أضرار شرب الماء البارد وتأثيراته الصحية

شرب الماء من العادات اليومية الضرورية للحفاظ على صحة الإنسان، ويُعد الماء من أهم عناصر الحياة، فبدون كمية كافية من الماء تتوقف العديد من الوظائف الحيوية في الجسم. مع ذلك، فإن نوعية الماء ودرجة حرارته تلعب دورًا هامًا في التأثير على صحة الإنسان. يعتبر شرب الماء البارد عادة شائعة بين الكثيرين، خاصة في الأجواء الحارة، ولكن هذه العادة قد تحمل أضرارًا صحية لا يمكن تجاهلها. يستعرض هذا المقال أضرار شرب الماء البارد من الناحية العلمية والطبية، ويفسر كيف يمكن أن يؤثر على الجسم سلبًا، مع توضيح آليات حدوث هذه الأضرار بناءً على الدراسات الحديثة.

درجة حرارة الماء وتأثيرها على الجسم

عندما نتناول الماء، فإن درجة حرارته تؤثر بشكل مباشر على أداء الجهاز الهضمي، الدورة الدموية، والجهاز المناعي. الماء البارد هو الماء الذي تكون درجة حرارته أقل من درجة حرارة الجسم (حوالي 37 درجة مئوية)، وعادة ما يكون ضمن نطاق 0-15 درجة مئوية. تناول الماء بهذه الدرجة من البرودة يؤدي إلى استجابة فسيولوجية مختلفة عن تلك التي تحدث عند شرب الماء الفاتر أو الساخن.

يُعتقد بشكل شائع أن الماء البارد ينشط الجسم ويمنحه إحساسًا بالانتعاش، لكنه في المقابل قد يسبب تأثيرات غير مرغوبة على الصحة، خصوصًا إذا تم تناوله بكميات كبيرة أو في ظروف معينة.

أضرار شرب الماء البارد

1. التأثير على الجهاز الهضمي

الماء البارد يؤدي إلى تقلص الأوعية الدموية في الجهاز الهضمي، مما يقلل من تدفق الدم إلى المعدة والأمعاء. وهذا بدوره يبطئ عملية الهضم ويقلل من كفاءة امتصاص المواد الغذائية، حيث يحتاج الجهاز الهضمي إلى درجة حرارة معتدلة لعمله بشكل صحيح.

علاوة على ذلك، يمكن للماء البارد أن يتسبب في تشنجات في المعدة، وآلام في البطن، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض مثل القولون العصبي أو التهاب المعدة. تشير الدراسات إلى أن تناول الماء البارد بعد تناول وجبة دسمة قد يؤدي إلى تصلب الدهون في الطعام داخل المعدة، مما يصعب هضمها ويزيد من العبء على الجهاز الهضمي.

2. التأثير على الجهاز التنفسي

يُلاحظ أن شرب الماء البارد قد يؤدي إلى زيادة مخاط الأنف والحنجرة، خصوصًا في الأشخاص الذين يعانون من حساسية أو أمراض تنفسية مزمنة مثل الربو أو التهابات الجهاز التنفسي العلوي. إذ يعمل الماء البارد على تحفيز الغدد المخاطية لإفراز المزيد من المخاط، ما قد يؤدي إلى انسداد الأنف أو تفاقم السعال.

في حالات أخرى، يمكن أن يؤدي شرب الماء البارد إلى “تشنج الحنجرة” والذي ينتج عنه صعوبة مؤقتة في التنفس أو الشعور بضيق في الحلق.

3. ضعف الجهاز المناعي

هناك ارتباط بين تناول الماء البارد وتأثر الجهاز المناعي، حيث يؤدي تعريض الجسم لمادة باردة بشكل مفاجئ إلى استجابة التهابية قد تضعف دفاعات الجسم مؤقتًا. يتسبب هذا في زيادة عرضة الجسم للإصابة بالعدوى، خصوصًا في الجهاز التنفسي. كما أن شرب الماء البارد باستمرار يمكن أن يبطئ تدفق الدم والأكسجين إلى الأنسجة، ما يقلل من كفاءة الجهاز المناعي في محاربة الميكروبات.

4. تأثير الماء البارد على الدورة الدموية

عندما يدخل الماء البارد إلى الجسم، يقوم الجهاز العصبي بتحفيز تقلص الأوعية الدموية الطرفية كآلية للتدفئة والحفاظ على حرارة الجسم. هذا الانقباض يقلل من تدفق الدم إلى الأطراف، مما قد يؤدي إلى شعور بالبرودة أو التنميل في اليدين والقدمين. للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الدورة الدموية مثل مرضى السكري أو مرضى ارتفاع ضغط الدم، يمكن أن يكون لهذا التأثير آثار سلبية على صحتهم.

