أعراض حمى النفاس

تُعد حمى النفاس من المضاعفات الصحية التي قد تحدث للمرأة في فترة ما بعد الولادة، وتعرف طبياً بارتفاع درجة حرارة الجسم خلال فترة النفاس التي تمتد عادةً من الولادة وحتى ستة أسابيع بعدها. هذه الحالة قد تشير إلى وجود عدوى أو التهابات في الجهاز التناسلي أو مناطق أخرى متعلقة بالولادة، وتتطلب الانتباه والفحص الطبي السريع لتجنب المضاعفات الخطيرة التي قد تؤثر على صحة الأم.

تعريف حمى النفاس

حمى النفاس تعني ارتفاع درجة حرارة جسم الأم بعد الولادة، وغالباً ما تكون درجة الحرارة 38 درجة مئوية أو أكثر بعد مرور 24 ساعة على الولادة وحتى الأسبوع العاشر. السبب الأساسي في ظهور هذه الحمى غالبًا ما يرتبط بعدوى بكتيرية في الرحم أو في الأنسجة المحيطة به، والتي يمكن أن تنتقل أو تنشأ نتيجة الولادة الطبيعية أو القيصرية.

أسباب حمى النفاس

تحدث حمى النفاس نتيجة لتلوث الجهاز التناسلي بعد الولادة، حيث تفتح قناة الولادة والأنسجة المحيطة بها أبوابًا لدخول البكتيريا التي قد تسبب العدوى. من بين الأسباب الشائعة:

• التهابات الرحم (Endometritis): التهابات تصيب بطانة الرحم نتيجة دخول الجراثيم أثناء الولادة.

• التهابات جرح الولادة أو جرح القيصرية.

• التهاب المثانة أو المسالك البولية.

• تخثر الدم في الأوردة العميقة أو التهاب الوريد (Thrombophlebitis).

• الالتهابات الرئوية نتيجة لعدم الحركة الكافية بعد الولادة.

• قلة النظافة أو إجراءات غير سليمة أثناء أو بعد الولادة.

الأعراض السريرية لحمى النفاس

تظهر أعراض حمى النفاس بشكل واضح وتتفاوت شدتها حسب درجة ونوع العدوى، ويمكن تصنيفها وفق ما يلي:

1. ارتفاع درجة الحرارة

يُعد ارتفاع درجة الحرارة من العلامات الأساسية والمميزة لحُمّى النفاس، ويبدأ عادة بعد مرور 24 ساعة على الولادة. قد تتراوح الحرارة بين 38 إلى 40 درجة مئوية، وقد تتكرر على شكل نوبات أو تستمر بشكل مستمر حسب نوع العدوى وفعالية العلاج.

2. القشعريرة والارتجاف

تشعر الأم بنوبات من القشعريرة والارتجاف بسبب ارتفاع درجة حرارة الجسم المفاجئ، وهو رد فعل طبيعي لجسمها لمحاولة تنظيم الحرارة.

3. ألم في البطن وأسفل الحوض

تصاحب الحمى في كثير من الحالات شعورًا بألم مستمر أو متقطع في منطقة البطن وأسفل الحوض، ويكون الألم مرتبطًا بالتهاب بطانة الرحم أو وجود خراجات داخلية.

4. إفرازات مهبلية غير طبيعية

تُلاحظ الأم خروج إفرازات مهبلية غير طبيعية، غالبًا ما تكون ذات رائحة كريهة، مصحوبة بلون أخضر أو أصفر، وهي علامة على وجود التهاب أو عدوى في قناة الولادة أو الرحم.

5. تورم واحمرار في منطقة جرح الولادة أو القيصرية

قد يظهر احمرار وتورم وألم في موضع جرح الولادة أو العملية القيصرية، وهذه دلالة على التهاب موضعي أو عدوى تحتاج إلى علاج فوري.

6. الشعور بالإرهاق والضعف العام

تؤدي العدوى إلى شعور الأم بالإرهاق الشديد، ضعف القدرة على الحركة، وقد يصل الأمر إلى حدوث دوار أو إغماء في حالات شديدة.

7. زيادة معدل ضربات القلب والتنفس

ارتفاع درجة الحرارة والاستجابة الالتهابية يرفعان من معدل ضربات القلب والتنفس، ما قد يسبب شعورًا بالاختناق أو ضيق النفس.

8. ألم أو حرقة أثناء التبول

إذا كانت العدوى قد وصلت إلى المثانة أو المسالك البولية، تشكو الأم من ألم أو حرقة عند التبول، وهو عرض شائع في حالات التهاب المسالك البولية بعد الولادة.

