أعراض التهاب الشريان الصدغي

التهاب الشريان الصدغي: الأعراض والتشخيص والعلاج

مقدمة

التهاب الشريان الصدغي هو حالة طبية تتسم بالتهاب في الأوعية الدموية الكبيرة والمتوسطة الحجم التي تغذي فروة الرأس، خصوصًا الشرايين الصدغية. يُعتبر هذا المرض أحد أنواع الالتهابات التي تصيب الأوعية الدموية المعروفة بـ “التهاب الأوعية الدموية” أو “التهاب الشرايين”. يتميز التهاب الشريان الصدغي بظهور مجموعة من الأعراض التي قد تتراوح من بسيطة إلى شديدة، وفي حالة عدم علاجها، قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تصل إلى فقدان البصر أو التسبب في جلطات دموية.

من المعروف أن التهاب الشريان الصدغي يصيب بشكل رئيسي الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، وهو مرض نادر نسبيًا في الأشخاص الأصغر سنًا. في هذا المقال، سوف نتناول أعراض التهاب الشريان الصدغي، كيفية تشخيصه، والعلاج المتاح.

1. أعراض التهاب الشريان الصدغي

يعد التهاب الشريان الصدغي من الأمراض التي يصعب اكتشافها في بدايتها بسبب تشابه أعراضه مع العديد من الحالات الأخرى. لكن هناك مجموعة من الأعراض التي تساعد في تحديد الإصابة بهذا المرض.

1.1. الصداع الشديد

يعد الصداع من أكثر الأعراض شيوعًا في التهاب الشريان الصدغي، ويمكن أن يكون هذا الصداع شديدًا جدًا وغالبًا ما يكون أحادي الجانب، أي يصيب أحد جانبي الرأس، خصوصًا المنطقة الصدغية. يصف المرضى هذا النوع من الصداع بأنه حاد، مستمر، ويزداد سوءًا عند المضغ أو عند لمس المنطقة المصابة. في بعض الحالات، قد يلاحظ المرضى أيضًا وجود حساسية أو ألم في فروة الرأس، وقد يكون الجلد فوق الشريان المصاب أكثر سخونة.

1.2. آلام في الفك أو ألم أثناء المضغ

عادة ما يعاني مرضى التهاب الشريان الصدغي من ألم عند المضغ، أو حتى عند التحدث لفترة طويلة. يُعزى هذا الألم إلى التهاب الشرايين التي تغذي الفك والوجه. هذه الأعراض قد تُشخص بشكل خاطئ كأعراض لاضطرابات في الأسنان أو اللثة، لكن في حالة التهاب الشريان الصدغي، يكون الألم غالبًا أكثر شدة ويشمل كل جانب من جوانب الفك.

1.3. فقدان البصر المفاجئ

يعتبر فقدان البصر المفاجئ من أخطر المضاعفات التي قد تنجم عن التهاب الشريان الصدغي، ويحدث عادة بسبب نقص التروية الدموية إلى العصب البصري. قد يشعر المريض باختلال في الرؤية في أحد العينين أو حتى فقدان جزئي أو كامل للرؤية في بعض الحالات. هذه الأعراض تتطلب تدخلًا سريعًا لتجنب حدوث أضرار دائمة في الرؤية.

1.4. الشعور بالإرهاق والتعب العام

قد يلاحظ المرضى المصابون بالتهاب الشريان الصدغي شعورًا عامًّا بالإرهاق والتعب المستمر، حتى مع الراحة الكافية. يحدث ذلك نتيجة الالتهاب المزمن في الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى تقليل تدفق الدم إلى الأنسجة المختلفة في الجسم.

1.5. ارتفاع درجة الحرارة

يشكو بعض المرضى من الحمى (ارتفاع درجة الحرارة) عند الإصابة بالتهاب الشريان الصدغي. قد تكون الحمى خفيفة إلى معتدلة، وتُعتبر من الأعراض التي تميز الالتهاب بشكل عام، لكنها قد تظهر فجأة وتستمر لعدة أيام.

1.6. تورم أو احمرار في فروة الرأس

قد يلاحظ المرضى وجود تورم أو احمرار في منطقة فروة الرأس، خصوصًا بالقرب من الشرايين الصدغية. يصبح الجلد فوق الشريان المصاب أكثر سخونة عند لمسه، مما يعكس شدة الالتهاب.

1.7. الآلام العضلية

يشعر العديد من المرضى أيضًا بآلام في العضلات، وخاصة في منطقة الرقبة والكتفين. هذا الأمر يحدث بسبب تأثير الالتهاب على الأنسجة المحيطة بالشرايين. قد يكون الألم مستمرًا أو يأتي ويذهب.

