أضرار زهرة البابونج

أضرار زهرة البابونج: نظرة موسعة على التأثيرات الجانبية والمخاطر الصحية

تُعد زهرة البابونج (Chamomile) من أكثر النباتات الطبية استخداماً في الطب التقليدي حول العالم، وهي معروفة بخصائصها المهدئة ومنافعها المتعددة في علاج الأرق واضطرابات الهضم والالتهابات الجلدية وغيرها من الحالات الصحية. ومع ذلك، وعلى الرغم من شهرتها كعشبة “آمنة” و”طبيعية”، إلا أن الدراسات الطبية والبيانات السريرية تشير إلى أن البابونج يمكن أن يتسبب بأضرار صحية متفاوتة الخطورة عند استخدامه بشكل غير مناسب أو عند التعرض لحالات تحسسية معينة. هذا المقال يستعرض بشكل موسع الجوانب السلبية المحتملة لاستخدام زهرة البابونج، استناداً إلى الأدلة العلمية والتحليل الدقيق لتأثيراتها البيوكيميائية على الجسم البشري.

الحساسية المرتبطة بالبابونج

إحدى أبرز أضرار زهرة البابونج تتمثل في ردود الفعل التحسسية التي قد تتفاوت في شدتها من طفيفة إلى مهددة للحياة، خصوصاً لدى الأفراد الذين يعانون من حساسية للنباتات التي تنتمي إلى الفصيلة النجمية (Asteraceae)، والتي تضم أيضاً الأقحوان وعباد الشمس والأرطماسيا.

أعراض التحسس وتشمل:

• الطفح الجلدي أو الشرى

• الحكة الشديدة

• التورم في الوجه أو الحلق

• ضيق التنفس

• صدمة الحساسية (Anaphylaxis) في الحالات القصوى

الحساسية قد تظهر بعد تناول البابونج عن طريق الفم أو عند تطبيقه موضعياً على الجلد، وتُعد هذه من أخطر المضاعفات الممكنة.

التأثيرات الهضمية السلبية

على الرغم من أن البابونج يُستخدم تقليدياً لعلاج مشاكل الجهاز الهضمي مثل عسر الهضم والغازات، إلا أن الاستخدام المفرط أو المزمن له قد يؤدي إلى تأثيرات عكسية في بعض الحالات:

• القيء والغثيان: الاستخدام بجرعات عالية قد يهيّج المعدة ويؤدي إلى غثيان متكرر أو رغبة بالتقيؤ.

• الإسهال: في حالات فرط تناول مغلي البابونج بشكل متكرر، قد يحدث اضطراب في التوازن البكتيري المعوي، مما يسبب الإسهال المزمن.

• تفاقم بعض الحالات المعدية: مثل الارتجاع المريئي أو القرحة المعدية نتيجة لتفاعل بعض مكوناته مع بطانة المعدة.

تأثيرات هرمونية ومخاطر على الحمل

زهرة البابونج تحتوي على مركبات فعالة مثل الفلافونويدات والأزولينات، والتي يمكن أن تؤثر بشكل غير مباشر على النظام الهرموني في الجسم.

خلال الحمل:

• خطر الإجهاض: تشير بعض الدراسات إلى أن البابونج يمكن أن يُحفّز تقلصات الرحم، مما يزيد من خطر الإجهاض أو الولادة المبكرة.

• تأثيرات على تطور الجنين: يُفضل تجنب تناوله في الأشهر الأولى من الحمل لما له من تأثيرات غير واضحة بعد على الجهاز العصبي الجنيني.

خلال الرضاعة:

• لا توجد دراسات كافية تؤكد أمان البابونج خلال فترة الإرضاع، وقد تنتقل بعض مكوناته الفعالة عبر حليب الأم مما قد يؤثر على الطفل الرضيع، خاصة إذا كان لديه استعداد للتحسس.

تفاعل البابونج مع الأدوية

واحدة من أخطر أضرار البابونج هي تداخله الدوائي، إذ أنه يتفاعل مع عدد من الأدوية الهامة، مما قد يؤدي إلى إما تقليل فاعليتها أو تعزيز آثارها الجانبية.

من أبرز هذه التفاعلات:

لذلك، يجب عدم تناول البابونج بالتزامن مع أدوية بدون استشارة الطبيب أو الصيدلي.

التأثير على الجهاز العصبي

في بعض الحالات، يُلاحظ أن زهرة البابونج تؤثر على الجهاز العصبي بطريقة سلبية، خاصة عند تناولها بكميات مفرطة أو بتركيزات عالية في الشاي العشبي أو المكملات الغذائية.

