عادات صحية

أضرار المعسل على الصحة

أضرار المعسل: المخاطر الصحية والاجتماعية لاستهلاك التبغ المُنكه

يُعد المعسل أحد أشهر أشكال التبغ المستخدمة في مجتمعات متعددة حول العالم، لا سيما في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يُستهلك بشكل واسع في المقاهي والبيوت ضمن ما يُعرف بـ”جلسات الأرجيلة” أو “الشيشة”. يتم تحضيره من خلال خلط التبغ بمحلول السكر أو العسل مع مجموعة من النكهات الصناعية كالتفاح، النعناع، العنب، البطيخ وغيرها. ورغم انطباع البعض بأن المعسل أقل ضرراً من السجائر نظراً لطعمه اللطيف ورائحته الزكية، فإن الأدلة العلمية والطبية تكشف عن حجم الضرر الحقيقي الذي يُلحقه بصحة الإنسان، وتُبرز مخاطره الكبيرة التي تتجاوز حدود الرئتين لتصل إلى القلب، الأوعية الدموية، الدماغ، الفم، الجلد، وحتى الصحة النفسية والاجتماعية.


أولاً: المكونات السامة في المعسل وتأثيرها على الجسم

1. أول أكسيد الكربون

عند تسخين المعسل باستخدام الفحم، يتم إطلاق كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون، وهو غاز عديم اللون والرائحة يتّحد مع الهيموغلوبين في الدم ويمنع نقل الأوكسجين إلى الأنسجة. التعرض المزمن لهذا الغاز يؤدي إلى:

  • نقص التروية الدموية للدماغ والقلب.

  • الشعور بالتعب والدوخة والصداع المزمن.

  • تفاقم مشاكل القلب وارتفاع ضغط الدم.

  • تقليل الكفاءة الذهنية والانتباه على المدى الطويل.

2. النيكوتين

على الرغم من أن بعض الأشخاص يعتقدون أن كمية النيكوتين في المعسل أقل من السجائر، فإن جلسة واحدة من الأرجيلة لمدة ساعة قد تعادل تدخين أكثر من 40 سيجارة من حيث محتوى النيكوتين. هذا يؤدي إلى:

  • إدمان قوي وصعب الفكاك.

  • تسارع ضربات القلب وعدم انتظامها.

  • تهيج الجهاز العصبي المركزي.

  • زيادة احتمالية الإصابة بأمراض الشرايين التاجية.

3. القطران والمركبات المسرطنة

يحتوي دخان المعسل على مئات المركبات السامة، من ضمنها الزرنيخ، الفورمالديهايد، البنزوبيرين، وهي مركبات مُسرطِنة تُحدث تلفاً في الخلايا والحمض النووي، وترتبط مباشرة بـ:

  • سرطان الرئة.

  • سرطان المثانة.

  • سرطان الحنجرة والفم والمريء.

  • زيادة الطفرات الوراثية وخطر الأمراض الوراثية في الأجيال القادمة.


ثانياً: الأمراض الناتجة عن استهلاك المعسل

1. أمراض الجهاز التنفسي

الاستنشاق المتكرر للدخان الناتج عن المعسل يسبب تهيجاً مزمناً للمجاري التنفسية، ويُسهم في:

  • التهابات الشعب الهوائية المتكررة.

  • تطور مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD).

  • ضعف القدرة على التنفس ومحدودية التهوية الرئوية.

  • التعرض المتكرر لنوبات الربو ومضاعفاته.

2. أمراض القلب والأوعية الدموية

النيكوتين وأول أكسيد الكربون يسهمان في:

  • تضيق الشرايين وتسريع تصلبها.

  • زيادة ضغط الدم ومعدلات الإصابة بالجلطات.

  • تلف البطانة الداخلية للأوعية الدموية.

  • زيادة الكوليسترول الضار وانخفاض النافع.

3. أمراض الفم والأسنان

المعسل يساهم في تغييرات كارثية في صحة الفم، من بينها:

  • اصفرار الأسنان وتآكل المينا.

  • التهاب اللثة المزمن.

  • رائحة الفم الكريهة.

  • قرح الفم والفك، واحتمالية عالية لسرطان الفم واللثة.

4. الضعف الجنسي والخصوبة

أظهرت دراسات طبية أن استهلاك المعسل يؤثر على الوظائف الجنسية والخصوبة لدى الرجال والنساء:

  • تقليل إنتاج وجودة الحيوانات المنوية.

  • ضعف الانتصاب بسبب تأثيره على الأوعية الدموية.

  • اضطراب الهرمونات الجنسية.

  • تأثيرات محتملة على الدورة الشهرية عند النساء.


ثالثاً: المخاطر على النساء الحوامل والأجنة

المرأة الحامل التي تُدخن المعسل تعرض نفسها وجنينها لأضرار جسيمة، من أهمها:

  • نقص الأوكسجين الواصل للجنين.

  • زيادة معدلات الإجهاض التلقائي والولادة المبكرة.

  • انخفاض وزن المولود عند الولادة.

  • زيادة خطر العيوب الخلقية وتشوهات القلب والدماغ.