2. تشخيص التهاب الشريان الصدغي

نظرًا لتشابه الأعراض مع العديد من الحالات الطبية الأخرى، يمكن أن يكون تشخيص التهاب الشريان الصدغي أمرًا صعبًا. يعتمد التشخيص بشكل أساسي على مجموعة من الفحوصات السريرية والاختبارات المخبرية التي تؤكد الإصابة بالمرض.

2.1. الفحص السريري

عادة ما يبدأ التشخيص بمراجعة التاريخ الطبي للمريض والفحص البدني. يقوم الطبيب بالتحقق من وجود ألم أو حساسية في منطقة الصدغ وفروة الرأس، ويستفسر عن أعراض مثل الصداع، والحمى، وآلام الفك.

2.2. اختبار سرعة ترسيب كريات الدم الحمراء (ESR)

أحد الاختبارات المخبرية الأكثر استخدامًا في تشخيص التهاب الشريان الصدغي هو اختبار سرعة ترسيب كريات الدم الحمراء. يشير ارتفاع مستوى ESR إلى وجود التهاب في الجسم، ويعد من المؤشرات المهمة التي قد تساعد الطبيب في توجيه التشخيص نحو التهاب الأوعية الدموية.

2.3. اختبار بروتين سي التفاعلي (CRP)

يساعد اختبار بروتين سي التفاعلي في قياس مستوى الالتهاب في الجسم. عند الإصابة بالتهاب الشريان الصدغي، قد يظهر ارتفاع في مستويات هذا البروتين.

2.4. خزعة الشريان الصدغي

تعد خزعة الشريان الصدغي (أخذ عينة من نسيج الشريان المتورم وتحليله تحت المجهر) أحد أكثر الطرق دقة لتشخيص التهاب الشريان الصدغي. تُظهر الخزعة وجود التهاب في الشرايين، مما يساهم بشكل كبير في تأكيد التشخيص.

2.5. التصوير الطبي

قد يوصي الطبيب أيضًا ببعض فحوصات التصوير مثل الموجات فوق الصوتية أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو تصوير الأوعية الدموية للمساعدة في تقييم تدفق الدم في الشرايين المصابة.

3. علاج التهاب الشريان الصدغي

الهدف الأساسي في علاج التهاب الشريان الصدغي هو تخفيف الالتهاب، والحفاظ على سلامة الأوعية الدموية والحد من المضاعفات مثل فقدان البصر أو السكتات الدماغية.

3.1. الأدوية

العلاج الأولي عادة ما يشمل استخدام الأدوية المضادة للالتهابات. تُعد الستيرويدات القشرية مثل بريدنيزون من الأدوية الأساسية المستخدمة في العلاج، حيث تساعد هذه الأدوية في تقليل الالتهاب بسرعة وتخفيف الأعراض مثل الصداع وآلام الفك. قد يُطلب من المرضى تناول هذه الأدوية لفترة طويلة، مع تقليل الجرعة تدريجيًا تحت إشراف الطبيب.

3.2. مراقبة الأعراض والمضاعفات

من المهم متابعة الحالة بشكل دوري لتجنب حدوث أي مضاعفات غير مرغوب فيها. في حال حدوث مشاكل في الرؤية أو شعور بألم شديد، يجب التدخل الفوري.

3.3. علاج فقدان البصر

في حال حدوث فقدان جزئي أو كامل للبصر بسبب نقص التروية الدموية، قد يكون العلاج في الوقت المناسب باستخدام الستيرويدات القشرية كفيلًا بتحسين الوضع، ولكن في بعض الحالات قد يكون العلاج غير كافٍ.

3.4. الرعاية الداعمة

إلى جانب الأدوية، ينصح المرضى بتجنب الأنشطة التي قد تسبب إجهادًا إضافيًا على الجسم، مثل النشاط البدني المفرط. قد يشمل العلاج أيضًا تقنيات إدارة الألم مثل استخدام مسكنات الألم أو العلاج البدني لتخفيف الأعراض العضلية.

4. المضاعفات والوقاية

إذا ترك التهاب الشريان الصدغي دون علاج، فقد يؤدي إلى العديد من المضاعفات الخطيرة. من بين هذه المضاعفات فقدان البصر بسبب قلة تدفق الدم إلى العصب البصري، وتكون جلطات دموية قد تتسبب في السكتات الدماغية.

لذلك، من الأهمية بمكان أن يتم تشخيص التهاب الشريان الصدغي وعلاجه في أقرب وقت ممكن للحد من خطر هذه المضاعفات.

الخاتمة

التهاب الشريان الصدغي هو مرض خطير يتطلب تشخيصًا دقيقًا وعلاجًا سريعًا لتجنب المضاعفات الخطيرة. مع التشخيص المبكر واستخدام الأدوية المناسبة، يمكن التحكم في الأعراض والحد من تأثير هذا المرض على حياة المريض.