ (مليار طن) | النسبة من الإجمالي العالمي | متوسط نصيب الفرد (طن) |
|---|---|---|---|---|
| 1 | الصين | 10.5 | 30% | 7.4 |
| 2 | الولايات المتحدة | 5.4 | 15% | 15.2 |
| 3 | الهند | 2.7 | 7.7% | 1.9 |
| 4 | روسيا | 1.5 | 4.5% | 10.4 |
| 5 | اليابان | 1.1 | 3.2% | 8.6 |
| 6 | ألمانيا | 0.75 | 2.1% | 9.0 |
| 7 | إيران | 0.72 | 2% | 8.3 |
| 8 | كوريا الجنوبية | 0.65 | 1.9% | 12.6 |
| 9 | إندونيسيا | 0.62 | 1.8% | 2.3 |
| 10 | كندا | 0.60 | 1.7% | 16.3 |
ملاحظات ختامية على الظاهرة:
-
أكثر من 70% من الانبعاثات العالمية تأتي من هذه الدول العشر وحدها.
-
الفوارق في نصيب الفرد توضح عدم عدالة توزيع المسؤولية المناخية.
-
الدول الصناعية الكبرى تتحمل العبء التاريخي، بينما تعاني الدول النامية من الآثار دون أن تكون مسؤولة فعليًا.
المراجع:
-
International Energy Agency (IEA), CO₂ Emissions 2023 Report.
-
Global Carbon Project, Global Carbon Budget 2023.
