أهم الأعراض التي قد تُعاني منها المرأة بعد الطّلاق

يُعد الطّلاق من التجارب الحياتية العميقة التي تُحدث تغييرات جذرية في حياة الإنسان، خاصة بالنسبة للمرأة. فعلى الرغم من أن الطّلاق قد يُمثّل في بعض الحالات خلاصاً من علاقة مؤذية أو عبئاً نفسياً، إلا أنه في جميع الأحوال يترك آثارًا عاطفية، اجتماعية، نفسية وجسدية عميقة تستمر لسنوات. تتفاوت هذه الأعراض من امرأة إلى أخرى، تبعًا لطبيعة العلاقة السابقة، الدعم الاجتماعي المتاح، والاستعداد الشخصي لتجاوز الأزمة. إلا أن هناك مجموعة من الأعراض التي تُسجّل بكثرة في الدراسات النفسية والاجتماعية، وتُعد من أبرز المظاهر التي تواجه المرأة بعد الانفصال.

1. الاضطرابات النفسية والعاطفية

أ. الاكتئاب

تُظهر العديد من الدراسات أن المرأة تكون عرضة بشكل كبير للإصابة بالاكتئاب بعد الطّلاق، سواء كان الاكتئاب خفيفاً أو شديداً. يُمكن أن يظهر الاكتئاب على شكل حزن عميق، فقدان الاهتمام بالأشياء، فقدان الأمل، البكاء المستمر، أو حتى أفكار سوداوية. السبب الرئيسي يعود إلى فقدان الإحساس بالاستقرار، الشعور بالخذلان، وفقدان الحلم الذي كانت تبنيه مع الشريك.

ب. القلق والتوتر

تشعر المرأة بعد الطّلاق بدرجات عالية من القلق بشأن المستقبل، خاصة إذا كانت لديها مسؤوليات مثل تربية الأبناء، أو إذا كانت تعتمد ماليًا على الزوج. القلق قد يتمثل في صعوبة النوم، الشعور بالضغط المستمر، تسارع ضربات القلب، وأحيانًا اضطرابات في الجهاز الهضمي.

ج. الشعور بالذنب واللوم الذاتي

غالبًا ما تقع المرأة في دائرة جلد الذات، خاصة إذا كانت تعتقد أنها سبب في فشل العلاقة، أو إذا سمعت انتقادات من محيطها الاجتماعي. هذا الشعور بالذنب قد يتعمق إذا كان لدى المرأة أطفال، فتشعر بأنها سببت لهم اضطرابًا نفسيًا أو حرمتهم من الجو الأسري.

2. الآثار الاجتماعية بعد الطّلاق

أ. العزلة الاجتماعية

المرأة المطلقة في المجتمعات المحافظة قد تواجه وصمة اجتماعية تجعلها تنسحب من العلاقات الاجتماعية لتجنّب الإحراج أو الشفقة أو الأحكام المسبقة. تؤدي هذه العزلة في كثير من الأحيان إلى تدهور الحالة النفسية وغياب الدعم الاجتماعي الضروري للتعافي.

ب. فقدان المكانة الاجتماعية

في مجتمعات تُعرّف المرأة في كثير من الأحيان من خلال وضعها الزوجي، قد يؤدي الطّلاق إلى شعور المرأة بأنها فقدت مكانتها أو قيمتها في المجتمع، خاصة إذا كانت غير عاملة أو لم تستقل ماليًا عن الزوج.

ج. الانتقادات والتدخلات

تتعرض الكثير من النساء بعد الطّلاق لتدخلات مستمرة من الأسرة أو المحيطين، وقد تتلقى نصائح غير مرحب بها أو تُتهم بالتقصير أو عدم القدرة على الحفاظ على الحياة الزوجية. هذه التدخلات تخلق ضغطاً إضافياً وتؤثر سلباً على إعادة بناء الثقة بالنفس.

3. الاضطرابات الجسدية والصحية

أ. ضعف المناعة

يُشير خبراء الصحة إلى أن الضغط النفسي الناتج عن الطّلاق يُضعف الجهاز المناعي، مما يجعل المرأة عرضة للإصابة بالأمراض بشكل متكرر، مثل نزلات البرد، التهابات الجهاز التنفسي، واضطرابات الجهاز الهضمي.

ب. اضطرابات النوم

يعاني عدد كبير من النساء بعد الطّلاق من الأرق أو النوم المتقطع أو الكوابيس. هذه الاضطرابات قد تكون ناتجة عن التفكير المستمر، القلق بشأن المستقبل، أو الشعور بالوحدة بعد الاعتياد على وجود شريك.

