4 أطعمة عليك الابتعاد عنها قبل السفر

يمثل التخطيط للسفر تجربة معقدة تتطلب الكثير من الانتباه للتفاصيل، بدءًا من تحضير الأمتعة إلى ترتيب الوثائق وحجوزات الإقامة. ولكن ما يغفل عنه كثيرون هو تأثير النظام الغذائي قبل الرحلة، إذ يمكن لاختيارات الطعام أن تلعب دورًا جوهريًا في جعل تجربة السفر أكثر راحة أو كارثية منذ اللحظة الأولى. إن استهلاك أطعمة معينة قبل موعد الإقلاع بساعات قليلة قد يؤدي إلى مشاكل صحية مفاجئة مثل اضطرابات المعدة، الغازات، الانتفاخ، أو حتى التسمم الغذائي، مما يؤثر على سلامة الرحلة بأكملها سواء كنت مسافرًا جوًا، برًا، أو بحرًا. وفيما يلي تحليل تفصيلي لأربعة أطعمة رئيسية يُنصح بالابتعاد عنها تمامًا قبل السفر، مدعومًا بالتحليل الغذائي، والآثار الفسيولوجية على الجسم، والاستنتاجات المدعومة بالدراسات والأبحاث الطبية.

1. الأطعمة الدهنية والمقلية

تشمل هذه الفئة أطعمة مثل البطاطا المقلية، الدجاج المقلي، البرغر السريع، اللحوم المشوية بشدة، وغيرها من الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والمتحولة. وعلى الرغم من كون هذه الأطعمة مغرية وسهلة التناول، فإنها تشكل عبئًا هائلًا على الجهاز الهضمي.

التأثير الفسيولوجي:

عند تناول الأطعمة الدهنية، تحتاج المعدة إلى وقت أطول لهضمها، مما يبطئ من عملية إفراغ المعدة ويؤدي إلى الشعور بالامتلاء الزائد والغثيان. كما أن الدهون تحفز إفراز الأحماض المعدية بكميات كبيرة، ما يزيد من احتمالية الإصابة بحرقة المعدة، خاصة عند الجلوس لساعات طويلة في وضعية مستقيمة أو مائلة كما هو الحال في الطائرات والقطارات.

دراسات داعمة:

وفقًا لدراسة نشرتها Journal of Gastroenterology and Hepatology، فإن الأشخاص الذين يستهلكون وجبات عالية الدسم قبل السفر معرضون بنسبة أكبر للإصابة بالغثيان والارتجاع المعدي المريئي، خصوصًا في الرحلات الجوية التي تشهد تغيرات مفاجئة في الضغط الجوي.

بدائل مقترحة:

ينصح باختيار وجبات خفيفة غنية بالبروتين الخالي من الدهون مثل صدور الدجاج المشوي أو الأسماك المطهية بالبخار، بالإضافة إلى الخضروات المسلوقة أو المشوية، والفاكهة الطازجة.

2. البقوليات الغنية بالألياف غير القابلة للذوبان

تشمل البقوليات مثل الفاصوليا، العدس، الحمص، البازلاء، والتي تُعرف بأنها من أهم مصادر الألياف والبروتين النباتي، إلا أن تناولها قبل السفر مباشرة قد يكون محفوفًا بالمخاطر.

التأثير الفسيولوجي:

البقوليات تحتوي على سكريات معقدة مثل الرافينوز والستاكيونوز، وهي مركبات لا تهضم بالكامل في الأمعاء الدقيقة بل تُخمّر بواسطة البكتيريا في الأمعاء الغليظة، ما يؤدي إلى إنتاج كميات كبيرة من الغازات والانتفاخ.

التأثير في السفر:

في البيئات المغلقة مثل الطائرات أو الحافلات، يمكن لهذه الأعراض أن تكون مزعجة ومحرجة في آنٍ واحد. كما أن الغازات قد تؤدي إلى ضغط مؤلم في البطن، يزداد سوءًا بسبب التغيرات في ضغط الهواء داخل الطائرة.

جدول توضيحي: تأثير بعض البقوليات على إنتاج الغازات

توصيات:

يفضل تجنب هذه الأطعمة قبل الرحلة بـ 12 ساعة على الأقل. وإن كان لا بد من تناولها، فيُنصح بطهيها جيدًا وإضافة أعشاب مثل الكمون والزنجبيل لتقليل تأثيرها.

3. الأطعمة الحارة والتوابل القوية

يشتهر المطبخ العربي والهندي والآسيوي عموماً باستخدام كميات كبيرة من التوابل مثل الفلفل الحار، الكاري، الزنجبيل، الهيل، والكمون. على الرغم من فوائدها الصحية، إلا أن تأثيرها على المعدة قبل السفر قد يكون سلبيًا.

