أعراض حمى البحر المتوسط

حمى البحر المتوسط (Familial Mediterranean Fever – FMF) هي مرض وراثي التهابي مزمن يصيب بشكل رئيسي سكان منطقة البحر المتوسط، مثل العرب، والأتراك، واليهود السفارديم، والأرمن. ينتج هذا المرض عن طفرة جينية تؤدي إلى اضطراب في الجهاز المناعي، مما يسبب نوبات متكررة من الالتهابات الحادة تؤثر على الأنسجة المختلفة في الجسم، وخاصة الغشاء البطني، والغشاء البلوري للرئتين، والمفاصل.

تتصف حمى البحر المتوسط بأنها حالة من الالتهاب الذاتي، أي أن الجسم يهاجم أنسجته الخاصة عن طريق الخطأ بسبب خلل جيني. في هذا المقال سيتم توضيح كافة أعراض حمى البحر المتوسط بشكل مفصل، مع شرح آليات ظهورها وأهميتها في التشخيص الطبي.

طبيعة المرض وتأثيره على الجسم

قبل الخوض في أعراض المرض، من الضروري فهم أن حمى البحر المتوسط عبارة عن اضطراب التهابي ناتج عن طفرات في جين MEFV، الذي يتحكم في إنتاج بروتين يسمى ميروبيرين، وهو ضروري لتنظيم الاستجابة الالتهابية. الطفرة تؤدي إلى فرط نشاط الجهاز المناعي، مما يسبب نوبات التهابية دورية قد تستمر من عدة ساعات إلى أيام، مع فترة هدوء بين النوبات.

تظهر هذه الالتهابات في مناطق متعددة، مما ينتج أعراضاً متنوعة تعتمد على العضو المصاب وشدة الالتهاب.

الأعراض الأساسية لحمى البحر المتوسط

1. نوبات الحمى المتكررة

تعتبر الحمى العرض الأبرز والأساسي في مرض حمى البحر المتوسط. ترتفع درجة حرارة الجسم بشكل مفاجئ، غالباً ما تتراوح بين 38 و 40 درجة مئوية، وتستمر النوبة الحمية عادة بين 1 إلى 3 أيام. بعد انتهاء النوبة، تعود درجة الحرارة إلى وضعها الطبيعي لفترة قد تمتد لأسابيع أو شهور قبل حدوث نوبة أخرى.

تبدأ نوبات الحمى بشكل مفاجئ وتزداد شدة تدريجياً، وغالباً ما تترافق مع أعراض التهابية أخرى.

2. ألم وانتفاخ في البطن (التهاب الغشاء البطني)

أحد الأعراض الأكثر شيوعاً هو ألم حاد ومتكرر في منطقة البطن، نتيجة التهاب الغشاء البطني (Peritonitis). يشعر المريض بألم مفاجئ وشديد في البطن، قد يشبه أعراض التهاب الزائدة الدودية أو حالات طبية طارئة أخرى.

يصحب هذا الألم عادة انتفاخ في البطن، وحساسية عند اللمس، وغثيان، وأحياناً قيء. يتسبب التهاب الغشاء البطني في تشخيص خاطئ في بعض الأحيان، مما يؤدي إلى إجراء جراحات غير ضرورية.

3. ألم وتورم في المفاصل (التهاب المفاصل)

تصيب النوبات الالتهابية في بعض الأحيان المفاصل، وخاصة مفاصل الركبة والكاحل والرسغ. يتسم هذا الألم بالتهاب مفصلي حاد مع تورم، واحمرار، وصعوبة في الحركة خلال نوبة المرض.

عادة ما تكون التهابات المفاصل متكررة لكنها مؤقتة، وتزول بعد انتهاء النوبة دون أن تترك ضرراً دائماً في المفصل.

4. ألم في الصدر (التهاب الغشاء البلوري)

تنتشر الالتهابات أحياناً إلى الغشاء البلوري المحيط بالرئتين، مما يسبب ألماً حاداً في الصدر يتفاقم مع التنفس العميق أو السعال. قد يصاحب هذا الألم شعور بضيق في التنفس وأحياناً حمى مصاحبة.

هذا النوع من الألم يسبب قلقاً طبياً شديداً لأنه قد يشبه أمراض القلب أو الرئة الأخرى.

5. الطفح الجلدي

يظهر طفح جلدي في بعض الحالات، خاصة في الساقين، ويتصف بوجود بقع حمراء صغيرة متورمة، أحياناً تكون مؤلمة. هذا الطفح نادر نسبياً لكنه يساعد في تشخيص المرض في بعض الأحيان.

6. أعراض أخرى متفرقة

• الصداع والشعور بالإرهاق: شائع أثناء النوبات الالتهابية بسبب الحمى والالتهاب العام.

• تورم في كيس الصفن: عند الذكور، يمكن أن يتسبب التهاب كيس الصفن في ألم وتورم مؤقت.

• الالتهابات العصبية: نادرة لكنها قد تحدث في حالات متقدمة، مثل التهاب السحايا.

الأعراض المزمنة والمضاعفات

بالرغم من أن معظم أعراض حمى البحر المتوسط تكون نوبات حادة متقطعة، إلا أن المرض قد يؤدي إلى مضاعفات مزمنة نتيجة الالتهابات المتكررة، منها:

1. التهاب الكلية (الأميلويدوز)

واحدة من أخطر المضاعفات، وهي تراكم بروتين الأميلويد في الكلى، مما يسبب تدهوراً وظيفياً يؤدي إلى الفشل الكلوي المزمن. تظهر أعراض التهاب الكلية بوجود بروتين في البول، وتورم في الأطراف، وارتفاع ضغط الدم.

2. مضاعفات أخرى

• تليف الأنسجة الالتهابية.

• مشاكل في القلب والرئتين بسبب الالتهابات المزمنة.

• اضطرابات في الجهاز الهضمي المزمنة مثل التهاب الأمعاء.

الجدول التالي يلخص الأعراض الرئيسية لحمى البحر المتوسط، تكرارها، ومدتها:

التشخيص المبكر وأهمية معرفة الأعراض

التعرف على أعراض حمى البحر المتوسط مبكراً يساهم في التشخيص السريع والبدء بالعلاج المناسب، والذي يحد من تكرار النوبات ويقلل من خطر حدوث مضاعفات خطيرة مثل الأميلويدوز. يُشخص المرض عادة بناءً على الأعراض السريرية، التاريخ العائلي، والفحوصات الجينية.

خلاصة

تتميز حمى البحر المتوسط بنوبات التهاب متكررة ومفاجئة تتمثل في حمى مرتفعة، ألم في البطن والمفاصل، وأعراض أخرى مثل ألم الصدر والطفح الجلدي. على الرغم من أن النوبات تنتهي عادة دون مضاعفات دائمة، فإن التكرار المستمر قد يؤدي إلى مضاعفات مزمنة خطيرة، وخاصة في الكلى.

الوعي بالأعراض والعلامات، خصوصاً في المناطق الجغرافية المعرضة للمرض، يعزز من إمكانية التشخيص المبكر والعلاج المناسب، مما يحسن جودة حياة المرضى بشكل كبير.