أعراض ظهور أسنان الطفل: الدليل الشامل لفهم مرحلة التسنين عند الرضع
تُعد مرحلة التسنين من المراحل الحيوية في تطور الطفل الرضيع، وتبدأ عادةً خلال الأشهر الأولى من حياته. تُثير هذه المرحلة العديد من التساؤلات والاهتمامات لدى الأمهات والآباء، نظراً لما يصاحبها من تغيّرات سلوكية وفسيولوجية قد تكون مثيرة للقلق في بعض الأحيان. تبدأ الأسنان اللبنية – والتي تُعرف أيضًا بالأسنان الأولية أو المؤقتة – بالظهور داخل اللثة عادةً بين عمر 4 إلى 10 أشهر، وتتتابع في الظهور حتى يكتمل نموها بالكامل عند سن الثلاث سنوات تقريباً.
خلال هذه الفترة، يمر الرضيع بعدد من الأعراض التي قد تؤثر على راحته وسلوكياته، ولذلك من الضروري معرفة هذه الأعراض وكيفية التعامل معها بطريقة علمية. يعتمد فهم هذه المرحلة على الإدراك الكامل للعلامات المرتبطة بها، ومتى ينبغي على الأهل التدخل أو طلب الاستشارة الطبية.
التسنين: متى يبدأ ومتى ينتهي؟
غالبًا ما يبدأ التسنين عند الأطفال ما بين الشهر الرابع والسابع، إلا أن بعض الأطفال قد يبدؤون مبكرًا في الشهر الثالث أو يتأخرون حتى الشهر الثاني عشر. يختلف توقيت التسنين من طفل إلى آخر وفقًا لعوامل وراثية وصحية. أول الأسنان ظهورًا عادةً هما القاطعان السفليان المركزيان، يليهما القاطعان العلويان، ثم تتوالى بقية الأسنان.
جدول زمني تقريبي لظهور الأسنان اللبنية:
| نوع السن | العمر المتوقع للظهور | العمر المتوقع للسقوط |
|---|---|---|
| القواطع السفلية الوسطى | 6 – 10 أشهر | 6 – 7 سنوات |
| القواطع العلوية الوسطى | 8 – 12 شهرًا | 6 – 7 سنوات |
| القواطع الجانبية العلوية | 9 – 13 شهرًا | 7 – 8 سنوات |
| القواطع الجانبية السفلية | 10 – 16 شهرًا | 7 – 8 سنوات |
| الأضراس الأولى | 13 – 19 شهرًا | 9 – 11 سنة |
| الأنياب | 16 – 22 شهرًا | 10 – 12 سنة |
| الأضراس الثانية | 23 – 33 شهرًا | 10 – 12 سنة |
الأعراض الشائعة لظهور الأسنان عند الأطفال
يُعاني الأطفال من مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية أثناء مرحلة التسنين، وتختلف حدتها من طفل لآخر. بعض الأطفال قد تظهر لديهم الأعراض بوضوح، في حين أن البعض الآخر قد لا يواجه إلا انزعاجًا طفيفًا. فيما يلي أبرز هذه الأعراض:
1. زيادة إفراز اللعاب
من أبرز العلامات المرافقة لظهور الأسنان هي زيادة إفراز اللعاب، وقد يظهر ذلك جليًا عند ملاحظة بلل مستمر حول الفم والذقن والرقبة. هذا الإفراز الزائد قد يؤدي أحيانًا إلى تهيّج الجلد أو الإصابة بالطفح الجلدي الخفيف حول الفم.
2. العض والمضغ المستمر
يشعر الطفل أثناء التسنين بحكة أو ضغط في اللثة، مما يدفعه إلى مضغ الأشياء من حوله بشكل مفرط. قد تلاحظ الأم أن الطفل يضع يده في فمه باستمرار أو يحاول عضّ الألعاب أو حتى حلمة الرضاعة.
3. تورم واحمرار اللثة
من العلامات الواضحة أيضًا احمرار اللثة وانتفاخها، وقد يُلاحظ وجود نقطة بيضاء في موضع السن الذي يحاول الخروج. هذا التورم يسبب انزعاجًا ملحوظًا للرضيع ويُصاحبه أحيانًا حساسية في لمس الفم.
4. البكاء والانزعاج المتكرر
يتسم الطفل خلال مرحلة التسنين بالبكاء المتكرر والتهيّج، خاصة في ساعات الليل. يرجع ذلك إلى الألم وعدم الراحة التي يشعر بها نتيجة ضغط السن على اللثة أثناء خروجه. يزداد الانزعاج غالبًا في الليل بسبب قلة المشتتات.
5. اضطرابات النوم
يُعاني كثير من الأطفال خلال مرحلة التسنين من صعوبات في النوم، سواء من حيث قلة عدد ساعات النوم أو الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل. يعود ذلك إلى الألم الذي يشتد عادةً في فترات الراحة.
6. فقدان الشهية
بعض الأطفال يرفضون الرضاعة أو تناول الطعام الصلب خلال هذه المرحلة بسبب الألم المصاحب للمضغ أو المصّ. من المهم مراقبة كمية الطعام التي يتناولها الطفل لضمان عدم تأثير هذه المرحلة على نموه العام.
7. فرك الأذن أو الخد
يقوم بعض الأطفال بفرك أذانهم أو خدودهم بشكل متكرر، وقد يظن البعض أن السبب هو التهاب في الأذن، لكنه في كثير من الأحيان يكون بسبب انتقال الألم من اللثة إلى المناطق المجاورة مثل الأذن أو الفك.
