أضرار نزول الرحم الخطيرة

أضرار نزول الرحم: التأثيرات الصحية والمضاعفات الجسدية والنفسية

يُعد نزول الرحم، أو ما يُعرف علميًا بـ”هبوط الرحم” (Uterine Prolapse)، من المشكلات الصحية الشائعة التي تصيب النساء، لا سيما بعد الولادة المتكررة أو مع التقدم في العمر، وهو حالة تتمثل في تدلّي الرحم من مكانه الطبيعي داخل الحوض نحو المهبل، وقد يصل في الحالات الشديدة إلى الخارج. وعلى الرغم من أن هذه الحالة قد تبدأ بأعراض خفيفة لا تُثير القلق، إلا أنّ إهمالها وعدم التدخل العلاجي قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، تؤثر على حياة المرأة الجسدية والنفسية والجنسية. في هذا المقال المطوّل، نستعرض بتفصيل دقيق الأضرار الناتجة عن نزول الرحم على مختلف الأصعدة.

أولاً: الفهم التشريحي لنزول الرحم

لكي نتمكن من إدراك مدى خطورة نزول الرحم، لا بد من الإلمام بالبنية التشريحية لمنطقة الحوض. يتثبت الرحم ضمن الحوض بوساطة مجموعة من الأربطة والعضلات مثل عضلات قاع الحوض والأربطة الرحمية (مثل الرباط العجزي الرحمي والرباط المستدير). عند ضعف هذه العضلات والأربطة، نتيجة الحمل المتكرر، أو الولادة المهبلية، أو التقدم في العمر، يفقد الرحم قدرته على البقاء في موضعه الطبيعي، ما يؤدي إلى نزوله إلى المهبل بدرجات متفاوتة.

تُصنّف درجة نزول الرحم حسب شدة الهبوط، إلى:

ثانياً: الأضرار الجسدية لنزول الرحم

1. مشاكل في الجهاز البولي

أحد أبرز الأعراض والأضرار التي تصاحب نزول الرحم هو التأثير على المثانة البولية، ويشمل ذلك:

• سلس البول: تعاني النساء المصابات بهبوط الرحم من تسرب لا إرادي للبول عند الضحك أو السعال أو العطس.

• احتباس البول: في حالات أخرى، قد يحدث صعوبة في تفريغ المثانة بالكامل، ما يزيد من خطر التهابات المسالك البولية.

• التبول الليلي المتكرر: قد تستيقظ المرأة مرات عديدة خلال الليل للتبول بسبب الضغط على المثانة.

• الإلحاح البولي: شعور دائم بضرورة التبول حتى في حالة امتلاء جزئي للمثانة.

2. مشاكل في الجهاز الهضمي

يؤثر نزول الرحم أيضًا على المستقيم مما يؤدي إلى:

• الإمساك المزمن: نتيجة الضغط على المستقيم أو تغيّر في مسار حركة الأمعاء.

• الشعور بعدم تفريغ المستقيم بالكامل بعد التبرز.

• آلام عند التبرز، خاصة في المراحل المتقدمة من الهبوط.

3. آلام في الحوض وأسفل الظهر

نتيجة تمدد الأربطة وضغط الرحم الهابط على الأعضاء المحيطة، تشعر المرأة بآلام مستمرة في:

• منطقة الحوض.

• الظهر وخاصة أسفل العمود الفقري.

• ثقل عام في الجزء السفلي من الجسم.

4. الشعور بجسم غريب في المهبل

مع تقدم درجة الهبوط، تبدأ المرأة بالشعور بوجود جسم غريب أو كتلة في فتحة المهبل، وقد تتمكن من رؤية هذا البروز في الحالات الشديدة. هذا الإحساس يسبب إزعاجاً كبيراً ويؤثر سلبًا على أنشطتها اليومية.

5. تهيج والتهابات المهبل

نتيجة احتكاك الجزء الهابط من الرحم بالملابس أو الأسطح الخارجية، قد يحدث:

• احمرار وتقرّحات في جدار المهبل.

• التهابات متكررة في المهبل.

• إفرازات غير طبيعية ذات رائحة كريهة.

