أعراض التهاب المريء الشائعة

أعراض التهاب المريء: دراسة مفصلة وشاملة

مقدمة

التهاب المريء هو حالة طبية تتمثل في التهاب أو تهيج بطانة المريء، وهو الأنبوب الذي ينقل الطعام من الحلق إلى المعدة. يعتبر التهاب المريء من الحالات الشائعة التي تؤثر على الجهاز الهضمي، ويمكن أن يكون له أسباب متعددة تشمل العدوى، الأدوية، الارتجاع الحمضي، والحساسية. يختلف التهاب المريء في شدته وأعراضه حسب السبب الأساسي ومدى التهيج. هذه الحالة إذا لم تُعالج بشكل مناسب قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل تضيّق المريء أو تطور تقرحات ومضاعفات أخرى.

يهدف هذا المقال إلى تقديم دراسة مستفيضة وشاملة حول أعراض التهاب المريء، مع توضيح تفاصيل كل عرض من حيث طبيعته، مظهره السريري، والعوامل التي تؤثر في شدته، وذلك من أجل تعزيز الوعي الطبي والفهم العميق لهذه الحالة.

تعريف التهاب المريء وأنواعه

التهاب المريء (Esophagitis) هو التهاب يحدث في جدار المريء الذي يحيط به نسيج مخاطي حساس. يُصنف التهاب المريء حسب السبب إلى عدة أنواع رئيسية:

• التهاب المريء الارتجاعي (Reflux Esophagitis): يحدث بسبب ارتجاع حمض المعدة إلى المريء.

• التهاب المريء التحسسي (Eosinophilic Esophagitis): ناتج عن استجابة مناعية غير طبيعية لحساسية معينة.

• التهاب المريء العدوي (Infectious Esophagitis): ناجم عن عدوى بكتيرية، فيروسية أو فطرية.

• التهاب المريء الدوائي (Medication-induced Esophagitis): نتيجة تأثير أدوية معينة على جدار المريء.

لكل نوع من هذه الأنواع خصوصياته من حيث الأعراض والعلاج، لكن الأعراض العامة تتداخل فيما بينها إلى حد كبير.

الأعراض السريرية لالتهاب المريء

تتنوع أعراض التهاب المريء بين الأعراض الموضعية المرتبطة مباشرة بجدار المريء، وأعراض أخرى نتيجة التأثير العام على عملية البلع والهضم.

1. الألم أو الحرقة خلف عظمة الصدر (حرقة المريء)

يعتبر الألم أو الحرقة خلف عظمة الصدر من أكثر الأعراض شيوعاً في التهاب المريء، خاصة في حالة الالتهاب الارتجاعي. تحدث هذه الحرقة عادة بعد تناول الطعام أو عند الاستلقاء، وقد تزداد عند الانحناء أو بذل مجهود بدني. الشعور بالحرقة ينتج عن تهيج الطبقة المخاطية للمريء بسبب الأحماض أو المواد المهيجة الأخرى.

2. صعوبة البلع (عسر البلع)

عسر البلع هو أحد الأعراض التي تشير إلى وجود التهاب متقدم أو تقرحات في بطانة المريء. يشعر المريض بصعوبة في مرور الطعام أو الشراب عبر المريء، وقد يترافق ذلك مع شعور بالاحتقان أو الألم أثناء البلع. في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي الالتهاب المزمن إلى تضيق المريء، مما يزيد من حدة صعوبة البلع ويؤثر على جودة الحياة.

3. ألم أثناء البلع (الألم البلعومي)

هذا العرض مرتبط مباشرة بتهيج أو التهاب جدار المريء، حيث يشعر المريض بألم حاد أو إحساس بالحرقان عند تناول الطعام أو الشراب، خصوصاً إذا كان الطعام صلباً أو حاراً. الألم قد يمتد من الصدر إلى الحلق، ويزداد في حالات التهاب المريء العدوي أو الدوائي.

4. الغثيان والقيء

الغثيان والقيء قد يصاحبان التهاب المريء في بعض الحالات، خاصة إذا كان الالتهاب شديداً أو مصحوباً بارتجاع معدي متكرر. القيء قد يحتوي على دم أو مخاط نتيجة التقرحات أو التهيج الشديد لبطانة المريء.

5. السعال المزمن والتهاب الحلق

غالباً ما يصاحب التهاب المريء الارتجاعي أعراضاً تنفسية مثل السعال المزمن، التهاب الحلق، أو بحة الصوت. هذه الأعراض تنتج عن وصول حمض المعدة إلى الحنجرة أو المريء العلوي، مما يسبب تهيج الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي العلوي.

6. التجشؤ المتكرر

التجشؤ المتكرر هو عرض شائع في التهاب المريء المرتبط بالارتجاع، ويحدث بسبب ارتجاع الأحماض والغازات من المعدة إلى المريء والفم، مما يسبب شعوراً بعدم الراحة في البطن والصدر.

