أعراض الولادة المبكرة

أعراض الولادة المبكرة: علامات يجب الانتباه لها لحماية صحة الأم والجنين

الولادة المبكرة (Preterm Labor) هي الحالة التي تبدأ فيها الانقباضات الرحمية المنتظمة قبل الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل، وتؤدي إلى تغيرات في عنق الرحم قد تنتهي بالولادة. تمثل هذه الحالة تحدياً كبيراً للصحة العامة، إذ تساهم بشكل كبير في معدلات وفيات حديثي الولادة والإعاقات طويلة الأمد لديهم. يمكن الوقاية من كثير من حالات الولادة المبكرة عند رصد أعراضها في الوقت المناسب واتخاذ التدابير الطبية اللازمة.

يمتد هذا المقال لتفصيل أبرز أعراض الولادة المبكرة، والعوامل التي تزيد من خطرها، وكيفية تمييزها عن أعراض الحمل الطبيعية، بالإضافة إلى التدخلات الطبية الممكنة لمنع تفاقم الحالة. يشكل الوعي بتلك الأعراض خطوة أولى أساسية في الحفاظ على سلامة الأم والجنين.

أولاً: ما هي الولادة المبكرة؟

الولادة المبكرة تعني بدء عملية الولادة (الانقباضات وفتح عنق الرحم) قبل اكتمال 37 أسبوعاً من الحمل. يعتبر الحمل طبيعياً إذا استمر من 37 إلى 42 أسبوعاً، لذا فإن الولادة قبل هذا الإطار الزمني قد تنطوي على مخاطر صحية جدية على الطفل، لأن أعضاءه — خاصة الرئتين — قد لا تكون مكتملة النمو.

تشير الإحصاءات العالمية إلى أن الولادة المبكرة هي السبب الرئيسي الثاني لوفيات الأطفال دون سن الخامسة، وتُعد مسؤولاً عن 35% من هذه الوفيات، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

ثانياً: الأعراض المبكرة للولادة قبل الأوان

1. انقباضات منتظمة في الرحم

العلامة الأكثر وضوحاً هي الشعور بانقباضات متكررة ومنتظمة في الرحم تحدث كل 10 دقائق أو أكثر، وتزداد قوتها مع الوقت. يمكن أن تشبه الانقباضات تقلصات الدورة الشهرية أو آلام الظهر، ولكنها تأتي بنمط منتظم، وتؤدي في النهاية إلى اتساع عنق الرحم.

2. ألم في أسفل الظهر

ألم خفيف أو متوسط مستمر في أسفل الظهر، قد يمتد إلى الحوض، يعد من العلامات المحتملة. إذا لم يتحسن الألم مع تغير الوضعية أو الراحة، فقد يكون دليلاً على بدء المخاض المبكر.

3. ضغط في منطقة الحوض

تشعر بعض النساء بثقل أو ضغط غير طبيعي في منطقة الحوض أو الفخذين، وكأن الجنين يدفع نحو الأسفل. هذا الإحساس غالباً ما يدل على أن الجنين يضغط على عنق الرحم.

4. تغير في الإفرازات المهبلية

يُعد تغير نوع أو كمية الإفرازات المهبلية من العلامات الهامة. قد تصبح الإفرازات مائية أو دموية أو لزجة بشكل غير طبيعي. تسرب سائل صافٍ من المهبل قد يشير إلى تمزق الكيس الأمنيوسي، أي “نزول ماء الجنين” قبل الأوان.

5. نزيف مهبلي خفيف أو قطرات دم

رؤية بقع دم أو نزيف خفيف في وقت غير متوقع أثناء الحمل قد يشير إلى حدوث تغيرات في عنق الرحم، وهي علامة من علامات الولادة المبكرة.

6. ألم في البطن أو تشنجات مشابهة للدورة

آلام مستمرة أو متقطعة في البطن تشبه التقلصات المرتبطة بالدورة الشهرية، وتزداد بمرور الوقت، تعد علامة تستدعي الانتباه.

7. الإسهال أو الغثيان

حدوث إسهال مفاجئ أو غثيان مستمر دون سبب واضح قد يرافق أعراض الولادة المبكرة، خاصةً عندما يترافق مع ألم في البطن.