• نزيف مهبلي خفيف إلى متوسط.

6. التأثير على الحياة الجنسية

يشكل نزول الرحم أحد العوامل المؤثرة على الحياة الجنسية، حيث تواجه المرأة:

• ألم أثناء الجماع (Dyspareunia).

• انخفاض الرغبة الجنسية نتيجة الشعور بعدم الراحة أو الإحراج.

• صعوبة في الوصول للنشوة الجنسية.

ثالثاً: المضاعفات طويلة الأمد

إذا لم يتم علاج هبوط الرحم في مراحله المبكرة، فقد يتفاقم الأمر إلى مضاعفات صحية معقدة:

1. هبوط أعضاء أخرى من الحوض

في بعض الحالات، لا يقتصر الهبوط على الرحم فقط، بل قد يمتد إلى:

• هبوط المثانة (Cystocele).

• هبوط المستقيم (Rectocele).

• هبوط المهبل بعد استئصال الرحم (Vaginal vault prolapse).

2. العدوى المزمنة

احتباس البول، التقرحات، والالتهابات المهبلية المزمنة، جميعها تزيد من فرص الإصابة بعدوى في المسالك البولية أو التهابات جلدية في المهبل.

3. الانسداد المعوي الجزئي

في حالات الهبوط المتقدمة، قد يتسبب الضغط على الأمعاء الغليظة بحدوث انسداد معوي جزئي، مما يؤدي إلى انتفاخ شديد وألم واضطراب في حركة الأمعاء.

رابعاً: الأثر النفسي والاجتماعي

1. القلق والاضطرابات النفسية

تشعر العديد من النساء المصابات بهبوط الرحم بالخجل والإحراج، ما يؤدي إلى:

• انخفاض احترام الذات.

• الاكتئاب أو القلق المستمر.

• الانسحاب من الحياة الاجتماعية.

2. الخوف من الجماع أو الزواج

تشعر بعض النساء بالخوف من الزواج أو من فشل العلاقة الزوجية بسبب الألم أو فقدان المتعة الجنسية الناتجة عن الهبوط، خاصة في المجتمعات المحافظة.

3. الإحساس بالعجز وفقدان السيطرة

يشعر البعض أن أجسامهن لم تعد قادرة على دعمهن، مما يولّد شعورًا بفقدان السيطرة على الصحة والحياة الجسدية.

خامساً: الفئات الأكثر عرضة لنزول الرحم

رغم أن نزول الرحم قد يصيب أي امرأة، فإن هناك فئات تعتبر أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة، ومنها:

• النساء اللاتي أنجبن ولادات مهبلية متكررة.

• النساء بعد سن اليأس بسبب نقص هرمون الإستروجين.

• النساء المصابات بالسمنة المفرطة.

• المصابات بإمساك مزمن أو سعال مزمن (كالمدخنات).

• من لديهن تاريخ عائلي بالإصابة بهبوط الأعضاء الحوضية.

• الممارسات المتكررة لحمل الأوزان الثقيلة.

سادساً: خيارات العلاج وإمكانية الوقاية

رغم خطورة المضاعفات، فإن نزول الرحم حالة يمكن السيطرة عليها إذا ما تم تشخيصها في مراحلها الأولى. وتتضمن الخيارات:

• العلاج الطبيعي وتمارين تقوية عضلات الحوض (مثل تمارين كيجل).

• استخدام الدعامات المهبلية (Pessary).

• العلاج الجراحي، عبر رفع الرحم أو استئصاله في الحالات القصوى.

• العلاج الهرموني، لتعويض نقص الإستروجين بعد سن اليأس.

من ناحية أخرى، فإن اتباع نمط حياة صحي، وتجنب الولادات المتكررة غير الضرورية، والمحافظة على وزن صحي، والامتناع عن التدخين، يُعد من الوسائل الفعالة للوقاية من نزول الرحم.

المراجع

1. Mayo Clinic. Uterine prolapse. Retrieved from: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/uterine-prolapse

2. Cleveland Clinic. Pelvic Organ Prolapse. Retrieved from: https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/14464-pelvic-organ-prolapse