ج. اضطرابات في الشهية

يتفاوت تأثير الطّلاق على الشهية بين الإفراط في الأكل (كآلية دفاعية ضد الحزن) أو فقدان الشهية بشكل حاد، ما قد يؤدي إلى فقدان أو زيادة كبيرة في الوزن. كلا الحالتين قد تسببا مشاكل صحية خطيرة على المدى الطويل.

4. الأعراض السلوكية والانفعالية

أ. التشتت وضعف التركيز

تُلاحظ النساء في كثير من الأحيان ضعفاً في القدرة على التركيز سواء في العمل أو الدراسة أو حتى في المهام اليومية، نتيجة الانشغال المستمر بالأفكار السلبية والمخاوف المتعلقة بالمستقبل.

ب. العدوانية أو الانفعال الزائد

تظهر في بعض الحالات ميول إلى الانفعال السريع، الغضب من الأمور البسيطة، أو حتى الانطواء والصمت المبالغ فيه. يعود هذا إلى التقلّب العاطفي العميق الذي تعاني منه المرأة بعد فقدان الاستقرار العاطفي.

ج. فقدان الحافز

تواجه المرأة المطلقة أحيانًا صعوبة في العودة إلى روتين الحياة الطبيعي، وتشعر بأن كل الأمور باتت بلا طعم أو هدف. قد تفقد الرغبة في العمل، العناية الذاتية، أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.

5. التغيرات الاقتصادية والمالية

أ. تدهور الوضع المالي

إذا كانت المرأة تعتمد اقتصاديًا على الزوج، فإن الطّلاق يؤدي غالبًا إلى صدمة مالية كبيرة. تضطر الكثير من النساء إلى دخول سوق العمل لأول مرة، أو تحمل نفقات أطفالهن دون دعم كافٍ.

ب. فقدان المسكن أو الاستقرار المعيشي

في حالات كثيرة، تضطر المرأة إلى ترك بيت الزوجية، والانتقال إلى منزل جديد أو العيش مع عائلتها، مما يخلق إحساساً بفقدان الاستقلالية والاستقرار.

ج. الحاجة إلى إعادة بناء الاستقلال المالي

تعاني الكثير من النساء من صعوبة في إدارة المال، ويدخلن في دوامة من القروض أو الاعتماد على الآخرين، مما يُعمّق الإحساس بالفشل أو العجز.

6. الأعراض النفسية عند النساء اللواتي لديهن أطفال

تكون التجربة أكثر تعقيدًا للنساء المطلقات اللواتي لديهن أطفال. فبالإضافة إلى الحزن الشخصي، تتحمل الأم مسؤولية احتواء أطفالها وتوفير الدعم العاطفي لهم.

أ. القلق بشأن مستقبل الأبناء

تشعر المرأة بقلق دائم بشأن التأثير النفسي للطّلاق على الأطفال، ويزداد هذا القلق إذا كان الزوج غائباً عن حياتهم أو غير متعاون.

ب. تضارب الأدوار

تجد المرأة نفسها مضطرة لأداء دور الأم والأب في الوقت ذاته، ما يرهقها نفسيًا وجسديًا، ويزيد من أعبائها اليومية.

ج. الشعور بالوحدة في المسؤولية

في كثير من الحالات، لا يشارك الأب في تحمل المسؤوليات المالية أو التربوية، مما يجعل المرأة تشعر بأنها تُكافح بمفردها، دون دعم حقيقي.

7. التحولات الفكرية والشخصية بعد الطّلاق

أ. إعادة بناء الهوية الذاتية

تُجبر المرأة بعد الطّلاق على إعادة تقييم نفسها، وإعادة اكتشاف ذاتها وهويتها المستقلة عن الزوج. هذه المرحلة قد تكون مؤلمة ولكنها ضرورية لبناء مستقبل صحي.

ب. فقدان الثقة بالآخرين

تمر بعض النساء بمرحلة من فقدان الثقة بالجنس الآخر، والخوف من الدخول في علاقة جديدة، خاصة إذا كان الطّلاق ناتجاً عن خيانة أو عنف نفسي أو جسدي.

ج. النضوج العاطفي

برغم الألم، تخرج بعض النساء من تجربة الطّلاق أكثر قوة ونضجًا، خاصة بعد المرور بمراحل المعاناة والتعافي. يُمكن أن تكون التجربة، رغم قسوتها، بوابة نحو وعي ذاتي أعلى وبداية حياة جديدة.

جدول يوضح أبرز الأعراض وتصنيفها:

المراجع:

• American Psychological Association. “The Emotional Effects of Divorce on Women.” APA Press, 2020.

• World Health Organization. “Mental Health and Divorce.” WHO Reports, 2021.