8. الحُمّى الخفيفة
قد يُصاب الطفل بحُمّى خفيفة لا تتجاوز 38 درجة مئوية. ورغم شيوع هذا العرض، فإن ارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير أو المستمر لا يُعتبر من أعراض التسنين وقد يدل على وجود عدوى.
9. الإسهال الطفيف
لوحظ أن بعض الأطفال يُعانون من ليونة في البراز أثناء مرحلة التسنين. يُعتقد أن هذا العرض ناتج عن ابتلاع كميات كبيرة من اللعاب أو تغيّرات في النظام الغذائي المصاحب للمرحلة.
10. الطفح الجلدي
يحدث هذا غالبًا نتيجة زيادة إفراز اللعاب، ما يؤدي إلى ترطيب الجلد بشكل مفرط، وخاصة حول الفم والرقبة، مما يُسبب ظهور بقع حمراء أو تهيّج بسيط.
الأعراض التي لا يجب نسبها إلى التسنين
هناك بعض الأعراض التي يُخطئ الأهل في نسبها للتسنين رغم أنها لا تُعتبر من علاماته، وقد تدل على وجود حالة مرضية تستدعي العناية الطبية. ومن أبرز هذه الأعراض:
-
ارتفاع الحرارة الشديد (أكثر من 38.5 مئوية)
-
الإسهال الشديد أو المتكرر
-
التقيؤ
-
السعال أو سيلان الأنف المستمر
-
الخمول أو فقدان النشاط الطبيعي للطفل
عند ظهور مثل هذه الأعراض، يجب على الأهل عدم اعتبارها جزءًا من التسنين ومراجعة الطبيب المختص.
العوامل المؤثرة في شدة أعراض التسنين
شدة الأعراض تختلف باختلاف عدة عوامل، منها:
-
الوراثة: الأطفال الذين عانى آباؤهم من أعراض تسنين قوية يُحتمل أن يُعانوا من نفس التجربة.
-
الحالة الصحية العامة للطفل: الأطفال الذين يعانون من نقص فيتامينات مثل فيتامين D والكالسيوم قد يُعانون من تأخر في التسنين أو ظهور مضاعفاته.
-
نمط التغذية: الأطفال الذين يتغذون على حليب الأم يكون لديهم عادةً نمو أسنان طبيعي وصحي مقارنة بغيرهم.
-
العناية الفموية: نظافة الفم منذ الأشهر الأولى تقلل من شدة التهابات اللثة وتقلل من الأعراض.
كيف يمكن التخفيف من أعراض التسنين؟
رغم أن التسنين مرحلة طبيعية، إلا أن بعض التدخلات المنزلية يمكن أن تُساعد في تخفيف الأعراض وتهدئة الطفل. من بين الوسائل الموصى بها:
-
تقديم عضّاضات مبردة: وضع العضّاضات في الثلاجة (وليس الفريزر) ثم تقديمها للطفل يمكن أن يساعد في تهدئة اللثة.
-
تدليك اللثة بأصبع نظيف: يمكن فرك اللثة بلطف لتخفيف الحكة والألم.
-
استخدام كمادات باردة على الخد: يُمكن أن تُساعد الكمادات الباردة على تخفيف الانتفاخ والاحمرار.
-
استخدام مسكنات موضعية بعد استشارة الطبيب: مثل جِلّ التسنين الخالي من المواد الضارة.
دور العناية الفموية في هذه المرحلة
العناية الفموية لا تبدأ بظهور أول سن، بل يُنصح بالاهتمام بنظافة فم الطفل منذ الولادة. ويُوصى باستخدام قطعة شاش مبللة أو منشفة ناعمة لمسح اللثة بعد الرضاعة. بعد ظهور الأسنان الأولى، يجب البدء في استخدام فرشاة أسنان خاصة للأطفال بكمية صغيرة جدًا من معجون الأسنان المحتوي على الفلورايد.
متى يجب زيارة طبيب الأطفال أو طبيب الأسنان؟
في حال ملاحظة تأخر كبير في ظهور الأسنان بعد بلوغ الطفل 15 شهرًا، أو عند ملاحظة أعراض شديدة وغير معتادة مثل نزيف اللثة أو التورم المستمر المصحوب بصديد، ينبغي استشارة الطبيب المختص. كما يُنصح بزيارة طبيب الأسنان للمرة الأولى عند إتمام الطفل عامه الأول، وفقًا لتوصيات الأكاديمية الأمريكية لطب أسنان الأطفال.
الخلاصة
مرحلة التسنين مرحلة حساسة ومليئة بالتغيّرات في حياة الطفل الرضيع، تتطلب فهمًا دقيقًا ومتابعة حثيثة من الوالدين. معرفة الأعراض الشائعة وتمييزها عن العلامات المرضية يُعد أساسًا في التعامل السليم مع هذه المرحلة. ومع توفير العناية المناسبة والدعم النفسي للطفل، يمكن تجاوز هذه المرحلة بسهولة نسبية، دون أن تترك آثارًا طويلة المدى على صحة الطفل أو راحته النفسية.
المصادر:
-
American Academy of Pediatrics. Caring for Your Baby and Young Child: Birth to Age 5. 7th Edition.
-
Mayo Clinic. “Teething: Symptoms, Remedies, and Timeline.” www.mayoclinic.org