هذه التأثيرات تشمل:

• النعاس المفرط

• فقدان التركيز الذهني

• الصداع

• الهلوسة (تم رصدها في حالات نادرة عند الإفراط الشديد في الاستهلاك)

• التفاعل العكسي مع الكافيين عند تناولهما معًا مما يسبب اضطرابًا في النوم والقلق

التأثيرات الجلدية الموضعية

يستخدم البابونج في العديد من المستحضرات التجميلية والطبية الموضعية لعلاج الالتهابات والطفح الجلدي، ولكن هذا الاستخدام ليس آمنًا على الإطلاق في جميع الحالات.

أبرز الأضرار الجلدية:

• التحسس الجلدي: يظهر على شكل احمرار، تقشر، أو حكة.

• التهاب الجلد التماسي: وهو نوع من الالتهابات الجلدية الناجمة عن تلامس مباشر مع البابونج.

• تفاقم بعض الأمراض الجلدية: مثل الأكزيما أو الصدفية بسبب التهيج الموضعي.

السمّية المحتملة في الاستخدام الزائد

زهرة البابونج تحتوي على مركبات مثل الكومارين، وهي مواد تُعرف بتأثيراتها المضادة للتخثر. وعلى الرغم من أن تركيز هذه المواد يكون ضئيلاً عادةً، إلا أن الاستخدام طويل الأمد أو المفرط قد يؤدي إلى:

• تلف الكبد

• اضطرابات في تخثر الدم

• مشاكل في وظائف الكلى

كما أن بعض الدراسات أشارت إلى أن البابونج المستزرع في بيئات ملوثة قد يحتوي على معادن ثقيلة أو مبيدات حشرية تتراكم في النبات وتنتقل للمستهلك.

تأثيرات محتملة على الأطفال

يُروّج للبابونج في الكثير من الثقافات كمهدئ طبيعي للأطفال، خصوصاً في حالات المغص أو اضطرابات النوم. غير أن هذه الممارسة قد تكون غير آمنة لأسباب عدة:

• خطر التحسس: الأطفال أكثر عرضة لتفاعلات الحساسية الحادة.

• تأثيرات غير متوقعة على الجهاز العصبي: قد يسبب نعاساً مفرطاً أو فرط نشاط لدى بعض الأطفال.

• عدم ثبات الجرعة: صعوبة تحديد الجرعة الآمنة للأطفال قد تؤدي إلى استهلاك غير مدروس.

مخاطر التلوث والتخزين غير الصحيح

من المشكلات التي لا يُنتبه لها كثيراً هي مسألة التلوث الجرثومي أو الفطري في منتجات البابونج الجافة. إذا لم يتم تخزين الزهور المجففة بطريقة صحيحة، فإنها قد تتحول إلى بيئة خصبة لنمو:

• العفن (Fungi)

• البكتيريا

• السموم الفطرية (Mycotoxins)

وهذه الأخيرة تُعد من المواد السامة والمسرطنة في بعض الحالات.

الخلاصة العلمية والتحذيرات الرسمية

تُدرج إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) البابونج ضمن قائمة النباتات “الآمنة عموماً” (Generally Recognized As Safe – GRAS)، لكنها لا تنظم استخدامه كمكمل غذائي بدقة، مما يعني أن المستهلك يتحمل مسؤولية الاستخدام.

كما أن منظمة الصحة العالمية (WHO) تنبه إلى ضرورة توخي الحذر عند استخدام الأعشاب الطبية بشكل مفرط أو مزمن، بما في ذلك البابونج.

التوصيات الطبية لتجنب أضرار البابونج

1. عدم استخدام البابونج من قِبل الأفراد المصابين بحساسية معروفة للنباتات النجمية.

2. تجنب استخدامه خلال الحمل والرضاعة دون استشارة طبية.

3. عدم دمجه مع أدوية بدون مشورة الصيدلي أو الطبيب.

4. الالتزام بالجرعات الموصى بها وعدم الإفراط في الاستهلاك.

5. التأكد من مصدر المنتج النباتي وجودته وخلوه من الملوثات.

6. اختبار الجلد قبل استخدام أي منتج موضعي يحتوي على البابونج.

المصادر العلمية:

• U.S. National Center for Complementary and Integrative Health (NCCIH)

• European Medicines Agency – Herbal monograph on Matricaria recutita