9. التهاب الثدي

في بعض الحالات، قد تنتقل العدوى إلى الثدي مسببة التهابًا في أنسجة الثدي (Mastitis)، مما يؤدي إلى تورم وألم في الثدي مع ارتفاع في درجة الحرارة.

عوامل تزيد من خطر الإصابة بحمى النفاس

هناك عدة عوامل تزيد من احتمال حدوث حمى النفاس، منها:

• الولادة القيصرية التي تزيد احتمالية دخول العدوى.

• وجود تمزقات أو شقوق عميقة في قناة الولادة.

• وجود كيس ماء مفقود لفترة طويلة قبل الولادة.

• كثرة فحص عنق الرحم بشكل متكرر أثناء الولادة.

• ضعف النظافة الشخصية أو ظروف الولادة غير الصحية.

• تعرض الأم لنزيف شديد أو حقن داخل الرحم.

• أمراض مزمنة مثل السكري أو أمراض المناعة.

المضاعفات المحتملة لحمى النفاس

إذا لم يتم تشخيص حمى النفاس ومعالجتها بشكل فوري وفعال، فإنها قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل:

• انتشار العدوى إلى الأنسجة المجاورة مثل البطن أو الحوض.

• خراجات رحمية تؤدي إلى استئصال الرحم في الحالات الشديدة.

• تسمم الدم (Sepsis) الذي قد يهدد حياة الأم.

• التهابات في الصفاق (Peritonitis).

• تخثر وريدي عميق قد يؤدي إلى انسداد رئوي.

التشخيص الطبي لحمى النفاس

يعتمد تشخيص حمى النفاس على الفحص السريري الدقيق، بجانب التاريخ المرضي للأم، ودرجة حرارة الجسم، والفحص المخبري الذي يشمل:

• فحص الدم للكشف عن علامات الالتهاب مثل ارتفاع كريات الدم البيضاء.

• زراعة الدم أو الإفرازات المهبلية لتحديد نوع البكتيريا المسببة للعدوى.

• فحص البول للتحقق من وجود التهاب المسالك البولية.

• تصوير بالموجات فوق الصوتية (السونار) في بعض الحالات لتقييم الرحم والتأكد من عدم وجود خراج.

علاج حمى النفاس

يهدف علاج حمى النفاس إلى القضاء على العدوى، تخفيف الأعراض، والوقاية من المضاعفات، ويشمل:

1. المضادات الحيوية

العلاج بالمضادات الحيوية هو الخط الأساسي، ويتم اختيار النوع بناءً على نوع البكتيريا التي تسببت بالعدوى، وغالباً ما يبدأ بالعلاج الواسع الطيف حتى تتوفر نتائج الزراعة.

2. تدابير دعم الجسم

• الراحة التامة وتجنب الإجهاد.

• تناول السوائل بكميات كافية لتعويض الفقد الناتج عن الحمى.

• تناول مسكنات الألم وخافضات الحرارة تحت إشراف طبي.

3. العناية بالجرح

تنظيف وتعقيم جرح الولادة أو القيصرية بانتظام لمنع انتشار العدوى.

4. العلاج الجراحي

في الحالات التي تتطور فيها العدوى إلى خراج أو مضاعفات أخرى، قد يلزم التدخل الجراحي لإزالة الالتهاب أو استئصال الأنسجة المصابة.

الوقاية من حمى النفاس

تتمثل الوقاية في اتخاذ إجراءات صحية صارمة خلال فترة الحمل والولادة، ومنها:

• المحافظة على النظافة الشخصية ونظافة مكان الولادة.

• تقليل الفحوصات المهبلية غير الضرورية أثناء الولادة.

• تعقيم الأدوات الطبية المستخدمة.

• المتابعة الطبية الدورية بعد الولادة للاطمئنان على صحة الأم.

• تناول المضادات الحيوية الوقائية في حالات الولادة القيصرية أو عند وجود مخاطر عالية.

جدول يوضح أعراض حمى النفاس والعوامل المصاحبة

تُعد حمى النفاس من الحالات التي تستدعي مراقبة دقيقة وعناية طبية مستمرة، حيث يمكن أن تكون مؤشراً لوجود مشاكل صحية خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بالشكل الصحيح. الوعي بأعراضها والحرص على الوقاية منها يساهمان بشكل كبير في الحفاظ على صحة الأم بعد الولادة وضمان تعافيها السليم.

المراجع:

1. Cunningham, F.G. et al. “Williams Obstetrics,” 25th Edition. McGraw-Hill Education, 2018.

2. WHO Recommendations on Postpartum Care of the Mother and Newborn. World Health Organization, 2013.