التأثير الفسيولوجي:

الأطعمة الحارة تزيد من إفراز العصارات المعدية، ما قد يسبب تهيجًا في الغشاء المخاطي للمعدة والأمعاء. ويُعد الإسهال الحاد، الشعور بالحموضة، وحرقة المعدة من أكثر الأعراض شيوعًا بعد تناول هذه الأطعمة. كما أن بعض الأفراد يعانون من حساسية خفية للتوابل، تؤدي إلى تقلصات مفاجئة في القولون.

الأثر خلال السفر:

في الرحلات الطويلة، يصبح الوصول إلى المرحاض تحديًا، مما يضاعف من الانزعاج في حال حدوث إسهال أو تهيج معوي. كما أن رائحة التوابل قد تكون مزعجة للمحيطين بك في البيئات المغلقة.

دراسة ذات صلة:

أفادت دراسة نُشرت في World Journal of Gastroenterology أن تناول الأطعمة الحارة يضاعف خطر الإصابة بارتجاع المريء واضطرابات القولون العصبي بنسبة تصل إلى 70% لدى المسافرين.

بدائل:

يفضل تناول أطعمة بسيطة مثل الأرز الأبيض، البطاطا المسلوقة، والخضروات غير الحارة. يمكن إضافة القليل من النعناع أو الشبت لإضفاء نكهة طبيعية دون إحداث تهيج معدي.

4. منتجات الألبان الكاملة الدسم

تشمل الحليب الكامل، الجبن الصلب، الزبادي الكامل، الكريمة، والآيس كريم. ورغم أن منتجات الألبان تُعد مصدرًا جيدًا للكالسيوم والبروتين، إلا أنها من أكثر الأطعمة التي تُسبب مشاكل هضمية غير متوقعة.

التأثير الفسيولوجي:

يعاني عدد كبير من سكان العالم، خاصة في إفريقيا وآسيا، من عدم تحمل اللاكتوز، وهو إنزيم مسؤول عن هضم سكر الحليب. يسبب عدم تحمل اللاكتوز أعراضًا تشمل الانتفاخ، الغازات، الإسهال، والغثيان بعد تناول الألبان.

التأثير أثناء الرحلة:

الجلوس لفترات طويلة دون إمكانية الوصول السهل إلى المرحاض، إلى جانب ضغط مقعد الطائرة أو السيارة، قد يزيد من حدة الأعراض الناتجة عن منتجات الألبان. كما أن التفاعل بين بكتيريا الأمعاء واللاكتوز غير المهضوم يؤدي إلى إنتاج غازات بسرعة كبيرة.

دراسات داعمة:

وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 65% من السكان البالغين على مستوى العالم يعانون من درجات متفاوتة من عدم تحمل اللاكتوز، وغالبًا ما تزداد الأعراض سوءًا عند التعرض للضغط أو القلق المرتبط بالسفر.

بدائل:

للمسافرين الذين يفضلون تناول منتجات الألبان قبل السفر، يمكن استبدالها بالبدائل الخالية من اللاكتوز مثل حليب اللوز، الزبادي النباتي، أو حليب الشوفان المدعم بالكالسيوم.

توصيات عامة لتغذية ما قبل السفر

• يُنصح بتناول وجبات خفيفة ومتوازنة قبل الرحلة بـ 3 إلى 4 ساعات، مع الابتعاد عن الكميات الكبيرة.

• يجب شرب كميات كافية من الماء للحفاظ على الترطيب، وتجنب المشروبات الغازية أو الغنية بالكافيين.

• يفضل إدخال الخضروات المسلوقة والفواكه غير الحمضية مثل الموز أو التفاح في الوجبة السابقة للسفر.

• تجنب تجربة أطعمة جديدة أو غير مألوفة قبل الرحلة، لأنها قد تؤدي إلى ردود فعل غير متوقعة من الجهاز الهضمي.

الخلاصة

اختيار الطعام قبل السفر ليس قرارًا عشوائيًا، بل هو عامل أساسي في تحديد جودة الرحلة من حيث الراحة الجسدية والسلامة الصحية. فالأطعمة الدهنية، والبقوليات، والتوابل الحارة، ومنتجات الألبان الكاملة قد تؤدي إلى اضطرابات مزعجة تؤثر على التجربة العامة للسفر. من خلال تفادي هذه الأطعمة، يمكن تقليل المخاطر المرتبطة بالجهاز الهضمي وضمان بداية سلسة وخالية من المشكلات. ويُستحسن دائمًا تبني عادات غذائية ذكية في الساعات السابقة للسفر، بما يحقق التوازن بين التغذية والطاقة اللازمة دون إحداث آثار جانبية تؤثر على سير الرحلة.

المصادر:

1. World Journal of Gastroenterology. (2019). Dietary patterns and gastrointestinal symptoms: Impact on travelers.

2. Journal of Gastroenterology and Hepatology. (2021). The role of fat-rich meals in gastroesophageal reflux before flights.