أضعف الجيوش في الشرق الأوسط 2023

يشهد الشرق الأوسط تنوعاً كبيراً في القدرات العسكرية بين دوله، إذ تتفاوت جيوشه بشكل ملحوظ من حيث القوة والفاعلية والإمكانات التقنية واللوجستية. ورغم أن المنطقة تعرف بجيوشها القوية والمسلحة بشكل متطور في بعض البلدان، فإن هناك دولاً عانت من ضعف واضح في قدراتها العسكرية خلال عام 2023، لأسباب متعددة تتعلق بالاقتصاد والسياسة والهيكلة والتحديث.

هذا المقال يستعرض بشكل مفصل أضعف الجيوش في الشرق الأوسط لعام 2023، مع التركيز على العوامل التي أدت إلى ضعف هذه الجيوش، والنتائج التي ترتبت على ذلك في المشهد الأمني الإقليمي، مع تحليل شامل لكافة الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع.

عوامل ضعف الجيوش في الشرق الأوسط

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى ضعف الجيش في أي دولة، ولا يقتصر الأمر على حجم القوات أو عدد الأسلحة فقط، بل تشمل مجموعة من العوامل الأساسية التي تحدد قدرة الجيش على أداء مهامه الوطنية والدولية.

1. الاقتصاد والدعم المالي المحدود

تعد الموارد المالية من أهم عوامل قوة الجيش، حيث تؤثر مباشرة على القدرة على تحديث المعدات العسكرية، وتدريب القوات، وتطوير البنية التحتية اللوجستية، إضافة إلى دفع رواتب العسكريين وتأمين الاحتياجات الضرورية. ضعف الموارد المالية أو اقتصادات الدول التي تمر بأزمات اقتصادية حادة ينعكس سلباً على قوة الجيش.

2. الاضطرابات السياسية والصراعات الداخلية

تساهم الأوضاع السياسية غير المستقرة، مثل الحروب الأهلية، والانقلابات، والصراعات السياسية الداخلية، في إضعاف القدرة العسكرية، بسبب انشغال الجيش بقمع الاحتجاجات أو انقسام القوات المسلحة بين فصائل متنازعة، ما يؤدي إلى نقص في الانضباط والتنظيم، وانخفاض فعالية الأداء العسكري.

3. نقص التدريب والتأهيل

تعتبر جودة التدريب العسكري والتأهيل المستمر من الركائز التي تبني جيشاً قوياً وفعالاً. ضعف التدريب ينعكس على القدرات القتالية والجاهزية العملياتية، ويجعل القوات أقل قدرة على التعامل مع التحديات والتطورات العسكرية الحديثة.

4. الاعتماد على معدات عتيقة وعدم التحديث

تراجع الاستثمار في تطوير الأسلحة والمعدات الحديثة، أو الاعتماد على ذخائر وتقنيات عسكرية قديمة، يؤثر بشدة على قدرة الجيش على المنافسة في ميادين القتال الحديثة التي تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا المتطورة والذكاء الصناعي وأسلحة الدقة.

5. ضعف الهيكل التنظيمي والقيادة

غياب القيادة العسكرية الكفؤة والتخطيط الاستراتيجي الفعال، وضعف التنظيم داخل الجيش يؤدي إلى تقليل الكفاءة القتالية، وتدهور الروح المعنوية، بالإضافة إلى فقدان التنسيق بين الوحدات المختلفة، ما يجعل الجيش عرضة للفشل في مواجهة الأزمات.

دراسة مفصلة لأضعف جيوش الشرق الأوسط في 2023

في ظل هذه العوامل، تظهر قائمة بالدول التي شهدت جيوشها تراجعاً واضحاً أو ضعفاً ملحوظاً على المستوى العسكري خلال عام 2023، وهي الدول التي تعاني من ضعف البنية العسكرية بسبب الأوضاع التي سبق ذكرها.

1. اليمن

تمثل اليمن أحد أبرز الأمثلة على الضعف العسكري في المنطقة، حيث يعاني الجيش اليمني من ضعف شديد ناتج عن الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات. الجيش الرسمي فقد جزءاً كبيراً من قدراته نتيجة الانقسام الحاد بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثي المسيطرة على أجزاء واسعة من البلاد.

• الأسباب:

  • الصراع الداخلي المستمر والحرب التي أضعفت البنية العسكرية.

  • نقص التمويل والدعم اللوجستي.

  • الاعتماد على أسلحة قديمة وفرق غير منظمة.

  • ضعف التدريب وانخفاض الروح المعنوية.

• النتائج:

  • عدم قدرة الجيش على فرض السيطرة على كامل الأراضي.

  • وجود قوات مسلحة متعددة غير متجانسة.

  • تراجع كبير في مستوى التنسيق العملياتي.

2. سوريا

تأثر الجيش السوري بشكل كبير جراء الحرب الأهلية التي بدأت عام 2011، رغم أنه يعتبر من الجيوش التقليدية الأكبر في المنطقة، لكن الصراعات الداخلية والانقسامات والحصار الدولي أثرت على فاعليته.

• الأسباب:

  • تدمير البنية التحتية العسكرية بسبب النزاعات.

  • فقدان عدد كبير من الضباط والجنود.

  • العقوبات الاقتصادية التي أثرت على تحديث المعدات.

  • اعتماد كبير على الدعم الخارجي من روسيا وإيران.

