أعراض التهاب الأمعاء: دليل شامل لفهم الأعراض، الأنواع، والمضاعفات المحتملة

يُعد التهاب الأمعاء من الاضطرابات الصحية التي تؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة اليومية، لما يصاحبه من أعراض مزعجة وتأثيرات صحية قد تمتد لتشمل أعضاء وأجهزة أخرى في الجسم. يشير مصطلح “التهاب الأمعاء” إلى مجموعة من الحالات التي تتضمن حدوث التهابات في بطانة الأمعاء الدقيقة أو الغليظة، وقد يكون الالتهاب حادًا أو مزمنًا، جرثوميًا أو مناعي المنشأ، ويصيب فئات عمرية مختلفة، من الأطفال إلى كبار السن. تختلف أعراض التهاب الأمعاء بحسب النوع المسبب ومدى تقدّم الحالة، إلا أن هناك مجموعة من العلامات السريرية المشتركة التي يمكن من خلالها التعرف على وجود هذا النوع من الاضطراب الهضمي.

ينقسم التهاب الأمعاء عمومًا إلى نوعين رئيسيين: التهاب الأمعاء المعدي الذي ينجم غالبًا عن عدوى بكتيرية، فيروسية أو طفيلية، والتهاب الأمعاء المزمن والذي يشمل حالات أكثر تعقيدًا مثل مرض كرون والتهاب القولون التقرحي، واللذان يندرجان تحت مظلة أمراض الأمعاء الالتهابية (Inflammatory Bowel Diseases – IBD). في هذا المقال، سنسلط الضوء بشكل موسع وعلمي على أعراض التهاب الأمعاء بمختلف أنواعه، والعوامل التي تؤثر في شدة الأعراض، والمضاعفات المحتملة، مع التطرق إلى الفروقات بين الأنواع المختلفة لهذا المرض.

أولاً: المفهوم العام لالتهاب الأمعاء

التهاب الأمعاء هو استجابة التهابية في الجدار الداخلي للأمعاء الدقيقة أو الغليظة، تحدث نتيجة عدة أسباب منها العدوى الميكروبية، اضطرابات المناعة الذاتية، العوامل الوراثية، أو التأثيرات البيئية والغذائية. تتراوح شدة الحالة بين الخفيفة والمهددة للحياة، وقد تظهر الأعراض بشكل مفاجئ (في الالتهابات الحادة) أو تتفاقم تدريجيًا (في الحالات المزمنة).

ثانياً: الأعراض العامة لالتهاب الأمعاء

1. ألم البطن

يُعد ألم البطن من أبرز وأشهر أعراض التهاب الأمعاء، ويختلف موقع الألم باختلاف الجزء المصاب. في حالة التهاب الأمعاء الدقيقة، يتمركز الألم غالبًا في الجزء الأوسط أو الأيمن السفلي من البطن، بينما يتمركز في الجانب الأيسر السفلي في حالات التهاب القولون التقرحي. قد يكون الألم على هيئة تقلصات حادة أو مغص متكرر.

2. الإسهال

يُصاحب معظم حالات التهاب الأمعاء حدوث إسهال، وقد يكون الإسهال مائيًا في حالات العدوى الفيروسية أو يحتوي على دم وصديد في حالات أمراض الأمعاء الالتهابية. تتفاوت وتيرة الإسهال بين 3 إلى 20 مرة في اليوم، ما يؤدي إلى فقدان كبير للسوائل والأملاح.

3. الغثيان والقيء

يُعتبر الغثيان والقيء من الأعراض المصاحبة غالبًا في حالات التهاب الأمعاء الجرثومي أو الفيروسي، خاصة عند الإصابة بعدوى السالمونيلا، الإشريكية القولونية أو النوروفيروس.

4. فقدان الشهية

يحدث فقدان للشهية نتيجة الالتهاب الحاد في الأمعاء وما يصاحبه من تهيج في الجهاز الهضمي، مما يضعف الرغبة في تناول الطعام ويؤدي بالتبعية إلى فقدان الوزن.

5. فقدان الوزن غير المبرر

في الحالات المزمنة، مثل مرض كرون أو التهاب القولون التقرحي، يُعد فقدان الوزن أحد الأعراض البارزة نتيجة سوء الامتصاص الغذائي ونقص الشهية والإسهال المتكرر.

6. ارتفاع درجة الحرارة (الحمى)

تظهر الحمى كاستجابة مناعية للعدوى أو الالتهاب، وتكون أكثر شيوعًا في الالتهابات البكتيرية أو في نوبات تفاقم أمراض الأمعاء الالتهابية.

7. الإرهاق العام

الالتهاب المزمن وما يصاحبه من سوء امتصاص للفيتامينات والمعادن وفقدان السوائل يؤدي إلى شعور عام بالتعب والإرهاق.

