أعراض الإجهاض وأسبابه

الإجهاض هو فقدان الحمل في مرحلة مبكرة، ويُعتبر من أكثر المشكلات الصحية التي يمكن أن تواجهها النساء خلال فترة الحمل. على الرغم من أنه قد يكون تجربة مؤلمة ومؤثرة عاطفيًا وجسديًا، إلا أن الإجهاض يعد أمرًا شائعًا في بعض الحالات، ويمكن أن يحدث لأسباب متنوعة. يشمل هذا المقال أعراض الإجهاض المختلفة، والعوامل المؤثرة فيه، وأسبابه، مع التركيز على كيفية التفاعل مع هذه التجربة من الجوانب الطبية والنفسية.

1. تعريف الإجهاض

الإجهاض هو فقدان الحمل قبل الأسبوع العشرين من الحمل، ويمكن أن يحدث نتيجة لمجموعة متنوعة من الأسباب الطبية أو البيئية. بشكل عام، يعتبر الإجهاض الذي يحدث في المراحل المبكرة من الحمل أكثر شيوعًا، حيث تشير الدراسات إلى أن حوالي 10-20% من حالات الحمل تنتهي بالإجهاض. قد يحدث الإجهاض بسبب مشكلات في الجنين نفسه أو بسبب حالات صحية في الأم.

2. أعراض الإجهاض المبكر

الإجهاض المبكر، الذي يحدث في الأسابيع الأولى من الحمل، يمكن أن يكون مصحوبًا بعدة أعراض تختلف من امرأة إلى أخرى. من أبرز هذه الأعراض:

2.1. النزيف المهبلي

أحد الأعراض الأكثر شيوعًا للإجهاض هو النزيف المهبلي. يبدأ النزيف عادةً على شكل بقع دموية خفيفة، وقد يصبح أكثر كثافة مع مرور الوقت. في بعض الأحيان، قد يكون النزيف مصحوبًا بتكتلات دموية أو أنسجة من الرحم. ومع ذلك، ليس كل نزيف مهبلي يعني حدوث إجهاض، حيث أن بعض النساء قد يعانين من نزيف طفيف في بداية الحمل ولا يمررن بإجهاض.

2.2. الألم أو التقلصات في البطن

الألم أو التقلصات في البطن من الأعراض الشائعة التي قد تحدث أثناء الإجهاض. يمكن أن يكون الألم مشابهًا للألم الناتج عن الدورة الشهرية، لكنه في بعض الأحيان قد يكون أكثر شدة ويصاحبه ضغط في أسفل البطن. قد تكون هذه التقلصات ناتجة عن محاولة الرحم التخلص من الحمل.

2.3. فقدان الأعراض الحملية

عادةً ما تكون الأعراض التي تشعر بها المرأة الحامل، مثل الغثيان والتعب، من العلامات المبكرة للحمل. لكن في حالة الإجهاض، قد تلاحظ المرأة اختفاء هذه الأعراض بشكل مفاجئ. يمكن أن يكون هذا التغيير علامة على أن الحمل قد انتهى.

2.4. خروج أنسجة من المهبل

في بعض الحالات، قد تلاحظ المرأة خروج أنسجة من المهبل، مثل الأنسجة البيضاء أو الحمراء. إذا كانت الأنسجة تتضمن أنسجة جنينية، فقد يكون ذلك دليلاً على حدوث الإجهاض التام.

3. أعراض الإجهاض المتأخر

الإجهاض الذي يحدث بعد الأسبوع العشرين من الحمل يسمى “الإجهاض المتأخر”، ويتميز بأعراض أكثر وضوحًا وأشد. قد تشمل هذه الأعراض:

3.1. آلام شديدة في أسفل الظهر

قد تشعر المرأة الحامل بآلام شديدة في أسفل الظهر التي يمكن أن تكون مشابهة لآلام المخاض. هذا الألم قد يكون ناتجًا عن تقلصات الرحم التي تحاول طرد الجنين.

3.2. ارتفاع درجة الحرارة

إذا كان هناك التهاب أو عدوى مصاحبة للإجهاض المتأخر، فقد تلاحظ المرأة ارتفاع درجة حرارتها. هذا قد يكون مؤشرًا على وجود مشكلة صحية تحتاج إلى رعاية طبية فورية.

3.3. تسرب السائل الأمينوسي

في بعض الحالات المتقدمة من الإجهاض، قد يلاحظ تسرب السائل الأمينوسي من المهبل. يشير ذلك إلى احتمال فقدان الحمل بشكل كامل ويحتاج إلى علاج طبي فوري.

4. أسباب الإجهاض

يمكن أن يحدث الإجهاض لأسباب عدة تتراوح بين العوامل الوراثية في الجنين إلى الحالات الصحية في الأم. من أبرز الأسباب المعروفة:

4.1. العوامل الوراثية

تعد العوامل الوراثية من أكثر الأسباب شيوعًا للإجهاض في المراحل المبكرة من الحمل. يمكن أن تحدث بعض الأخطاء الجينية أو الكروموسومية أثناء تكوين الجنين، مما يسبب مشاكل في النمو ويؤدي إلى فشل الحمل.

4.2. مشكلات في الرحم

قد تكون هناك بعض المشكلات التشريحية في الرحم التي تؤثر على استمرارية الحمل، مثل الأورام الليفية الرحمية أو التشوهات الخلقية في الرحم.