• النتائج:

  • ضعف التنسيق الداخلي والتدريب.

  • الاعتماد على فصائل مسلحة غير نظامية.

  • محدودية القدرة على تنفيذ عمليات كبيرة مستقلة.

3. لبنان

الجيش اللبناني، رغم أنه منظومة عسكرية محترمة مقارنة بحجم الدولة، إلا أن لبنان يشهد تحديات كبيرة في مجالات التمويل والتحديث، مع تداخل الأدوار بين الجيش والقوى الأمنية والفصائل المسلحة داخل الدولة.

• الأسباب:

  • الأزمات الاقتصادية الحادة التي عصفّت بلبنان.

  • التوترات السياسية وعدم الاستقرار.

  • ضعف التمويل والموارد العسكرية.

  • القيود على تطوير قدرات الجيش.

• النتائج:

  • قدرة محدودة على السيطرة الكاملة على الأراضي.

  • صعوبة في مواجهة التنظيمات المسلحة غير النظامية.

  • ضعف القدرة على حماية الحدود بفعالية.

4. العراق

رغم الدعم العسكري الدولي الواسع الذي تلقاه العراق، إلا أن جيشه يعاني من مشاكل تنظيمية ومالية وسياسية أثرت على فاعليته العسكرية، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة.

• الأسباب:

  • مشاكل في التنسيق بين القوات.

  • ضعف الاستقلالية والاعتماد على التحالفات الدولية.

  • الفساد المالي والإداري.

  • ضعف تدريب بعض الوحدات العسكرية.

• النتائج:

  • محدودية السيطرة على بعض المناطق.

  • تواجد مسلحين غير نظاميين يعيق عمل الجيش.

  • تراجع معنويات القوات العسكرية.

5. الأردن

الجيش الأردني يعتبر من الجيوش ذات الترتيب المتوسط في المنطقة، لكنه يواجه بعض التحديات في الحجم والتحديث مقارنة بجيوش أكبر وأكثر تمويلاً. رغم ذلك، يحتفظ الجيش الأردني بسمعة تدريب جيدة واحترافية.

• الأسباب:

  • ميزانية محدودة مقارنة بحجم التحديات.

  • التركيز على الأمن الداخلي أكثر من القدرات القتالية.

  • الاعتماد على دعم الولايات المتحدة الأمريكية.

• النتائج:

  • قوة محدودة في المجالات التقنية المتقدمة.

  • تركيز على العمليات الدفاعية.

  • نقص في المعدات الحديثة نسبياً.

مقارنة بين بعض الجيوش الضعيفة في الشرق الأوسط (2023)

فيما يلي جدول مقارنة يوضح أهم المؤشرات التي توضح نقاط ضعف بعض الجيوش في الشرق الأوسط في 2023:

تداعيات ضعف الجيوش على الأمن الإقليمي

يشكل ضعف الجيوش في بعض دول الشرق الأوسط تحدياً خطيراً للأمن والاستقرار في المنطقة، إذ يؤدي إلى ما يلي:

• انتشار الجماعات المسلحة والإرهابية: ضعف الجيوش يتيح الفرصة لتنظيمات مسلحة مثل داعش وغيرها للتمدد والانتشار، مما يهدد أمن الدول المجاورة.

• تفاقم النزاعات الداخلية: الجيوش الضعيفة غير قادرة على السيطرة على النزاعات أو الحفاظ على الأمن الداخلي، ما يزيد من فرص تفاقم الأزمات.

• تدخلات خارجية متزايدة: الدول التي تعاني من ضعف جيوشها تصبح عرضة للتدخلات العسكرية والسياسية من قبل قوى إقليمية ودولية تستغل ضعفها.

• تأخير التنمية الاقتصادية: عدم الاستقرار الأمني بسبب ضعف الجيوش يعيق جذب الاستثمارات وتنفيذ المشاريع التنموية الحيوية.

خطوات وإجراءات لتعزيز القوة العسكرية في الدول الضعيفة

لمواجهة تحديات الضعف العسكري، يجب أن تتخذ هذه الدول خطوات عملية وعاجلة، منها:

• زيادة الميزانية العسكرية بشكل مستدام لدعم التحديث والتدريب.

• إصلاح البنية التنظيمية والقيادية للجيش مع التركيز على الكفاءة والشفافية.

• التعاون الدولي للاستفادة من الخبرات العسكرية المتقدمة.

• التركيز على تدريب وتأهيل القوات على أعلى مستويات المهنية.

• تبني التكنولوجيا الحديثة وتطوير قدرات الدفاع الجوي والبحري والبري.

• تعزيز الوحدة الوطنية لضمان دعم الجيش والتصدي لأي تهديدات.

خلاصة

يظل ضعف بعض جيوش الشرق الأوسط في عام 2023 نتاجاً لمجموعة معقدة من العوامل الاقتصادية والسياسية والتنظيمية، مما يشكل تحدياً أمنياً خطيراً يتطلب جهوداً متضافرة من الحكومات المحلية والمجتمع الدولي لإعادة بناء وتعزيز هذه الجيوش بما يضمن استقرار المنطقة وسلامتها. إن التوازن العسكري في الشرق الأوسط يتطلب مواجهة أسباب الضعف بشكل شامل وعلمي لتحقيق الأمن والتنمية المستدامة.

المصادر:

1. معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI 2023.

2. تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS 2023.