8. تقلصات رحمية عند لمس البطن

في بعض الحالات، قد تلاحظ المرأة أن الرحم يصبح صلباً بشكل دوري عند لمسه، وهو ما قد يدل على تقلصات لا إرادية للرحم.

ثالثاً: العوامل التي تزيد من احتمالية الولادة المبكرة

تشير الدراسات إلى أن الولادة المبكرة ليست دائماً ناتجة عن سبب واحد، بل نتيجة تداخل عوامل متعددة تشمل:

رابعاً: متى تصبح الأعراض مدعاة للقلق؟

ليست كل انقباضات أو آلام أو إفرازات علامة مؤكدة على الولادة المبكرة. ولكن عند تكرار أو استمرار الأعراض المذكورة أعلاه لأكثر من ساعة، أو عند ملاحظة تغير مفاجئ في نمط الجسم أو الشعور العام، فإن ذلك يتطلب التدخل الطبي الفوري.

بعض النساء يشعرن بانقباضات كاذبة تُعرف باسم “انقباضات براكستون هيكس”، وهي غير منتظمة وتزول مع الراحة. لكن الفرق الأساسي أن الانقباضات الحقيقية تأتي في نمط منتظم، وتزداد شدتها ومدتها مع الوقت.

خامساً: التشخيص والتدخل الطبي المبكر

عند الاشتباه في الولادة المبكرة، يلجأ الأطباء إلى عدد من الإجراءات التشخيصية تشمل:

• فحص عنق الرحم بالموجات فوق الصوتية لقياس طوله والتأكد من وجود أي علامات للتوسع.

• اختبار إفراز الفيبرونكتين الجنيني (fFN) من المهبل، والذي يرتبط بالولادة المبكرة إذا وُجد قبل الأسبوع 35.

• مراقبة انقباضات الرحم بواسطة جهاز تخطيط الرحم (Tocodynamometer).

• تحليل البول والدم للكشف عن العدوى أو التهابات قد تساهم في تحفيز المخاض المبكر.

إذا تم تأكيد الحالة، يتم التدخل بوسائل متعددة، منها:

• إعطاء أدوية لتثبيت الحمل مثل النيفيديبين أو الأتوسيبان.

• حقن الكورتيكوستيرويدات لتسريع نضج رئتي الجنين إذا كان هناك خطر فعلي للولادة المبكرة.

• إجراءات دعم عنق الرحم مثل تركيب غرزة عنق الرحم في حال قصره الشديد.

• العناية بالمشيمة أو التوصية بالراحة التامة في بعض الحالات الخاصة.

سادساً: المضاعفات المحتملة للولادة المبكرة على الجنين

كلما كانت الولادة أبكر، زادت احتمالية حدوث مضاعفات، ومنها:

• مشكلات تنفسية بسبب عدم اكتمال نضج الرئتين.

• نزيف في الدماغ (المرحلة الرابعة أو الثالثة من نزيف البطينات).

• أمراض شبكية العين نتيجة التعرض المبكر للأكسجين.

• التهابات خطيرة مثل التهاب الدم أو التهاب السحايا.

• تأخر في النمو أو صعوبات تعليمية لاحقة.

• اضطرابات في الهضم مثل التهاب الأمعاء والقولون الناخر.

سابعاً: الوقاية من الولادة المبكرة

الوقاية تبدأ بالعناية الصحية الجيدة خلال الحمل. من أهم الاستراتيجيات:

• زيارة الطبيب بانتظام لمتابعة تطورات الحمل.

• السيطرة على الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط.

• الامتناع عن التدخين والكحول.

• اتباع نظام غذائي متوازن والحفاظ على وزن صحي.

• علاج أي عدوى في وقتها المناسب.

• الراحة وتقليل الإجهاد خاصةً بعد الأسبوع 24 من الحمل.

• الانتباه لأي أعراض غير معتادة والإبلاغ عنها فوراً.

المصادر:

• World Health Organization. Preterm birth. https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/preterm-birth

• American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG). Preterm Labor and Birth. https://www.acog.org/womens-health/faqs/preterm-labor-and-birth