4.3. التغيرات الهرمونية

قد يؤدي خلل في مستوى الهرمونات إلى حدوث إجهاض. على سبيل المثال، نقص هرمون البروجسترون الذي يساعد في الحفاظ على الحمل قد يؤدي إلى فقدان الحمل في مراحله المبكرة.

4.4. الحالات الصحية للأم

الحالات الصحية المزمنة مثل مرض السكري غير المتحكم فيه، ارتفاع ضغط الدم، مشاكل في جهاز المناعة، واضطرابات الغدة الدرقية قد تزيد من خطر حدوث الإجهاض.

4.5. العدوى

العدوى التي تصيب المرأة الحامل، مثل التسمم الغذائي أو التهابات المهبل أو السيلان، قد تؤدي إلى حدوث الإجهاض. الأمراض المعدية قد تضعف قدرة الجسم على الحفاظ على الحمل.

4.6. استخدام بعض الأدوية أو المواد

بعض الأدوية مثل الأدوية المضادة للبكتيريا أو الأدوية التي تحتوي على هرمونات قد تؤدي إلى حدوث الإجهاض. كذلك، يمكن أن يؤدي تعاطي الكحول، المخدرات أو التدخين إلى زيادة خطر حدوث الإجهاض.

5. تشخيص الإجهاض

إذا كانت المرأة تشعر بأي من الأعراض المحتملة للإجهاض، يجب عليها التوجه للطبيب على الفور. يقوم الطبيب بتشخيص الإجهاض بناءً على الأعراض التي تقدمها المرأة، بالإضافة إلى بعض الفحوصات مثل:

• السونار (الألتراساوند): يساعد في تحديد إذا ما كان الحمل قد انتهى، وإذا كانت هناك أي بقايا للحمل في الرحم.

• اختبارات الدم: قد يُطلب من المرأة إجراء اختبار دم لقياس مستويات هرمون الحمل (HCG) في الدم، حيث أن انخفاض مستوى هذا الهرمون يمكن أن يكون علامة على الإجهاض.

6. أنواع الإجهاض

الإجهاض قد يختلف من حيث نوعه وشدته، ويمكن تصنيفه إلى عدة أنواع:

6.1. الإجهاض التلقائي

وهو النوع الأكثر شيوعًا، ويحدث بشكل غير متوقع دون تدخل خارجي. غالبًا ما يكون نتيجة لأسباب جينية أو صحية.

6.2. الإجهاض المحسوس

يحدث عندما تشعر المرأة بتقلصات شديدة وآلام في البطن مع نزيف مهبلي، ولكنه يختلف عن الإجهاض التام حيث قد لا يُنهي الحمل بالكامل.

6.3. الإجهاض المتكرر

يحدث عندما تتعرض المرأة للإجهاض أكثر من مرتين متتاليتين، وقد يكون نتيجة لوجود مشكلة صحية مزمنة أو مشكلة في الرحم.

6.4. الإجهاض الكامل

ويعني أن الجسم قد طرد جميع أنسجة الحمل بشكل طبيعي، ويعتبر الرحم خاليًا من أي بقايا.

7. العلاج والرعاية الطبية بعد الإجهاض

بمجرد التأكد من حدوث الإجهاض، قد يوصي الطبيب بعدد من الإجراءات العلاجية أو الوقائية لتخفيف الآلام وتجنب حدوث مشاكل صحية مستقبلية. يشمل العلاج عادةً الراحة التامة والمتابعة الطبية للتأكد من أن الرحم قد تم تطهيره بالكامل من أي بقايا للحمل.

في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بالعلاج الدوائي لإخراج الأنسجة المتبقية من الرحم. في حالات أخرى، قد يتطلب الأمر إجراء عملية تنظيف للرحم (الكحت) لضمان عدم وجود أي بقايا قد تتسبب في التهاب أو عدوى.

8. التأثير النفسي للإجهاض

الإجهاض ليس تجربة جسدية فحسب، بل له أيضًا تأثيرات نفسية كبيرة. قد تشعر النساء اللواتي يواجهن الإجهاض بالحزن الشديد، الشعور بالذنب، والقلق. من المهم توفير الدعم النفسي للمرأة بعد الإجهاض، سواء من خلال التحدث مع مستشار نفسي أو من خلال دعم العائلة والأصدقاء. يمكن أن يساعد التوجيه النفسي في التغلب على مشاعر الحزن والاكتئاب التي قد ترافق هذه التجربة.

9. الوقاية من الإجهاض

بينما لا يمكن منع كل حالات الإجهاض، هناك خطوات يمكن اتخاذها لتقليل المخاطر:

• الاهتمام بالصحة العامة: الحفاظ على نظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على وزن مناسب.

• العناية بالصحّة النفسية: تجنب التوتر الزائد وممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوغا.

• زيارة الطبيب بشكل دوري: متابعة الحمل مع الطبيب بشكل منتظم للكشف عن أي مشاكل صحية قد تؤثر على الحمل.

10. الخاتمة

الإجهاض هو تجربة صعبة تأخذ أبعادًا جسدية وعاطفية. من المهم أن تكون النساء على دراية بالأعراض المحتملة للإجهاض، وكيفية التعامل معها بالشكل الأمثل.