7. الإحساس بوجود جسم غريب في الحلق

يعاني بعض المرضى من إحساس مزعج وكأن هناك قطعة طعام أو جسم غريب عالقة في الحلق، وهو ما يعرف بـ “التعرج المريئي”. ينتج هذا العرض عن التورم والالتهاب في جدار المريء.

أعراض التهاب المريء بحسب النوع

التهاب المريء الارتجاعي

في هذا النوع من الالتهاب، تظهر الأعراض بشكل واضح بعد تناول الطعام أو في وضعية الاستلقاء. تشمل الأعراض الرئيسية:

• حرقة شديدة خلف عظمة الصدر.

• ألم حارق أو ضغط في الصدر.

• صعوبة وألم في البلع.

• السعال المتكرر والتهاب الحلق.

• تجشؤ مستمر ومرارة في الفم.

التهاب المريء التحسسي

هذا النوع يرتبط برد فعل مناعي غير طبيعي، ويصيب غالباً الأطفال والشباب. الأعراض تشمل:

• عسر البلع المستمر.

• ألم في الصدر.

• الإحساس بوجود جسم غريب في الحلق.

• صعوبة في التغذية عند الأطفال.

• قد يصاحبها أعراض حساسية أخرى مثل الربو أو الأكزيما.

التهاب المريء العدوي

عادةً ما يصيب الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، مثل مرضى الإيدز أو المتلقين للعلاج الكيميائي. الأعراض:

• ألم شديد أثناء البلع.

• صعوبة شديدة في البلع قد تصل إلى الامتناع عن الأكل.

• حمى وأعراض عامة للعدوى.

• قد يحدث نزيف مريئي في حالات العدوى الشديدة.

التهاب المريء الدوائي

ينجم عن تناول أدوية تسبب تهيج بطانة المريء مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو المضادات الحيوية. الأعراض:

• ألم حارق مفاجئ خلف الصدر.

• ألم يزداد عند البلع.

• إحساس بالحرقان والتهاب في الحلق.

• أحياناً نزيف مريئي خفيف.

عوامل تزيد من حدة الأعراض

تتأثر أعراض التهاب المريء بالعديد من العوامل التي تزيد من شدتها أو تحفز ظهورها، منها:

• تناول الأطعمة الحارة، الدهنية، أو الحمضية.

• التدخين واستهلاك الكحول.

• تناول بعض الأدوية دون ماء كافٍ مثل أدوية الألم أو المكملات.

• الكسل وعدم الحركة بعد تناول الطعام.

• وجود أمراض مزمنة مثل السكري أو اضطرابات الجهاز المناعي.

التشخيص الطبي للأعراض

يتم تشخيص التهاب المريء بناءً على التاريخ المرضي والأعراض التي يشكو منها المريض، إضافة إلى الفحص السريري والفحوصات الإضافية مثل:

• تنظير المريء: يسمح برؤية حالة بطانة المريء وأخذ عينات لفحصها.

• أشعة الباريوم: تكشف عن التضيق أو التقرحات في المريء.

• مقياس الحموضة داخل المريء (pH monitoring): يستخدم لقياس كمية الحموضة المرتجعة.

• تحاليل الدم: للكشف عن العدوى أو الحساسية.

المضاعفات الناتجة عن الإهمال في علاج الأعراض

عدم معالجة أعراض التهاب المريء بشكل مناسب يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل:

• تضيّق المريء: حيث تتشكل ندبات تؤدي إلى تضييق أنبوب المريء وصعوبة كبيرة في البلع.

• تقرحات مريئية: تقرحات مؤلمة قد تنزف وتسبب ألم شديد.

• الانثقاب المريئي: وهو تمزق في جدار المريء، حالة طارئة تستدعي علاجاً فورياً.

• تغيرات سرطانية: التهاب المريء المزمن قد يؤدي إلى تغييرات خلوية تزيد من خطر الإصابة بسرطان المريء.

جدول يوضح الأعراض الرئيسة لكل نوع من أنواع التهاب المريء

الخلاصة

أعراض التهاب المريء متعددة ومتشعبة حسب نوع الالتهاب وسببه. تتراوح بين حرقة الصدر الشائعة وصعوبة البلع المؤلمة، إلى أعراض أكثر خطورة مثل النزيف والاحتقان الشديد. الوعي بهذه الأعراض وفهمها بدقة يساعد على التشخيص المبكر والعلاج المناسب، مما يقلل من مخاطر المضاعفات ويعزز جودة حياة المرضى. الالتزام بالتشخيص الدقيق والتوجيه العلاجي الصحيح يظل السبيل الوحيد للسيطرة على هذه الحالة والوقاية من تفاقمها.

المصادر والمراجع

1. Katz, P. O., Gerson, L. B., & Vela, M. F. (2013). Guidelines for the diagnosis and management of gastroesophageal reflux disease. American Journal of Gastroenterology, 108(3), 308-328.

2. Dellon, E. S. (2014). Eosinophilic esophagitis: diagnostic tests and criteria. Current Gastroenterology Reports, 16(8), 1-8.