5. زيادة مخاطر الصداع النصفي والصداع العادي

هناك علاقة معروفة بين شرب الماء البارد وحدوث الصداع، خاصة الصداع النصفي. يُعتقد أن الماء البارد يؤدي إلى تقلص الأوعية الدموية في المخ بشكل مفاجئ، ما يسبب صداعًا حادًا أو “الصداع الناتج عن الماء البارد”. قد يعاني الأشخاص المصابون بالصداع النصفي من تفاقم الأعراض عند تناول الماء البارد، مما يستدعي الحذر.

6. تأثير الماء البارد على التمثيل الغذائي

يعتقد بعض الناس أن شرب الماء البارد يساعد في زيادة معدل حرق السعرات الحرارية لأن الجسم يحتاج إلى رفع درجة حرارة الماء ليصل إلى درجة حرارة الجسم. ولكن الإفراط في شرب الماء البارد يمكن أن يسبب اضطرابات في التمثيل الغذائي، إذ يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة في الجسم بطريقة غير متوازنة قد تؤثر سلبًا على وظائف الأعضاء.

7. أضرار أخرى محتملة لشرب الماء البارد

• تشنجات العضلات: قد يتسبب شرب الماء البارد بسرعة في حدوث تشنجات في العضلات، خاصة لدى الرياضيين أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف في العضلات.

• تأثير على وظائف الكبد: بعض الدراسات التقليدية تشير إلى أن الماء البارد يبطئ من قدرة الكبد على إزالة السموم، لأن الجسم يميل إلى إيقاف عمله الطبيعي لتركيز جهوده على استعادة درجة حرارة الجسم.

• تفاقم مشاكل الجهاز العصبي: للماء البارد تأثير على الأعصاب الطرفية، وقد يسبب إحساسًا بالخدر أو التنميل عند البعض، خصوصًا في حالات وجود مشاكل صحية عصبية مزمنة.

الحالات التي يفضل فيها تجنب شرب الماء البارد

• مرضى الجهاز الهضمي المزمن مثل القرحة، التهاب المعدة، القولون العصبي.

• مرضى الربو والحساسية الصدرية.

• الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الدورة الدموية.

• المصابون بالصداع النصفي المزمن.

• النساء الحوامل في بعض الحالات، حيث قد تؤثر درجة حرارة الماء على تقلصات الرحم.

• الأطفال الرضع، لأن جهازهم الهضمي والجهاز المناعي لا يزال في طور النمو.

كيفية تجنب أضرار الماء البارد

• شرب الماء بدرجة حرارة معتدلة، مثل الماء الفاتر أو بدرجة حرارة الغرفة.

• تجنب شرب الماء البارد مباشرة بعد تناول الطعام، خصوصًا إذا كانت الوجبة دسمة أو ثقيلة.

• عدم شرب كميات كبيرة من الماء البارد دفعة واحدة، وإنما تناول كميات معتدلة وببطء.

• استبدال الماء البارد بمشروبات دافئة أو معتدلة خاصة في أوقات المرض أو الحساسية.

• الانتباه إلى ردود فعل الجسم، وتجنب الماء البارد إذا شعر الشخص بأي أعراض غير مريحة.

الجدول التالي يوضح أضرار الماء البارد وتأثيراتها الصحية

الخلاصة

رغم الفوائد العديدة للماء، فإن شرب الماء البارد يحمل مخاطر صحية عديدة تستوجب الحذر والوعي عند تناوله. الأضرار التي يسببها الماء البارد تتراوح بين تأثيرات على الجهاز الهضمي، التنفسي، المناعي، والدورة الدموية، إضافة إلى مشاكل أخرى مثل الصداع وتشنجات العضلات. لذلك يُنصح بشرب الماء بدرجة حرارة معتدلة لتجنب هذه المخاطر، وخصوصًا للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو حساسيات صحية. إن فهم العلاقة بين درجة حرارة الماء وتأثيرها على الجسم يساهم في الحفاظ على الصحة العامة وتحسين جودة الحياة.

المراجع:

1. Mayo Clinic. (2021). Water temperature and digestion: How it affects your health.

2. Journal of Clinical Gastroenterology. (2020). Effects of cold water ingestion on gastrointestinal motility and immunity.