ثالثاً: أعراض إضافية حسب نوع التهاب الأمعاء

التهاب الأمعاء المعدي (Infectious Enteritis)

• ظهور مفاجئ للأعراض

• إسهال مائي حاد أو دموي

• حمى مرتفعة

• مغص بطني شديد

• حالات جفاف شديدة خاصة عند الأطفال وكبار السن

• قيء متكرر

مرض كرون (Crohn’s Disease)

• ألم مزمن في البطن

• إسهال مزمن، أحياناً مع دم

• تقرحات في الفم

• تضيق أو انسداد في الأمعاء الدقيقة

• أعراض خارج الجهاز الهضمي مثل التهابات المفاصل، الطفح الجلدي، والتهاب العين

التهاب القولون التقرحي (Ulcerative Colitis)

• إسهال دموي متكرر

• ألم في الجانب الأيسر من البطن

• نزيف شرجي

• حاجة ملحة متكررة للتبرز (Tenesmus)

• فقدان الوزن

رابعاً: أعراض متقدمة أو معقدة تستدعي التدخل الطبي الفوري

بعض أعراض التهاب الأمعاء قد تتطور إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يتم علاجها بشكل مناسب، منها:

• نزيف شديد في البراز

• علامات الجفاف الحاد مثل جفاف الفم، قلة التبول، الدوخة

• ارتفاع حرارة الجسم لأكثر من 39 درجة مئوية

• ألم حاد مفاجئ في البطن قد يشير إلى ثقب في الأمعاء أو انسداد معوي

• فقدان سريع للوزن خلال فترة قصيرة

• تورم في البطن أو كتلة محسوسة قد تشير إلى خراج أو انسداد

خامساً: جدول توضيحي للفروق بين الأنواع الشائعة لالتهاب الأمعاء

سادساً: العوامل التي تؤثر على شدة وتنوع الأعراض

1. العمر: الأطفال وكبار السن أكثر عرضة لتفاقم الأعراض مثل الجفاف الحاد وفقدان السوائل.

2. الحالة المناعية: الأشخاص ذوو المناعة الضعيفة يعانون من أعراض أكثر شدة وتطور أسرع للمضاعفات.

3. نوع المسبب: تختلف الأعراض حسب نوع العدوى أو الاضطراب المناعي.

4. وجود أمراض مزمنة أخرى: مثل السكري أو أمراض القلب قد تزيد من شدة الحالة وتأخر الاستجابة للعلاج.

5. البيئة والعوامل الغذائية: سوء النظافة، التسمم الغذائي، أو الأنظمة الغذائية الفقيرة قد تزيد من خطورة الإصابة وشدة الأعراض.

سابعاً: مضاعفات التهاب الأمعاء

1. الجفاف

يُعتبر من أكثر المضاعفات شيوعًا في حالات التهاب الأمعاء الحاد، خصوصًا عند الأطفال، ويؤدي إلى اضطراب في وظائف الكلى، انخفاض ضغط الدم، واضطرابات في توازن الأملاح.

2. ثقب الأمعاء

قد يحدث في الحالات المزمنة مثل مرض كرون، وهو من المضاعفات الخطيرة التي تستلزم تدخلاً جراحياً فورياً.

3. تضيق الأمعاء

يحدث نتيجة التئام متكرر للالتهابات داخل جدار الأمعاء، مما يسبب انسداداً جزئياً أو كليًا.

4. الناسور (Fistula)

تكوّن ممرات غير طبيعية بين الأمعاء وأعضاء أخرى مثل المثانة أو الجلد، وهو أحد المضاعفات المتقدمة في مرض كرون.

5. زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون

خاصة عند المصابين بالتهاب القولون التقرحي لمدة تزيد عن 10 سنوات، مما يستدعي متابعة طبية دورية وفحوصات تنظير قولوني.

ثامناً: تشخيص التهاب الأمعاء

التشخيص الدقيق يعتمد على مجموعة من الفحوصات السريرية والمخبرية:

• الفحص السريري: تقييم الأعراض ومدة حدوثها.

• تحاليل البراز: للبحث عن وجود دم، صديد، أو مسبب جرثومي.

• تحاليل الدم: لتقييم علامات الالتهاب، مستوى الكريات البيض، وفقر الدم.

• التصوير بالأشعة أو الأشعة المقطعية (CT)

• تنظير القولون أو الأمعاء الدقيقة: خاصة في الحالات المزمنة لتقييم مدى الالتهاب، أخذ عينات نسيجية، أو استبعاد الأورام.

تاسعاً: الوقاية والتدابير الصحية العامة

• غسل اليدين بانتظام لتقليل انتقال العدوى الفيروسية أو البكتيرية.

• تجنب تناول الطعام أو الماء الملوث.

• الاهتمام بالنظافة الشخصية خاصة عند التعامل مع أطفال أو مرضى.

• اتباع نظام غذائي متوازن وغني بالألياف والفيتامينات.

• مراجعة الطبيب فور ظهور أعراض غير معتادة أو تفاقم الأعراض المعروفة.

• الالتزام بالعلاج الدوائي واتباع الإرشادات الطبية في حالات الالتهاب المزمن.

المصادر والمراجع

• Mayo Clinic. “Inflammatory Bowel Disease (IBD).” https://www.mayoclinic.org

• World Gastroenterology Organisation. “Acute Diarrhea Guidelines.” https://www.worldgastroenterology.org