رابعاً: المخاطر البيئية والاجتماعية

1. الضرر على الأشخاص المحيطين (التدخين السلبي)

الأشخاص الذين يجلسون بجانب مدخني المعسل يتعرضون لنفس المخاطر تقريباً، حيث أن الدخان المُنبعث يحتوي على تركيزات عالية من السموم، ويتسبب في:

  • إصابة الأطفال بأمراض تنفسية مزمنة.

  • زيادة خطر إصابة كبار السن باضطرابات القلب.

  • تفاقم أمراض الربو والحساسية عند غير المدخنين.

2. الانعكاسات النفسية والاجتماعية

  • الاعتياد الاجتماعي على المعسل قد يؤدي إلى الإدمان الجماعي.

  • التأثير على الأداء الأكاديمي والمهني بسبب الاعتماد الذهني عليه.

  • تشجيع الشباب والمراهقين على التدخين من باب التقليد أو الفضول.


خامساً: التأثير الاقتصادي لاستهلاك المعسل

رغم أن البعض يعتبر المعسل وسيلة “رخيصة” للترفيه، فإن الإنفاق المتكرر عليه يؤدي إلى استنزاف مالي ملحوظ:

البند التأثير المالي
سعر الجلسة الواحدة ما بين 3 – 7 دينار في بعض الدول
عدد الجلسات شهرياً قد تصل إلى 20 – 30 جلسة
تكلفة سنوية تقديرية بين 1000 – 2000 دينار وأكثر
تكاليف العلاج المرتبطة آلاف الدنانير في حالة الإصابة بالأمراض المزمنة

هذه النفقات لا تقتصر على الفرد فقط، بل تمتد لتشمل النظام الصحي العام في الدولة من خلال:

  • تحميل النظام الصحي تكاليف علاج الأمراض الناتجة عن التدخين.

  • خفض إنتاجية القوى العاملة بسبب الاعتلالات الصحية.

  • زيادة نسبة الغياب عن العمل والدراسة.


سادساً: مفاهيم خاطئة حول أمان المعسل

يشيع بين المدخنين العديد من المفاهيم المغلوطة التي تسهم في انتشار المعسل رغم مخاطره، منها:

  • “المعسل طبيعي لأنه يحتوي على نكهات الفواكه”: هذه النكهات صناعية، وتُحرق مع التبغ وتطلق مركبات سامة.

  • “الفلترة بالماء تقلل السموم”: الدراسات تؤكد أن الماء لا يزيل سوى نسبة ضئيلة من السموم.

  • “الشيشة أقل ضرراً من السجائر”: جلسة واحدة من الشيشة تعادل تدخين أكثر من 40 سيجارة.

  • “التدخين فقط في المناسبات لا يضر”: حتى التعرض العرضي المتكرر يسبب أضراراً تراكمية.


سابعاً: المؤشرات الوبائية والأرقام العالمية

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO) والعديد من الهيئات الصحية:

  • يُقدّر أن حوالي 100 مليون شخص حول العالم يستخدمون المعسل بانتظام.

  • يُعد المعسل مسؤولاً عن أكثر من 5% من وفيات السرطان في بعض الدول العربية.

  • في دول الخليج، تتراوح نسبة مدخني الشيشة بين 20% إلى 35% من فئة الشباب.

  • نسبة من يُدخنون المعسل ممن هم دون سن 18 في ازدياد، خاصة مع النكهات الجاذبة والترويج عبر وسائل التواصل.


ثامناً: المبادرات العالمية للحد من استهلاك المعسل

تعكف منظمات دولية وحكومات وطنية على تنفيذ سياسات صارمة بهدف مكافحة انتشار المعسل، منها:

  • فرض ضرائب مرتفعة على منتجات الشيشة والمعسل.

  • منع الإعلان والترويج لها، خصوصاً الموجّه للشباب.

  • إدخال المعسل ضمن حملات التوعية ضد التبغ.

  • حظر الشيشة في الأماكن العامة في بعض الدول.

  • دعم برامج الإقلاع عن التدخين المتخصصة في علاج إدمان المعسل.


تاسعاً: الإقلاع عن المعسل – تحدياته وآلياته

يُعد الإقلاع عن المعسل تحدياً كبيراً بسبب الاعتماد النفسي والاجتماعي، ولكن يمكن التغلب عليه من خلال:

  • اللجوء إلى مراكز الدعم والإقلاع عن التدخين.

  • استخدام بدائل النيكوتين تحت إشراف طبي.

  • ممارسة أنشطة بديلة مثل الرياضة والتأمل.

  • تجنب البيئات والمواقف المحفزة للتدخين.

  • إشراك العائلة والأصدقاء في خطة الدعم.


المراجع

  1. World Health Organization. “Waterpipe Tobacco Smoking: Health Effects, Research Needs and Recommended Actions by Regulators.” WHO Study Group on Tobacco Product Regulation, 2015.

  2. Akl EA, Gaddam S, Gunukula SK, et al. “The Effects of Waterpipe Tobacco Smoking on Health Outcomes: A Systematic Review.” International Journal of Epidemiology, 2010.


العنوان المقترح SEO: أضرار المعسل الصحية